قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ان الله سبحانه وتعالى أمر بطاعته، وجعل الطاعة سببا في الفوز برضاه وجنته، وسبب في مرافقة الأنبياء عليهم السلام والصديقين والشهداء، قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ}.

وقال سبحانه: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}. 

ونهى ربنا عن المعصية، وجعلها سبب في الوقوع في غضبه وسخطه، وفي التعرض للعذاب في الآخرة، قال تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}. وجعل ربنا سبحانه وتعالى القلب هو الأساس وعليه التعويل في القرب إليه ، فقال تعالى: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِى فِى الصُّدُورِ}.

 وقال سبحانه: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ}. وقال سبحانه وتعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور}. ويقول سيدنا ﷺ : «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». ويقول أيضا ﷺ : «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».

فمعاصي القلب أكثر خطورة من معاصي الجوارح، كما أن معاصي الجوارح مُظْهِرة لأمراض في القلب يجب علاجها، لذا فبسلامة القلب تسلم الجوارح. وقد تحدث الطاعة الظاهرة من الجوارح معاصي شديدة الخطورة في القلب إذا لم يتنبه الإنسان، في حين أن المعصية قد يعقبها طاعات نافعة إذا فطن الإنسان وأناب إلى ربه. فيقول سيدنا ابن عطاء الله السكندري: «معصية أورثت ذلا وافتقارا ، خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا» حكمة عظيمة، وفائدة جليلة، لا تفهم على الوجه الصحيح الأكمل إلا بضمها للحكمة السابقة لها. حيث قال سيدي ابن عطاء الله السكندري في الحكمة السابقة: «ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول، وربما قضى عليك بالذنب فكان سببا في الوصول». يقول الشيخ ابن عباد النفزي الرندي في شرح هذه الحكمة: «وذلك أن الطاعة قد تقارنها آفات قادحة في الإخلاص فيها كالإعجاب بها، والاعتماد عليها، واحتقار من لم يفعلها، وذلك مانع من قبولها. والذنب قد يقارنه الالتجاء إلى الله والاعتذار إليه واحتقار نفسه، وتعظيم من لم يفعله فيكون ذلك سببا في مغفرة الله له، ووصوله إليه فينبغي أن لا ينظر العبد إلى صور الأشياء بل إلى حقائقها». ثم يؤكد سيدي ابن عطاء الله -رحمه الله- هذا المعنى بهذه الحكمة : «معصية أورثت ذلا وافتقارا ، خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا» يقول الشارح الرندي رحمه الله: «ولا شك أن الذل والافتقار من أوصاف العبودية، فالتحقق بهما مقتض للوصول إلى حضرة الرب. والعز والاستكبار من أوصاف الربوبية فالتحقق بهما مقتض للخذلان وعدم القبول. 

قال أبو مدين –قدس الله سره- : "انكسار العاصي خير من صولة المطيع". 

فهذه الحكمة العظيمة تنبه على مراقبة القلب، وتجنب الإعجاب بعد الطاعة، كما تنبه على الإخبات والتوبة بعد الوقوع في الذنب، نسأل الله السلامة من ذلك كله.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة الأزهر الأنبياء خیر من

إقرأ أيضاً:

السيسي: شعوب المنطقة تعاني من ويلات الحروب وعلينا الاحتكام لصوت الحكمة لإنقاذ المستقبل

دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، إلى ضرورة تحكيم صوت العقل والحكمة في ظل الأزمات المتصاعدة التي تشهدها المنطقة العربية، مؤكدًا أن مصر ماضية في طريق التنمية رغم التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها بعد الثورة.

ثمن باهظ لتحقيق الأمن والاستقرار

قال الرئيس السيسي: "الطريق بعد ثورة 30 يونيو لم يكن سهلًا، فقد واجهنا الإرهاب بدماء الشهداء وبسالة رجال القوات المسلحة والشرطة، حتى تم دحره بإذن الله، كما تصدينا لتحديات داخلية وخارجية جسيمة، ومضينا بعزيمة لا تلين في مسار التنمية الشاملة وبناء مصر الحديثة".

الرئيس السيسي يستقبل وزير الدفاع بـ مدينة العلمين السيسي في ذكرى 30 يونيو: ثورة خالدة أعادت لمصر هويتها ومسارها الوطني

وأكد أن الدولة المصرية تمكنت من تأسيس بنية تحتية قوية، شكلت قاعدة لانطلاق مشاريع عملاقة، وأشار إلى أن ما يُقام اليوم من نهضة عمرانية وتنموية، هو ثمرة لصبر وتضحيات الشعب المصري.

المنطقة تئن تحت الحروب والنزاعات

وتطرق الرئيس إلى الأوضاع الإقليمية، مشيرًا إلى أن المنطقة بأسرها تعاني من ويلات الحروب والصراعات، وقال: "أُخاطبكم اليوم والمنطقة تئن تحت نيران الحروب، من أصوات الضحايا التي تعلو من غزة المنكوبة، إلى الصراعات المستمرة في السودان، وليبيا، وسوريا، واليمن، والصومال".

وأضاف أن معاناة الشعوب العربية لا تزال مستمرة في ظل غياب حلول سلمية ناجعة، وغياب الاحتكام لصوت العقل، مشددًا على أن استمرار هذه الأوضاع يُهدد الاستقرار الإقليمي ويعيق فرص التنمية.

مقالات مشابهة

  • هل هناك أشخاص لا يصيبهم السحر؟.. علي جمعة: بـ6 أمور تكن واحدا منهم
  • «بيت الحكمة» يطلق 3 مخيمات صيفية تراثية مبتكرة
  • الإفتاء الأردنية: الاستهزاء بالأحكام الشرعية من كبائر المحرمات
  • السيسي: شعوب المنطقة تعاني من ويلات الحروب وعلينا الاحتكام لصوت الحكمة لإنقاذ المستقبل
  • علي جمعة: أبو بكر الصديق نال درجة الصديقية لقربه من النبي بجسده وروحه
  • حرص عليه النبي 9 أعوام| هل صيام يوم عاشوراء فرض؟.. علي جمعة يجيب
  • "العوض على الله".. الشاعر محمد عاطف يكشف لـ"الفجر الفني" عن تعاون جديد مع رامي صبري: كلمات تنزف إحساس، ولحن من قلب موجوع
  • علي جمعة: نزول سيدنا عيسى فى آخر الزمان من علامات الساعة الكبرى
  • علي جمعة: الهجرة باقية إلى يوم الدين ولو كانت شبرا في سبيل الله
  • فضل العبادة في أوقات الغفلة وانتشار المعاصي.. الأزهر يوضح