#سواليف

تأخذ حركة #مقاطعة #منتجات الشركات والعلامات التجارية الداعمة لإسرائيل، مثل #ستاربكس و #ماكدونالدز و #كنتاكي و #كارفور وغيرها من الشركات، زخما كبيرا، وتحقق نجاحات عديدة في مختلف دول العالم وبالذات في العالمين العربي والإسلامي، حيث تحولت المقاطعة إلى ثقافة شعبية للتعبير عن رفض #الاحتلال والعدوان الإسرائيلي في شتى أرجاء العالم.


المقاطعة تتحول لثقافة مجتمعية في الأردن

في الأردن، أغلقت شركة كارفور عددا من فروعها العاملة في البلاد. كما أغلقت شركة ستاربكس أحد فروعها في العاصمة الأردنية عمان، وأجبرت حملات مقاطعة إسرائيل ومنتجات الشركات الداعمة لها كثيرا من العلامات التجارية الأميركية والغربية على تخفيض إنتاجها، وتقليص ساعات العمل، وتسريح كثير من العمال لديها.

وفي مختلف المدن الأردنية، تبدو مطاعم ومقاه شهيرة -مثل ماكدونالدز وكنتاكي وبرجر كنج وبيتزا هت- فارغة من الزوار، علما أنها كانت مكتظة بالمرتادين قبل المقاطعة، كما تتكدس بضائع ومنتجات علامات شهيرة كانت رائجة قبل المقاطعة، مثل بيبسي وكوكا كولا ونستله، في المتاجر من دون أن يشتريها أحد، حيث تحول الأردنيون لشراء المنتجات والبضائع الوطنية البديلة.

مقالات ذات صلة  مكتب نتنياهو: تمرير قرار إغلاق قناة الجزيرة في “إسرائيل” 2024/05/05

من جهتها، تقول شروق طومار الناشطة الإعلامية في حركة المقاطعة-مجموعة الأردن (بي دي إس): “إن نجاح حملات المقاطعة لم يسبق له مثيل في الأردن، حيث كان رد فعل الشعب الأردني على العدوان الإسرائيلي على غزة كبيرا جدا، وتنامى ليخرج من إطار رد الفعل ليصبح جزءا من الثقافة المجتمعية، متحولا لموقف سياسي وثقافي”.
دفعت المقاطعة بعض المتاجر للقيام بحملات تسويق وعروض قياسية – الجزيرة نت
المقاطعة في الأردن دفعت بعض المتاجر للقيام بحملات تسويق وعروض قياسية (الجزيرة)

وتضيف في تصريحات للجزيرة نت أن “المواطن الأردني أصبح غير مستعد لشراء منتجات العلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني، حتى لو لم يتوفر لها بديل، ونشهد ذلك في كافة فئات ومكونات المجتمع حتى الأطفال منهم، وهذا شيء غير مسبوق”.

من جهته، يؤكد مجد الفراج عضو تجمع تحرك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع “أن ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول ليس كما بعده في الشارع الأردني، حيث كانت توجد في السابق حملات مقاطعة، لكنها كانت تأتي كهبّات شعبية في كل مرة يعتدي فيها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني”.

ويضيف -في تصريحات للجزيرة نت- ” أما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فقد اختلفت الحال بشكل جوهري، حيث تجذرت ثقافة المقاطعة، وأصبح هناك وعي كبير لدى الشارع العربي والأردني في ما يخص مقاطعة المنتجات الصهيونية أو الشركات والدول الداعمة للعدو الصهيوني”.

وعن أثر المقاطعة على المنتج المحلي الأردني، قالت طومار: “كان للمقاطعة أثر كبير وواضح على دعم المنتجات والبضائع الوطنية، إذ اتجهت عديد من الشركات المحلية إلى تلبية احتياجات السوق ببدائل من المنتج المحلي، كما اكتشف المواطن الأردني أن هناك عديدا من المنتجات الوطنية البديلة المنافسة للمنتج الأجنبي إن لم تتفوق عليه، ولم يكن قد تنبه لوجودها في السابق بسبب اعتماده أو تعوده على شراء المنتج الأجنبي”.

وتابعت “أن هناك كثيرا من المنتجين والمصنعين المحليين أصبحوا مهتمين برفع جودة منتجاتهم لمنافسة البديل الأجنبي، وتلبية احتياجات المواطنين والمستهلكين”.

وعن وجود أرقام دقيقة لعدد فروع كارفور وستاربكس التي أغلقت في الأردن، يقول الفراج إنه “لا توجد أرقام دقيقة بسبب التعتيم الذي تمارسه هذه الشركات، وعدم شفافيتها في تقديم المعلومات. ما نعرفه أن هناك 7 أفرع تم إغلاقها لسلسلة متاجر كارفور، وهناك أخبار غير مؤكدة عن إغلاق 4 أفرع أخرى، كما أغلق ستاربكس فرعه في منطقة جبل اللويبدة بعمان”.

وبشأن أثر المقاطعة على العمالة الأردنية إذ استغنت عدة شركات مشمولة بالمُقاطَعة عن خدمات أعداد كبيرة من الموظفين لديها، قال أحمد عوض مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية في عمان: “لا توجد أرقام وإحصائيات معلنة ومؤكدة عن عدد العمال الذين تم تسريحهم، لكن هناك تقديرات. في بداية الحرب، كانت هناك تقديرات من بعض الجهات الحكومية والرسمية بأن هناك نحو 15 ألف عامل من الممكن أن يفقدوا وظائفهم بسبب المقاطعة”.

ويضيف عوض -في حديث للجزيرة نت- أنه “بعد 7 أشهر من المقاطعة، أستطيع أن أؤكد -بوصفي مراقبا مستقلا- أن هذه الأرقام مبالغ فيها بشكل كبير، وذلك لأن من تم تسريحهم من عملهم في الشركات الأجنبية تم استيعابهم في السوق المحلي والشركات والمؤسسات الوطنية التي استفادت من المقاطعة وزادت نسبة مبيعاتها، حيث عالج السوق نفسه بنفسه، وهذا لا يعني عدم وجود متضررين، ولكنها أعداد محدودة جدا، ولا تشكل حالة يمكن الحديث عنها”.
مقاطعة عربية

لم تقتصر المقاطعة على الأردن، بل تعدته لتشمل أغلب الدول العربية؛ ففي مصر، ذكرت وكالة رويترز عن مصدر في إدارة شركة ماكدونالدز بالبلاد -لم تسمّه- أن مبيعات الامتياز المصري انخفضت 70% على الأقل في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، على أساس سنوي.

وفي المغرب، تنتشر ثقافة المقاطعة لدى شرائح واسعة من الشعب المغربي الذي لا يخفي تعاطفه مع الشعب الفلسطيني، ورفضه للعدوان الإسرائيلي على غزة، ورصدت “الجزيرة نت” في وقت سابق تراجع الإقبال على العلامات التجارية المستهدفة بالمقاطعة مقارنة مع الوضع قبل انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مما دفع فروع العلامات التجارية العالمية إلى نفي دعم إسرائيل، وإطلاق عروض مغرية لجذب الزبائن.

وفي الكويت، تحرص كثير من الأسر الكويتية والمقيمة على تجنب شراء منتجات الشركات الداعمة للاحتلال، والبحث عن بدائل في السوق المحلي، وهو ما تسبب في تأثّر مبيعات كثير من تلك الشركات.

ورصدت الجزيرة نت -في وقت سابق- حرص كثير من المستهلكين ومرتادي المطاعم والمقاهي على تجنب شراء المنتجات التي تمت الدعوة لمقاطعتها، والبحث عبر التطبيقات على هواتفهم للتأكد من وجود بعض المنتجات ضمن المقاطعة.
نجاحات عالمية للمقاطعة.. ماليزيا وإندونيسيا أنموذجا

لا تقتصر حركة المقاطعة على الدول العربية بل تشمل عديدا من الدول في مختلف أنحاء العالم، ففي ماليزيا تم إغلاق 108 أفرع من مطاعم كنتاكي، وسط مقاطعة شعبية لسلسلة الوجبات السريعة، إلى جانب عمليات إغلاق على نطاق أصغر لمواقع بيتزا هت وستاربكس وماكدونالدز، ولا يوجد حاليا جدول زمني لإعادة الافتتاح، حسب ما ذكرت منصة “ستارتفور”.
المقاطعة الشعبية للعلامات الأميركية الداعمة لإسرائيل توسعت في إندونيسيا وماليزيا على خلفية الحرب على غزة (الفرنسية)

كما أوقفت شركتا “جنرال أتلانتيك” و”سي في سي كابيتال بارتنرز” مبيعات حصص كبيرة بملايين الدولارات في الشركات التي تدير علامات تجارية للوجبات السريعة الأميركية في ماليزيا وإندونيسيا بسبب الاضطرابات الناجمة عن الاحتجاجات والمقاطعة، حسبما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز.

ويتجنب المستهلكون في إندونيسيا وماليزيا -ذواتي الأغلبية المسلمة- العلامات التجارية الأميركية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويتم استهداف العلامات التجارية، بما في ذلك ستاربكس وكنتاكي وبيتزا هت، بسبب دعم واشنطن لإسرائيل.

وأوقفت شركة جنرال أتلانتيك مؤقتا بيع حصتها البالغة 20% في شركة “ماب بوغا أديبيركاسا” (Map Boga Adiperkasa) المشغلة لستاربكس في ديسمبر/كانون أول الماضي. وتقدر قيمة الحصة في الشركة التي تعد واحدة من أكبر مشغلي امتيازات الوجبات السريعة في إندونيسيا، بنحو 54 مليون دولار.

كما أوقفت شركة “سي في سي كابيتال بارتنرز”، من كبرى شركات الأسهم الخاصة في أوروبا، بيع حصتها البالغة 21% في شركة “كيو إس آر براندز” الماليزية، المشغل المحلي لسلسلة مطاعم كنتاكي وبيتزا هت، بسبب المقاطعة، وقدرت قيمة الحصة بأكثر من 1.2 مليار رينغيت ماليزي (252 مليون دولار)، ويؤكد تجميد مجموعات الأسهم الخاصة العالمية على مبيعات الأسهم شدة المقاطعة في منطقة تضم 250 مليون مسلم.

وفي تركيا، أزال البرلمان التركي منتجات كوكا كولا ونستله من مطاعمه، حيث أشار مصدر برلماني إلى “غضب عام” ضد العلامتين التجاريتين، حسب ما ذكرت رويترز في تقرير سابق لها.

كما يقاطع عديد من الأتراك المنتجات الإسرائيلية أو منتجات الشركات التابعة لها.

وتنتشر ثقافة المقاطعة في مختلف دول العالم، وهي في اتساع مستمر مع تواصل العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
“لا شكرا”.. تطبيق لدعم المقاطعة

اكتسب تطبيق مؤيد للفلسطينيين -تم إنشاؤه لمساعدة المستهلكين على مقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل- زخما وتجاوبا واسعا على منصة “تيك توك”، حيث أطلق طالب الدراسات العليا الفلسطيني أحمد باباش التطبيق المجاني الذي يحمل اسم “لا شكرا” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وخلال شهر واحد، حمّل 100 ألف مستخدم التطبيق، الذي يتيح للمستهلكين مسح “الباركود” للمنتج لتحديد إذا ما كان المنتج له صلة بإسرائيل. وبحلول مطلع أبريل/نيسان الماضي، أفاد موقع “لا شكرا” بأن مليون شخص قاموا بتنزيل التطبيق.

ويعمل التطبيق ببساطة وسلاسة، حيث يستطيع المستخدمون مسح “الباركود” الخاص بالمنتج أو إدخال اسمه، وفي غضون ثوان يتم إخبارهم إلى أي مدى تدعم الشركة المصنعة إسرائيل، ثم يتم عرض عبارة “لا، شكرا” وهي نداء بعدم شراء منتجات هذه الشركات.

وتشمل قوائم العلامات التجارية التي يجب مقاطعتها شركات مشهورة عالميا مثل أديداس وماكدونالدز، وشانيل، وبيتزا هت، وغيرها الكثير. وتشير تعليقات وسائل التواصل الاجتماعي إلى اهتمام الأشخاص حول العالم من الهند إلى بلجيكا بالتطبيق.

وقال مطور التطبيق أحمد باباش -في تصريحات لمنصة “دي دبليو” إنه فلسطيني من غزة ويعيش حاليا في المجر، وذكر باباش أنه فقد شقيقه في المجزرة الإسرائيلية في غزة، وأن شقيقته توفيت عام 2020 لأنها لم تتلق الدعم الطبي من إسرائيل في الوقت المناسب.

وقال باباش: “لقد قمت بذلك نيابة عن أخي وأختي اللذين فقدتهما بسبب هذا الاحتلال الوحشي، وهدفي هو محاولة منع ما حدث لي من أن يحدث لفلسطيني آخر”.

وهناك تطبيقات أخرى تدعو للمقاطعة وتروج لها مثل تطبيق “قضيتي”، إضافة لانتشار دعوات المقاطعة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أنحاء العالم.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف مقاطعة منتجات ستاربكس ماكدونالدز كنتاكي كارفور الاحتلال العدوان الإسرائیلی على أکتوبر تشرین الأول العلامات التجاریة منتجات الشرکات المقاطعة على فی الأردن فی مختلف أن هناک على غزة کثیر من

إقرأ أيضاً:

ما سر اعتراف الغرب المفاجئ بمجازر إسرائيل في غزة؟

بعد أكثر من عام ونصف، من صمت الغرب وتبلده، إزاء مذابح إسرائيل وتجويع أطفال غزة، استيقظ فجأة "ضمير" صحيفة فايننشال تايمز، وهي الصحيفة المالية البريطانية الرسمية، وخرجت عن الصف في الثلث الأول من مايو/ أيار الماضي، وأدانت، صمت الغرب المخزي، ورخص أخلاقه، في مواجهة الهجوم الإسرائيلي الهمجي والبربري على القطاع الصغير.

وفي مقال افتتاحي، اتهمت الصحيفة الولايات المتحدة وأوروبا، بالتواطؤ وبشكل متزايد مع إسرائيل، التي جعلت غزة "غير صالحة للحياة"، في تلميح إلى الإبادة الجماعية، وأشارت إلى أن الهدف، هو "طرد الفلسطينيين من أرضهم"، في إشارة إلى التطهير العرقي.

وبالتزامن مع ذلك، قرّرت صحيفة الإندبندنت أن "الصمت المطبق على غزة" يجب أن ينتهي، وأنه قد حان الوقت للعالم، أن ينتبه لما يحدث، وأن يطالب بإنهاء معاناة الفلسطينيين المحاصرين في القطاع.

وفي ميدل إيست آي، سأل جوناثان كوك، سؤالا يُعد مفتاحا مهما، لولوج صندوق عالم الغرب المظلم، لفهم كيف يفكر إزاء الانتهاكات، والمذابح وسياسات التجويع الجماعي بلا رحمة، واختبار صدق ادعائه، بوصفه المحتكر الوحيد والحصري للمرجعية الأخلاقية في العالم.

تساءل كوك: ".. ولكن لماذا انتظر حلفاء إسرائيل الغربيون- وكذلك وسائل الإعلام مثل الغارديان وفايننشال تايمز- 19 شهرا للتحدث ضد هذا الرعب؟".

يضيف: إن أجزاء من وسائل الإعلام، والطبقة السياسية تعلم، أن الموت الجماعي في غزة، لا يمكن إخفاؤه لفترة أطول، حتى بعد أن منعت إسرائيل، الصحفيين الأجانب من دخول القطاع، وقتلت معظم الصحفيين الفلسطينيين، الذين حاولوا تسجيل الإبادة الجماعية.

يحاول اللاعبون السياسيون والإعلاميون المتشككون تقديم أعذارهم قبل فوات الأوان لإظهار الندم.

ويقول: "وحتى اليوم تتواطأ، وسائل الإعلام الغربية، في الترويج لفكرة أن غزة خالية من الاحتلال الإسرائيلي، من خلال تصوير المذبحة هناك – وتجويع السكان – على أنها "حرب".

إعلان

وفي الثلث الأخير من يوليو/ تموز 2025، كتب ماثيو صايد، في الغارديان، مشيرا إلى ما وصفه بـ"مبررات" المذبحة، معتمدا على نظرية نسبية الأخلاق، وهي واحدة من أسوأ النظريات الغربية، التي قدمت للرجل الأبيض/السوبر "السند الأخلاقي" لاستباحة المستضعفين في العالم، وبضمير من ثلج، أو من حجر صلد.

من بين المبررات التي ساقها صايد، أن تفريغ غزة بقتل 60 ألف شخص، وتدمير 92 في المئة من البنايات، والتجويع هو ـ عند إسرائيل ـ ضروري من أجل دحر حماس.

وتُذكّر تل أبيب الغرب بـ"مبرراته الأخلاقية" في الحرب العالمية الثانية، بالقول: "لقد أرغمتم النازية على الاستسلام بقتلكم آلاف المدنيين الألمان. وعلينا أن نفعل الشيء نفسه في غزة".

والحال أنه لا يمكن فصل نتاج الغرب العلمي والفلسفي، عن تشكيل نظرته للعالم. هذا المنتج، حتى لو كان نظريا، يحتمل الصواب والخطأ، يجري تدويره داخل ماكينات، إعادة صوغ الرأي العام، وتحويله ـ بمضي الوقت والتراكم بالإلحاح الناعم ـ ليمسي جزءا من ثوابت عقيدته السياسية، وهي أخطر ثمرات، التدوير الفلسفي والعلمي في الغرب.

يحتل كتاب داروين (1809ـ1882) عن أصل الأنواع، والذي ظهر 1859، على سبيل المثال، منزلة ربما تكون أكثر قداسة عند جماعات المصالح "اللوبي" في العالم الغربي المسيحي، من الكتاب المقدس ذاته!

الولايات المتحدة الأميركية "الرسمية"، ترفض بشكل قاطع أية نظرية تنتهك حرمة "النشوء والارتقاء"، كما وضعها داروين، كان من بينها إجهاض طلب تدريس نظرية "التصميم الذكي" جنبا إلى جنب مع "أصل الأنواع" في المدارس الأميركية، ولو من باب "حرية التعبير"!

وفي 2004 صادرت فرنسا العلمانية، "أطلس الخَلق"، الذي يفكك نظرية داروين. ودول الاتحاد الأوروبي على وجه الإجمال تفرض حماية صارمة على النظرية، ولا تقبل المس بمضمونها أو التشكيك بصحتها!

كان غريبا إلى حد الدهشة، أن يتشدد الغرب المسيحي "الرسمي" في التمسك بالتفسير الحرفي للداروينية، على الرغم من أنها لا تزال عند حدود "النظرية" التي لم ترقَ إلى درجة "الحقيقة" العلمية!

إن هدم هذه النظرية، يعني تقويض الأساس الأخلاقي والتسويغ "العلمي" الذي قامت عليه الحضارة الغربية، سواء على صعيد تطورها وحراكها الداخلي، أو على صعيد نظرتها وفهمها للعالم من حولها.

فالداروينية هي التي سوّغت "تميز" العنصر الغربي، واستعلاءَه على الآخر على أساس أنه الأفضل، ووفرت له الغطاء الأخلاقي، لاستعمار مناطق شاسعة من العالم، واستنزاف موارده، على أساس أن القانون الحاكم المطلق للعالم، يقوم على "الانتقاء الطبيعي": الفرز الطبقي والاجتماعي والعرقي والسلالي، وأن الطبيعة تتجه نحو تنظيف المجتمع من الفقراء والضعفاء وتخليص العالم منهم، لإيجاد مكان للأقوياء فقط.

عندما اُتهم الزعيم التاريخي البريطاني ونستون تشرشل، بأنه ارتكب مجازر مروعة في حق الهنود الحمر في أميركا، وفي حق السود في أستراليا، قال بصلف: إن"عرقا أقوى، عرقا أرقى، عرقا أكثر حكمة" قد "حلّ محلّهم".

وفي كتابه "العادات الشعبية" الصادر 1906، أصّل عالم الأنثروبولوجيا الأميركي ويليام غراهام سومنر، لنظرية ما يسمى "نسبية الأخلاق"، وأن الناس يختلفون حول القضايا الأخلاقية، وأن مصطلحات مثل: "جيد" و"سيئ" و"صحيح" و"خاطئ" لا تخضع لشروط الحقيقة العالمية إطلاقا؛ وأن ما يعتبره الناس صوابا أو خطأ يتشكل كليا – وليس بشكل أساسي – من خلال تقاليد وعادات وممارسات ثقافتهم. ويؤكد الأنثروبولوجي، روث بنديكت (1887-1948)، أنه لا وجود للأخلاق المتعالية، وإنما للعادات الاجتماعية.

إعلان

يعزو بعض المثقفين الكاثوليك والعلمانيين الانحطاط الملحوظ في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، إلى إزاحة القيم المطلقة من قبل النسبية الأخلاقية.

وقد جادل البابا بنديكتوس السادس عشر، ومارسيلو بيرا وآخرون بأنه بعد 1960 تقريبا، تخلى الأوروبيون بشكل كبير عن العديد من المعايير التقليدية المتجذرة في المسيحية، واستبدلوها بقواعد أخلاقية نسبية متطورة باستمرار.

الغرب في مجمله ـ بما فيه امتداده الأميركي ـ يتعاطى مع مجازر غزة مستبطنا، هاتين النظريتين: الداروينية السياسية والاجتماعية من جهة، ونسبية الأخلاق من جهة أخرى.

وهي عقيدة تعالٍ وعنصرية، ممتدة وتنتقل من جيل إلى جيل حيث يعلمون أطفالهم في المدارس "منهج عبادة القوة ".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • شرطة تعز تنفذ حملة أمنية لضبط الأسعار ومطالبات بضبط الشركات التجارية
  • إسرائيل الميدان والأذهان!
  • ما سر اعتراف الغرب المفاجئ بمجازر إسرائيل في غزة؟
  • الأمم المتحدة: نأمل أن يكون هناك ضغط دولي كبير على إسرائيل لفتح جميع المعابر
  • وزير الخاجري البريطاني :هناك أصواتًا تسعى لفرض واقع يقوم على فكرة “إسرائيل الكبرى”
  • «عضو الوطني الفلسطيني»: هناك توجه دولي متزايد للضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال
  • منتجات البحر الميت علامة وهوية أردنية بامتياز
  • السويد تطالب أوروبا بتجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل
  • رئيس وزراء السويد: الوضع في غزة مروع ويجب تجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل
  • الثنائي الشيعي بين المقاطعة والاستقالة