أصول احتفال شم النسيم 2024: تفاصيل من تراث مصر القديم
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
أصول احتفال شم النسيم 2024: تفاصيل من تراث مصر القديم.. احتفال شم النسيم بمصر يمتد جذوره إلى العصور القديمة، حيث كانت هذه المناسبة تحتفل بها الحضارة المصرية القديمة لاستقبال فصل الربيع وتجدد الطبيعة. يعتبر الاحتفال بشم النسيم تقليدًا قديمًا يستمر حتى اليوم، حيث يجتمع الناس للاحتفال بتفتح الزهور وازدهار الحدائق بالخضرة والجمال.
ويعد شم النسيم إحدى المناسبات التي ينتظرها المصريين كل عام لما تتسم به من أجواء اجتماعية وتجمع الاهل والأصدقاء من خلال الخروج إلى التنزه بالحدائق والاستمتاع بأجواء الربيع والأجواء المعتدلة وتفتح الزهور وتناول الأسماك المملحة والبيض الملون.
ويبحث الكثير من المواطنين عن موعد قدوم شم النسيم لعام 2024، على محرك البحث العالمي جوجل، وحسب أعلان المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، فإن يوم الاثنين الموافق 6 مايو لعام 2024 سيكون هو موعد شم النسيم.
أصل الاحتفال بشم النسيم 2024يرجع الاحتفال بأعياد الربيع وعيد شم النسيم، إلى قدماء المصريين فهو عيد مصري قديم، حيث كان قدماء المصرييون يحتفلون في ذلك التوقيت بموسم الحصاد واعتدال الجو وازدهار الورود والاستمتاع بالمناظر الخلابة خلال هذا اليوم.
ويرتبط الاحتفال بعيد شم النسيم بتناول المصريين بعض الأكلات المخصصة لهذا اليوم، حيث يقومون بتلوين البيض بألوان مبهجة قبل تناوله، كما يتناولون الأسماك المملحة مثل الرنجة والفسيخ والملوحة والسردين، وهى نفس الأكلات التي كان يتناولها قدماء المصريون.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: شم النسيم متي شم النسيم اجازة شم النسيم احتفال شم النسیم شم النسیم 2024
إقرأ أيضاً:
غزّة .. تراثٌ يتهدّده الزّوال
يئنّ سكان غزّة منذ أكثر من ثمانية عشر شهرا من وطأة حرب تجاوز رُعبها كل الحدود (فلقد خلّفت حتى الآن أكثر من خمسين ألف قتيل وفقًا للإحصائيات). وكلّنا نطالع في الأخبار يومًا تلو الآخر، كيف يحاول شعبٌ محرومٌ من كلّ شيء أن يصمد ويبقى على قيد الحياة.
غير أنه وإلى جانب هذا الانتقام المنهجي من الناس، هناك أيضًا تدميرٌ مقصود ومنظّم لتراثٍ ثقافي مجهولٍ عند الكثيرين – وكيف لا يكون مجهولًا وغزّة تعيش في عزلةٍ تامة عن العالم منذ قرابة ستين عامًا! فمن كان يستطيع الدخول إليها والتجوّل في شوارعها وزيارة معالمها مثل كنيسة القديس بورفيريوس (Saint-Porphyre) العائدة للعصور الوسطى، والجامع العمري الكبير وقصر الباشا وسوق القيسارية الجميل، فضلًا عن دير القديس هيلاريون (المُدرَج على قائمة التراث العالمي لليونسكو)، وبقايا ميناء أنثيدون (ميناء البلاخية الأثري)؟
لم يحظَ أيٌّ من هذه المواقع الأثرية بما يستحقّه من الزيارات والاهتمام، اللهمّ من أهل غزة أنفسهم وبعض علماء الآثار. إن هذا التراث قد بات اليوم في طريقه إلى الزّوال، بل إلى الاستئصال جرّاء القصف الإسرائيلي المستمر، وقد تحوّل معظم المعالم الأثرية إلى أكوامٍ من الرّكام.
وليس بمُستطاع المعرض المُقام حاليًا في معهد العالم العربي بباريس أن يُقدّم سوى صورةٍ باهتة عن بهاء غزّة في عصورها القديمة والوسيطة والعثمانية. فالقطع الأثرية المعروضة فيه، والتي من حسن الحظّ أنها بقيت في جنيف بسويسرا بعد معرضٍ أُقيم هناك عام 2007، تُظهر بجلاء أن غزّة قد كانت نقطة التقاءٍ بين عوالم وحضارات مختلفة: البحر الأبيض المتوسط والجزيرة العربية ومصر والشرق الأدنى. ويكفي أن نشير هنا إلى قطعتين من الفخار الأتيكي (نسبةً إلى إقليم أتيكا في اليونان) من جهة، وجرّة مصدرها من شمال إفريقيا من جهة أخرى، لتشهد على هذا التواصل والتبادل الحضاري.
ترجع قلّة الآثار المكتشفة في غزة إلى الظروف الصعبة التي جرت فيها أعمال التنقيب خلال فترة الانفراج القصيرة التي تلت اتفاقات أوسلو عام 1993، وإلى ضيق المساحات المتاحة أمام علماء الآثار للتنقيب فيها بسبب التوسّع العمراني الهائل الذي عرفه القطاع من أجل استيعاب أعداد متزايدة بشكل كبير من السكان.
وقد كان الاهتمام بالآثار قد تراجع بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، غير أنّ ذلك لم يمنع من بعض الاكتشافات الأثرية التي حصلت بالصدفة، مثل الفسيفساء البيزنطية في بلدة عبسان الكبيرة خلال خمسينيات القرن الماضي حين كانت غزة تحت الإدارة المصرية أو أثناء القيام بأشغال البنية الأساسية.
أتاح اتفاق أوسلو الثاني وإنشاء السلطة الفلسطينية عام 1993 تأسيسَ دائرة فلسطينية للآثار، لكن نطاق عملها ظلّ محدودًا للغاية بسبب الكثافة العمرانية الشديدة، وتقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق احتفظت فيها إسرائيل بسلطات متفاوتة. أمّا في غزة، فقد أُقيم تعاون مع علماء آثار فرنسيين، ولا سيما مع المدرسة التوراتية والأثرية الفرنسية بالقدس، من أجل التنقيب في مرفأ غزة الشمالي بين عامي 1994 و2012. وبالتوازي مع أعمال التنقيب في المرفأ، انطلقت حفريات في موقع دير القديس هيلاريون الشهير، الذي كان مأهولا بالرّهبان في الفترة ما بين القرنين الرابع والسابع الميلاديين. وقد تحوّل هذا الموقع لاحقًا إلى ورشة تدريبية لتأهيل علماء آثار فلسطينيين شباب، في إطار برنامج «انتقال» (أي نقل المعارف).
وفي التراث العتيق والثري لغزّة، لا يمكننا أيضا تجاهل المقبرة الرومانية في موقع أرض المحاربين (تعود إلى الفترة بين القرنين الأول والثالث الميلادي)، ولا المجمّع الكنسي في محافظة جباليا، كما لا ينبغي إغفال الأرضيات الفسيفسائية التي تم اكتشافها بالصدفة في بلدة البريج. لكن الجرد الأثري الذي يخصّ الفترات التاريخية اللاحقة هو أيضًا لا يقلّ إثارةً للإعجاب.
اغتيال الذاكرة
تشير آخر المعلومات الواردة في نهاية مارس 2025 إلى جانب صور الأقمار الصناعية، إلى قصفٍ مكثّف ومنهجي يعكس رغبةً وإصرارًا متعمّدا عند إسرائيل على محو كل أثرٍ يدل على وجودٍ بشري قديم في غزة، ومسح ذاكرة من عاشوا فيها منذ آلاف السنين، أي الفلسطينيين. ولقد سبق أن استولى في الماضي موشيه دايان، المعروف بشغفه بالآثار وسُمعته السيئة كناهبٍ للمواقع الأثرية، على توابيت بشرية الشكل تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وهو يعلم تمامًا ألا علاقة لها بإسرائيل القديمة!
لقد كان ثمّة يهودٌ يعيشون في غزة، ونعلم ذلك مثلا من خلال وجود كنيسٍ يهودي يعود إلى العصور القديمة المتأخرة، وتزدان أرضيّته بفسيفساء محفوظة اليوم في متحف إسرائيل في القدس. غير أنّ الوثائق التي جمعها المؤرّخون لا يمكنها بأي حالٍ من الأحوال أن تدعم أي روايةٍ تزعم أنّ غزة قد كانت في الماضي شيئًا آخر غير مدينة الفلسطينيين وميناء العرب وحدود مصر، والمدينة التي سكنها الخطباء والفلاسفة والعلماء الذين نهلوا من الثقافة الإغريقية خلال الفترة الممتدة ما بين القرنين الرابع والسابع حسب التقويم الميلادي.
كان علماء الآثار الذين تخصّصوا في فلسطين خلال القرن التاسع عشر على درايةٍ تامة بالنصوص التوراتية والنقوش القديمة، وعلموا جيدًا أن غزة لم تكن في يوم من الأيام جزءًا من «أرض الميعاد». فقد قام عالم المصريات البارز السير ويليام فليندرز بيتري (William Flinders Petrie) بحفرياتٍ ما بين عامي 1930 و1934 في تلّ العجول جنوب غزة، وهو موقع كان مأهولًا من عام 2100 حتى 1200 قبل الميلاد، ويُشار إليه أحيانًا باسم «غزّة القديمة»، أي تلك التي عرفها الملك المصري تحتمس الثالث (1481–1425 ق.م) والتي دمّرها شعوب البحر نحو العام 1190 قبل الميلاد. وكان بيتري قد رصد أيضًا قبل عام 1914، تلّ جمّة الواقع جنوب وادي غزة، وهو موقع أثري يرجع إلى نهاية العصر البرونزي والنصف الأول من الألفية الأولى قبل الميلاد، وقد شهد ازدهارًا خاصًا خلال فترة الاحتلال الآشوري للمنطقة (القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد).
تدمّر الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزّة منذ أكتوبر من العام 2023 كلَّ ما يمكن أن يُضفي شرعيةً تاريخية على وجود الفلسطينيين الذين يسكنون هذه الأرض منذ آلاف السنين، حتى أن المقابر بدورها لم تسلم من القصف، فرفات الموتى الفلسطينيين تمثّل في نظر السلطات الإسرائيلية دليلا آخر لا يُطاق على حضورهم الضّارب في القدم. وقد جاءت تصريحات عدد من الوزراء – والتي يؤيدها المشروع الشّائن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتحويل غزّة إلى نسخة أخرى من «الريفييرا الفرنسية» – واضحة تمامًا في هذا الصدد. إنّ هذا الوهم، الذي تقاسمه طغاةٌ آخرون في العالم عبر العصور، لم يؤدّ في معظم الأحيان إلا إلى تعزيز الشعور بالانتماء عند الأفراد المنتمين إلى الجماعة التي تتعرّض للاضطهاد.
الواقع يبقى أنّ حجم الدّمار الحاصل هائل ولا سبيل إلى استعادة ما تم تدميره، وهذا يجرّد أصحاب الأرض من جزءٍ كبير من تاريخهم ويحرم الإنسانية جمعاء من كنوزٍ تُعدّ من تراثها المشترك. كتب المؤرخ الفرنسي فانسون لومير (Vincent Lemire) في التوطئة البديعة التي خصّ بها الكتاب الذي اشترك في تأليفه كلٌّ من الصحفي ماريوس شاتنر (Marius Schattner) والمؤرخة فريدريك شيلو (Frédérique Schillo) وخصّصاه لعلم الآثار في فلسطين قائلا: «تحت أنقاض غزة، سيعقب ضجيجَ السلاح خرابٌ وأسف لا حدود لهما». فليت هذا الضجيج الصّاخب ينتهي قريبًا، عسى أن يُنقذَ ما لا يزال بالإمكان إنقاذه.
موريس سارتر مؤرخ وأكاديمي فرنسي
عن مجلة التاريخ، عدد 532