ألقت تظاهرات الجامعات الأمريكية ضد الاحتلال الإسرائيلى، وما يقوم به من عمليات إبادة وحشية ممنهجة فى غزة حجرًا فى بحر الإنسانية الراكد، وكشفت أمواجها المتلاحقة زيف أرض الحرية باستثناء تلك البقعة التى تقف عليها تلك الضمائر الحية ثابتة صامدة فى وجه القمع والطغيان، وأصبحت تلك الأمواج بوصلة إنسانية لمن يريد الحفاظ على ما تبقى من إنسانيته الضائعة خلف تلال الخوف وحواجز «رهاب معاداة السامية» الكاذب، وبات هذا الطوفان الحر إشارة مضيئة للدفاع عن قيمة الإنسان كونه إنسانًا وليس رقمًا فى معادلات سياسية ومصالح مشتركة بين أطراف تلطخت أيديهم وأفواههم بدماء الأبرياء.
لقد ألقت تلك الحركة الجامعية قنبلة فى وجه الصهيونية القبيح ومن يدعمها ويساندها ومن يقف خلفها، فجعلت رئيس دولة الكيان الإجرامى يشعر بالقلق وخيبة الأمل والإهانة وخيانة الصداقة، بعد فترات من الصمت والنوم الهادئ على صرخات قلوب الأطفال، ونشوة الاستيقاظ على أصوات دماء الأبرياء، لم يشعر خلال تلك الفترات بالإهانة ولم ينتبْه القلق ولم تصادفه خيبة الأمل من تلك الأفعال الوحشية ضد المدنيين العزل!
تلك الاحتجاجات زرعت الأمل فى نفوس أعياها دوى القنابل وطلقات الرصاص وهدم الجدران فوق رؤوس أصحابها، وحطمتها مشاهد التهديد والترويع والتجويع لزهور ذنبها الوحيد أنها ولدت عربية على أرض فلسطينية فدخلت نطاق الاستهداف وحقول الاغتيال!
تلك الأصوات الطلابية أنبتت الأمل فى قلوب تداعت عليها إعانات غير مسبوقة للمجرمين وحماية غير مشروطة للقتلة، بعد أن تحولت قاعة «هاميلتون» إلى قاعة «هند»، تكريمًا وتخليدًا للطفلة الفلسطينية «هند رجب- 6 سنوات» التى استهدفتها نيران دبابة إسرائيلية، وتم العثور على جثمانها البريء و5 من أفراد عائلتها بعد 12 يومًا من اغتيالها، وزاد هذا الأمل بريقًا ولمعانًا بعد ظهور العلم الفلسطينى مرفوعًا من نافذة تلك القاعة فى وجه أكاذيب «معاداة السامية» وسيفها المسلط على رقاب من يفضح وحشيتها!
تلك الاحتجاجات التى بدأت داخل جامعة كولومبيا، ثم انتشرت على نحو متسارع في بقية الجامعات الأمريكية متخطية أسلاك التهديدات الشائكة بالفصل والسجن للأساتذة والطلاب على حد سواء، تخطت قوتها وتأثيرها حدود الأوطان لنرى طلاب الجامعات في كثير من دول العالم الإنساني ينصبون خياماً تأييداً لغزة وتضامناً مع زملائهم المحتجين فى الولايات المتحدة، مرددين: «عاشت فلسطين حرة».. و«فلسطين ستنتصر».
تلك التظاهرات تخبرنا بما يجب علينا فعله وقت الأزمات الإنسانية دون تردد، كما حدث فى نفس المكان ونفس القاعة داخل جامعة كولومبيا عام 1968 اعتراضاً على حرب فيتنام، كما يقول «ستيفان برادلى أستاذ التاريخ، كلية أمهرست» مؤكداً أن الاحتجاجات الطلابية فى الستينيات علمت الأجيال اللاحقة عدم قبول الظلم والقتل العشوائى.
تلك الاحتجاجات تجسيد حى لمشهد طفل فلسطينى وقف يلتقط بغطاء لم يتجاوز قبضة يده، قطرات ماء تتساقط ببطء من صنبور مغلق لم يتجاوز عددها عمره الصغير، لعلها تروى ظمأه وتبقيه على قيد الحياة، هذه الاحتجاجات هى قطرات الحياة فى عالم تناسى أن دعم القتلة ومساندة المجرمين وتقييد الضحية بالأغلال استعداداً لذبحها جريمة لا تسقط بالتقادم!
فى النهاية: ربما تُحدث تلك التظاهرات التى تتساقط علينا دفاعًا عن الإنسانية تغييراً واسعاً في سياسات الغرب نحو القضية الفلسطينية، وربما تكون تلك الاحتجاجات الطلابية شرارة البداية لعزل إسرائيل ونبذها عالمياً، وربما توقظنا نحن العرب من هذا الخزى غير المبرر، وهذا الموات غير المفهوم، بعد أن ضربت احتجاجات رافضة لسياسة نتنياهو الإجرامية قلب إسرائيل!
أخيرًا: لقد طفح الكيل، فلم تعد النفوس قادرة على استيعاب مزيد من مشاهد الإبادة، ولم تعد القلوب تتحمل هذا العنف الغاشم، ولم تعد العقول تستوعب تلك السياسات الدافئة! فأصبحت الكلمات عاجزة عن الوصف والتعبير، وآن الأوان للتكاتف حكامًا ومحكومين ضد هذا العدوان الوحشي وتفكيك قطار التطبيع مع هذا العدو.. وهذا أضعف الإيمان بالإنسانية وليس بالعروبة التى تجمعنا.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب الجامعات الأمريكية إبادة وحشية
إقرأ أيضاً:
العيسوي: الرؤية الملكية تفتح أبواب الأمل والعمل
صراحة نيوز- أكد رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي أن الأردن يواصل مسيرته بثقة مستندًا إلى رؤية قيادية واضحة تستشرف المستقبل وتؤمن بقدرة الإنسان الأردني على صناعة التحوّل الإيجابي.
وأوضح العيسوي أن استقرار الأردن ونموّه لم يكن وليد المصادفة، بل نتيجة وعي وطني وتاريخ من الالتزام بمبادئ الدولة الحديثة.
جاء ذلك، خلال لقائه، اليوم الأربعاء في الديوان الملكي الهاشمي، وفودًا من مؤسسات مجتمعية ونسائية وأكاديمية، شملت جمعية حمام المدينة وجاليري إطلالة الويبدة وتجمّع لجان المرأة الوطني الأردني، ووفدا من مؤسسة التدريب المهني، في ثلاثة لقاءات منفصلة، حضر أحدها مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر كنيعان البلوي.
وتعكس هذه اللقاءات التواصلية نهج الانفتاح الذي ينتهجه الديوان الملكي الهاشمي، تنفيذا للتوجيهات الملكية بتعزيز التواصل بين الديوان الملكي وأبناء وبنات الوطن وتبقى أبواب الديوان مفتوحة أمام الجميع، لكي يكون كما كان على الدوام بيتاً وموئلاً لكل الأردنيين.
وأشار العيسوي، خلال اللقاءات، إلى أن الأردن يواصل مسيرته بثقة مستندًا إلى رؤية قيادية تستشرف المستقبل وتؤمن بقدرة الإنسان الأردني على صناعة التحوّل الإيجابي، موضحا أن استقرار الأردن ونموّه، هو نتيجة وعي وطني وتاريخ من الالتزام بمبادئ الدولة الحديثة.
وفي محور الحديث عن التحديث الشامل، لفت العيسوي إلى أن ما تشهده المملكة اليوم من تحوّلات على المستويات السياسية والاقتصادية والإدارية، هو انعكاس مباشر لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني في بناء منظومة متكاملة تُعلي من كرامة المواطن وتُعزز من مشاركة الجميع في صنع القرار.
وثمّن العيسوي دور جلالة الملكة رانيا العبدالله وجهودها التطويرية في مجالات التعليم وتمكين الشباب والمرأة، مؤكدًا أن اهتمام جلالتها يفتح آفاقًا واسعة لبناء قدرات الفرد.
كما أشاد بالحضور الفاعل لسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، الذي يُجسّد طموح الجيل الجديد برؤية منفتحة على متغيرات العالم ومتطلباته.
وحول القضايا القومية، أكد العيسوي أن مواقف الأردن في دعم القضايا العربية العادلة ومساندتها لم تنقطع يومًا، مشيرًا إلى أن هذا النهج الثابت، الذي تبنّته القيادة الهاشمية عبر العقود، لا ينكره منصف ولا يجحده مراقب.
وأضاف أن الأردن لم يتخلّ عن دوره العربي، وظل حريصًا على أن يكون صوتًا للحكمة وجسرًا للتقارب بين الاشقاء.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن القضية الفلسطينية كانت وستبقى في صدارة أولويات الأردن، مؤكدًا أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف تجسّد جوهر الدور الأردني في حماية هوية المدينة والدفاع عن حق الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم المشروعة، لا سيما في ظل التحديات الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
كما عبّر العيسوي عن تقديره العالي لجهود القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، في صون أمن الوطن واستقراره، مؤكدًا أن كفاءتهم العالية وروحهم الوطنية تشكّل أساسًا صلبًا لمسيرة البناء والتقدّم.
من جهتهم، عبّر المشاركون في اللقاءات عن مشاعر الاعتزاز بما يقدّمه جلالة الملك من جهد متواصل في خدمة الأردن وتعزيز حضوره الإقليمي والدولي، مشيرين إلى أن القيادة الهاشمية تسير بالوطن بثبات نحو المستقبل، واضعة الإنسان محورًا لكل السياسات.
ونوّه المتحدثون إلى أن ما يميّز النهج الملكي هو التركيز على الإنجاز والعمل الميداني، وتعزيز فرص التمكين، وحماية منظومة الأمن والاستقرار، رغم تعقيد الأوضاع الإقليمية والدولية.
كما أشادوا بالمواقف المشرفة التي يقودها جلالة الملك على الساحة العربية، وفي مقدّمتها دعمه المتواصل للأشقاء الفلسطينيين، وتوجيهاته بتكثيف الدعم السياسي والإنساني والطبي لقطاع غزة، مؤكدين أن هذه الجهود تعبّر عن مبدأ ثابت وقيمة عليا في السياسة الأردنية.
وفي حديثهم عن سمو ولي العهد، أكد المشاركون أن حضوره يشكّل نقطة التقاء بين تطلعات الشباب ورؤية الدولة، ويعزز مناخ الثقة والتفاعل لدى الأجيال الصاعدة.
وخلال اللقاء مع وفد مؤسسة التدريب المهني، قدّم المشاركون وثيقة تأكيد انتماء وولاء، عبّروا من خلالها، باسم جميع كوادر المؤسسة ومدربيها ومتدربيها، عن اعتزازهم بالانتماء للوطن والولاء المطلق لجلالة الملك، والتزامهم الثابت بمواصلة مسيرة الإنجاز والعمل البنّاء.
وأكدوا أن مؤسسة التدريب المهني ستبقى شريكًا فاعلًا في تطوير قدرات الشباب وتأهيلهم، بما يسهم في رفد سوق العمل بالكفاءات المدربة، تجسيدًا للرؤية الملكية في التمكين والإنتاج.
وخلال اللقاء مع وفد تجمع لجان المرأة الوطني الأردني، عبّرت المشاركات عن اعتزازهن الكبير باهتمام جلالة الملك، وجلالة الملكة رانيا العبدالله، وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، بتمكين المرأة والشباب وتعزيز دورهما في مسيرة التنمية الوطنية.
وأكدن أن الدعم المستمر للمرأة الأردنية، وتمكينها في مختلف المجالات، هو نهج راسخ يُترجم برؤى عملية ومبادرات نوعية تُسهم في بناء مجتمع أكثر توازنًا وعدالة، وتقديم أجمل صورة عن المرأة الأردنية، التي باتت تشكل نموذجا للمرأة العربية الفاعلة.
واختُتمت اللقاءات بتأكيد المشاركين على التزامهم الراسخ بالعمل المشترك في خدمة الأردن، مجددين وقوفهم خلف القيادة الهاشمية، ومشيدين بما تمثّله المناسبات الوطنية من فرصة لتعزيز الانتماء وتجديد العهد مع الوطن. كما رفعوا التهاني لجلالة الملك وجلالة الملكة وسمو ولي العهد بمناسبة عيد ميلاده الحادي والثلاثين، متمنين دوام الخير والازدهار للأردن.