(نص) كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات الخميس 1 ذو القعدة 1445هـ
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
يمانيون../
كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله” حول آخر التطورات والمستجدات الخميس 1 ذو القعدة 1445هـ 9 مايو 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[المائدة: الآية62]، صَدَقَ اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيم.
يدخل الشهر الثامن، وفي الأسبوع الحادي والثلاثين، ولمائتين وستة عشر يوماً، والعدو الإسرائيلي يواصل عدوانه الهمجي على قطاع غزة، ويستمر يومياً في ارتكاب مجازر الإبادة الجماعية، يستهدف بها الشعب الفلسطيني الأعزل، ويقتل بها الأطفال والنساء والأهالي، حيث بلغ عدد المجازر: أكثر من (ثلاثة آلاف ومائة وأربعين مجزرة)، وتظهر يوماً بعد يوم المقابر الجماعية، التي تشهد أيضاً على المستوى الفظيع من الإجرام والتوحش الذي يتصف به العدو الإسرائيلي، وبلغ عدد الشهداء والجرحى والمفقودين والأسرى في القطاع والضفة: حسب الإحصائيات غير المكتملة (حوالي مائة وسبعة وثلاثين ألفاً وخمسمائة فلسطيني)، والنسبة الأغلب، والنسبة الأكثر من الشهداء والمفقودين هي: من الأطفال والنساء.
واستجد في هذا الأسبوع العدوان الإسرائيلي البري على شرق رفح، حيث الكثير من النازحين في رفح، واحتلاله لمنشأةٍ مدنية، هي: معبر رفح الحدود مع مصر، وهو آخر شريان يدخل عبره القليل جداً من الغذاء والاحتياجات الإنسانية إلى قطاع غزة، فعندما قام العدو باحتلال معبر رفح قام بالاستعراض العسكري، أدخل عدداً كبيراً من الدبابات، لاقتحام تلك المنشأة المدنية، وقام بعدها باستعراضٍ يُعبِّر عن غطرسته وتكبره، وهذا الاستعراض ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني، وإنما هو استعراضٌ أيضاً ضد الشعب المصري، وضد الجيش المصري، والعملية بنفسها هي تحدٍ لجمهورية مصر العربية، وتشكل تهديداً على أمنها واستقرارها، كما أنها انتهاك وتجاوز للاتفاقيات، التي عقدها الكيان سابقاً مع النظام المصري، ذلك الاستعراض الذي هو بغطرسة وتكبر، هو استعراض أيضاً لاستفزاز العرب والمسلمين والاستخفاف بهم.
استهداف العدو وعدوانه على رفح، استهدافه لرفح، عدوانه على شرق رفح وعلى المعبر، والتهديد المستمر لبقية رفح، هو عدوانٌ على النازحين، البالغ عددهم في رفح بما يقارب (مليون ومئاتي ألف نازح)، عدد كبير جداً يتكدسون هناك، ولا يجدون أي مأوىً آخر للذهاب إليه، فهو عدوانٌ على النازحين، الذين يستهدفهم باستمرار بالغارات الجوية، وأصبح التهديد لهم في هذه المرحلة أكثر من أي مرحلةٍ مضت، والمسألة في غاية الخطورة، حيث يمكن أن يقدم العدو على ارتكاب الكثير من المجازر ضد النازحين في رفح.
العدو الإسرائيلي هو مستمرٌ في جرائمه في كل قطاع غزة، من شمال القطاع إلى جنوبه، وفي كل أنحاء قطاع غزة هناك عدوان واستهداف مستمر لمجتمع غزة، استهداف للشعب الفلسطيني بكل أشكال الاستهداف، العدو الإسرائيلي يسعى إلى استكمال تلك الدوامة الدموية، بالاستهداف الشامل لرفح، كما عمل في بقية القطاع، وإلَّا فجرائمه في الغارات الجوية والاستهداف لرفح لم تتوقف أيضاً، لكنه بهذه العملية البرية يهدف إلى ارتكاب المزيد من المجازر.
الموقف الأمريكي يحاول أن يخادع الرأي العام، وأن يقدم صورة مخادعة وزائفة أمام أنظار الرأي العام العالمي، تجاه موقفه مما يفعله العدو الإسرائيلي في رفح، ومن تقدمه إلى المعبر، وأيضاً إلى شرق رفح، الأمريكي يظهر نفسه وأنه يوافق موافقة مشروطة بتقديم خطة- حسب ما يقول- بإجلاء المدنيين والنازحين من رفح، وإلى أين؟ يعني: بإعادتهم إلى نفس المربعات الأخرى، والأماكن الأخرى التي استهدفوا فيها أساساً، التي هي مدمرة، والتي يستهدفها العدو باستمرار كل يوم، هل إعادتهم إلى خان يونس، إلى شمال القطاع، إلى كل تلك المناطق التي هي مستهدفة باستمرار، ويقتلون فيها باستمرار، ومدمرة بشكلٍ كامل، الأمريكي يُقدِّم هذا العنوان: أن موافقته مبنيةٌ على انتظار خطة لإجلاء المدنيين؛ بينما هو- وبكل تأكيد- هو الذي قدَّم للإسرائيلي الإشارة باحتلال معبر رفح، وصدرت تصريحات من بعض الأمريكيين، تفيد أن عروضاً وخيارات قُدِّمت من الجانب الأمريكي للإسرائيلي، بتنفيذ عمليات معينة في رفح، تشمل أجزاء معينة ومواقع معينة ومنشآت معينة في البداية، كخطوة أولى في هذه المرحلة، وحتى في الليلة التي سبقت عملية الاجتياح، صدرت تصريحات من بعض الأمريكيين تفيد هذا: أنهم قدَّموا خيارات للإسرائيلي، لتنفيذ عمليات يصفونها بالمحدودة، التي تشمل مناطق معينة، ومواقع معينة، ومنشآت معينة، فالأمريكي- بكل وضوح- هو الذي شجَّع الإسرائيلي لاحتلال معبر رفح، وهو يعلم أنه آخر شريان للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويدخل منه القليل جداً من المواد الغذائية والإنسانية للشعب الفلسطيني، ومع هذا هو أقدم على هذه الخطوة، وشجَّع الإسرائيلي، وهيأ له الظروف، وهو شريك له في كل جرائمه، ولا تزال الخطورة أيضاً حالياً على ما تبقى من رفح، بما يمكن أن يترتب على ذلك من مجازر كبيرة، ومآسٍ كبيرة، ومعاناة كبيرة جداً للشعب الفلسطيني، في قطاع غزة بشكلٍ عام، وفي رفح بنفسها بدايةً؛ ولذلك الموقف الأمريكي هو لمجرد الخداع وذر الرماد في العيون كما يقولون، هو يسعى إلى الخداع للرأي العام، والهدف أيضاً هو رفع معاناة الشعب الفلسطيني، المزيد من التجويع، المزيد من الحصار، المزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني، وإلَّا فهذه الخطوة أتت بعد أن أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس عن موافقتها على الصيغة المقترحة، التي قدَّمها الوسطاء، من أجل العمل على وقف إطلاق النار وإنهاء الحصار، بعد ذلك أقدم العدو الإسرائيلي على هذه الخطوة.
الأمريكي يحاول أيضاً في سياق خداعه للرأي العام، أن يقول: أنه أوقف شحنة من شحنات الأسلحة والقنابل، التي يزوِّد بها العدو الإسرائيلي، لعملياته العدوانية، وجرائمه في الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ويحاول كذلك أن يصوِّر نفسه أمام الرأي العام أنه يضغط من أجل وقف أي خطوات إسرائيلية إضافية، من المعروف عند كل المتابعين ممن لهم إلمام بالوضع العام، وبطبيعة الدور الأمريكي والنفوذ الأمريكي على الإسرائيلي، أن الأمريكي بمجرد أن يقرر وقف العدوان على غزة سيتوقف، والإسرائيلي لن يتقدم بأي خطوة إضافية، بل سيتوقف؛ ولذلك فالمسألة تتطلب فقط توجهاً جاداً، وقراراً من جانب الأمريكي بوقف العدوان على رفح، ولن يُقْدِم الإسرائيلي لن يُقْدِم على العدوان على رفح فيما لو اتجه الأمريكي إلى قرار جاد بجدية، ولكن الأمريكي يُقَدِّم هذه الحالة من التظاهر: بأنه لا يريد أن يُقْدِم الإسرائيلي على مثل هذه الخطوة، وأنه يضغط عليه؛ بينما هو زوَّده بمخزون ضخم، وأعداد كبيرة، وشحنات كثيرة من القنابل والأسلحة، وبعض الأمريكيين يقولون: أنه قد أصبح لدى العدو الإسرائيلي مخزوناً ضخماً من القنابل التي مُنِعَت عنه هذه الشحنة، قد قُدِّمت له قبلها شحنات كثيرة كافية لإبادة الأهالي في رفح، الأهالي والنازحين، فهو يتظاهر بهدف مخادعة الرأي العام؛ ولذلك لا ينبغي لأحد أبداً أن ينخدع بالموقف الأمريكي الذي يهدف إلى تقديم صورة زائفة، الأمريكي له دورٌ أساسيٌ، وهو شريكٌ فعليٌ في كل جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة ضد الشعب الفلسطيني، وله الدور الأساسي في احتلال العدو من جديد لمعبر رفح، وقد طرد منه سابقاً، وسيطرد منه لاحقاً إن شاء الله.
العدوان على شرق رفح أثَّر– ومنذ اللحظة الأولى- على ثلاثمائة ألف نازح في تلك المناطق بنفسها، في شرق رفح، هذا العدد الكبير، فكيف بالبقية؟ ولذلك فهو عدوان على النازحين والمدنيين، والأهالي والسكان في رفح، ولن يحقق للعدو أي إنجاز عسكري، احتلال المعبر بنفسه (معبر رفح) ليس إنجازاً عسكرياً؛ لأنه ليس للمجاهدين هناك جبهة، ليس لكتائب القسام جبهة في المعبر نفسه، هم يتفادون إثارة العقد والحساسيات لدى الجانب المصري، وأيضاً حتى لا يكون هناك أي ذريعة أو مبرر للعدو الإسرائيلي، ولذلك لم يكن لهم فيه جبهة عسكرية للقتال فيه، ومنع أي تقدمٍ عسكريٍ إليه، هو منشأة مدنية، والإخوة الفلسطينيين في بقية محاور القتال هم مستمرون وثابتون، في شمال القطاع وفي وسط القطاع هم يقاتلون بشكل مستمر، وصامدون، وثابتون، وبنكاية كبيرة بالعدو في كل محاور القتال، كتائب القسام، وسرايا القدس، وكذلك كتائب شهداء الأقصى، والبقية من الفصائل الذين يرابطون هناك ويقاتلون، هم مستمرون في صمود وثبات، فالعدو الإسرائيلي عندما يتقدم بالعدوان على أجزاء من رفح، أو يستهدف رفح بشكلٍ عام، هو لن يحقق إنجازاً عسكرياً، فلا زال الصمود حتى في شمال القطاع، لا زال ثبات المجاهدين في كل أنحاء القطاع، ولكنه- كما قلنا- يهدف إلى نكبة الشعب الفلسطيني هناك، إلحاق أبلغ الضرر والمعاناة بالأهالي في رفح، وبالنازحين عندهم في رفح، وكذلك التضييق أكثر على بقية القطاع.
الاستنكار من كثير من دول العالم، في بيانات ومواقف السياسية، لم يعد الأمريكي يصغي له، بل والأمريكي لا يصغي حتى للمظاهرات والاحتجاجات الطلابية، التي في الجامعات الأمريكية والتي يقمعها، ويتعامل معها بعنف، ويتجاوز القانون، ويضرب بعرض الحائط بكل القوانين والأنظمة والأعراف التي لديه؛ ولذلك فعلى المسلمين بشكلٍ عام والعرب في المقدِّمة مسؤولية، في اتخاذ خطوات عملية إضافية ضد العدو الإسرائيلي، عندما يُقْدِم على مثل هذه الخطوة الإجرامية العدوانية، التي يستهدف بها الأهالي في رفح، والنازحين عندهم، ويحتل بها معبر رفح، منشأة مدنية، وشريان يصل من خلاله القليل فقط يعني من الأغذية، والأدوية، والاحتجاجات الأساسية للشعب الفلسطيني، لا ينبغي أن يكون موقف المسلمين بشكلٍ عام والعرب في المقدِّمة موقف المتفرج، ليس هناك خطوات إضافية، مواقف إضافية ضد العدو الإسرائيلي، لابدَّ من مساندة الشعب الفلسطيني، واتخاذ خطوات عملية إضافية ضد العدو الإسرائيلي.
ما حصل هو يعتبر تهديداً لجمهورية مصر العربية، وخطراً عليها، وتجاوز للاتفاقيات معها؛ ولذلك يفترض أيضاً بجمهورية مصر العربية أن تكون في مقدِّمة هذا التحرك العربي، وأن تقود هذا التحرك العربي لموقفٍ حازمٍ وقوي للضغط على العدو الإسرائيلي؛ لإخلاء المعبر، والانسحاب منه، وإنهاء احتلاله؛ لأنه منشأة مدنية، ولأنه أيضاً من أرض فلسطين المحتلة، ويفترض أن يتحركوا بخطوات ولديهم خيارات كثيرة: خيارات في الجانب السياسي والدبلوماسي، خيارات في الجانب الاقتصادي… وخيارات متعددة، أو- في الحد الأدنى- أن يحركوا شعوبهم، إذا كانت الأنظمة لم تعد تجرؤ على أن تتبنى أي موقف، فَلْتُتِح المجال لشعوبها، وليجربوا، وسيجدون كيف ستتحرك الشعوب بشكل كبير حتى في تلك البلدان التي هي مكبوتة فيها، ومضغوطة، ومغلوبة على أمرها، ستتحرك بشكلٍ كبير ونشاطٍ كبير، فليفسحوا المجال للشعوب لتتحرك.
مذكرة الاحتجاج المصرية ليست كافية، ولن يعيرها العدو الإسرائيلي أي اهتمام، ولن يعطيها أي اهتمام، كلما تعاظمت المأساة على الشعب الفلسطيني، يتعاظم معها وزر التخاذل والتفريط والتفرج على المأساة من المتخاذلين، من الأنظمة والشعوب؛ ولذلك المسؤولية كبيرة.
ويظهر للجميع مع الإقدام على مثل هذه الخطوات العدوانية، التي تزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، وتزيد أيضاً من مستوى الإجرام الإسرائيلي، تلك العدوانية، وذلك الإجرام والخلفية التي وراءها؛ لأن هناك خلفية لهذا المستوى من الإجرام والتوحش، الذي نرى عليه العدو الإسرائيلي، هناك خلفية، حقد، وعداء شديد للعرب والمسلمين بشكلٍ عام، احتقار للإنسانية، استباحة كاملة، هم الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[آل عمران: من الآية75]، يستبيحون غيرهم، يستبيحون الدماء، والأعراض، والأموال… وكل شيء، وفي نفس الوقت حقد، يعيشون حالة الحقد التي يتربون عليها منذ الطفولة، يتربى عليها الطفل منهم وينشأ عليها، وتترسخ عنده كحالة نفسية، وعقدة نفسية، وعقيدة، وثقافة، وفكر، يتحرَّك على أساسها، فهو يحمل العداء للمسلمين، والعرب في المقدِّمة، يحمله لهم كعقيدة وثقافة وفكر، ويحمله أيضاً كعقدة نفسية شديدة جداً، {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران: من الآية119]، كما قال الله عنهم في القرآن الكريم، واحتقار، هم يوصِّفون غيرهم بأنهم ليسوا من البشر، ويقدِّمون لأنفسهم صورة مختلفة عن بقية البشر.
ومضافٌ إلى ذلك الدعم الذي يحظى به العدو الإسرائيلي من صهاينة الغرب، صهاينة الغرب أيضاً مع حقدهم وأطماعهم، مثلما نرى عليه الموقف الأمريكي في المقدِّمة، والموقف البريطاني كذلك، وهكذا دول أخرى وأنظمة من الأنظمة الأوروبية، اجتمع عندهم أيضاً حقد، وطمع كبير جداً، وكذلك عقيدة الصهيونية، المعتقد الصهيوني القائم على أساس اعتقاد أن اليهود هم شعب الله المختار، وأنه يجب دعمهم وتمكينهم من احتلال فلسطين، وأكثر من فلسطين، يعني: ما يأملونه أيضاً من الحدود التي كانوا قد رسموها لأنفسهم في المقدِّمة، وأن دعمهم سببٌ لنزول البركات، وأنه يجب تعظيمهم، وتقديسهم، ودعمهم، ومساندتهم؛ من أجل المجيء الثاني للمسيح، ولخلاص العالم كما في معتقدهم، فهم يحملون هذا المعتقد، يعني: لديهم منطلق مبني على خلفية وعاطفة دينية ومعتقد ديني، باسم أنه من الدين يعني يدينون به، وفي نفس الوقت لديهم طمع كبير جداً كان ولا يزال، وعلى مدى قرون من الزمن، ومستمر، في المنطقة العربية، في الاحتلال لها، لموقعها الجغرافي، ونهب ثرواتها الطبيعية، وإبادة شعوبها، واستغلال من يمكن استغلاله منهم، ولديهم حقد على المسلمين كمسلمين، حقدٌ واضح ومؤكد، يُعبِّرون عنه في كتبهم، في ثقافاتهم، ويرسمون بناءً عليه ما يرسمونه من مؤامرات ضد هذه الأمة في مخططاتهم، ومؤامراتهم، وغير ذلك، فكل هذا، ما عليه العدو الإسرائيلي من عدوانية، وإجرام، وحقد، وأطماع، وما يحظى به من دعم غربي كذلك، بتلك الخلفية من الأحقاد، والأطماع، والمعتقدات الصهيونية، وموقف بقية العالم، الذي قد يصل في الحد الأعلى إلى إصدار بيانات، أو قرارات، أو التعبير عن الانتقاد أو الاحتجاج، لكن ما يتعلق بما يجدينا كعرب وكمسلمين، ما يمكن أن يدفع الخطر عنَّا، لا يفيدنا ما يصدر من هنا أو من هناك من مجرد بيان استنكار، أو بيان إدانة شيئاً، لن يجدي عنا شيئاً، لن يدفع عننا الخطر، الأمريكي في النهاية تجاهل تصريحات من هنا أو هناك، أو بيانات استنكار من هنا أو هناك، ما يتطلبه واقعنا هو أمرٌ آخر، كل هذه الأحداث، كل هذه الحالة، هذه الوقائع والشواهد، تدل بشكلٍ قاطع على أهمية إحياء الروحية الإيمانية الجهادية الواعية في أوساط الأمة.
الأمة بحاجة إلى أن تكون في مستوى الردع لأعدائها، أن تكون فيما هي عليه من قوة، من جهوزية، من فاعلية، في التحرك لمواجهة الأعداء، وفي دفع الخطر عن نفسها، أن تكون بالشكل المطلوب، هذا هو الذي يفيد؛ أمَّا حالة الجمود والتخاذل، في مقابل ما لدى العدو من دافع حقد، من أطماع، من معتقدات خطيرة، معتقدات شيطانية، باطلة، يبنى عليها مواقف ظالمة، وطغيان، وإجرام، واحتلال، فلا يفيد الأمة إلَّا أن يكون لديها تحرُّكٌ جاد، عندما يصبح واقع العدو أنه لا يصغي لا إلى نداءات الشعوب، ولا يبالي بحجم ما يحصل من جرائم وإبادة جماعية وغير ذلك، نجد أهمية أن تمتلك الأمة قوة الردع، ولابدَّ من إحياء روح الجهاد والعزة في الأمة.
ولذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم، مخاطباً لنبيه “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، الذي هو الأسوة والقدوة للأمة: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}[النساء: الآية84]، فنجد هنا في قوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، أن الاستجابة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتحرُّك في سبيله وفق توجيهاته، وفق تعليماته، هو الذي سيثمر هذه النتيجة، برعاية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بمعونته، بنصره وتأييده: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}، ونجد كيف يخاطب الله عباده المؤمنين قائلاً: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}[التوبة: الآية14].
فالأمة بحاجة إلى أن تتحرَّر من حالة الجمود والقعود، التي أثَّرت على الكثير من شعوبها، وعلى الكثير من أبنائها، وأن تتحرك هذا التحرُّك الواعي، عندما نقول الروحية الجهادية الواعية، هي التي تُشَخِّص العدو تشخيصاً صحيحاً وفق القرآن الكريم، ووفق الواقع الواضح، الله شَخَّص لنا في القرآن الكريم من هو العدو الأشد عداءً وحقداً لنا كمسلمين: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة: من الآية82]، اليهود ومن يدور في فلكهم، {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}، هم أعداء لأمتنا، يتآمرون عليها، يستهدفونها، يتجهون بكل ما يتَّجه له العدو، ولاسيما إذا كان عدواً مجرماً، مفلساً على المستوى الأخلاقي والإنساني، حاقداً، طامعاً، مستكبراً، ظالماً، مفسداً، مرتبطاً بالشيطان، فهو يُشكِّل خطورة بالغة على الأمة؛ فلذلك فالتجاهل لا يمثل حلاً لأبناء الأمة، لابدَّ من التحرك الواعي، التحرك بشكلٍ صحيح، والتربية الإيمانية الجهادية الواعية هي التي ترتقي بالأمة لتكون في حالة جهوزية، لمواجهة الأخطار، وترتقي بالأمة إلى مستوى مواجهة التحديات، وعندما تكون استراتيجية ثابتة، ورؤية صحيحة تتحرك على أساسها الأمة، ستغير واقع الأمة؛ لأن اتجاه البعض وتوقعهم أن بالإمكان أن يحصلوا على المساندة والحماية من هنا أو هناك هو وهمٌ، وهمٌ وسراب، ولن يفيدهم شيئاً.
ومن العجيب أن بعض الأنظمة والبعض من الحكام حتى في هذه المرحلة، وحتى مع ما يحصل الآن في غزة، لا يزالون يفاوضون أمريكا في الحصول على اتفاقيات معها، على أساس أن يحصلوا على حمايتها، أن يدخلوا في اتفاقيات حماية، وكذلك اهتمام من الجانب الأمريكي، والتزام بحمايتهم، اتفاقيات أمنية وعسكرية لحمايتهم، لو أراد الإسرائيلي أن يفعل بهم أي شيء لن يكون الأمريكي في مشكلة مع الإسرائيلي، بل على العكس، سيهيئ له ما يريد، وسيستفيد من مدى نفوذه وتأثيره، وتغلغله في أوساط مؤسسات أي دولة هنا أو هناك، أو أي أنظمة هنا أو هناك، بما يخدم الإسرائيلي، وهو عادةً يفتح له المجال ليحصل على ما يريد من معلومات، ليمارس ما يريد من أنشطة تجسسية، من اختراق، من إيجاد نفوذ وتأثير يخدمه فالأمريكي دائماً يحسب حساب مصلحة الإسرائيلي ليس للعرب عنده أي قيمة على الإطلاق، لأي عربي ولا لأي مسلم أي اعتبار عند الأمريكيين، عند الصهاينة الذين يحكمون أمريكا، ويسيطرون على أمريكا، ويتخذون القرارات في أمريكا، فالأمة بحاجة إلى أن تتحرك، وأن تحيي الجانب الإيماني والجهادي الواقعي، فالأحداث ليست مجرد أحداث طارئة، تظهر وتنتهي، العدو يتحرك ضمن رؤية، ضمن استراتيجية، ضمن مشروع عمل طويل، ولديه أهداف كثيرة، ويسعى إلى تحقيقها؛ فلذلك فالأمة في المقابل لابدَّ أن تتحرك وفق رؤية ثابتة، استراتيجية صحيحة تفيدها وتنفعها.
التربية الإيمانية الجهادية أيضاً تحافظ على إنسانية الإنسان، وتحيي ضميره، وتحيي فيه الشعور بالمسؤولية، وتعالج الروح المتدنية، الحالة المتدنية الهابطة، التي يعاني منها الكثير من الناس: عندما يشاهدون مثل هذه المآسي التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، عندما يشاهدون مظلومية الشعب الفلسطيني التي لا مثيل لها، عندما يشاهدون الجرائم الإسرائيلية الفظيعة جداً، ثم لا يتأثرون بذلك، ولا يتفاعلون، ولا يتحرَّكون، ولا يستشعرون أي مسؤولية بفعل أي شيء، هذه الحالة حالة خطيرة جداً، الإنسان فيها يخسر إنسانيته، قيمته الإنسانية، ضميره الإنساني، قيمه الإنسانية، أخلاقه، مشاعره الإنسانية؛ ولذلك أتى التحذير في القرآن الكريم من الطبع على القلوب، الطبع على القلوب حالة خطيرة جداً؛ لأن الإنسان يخسر خسارتين رهيبتين:
الأولى: مشاعره الإنسانية. والثانية: وعيه الإنساني، يصبح إنساناً متبلد الإحساس، وإنساناً لا يفقه، ولا يفهم، ولا يعي.التربية الإيمانية الجهادية تضبط المواقف بالمعيار الحق؛ لأن البعض من الناس يتحدثون بحديث، أو بلغة المصالح، يعني: أنَّ المهم أن يتوفر لهم مصالحهم المادية، وليحدث ما يحدث، وينسون أنه في الأخير حتى المصالح المادية يمكن أن يخسروها، يمكن أن يخسروا كل شيء، يمكن أن يصل إليهم الدور في يومٍ من الأيام، يصل إليهم الدور وهم في وضعية سيئة جداً، ليسوا مهيئين لا نفسياً، ولا ذهنياً، ولا في الواقع، ولا على مستوى العمل، ليكونوا في مستوى الموقف الفاعل، الذي يقيهم الخطر، ويدفع عنهم الشر.
بينما التربية الإيمانية هي التي ترتقي بالناس، إلى أن يواجهوا الأحداث وهم في جهوزية ذهنية، ونفسية، وعملية، وواقعية، بما يفيدهم ويقيهم الخطر.
ومن الواضح كيف يسعى الصهاينة على مستوى العالم، وفي المجتمع الغربي بنفسه، يسعون إلى تدمير القيم الإنسانية، وتفريغ الإنسان منها، يحاولون أن يحوِّلوا الإنسان إلى حيوان مثل سائر الحيوانات تماماً، لا يستشعر أنَّ له ميزة كإنسان بين بقية الحيوانات، بل وصل الحال ببعضهم إلى أن يتحول في حياته، ونمط حياته في أوروبا، إلى حياة الكلب، ينبح كالكلب، يحاول أن يتلبَّس بملابس معينة، تقدِّم له شخصيته وكأنه كلب… إلى غير ذلك، والبعض بحيوانات أخرى: كالقرود أو غيرها، هناك عمل مقصود، هناك خطة من جانب الصهاينة لتدمير القيم الإنسانية، وتفريغ الإنسان من المحتوى الإنساني، والأخلاقي، والقيمي؛ حتى يتحوَّل إلى مجرد حيوان يستغلونه كما يشاءون ويريدون؛ ولذلك على الجميع أن يتحرك للتحرر من ذلك النفوذ الصهيوني، المهدد للإنسانية في إنسانيتها، وحياتها، وقيمها، وسلامها، وأمنها.
وفي هذا السياق نحن نشيد بالحراك الطلابي المطالب بوقف العدوان على غزة؛ لأنه صوتٌ إنساني، يعبِّر عن القيم الإنسانية الفطرية، كما أنه فضح صهاينة الغرب، صهاينة أمريكا، وصهاينة أوروبا، الذين كانوا يتحدثون عن القيم الليبرالية، يتحدثون عن الحُريَّة، عن الحقوق… عن غير ذلك، وضاعت كل تلك العناوين في تعاملهم وقمعهم للاحتجاجات الطلابية.
توسعت دائرة الاحتجاجات الطلابية، وشملت جامعات في بلدان كثيرة، في: أمريكا، وكندا، والمكسيك، وألمانيا، وفرنسا، وسويسرا، وبلجيكا، وهولندا، وإيرلندا، واسكتلندا، وأستراليا، واليابان، والبرازيل، دولاً كثيرة، كنا نتمنى أن يكون لدينا قائمة أيضاً عن البلدان، العربية التي خرجت فيها أيضاً احتجاجات طلابية مناصرة للشعب الفلسطيني، بحيث نستطيع أن نتحدث بقائمة كهذه، فنقول ونحكي دولاً عربية كثيرة، لكن للأسف الطلاب والشعوب مكبَّلون في كثيرٍ من البلدان العربية حتى عن مستوى هذا الموقف.
المظاهرات الشعبية أيضاً كانت في عددٍ من البلدان، ومنها: بريطانيا، وفرنسا، والنمسا، وألمانيا، والسويد، والدنمارك، وأمريكا، وفي ماليزيا، وأستراليا، واليابان، يعني: هناك صحوة شعبية تتنامى، وتظهر هذه الأصوات والاحتجاجات في كثيرٍ من البلدان؛ ولذلك لا يليق بالمسلمين في العالم الإسلامي أن يكونوا صامتين، وساكتين، وجامدين، وكلما أقدم العدو الإسرائيلي على خطوة إضافية؛ جمدوا أكثر، وصمتوا أكثر، وسكتوا أكثر، كلما مضى الوقت والمأساة تزداد في واقع الشعب الفلسطيني، والعدو الإسرائيلي مستمرٌ في جرائم الإبادة الجماعية، وهم يسكتون، لا يليق بهم هذا أبداً.
التظاهرات الطلابية أقلقت الصهاينة، وهم عبَّروا عن قلقهم في كثيرٍ من تصريحاتهم، ولاسيما أنها في الوسط النخبوي الطلابي، هذا كان مقلقاً لهم، يعني: له مدلول مهم، نظراً للدور الذي عادةً ما يكون لمخرجات الجامعات في المجتمعات الغربية.
اتجهت الأنظمة القمعية، الموالية للصهيونية في الغرب، إلى استهداف الاحتجاجات الطلابية بعنف وقسوة، واعتقالات بإهانة وإذلال، وضرب مبرح، وإطلاق حملات إعلامية مسيئة، وتصريحات من المسؤولين في تلك البلدان مسيئة إلى الطلاب، وبلغ عدد المعتقلين من طلاب ومدرِّسي الجامعات الأمريكية إلى الآن: أكثر من (ألفين وستمائة شخص) طالب وطالبة ومدرِّس، وهم مستمرون يومياً في محاولات فض أي احتجاج، أي تجمع طلابي للاحتجاج.
واستخدموا عنوان (معادات السامية)، بهدف تكميم الأفواه، ومصادرة الحريات، يعني: يكفي أن يقول شخص ما من الطلاب، أو أي تجمع يحصل هناك، ينادي بوقف قتل الأطفال في غزة، فتعتبر هذه- كما يقولون- معاداة للسامية، ويتخذون على أساس ذلك إجراءات متنوعة:
منها: فض الاعتصامات، والاعتقالات، والفصل للبعض من الطلاب، وطردهم من الجامعات. ومنها: الضرب المبرِّح. وكذلك التشويه، والحملات الدعائية، والتحريض ضد أولئك الطلاب.هكذا يحصل، فهم يستخدمون هذا العنوان في المجتمعات الغربية بهذا الهدف: لتكميم الأفواه، وفي محاولة أن يخضعوا المجتمع في البلدان الغربية بشكلٍ كامل، أن يخضعوه خضوعاً تاماً للصهيونية والصهاينة، إفراط رهيب جداً، يسمحون حتى بالإساءة إلى الله، يسمحون بالسب والشتم لرسله وأنبيائه، وحتى السب للمسيح “عَلَيْهِ السَّلَام”، هم يسمحون في أمريكا وفي أوروبا بالإساءة إلى المسيح “عَلَيْهِ السَّلَام”، ولكن ممنوع أن تنتقد- مجرد انتقاد- أن تنتقد اليهود، أو أن تنتقد إسرائيل، أو- وليس فقط إلى مستوى الانتقاد- أن تطالب بوقف قتل الأطفال في غزة، فهذا عندهم يصنِّفونه ضمن معادات السامية، فالهتاف بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني معاداة للسامية، هكذا أصبح عندهم.
أملنا أن تستمر وتتوسع تلك الاحتجاجات، ومن المهم أن تحظى بالمساندة، وفي المقدِّمة المساندة السياسية والإعلامية والتشجيع، يعني: من جهتنا في العالم الإسلامي، الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، الجهات التي لديها موقف، وتشعر بالمسؤولية، وتتحرك لمساندة الشعب الفلسطيني، عليها أن تساند الاحتجاجات الطلابية في أمريكا وأوروبا، وأيضاً في كندا، وفي استراليا… وفي مختلف البلدان، أن يكون هناك مساندة في مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك الجاليات- مع أنها تعاني- أن يكون لها نشاط مساهم على المستوى الإعلامي نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي، في الوسائل الإعلامية المتاحة والمتنوعة، وكذلك على المستوى السياسي، أن يكون هناك بيانات، مواقف، تصريحات مساندة، هذا شيءٌ مهم، وأيضاً أن يكون هناك هجوم إعلامي ضد الأسلوب القمعي المصادر للحقوق من قبل الأنظمة القمعية الموالية للصهيونية في أمريكا والغرب، هذا شيءٌ مهمٌ جداً.
كلما استمر العدو الإسرائيلي في عدوانه الهمجي، أو أضاف خطوةً جديدة، فعلينا مسؤولية كمسلمين، على المجتمع البشري؛ بالاعتبار الإنساني، وعلى المسلمين كمسؤولية أيضاً إنسانية، وأخلاقية، ودينية، أن يتحركوا في المقابل أكثر، وأن تتسع دائرة التحرك، يجب أن يكون هناك شيءٌ يستجد من جانب الأمة الإسلامية، على الأنظمة أن تخجل من سكوتها، من تخاذلها، كلما أقدم العدو الإسرائيلي على جرائم إضافية، وطال أمد العدوان، واتَّخذ خطوات جديدة، عليها أن تخجل مما هي فيه من حالة التخاذل، والسكوت، والتفرج، وأن تتخذ مواقف إضافية؛ ولهذا نشيد بما أعلنت عنه تركيا فيما يتعلق بإجراءاتها في الحد من تصدير، أو من علاقاتها التجارية مع العدو الإسرائيلي، هذه خطوة نأمل- إن شاء الله- أن تصل إلى مستوى كامل في قطع العلاقات التجارية من جانب تركيا مع العدو الإسرائيلي، وأن تقتدي بها أيضاً بعض الدول العربية الأخرى، التي تصدِّر بضائع إلى العدو الإسرائيلي، أو تستقبل كذلك بضائع، ولها علاقات اقتصادية وتجارية مع العدو الإسرائيلي.
كما نأمل- أيضاً- أن يكون هناك نشاط واسع، وحملات تثقيفية وتوعوية وإعلامية بالدفع لتوسيع دائرة المقاطعة: المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، والشركات الداعمة لإسرائيل، هذه مسألة مهمة، عادةً ما نرى في وسائل الإعلام مستوى لا بأس به من التأثير على بعض كبريات الشركات المعروفة بأنها تدعم العدو الإسرائيلي، أصبحت تشكو من الخسائر، مع أنَّ مستوى المقاطعة لا يزال محدوداً، فهذا المجال مجال مهم، ومؤثرٌ على الأعداء، ومتاح حتى في البلدان التي تعاني فيها الشعوب من الكبت، من المنع لها عن التحرك على مستوى مظاهرات أو مسيرات، تستطيع أن تعوِّض ذلك بتفعيل ما يتعلق بالمقاطعة بشكل أكبر وأقوى، وهذا جانبٌ أساس؛ لأن هناك مسؤولية أمام الله، وهناك ما يمكن للكثير من الناس أن يساهموا به في نصرة الشعب الفلسطيني، فعندما لا يساهم الإنسان بأي شيء، حتى بما هو متاحٌ وممكن؛ فهو مذنب، يتحمل وزراً عظيماً، ومقصر تجاه ما عليه فيه مسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
فيما يتعلق بجبهات المساندة:
حزب الله مكثِّفٌ لعملياته، وعندما صرَّح ما يسمى بوزير الدفاع الإسرائيلي، بإطلاق تهديدات معينة ضد حزب الله، وتحذيرات، كانت العمليات في نفس ذلك اليوم عمليات قوية، وبعد ذلك، وستستمر، حزب الله يتَّجه إلى التصعيد كلما صعَّد العدو الإسرائيلي.
في جبهة اليمن، يمن الجهاد، يمن الفاتحين، العمليات مستمرة في الاستهداف للسفن الأمريكية، والإسرائيلية، والبريطانية، والمرتبطة بالعدو الإسرائيلي، وقد بلغت السفن المستهدفة إلى: (مائة واثني عشر سفينة)، وكانت العمليات خلال هذا الأسبوع بـ(عشرة صواريخ بَالِسْتِيَّة، ومجنحة، وطائرة مسيَّرة)، وعدد العمليات خلال شهر شوال: (خمسٌ وعشرون عملية)، نُفِّذت بـ(واحدٍ وسبعين صاروخاً بَالِسْتِيًّا، ومجنحاً، وطائرة مسيَّرة).
في هذا الأسبوع– في بدايته- تم الإعلان عن المرحلة الرابعة من التصعيد، تحدثنا عنها في الكلمة الماضية، في يوم الخميس، وفي يوم الجمعة أصدرت القوات المسلحة بيانها أيضاً، والمرحلة الرابعة؛ لأن قبلها ثلاث مراحل:
في المرحلة الأولى: كانت عمليات القصف التي تستهدف العدو الإسرائيلي بالصواريخ المجنَّحة والبَالِسْتِيَّة إلى جنوب فلسطين المحتلة، ولسفنه المبحرة في البحر الأحمر. لحق بها كذلك استهداف في المرحلة الثانية: الاستهداف لأي سفينة تتجه إلى موانئ العدو عبر البحر الأحمر، ولو كانت لدول أخرى، هذه كانت المرحلة الثانية، طالما أن حمولتها للعدو الإسرائيلي، وتتجه إلى الموانئ عبر البحر الأحمر، لحق بها كذلك استهداف السفن الأمريكية والبريطانية، بعد العدوان الأمريكي والبريطاني على بلدنا، إسناداً منهم للعدو الإسرائيلي، وإصراراً على مواصلة الحصار والإجرام والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة. المرحلة الثالثة: كانت توسيع دائرة الاستهداف ومسرح العمليات إلى المحيط الهندي. المرحلة الرابعة: تحدث عنها بيان القوات المسلحة بوضوح، وتشمل السفن المخترقة لقرار حظر الملاحة الإسرائيلية في أي مكانٍ تطاله أيدينا، ومع العدوان الإسرائيلي على رفح، تشمل أي سفن لأي شركة لها علاقة بالإمداد، أو نقل بضائع للعدو الإسرائيلي، وإلى أي جهة ستتجه، يعني: ليست المسألة مشروطة بأنه إذا كانت ستتجه إلى ميناء من موانئ فلسطين المحتلة، محملة ببضائع للعدو الإسرائيلي، طالما وتلك الشركة ترسل سفناً للموانئ في فلسطين المحتلة، لصالح العدو الإسرائيلي، فستتخذ ضدها هذه الإجراءات في أي مكان- كذلك- تطاله أيدينا، وسواءً عند الاستهداف لها كانت تنقل بضائع في تلك اللحظة للعدو الإسرائيلي، أو لا، إذا كانت من بعد صدور قرار الحظر، قد نقلت في أي حمولة، فإنها ستكون هدفاً في أي مكان تطاله أيدينا، وإلى أي ميناء من الموانئ في فلسطين المحتلة، إذا كانت تلك السفينة نقلت إلى موانئ عبر البحر الأبيض المتوسط، فهي ستكون هدفاً، في أي مكان تطاله أيدينا، المهم عندما تكون أثناء الظفر بها في حالة تطالها إمكاناتنا وقدراتنا، لن نتردد أبداً في الاستهداف لها.نحن نسعى باستمرار إلى تطوير قدراتنا العسكرية، وعندما نتخذ القرار بمرحلة معينة، معناه: أنها توفرت لنا الإمكانيات التي يمكن أن نستفيد منها لتنفيذ ذلك القرار، إلى ذلك المستوى، وهكذا نحضِّر فيما بعد ذلك لتوسيع دائرة العمل، وتوفير الزخم اللازم بذلك المستوى، ونحضِّر ما بعد ذلك لما هو في إطار مدى أوسع، ومدى أكبر، يعني: من الآن نحن نفكِّر أيضاً في المرحلة الخامسة، ونفكِّر أيضاً في المرحلة السادسة، ولدينا خيارات مهمة جداً وحسَّاسة ومؤثرة على الأعداء، وليس هناك بالنسبة لنا أي خطوط حمراء يمكن أن تعيقنا أبداً، يهمنا فقط أمرين:
الأول: هو الضوابط الشرعية الأخلاقية، نحن نلتزم بها في أعمالنا وعملياتنا. والثاني: هو مستوى الإمكانات والقدرات.ولذلك نحن نسعى فيما يتعلق بتطوير القدرات، وتوفير الإمكانات، إلى أن نحقق- إن شاء الله- أهدافاً كبيرة.
مظلومية الشعب الفلسطيني مظلومية كبيرة جداً، ومعاناة الشعب الفلسطيني معاناة عظيمة، وهناك مسؤولية إنسانية، وأخلاقية، ودينية، والعدو الإسرائيلي هو عدوٌ للأمة بكلها، ويشكل خطورةً وتهديداً للأمن والسلم على المستوى العالمي، والدور الأمريكي معه هو دورٌ عدواني، وحشيٌ وإجرامي، ومتغطرس، ومتكبر، ولا يعطي لأي قيم، أو قوانين، أو مواثيق، أي اعتبار أبداً؛ ولذلك العدو لا يعرف إلَّا لغة التخاطب بالقوة، التعامل بالقوة، الردع، الأمة بحاجة إلى أن تهتم بقوة الردع؛ ولذلك نحن نسعى إلى تطوير قدراتنا، منذ الآن نحن نفكر أيضاً في تطوير القدرات، ونسعى، نفكر ونسعى عملياً للمرحلة الخامسة، سقفنا في المرحلة الرابعة سيقوى إن شاء الله، وسيحظى- إن شاء الله- بالزخم تدريجياً، وننتقل ما بعد ذلك إلى المرحلة الخامسة، ولدينا- كما قلت- خيارات استراتيجية حسَّاسة مهمة ومؤثرة على العدو، وإن شاء الله- بمعونة الله وتأييده- نصل إليها.
ليس هناك حسابات سياسية تؤثِّر علينا في مستوى موقفنا، بحمد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ننطلق من منطلق ديني، وإيماني، وأخلاقي، وقيمي، وقرآني؛ لذلك لسنا ممن يخضع تحت عنوان المصلحة لمؤثرات الترغيب أو الترهيب، كم عُرِضت علينا من الإغراءات، وكم وجِّهت إلينا من التهديدات، لكننا لن نكترث لها أبداً، ونحن نبني على الاستعداد لكل الاحتمالات.
ولذلك في ظل واقعنا هذا، الذي هو واقع تحرر بحمد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تحرر ساعدنا على أن نتخذ الموقف اللائق، الذي ينبغي، لو اتَّجهت كل دولة عربية وإسلامية لتتبنى موقفاً بما يليق بها، بحجم المسؤولية، وتعاونت فيما بينها؛ لما حصل الذي يحصل أبداً، لتغيَّر الواقع بكله.
ولذلك نحن نقول في إطار هذا الواقع، وفي مقابل عدم تفعيل قدرات الدول العربية لما تمتلكه من إمكانات ضخمة، إمكانات متنوعة: إذا رغبت أي دولة عربية أن نفعِّل تلك الإمكانيات التي في مخازنها، بدلاً من أن تبقى معرَّضة للصدأ، أو تستخدم استخداماً خاطئاً، لاستهداف المسلمين هنا أو هناك، أو استهداف الشعوب، فنحن مستعدون لتفعيل تلك القدرات ضد العدو الإسرائيلي.
في هذا السياق أيضاً نحن نشيد بموقف الدول العربية التي لم توافق للأمريكي على استخدام أراضيها في الاستهداف لبلدنا، الأمريكي حاول أن يمارس الضغط على بعض البلدان العربية؛ نظراً لوضعه الصعب في البحر، ليعوِّض عن ذلك استخدام أراضي دول عربية في العدوان على بلدنا، ودول إفريقية كذلك، فالبعض من البلدان العربية رفضت ذلك، ولم توافق للأمريكي على استخدام أراضيها لاستهداف بلدنا، نحن نشيد بهذا الموقف، ونتمنى من جانب الدول العربية أن تكون أكثر تحرراً.
نحن أشرنا في الكلمة الماضية إلى التحرر الذي تشهده الكثير من البلدان الأفريقية، الدول العربية بالأولى، لماذا تبقى خاضعة وخانعة للأمريكي؟! بل لماذا تتجه بعض البلدان العربية، بعض الحكومات والأنظمة والحكام، إلى أن يكونوا أكثر خنوعاً وخضوعاً للأمريكيين، وهروباً ليحتموا بهم؟! هذه عقدة شعور بالضعف كبيرة جداً.
من يرى نفسه أنه لا يستطيع أن يحمي نفسه إلَّا بالأمريكي، وأنه لن يطمئن أمام أي تهديد إلَّا بالاحتماء بالأمريكي، هذا شعور بالعاجز، بالضعف، بعض البلدان قد تتصور نفسها أنها بلدان قوية، ومتمكِّنة، فليس عندها فكرة صحيحة، ونظرة صحيحة في كيف تكون في مستوى الحماية لنفسها:
من خلال انتهاج سياسات صحيحة في محيطها العربي والإسلامي، بدلاً من السياسات العدوانية والسلبية. ومن خلال بناء قدراتها في ظل علاقة إيجابية مع الأمة الإسلامية، على المستوى الاقتصادي وغيره، هذا الذي يفيد أبناء أمتنا، بدلاً من الارتهان أكثر والخضوع أكثر للأمريكي.فيما يتعلق بالأنشطة الشعبية هي ممتازة، ونشطة، وكثيرة بحمد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، المسيرات والمظاهرات في الأسبوع الماضي بزخم أكبر من الأسبوع الذي قبله، وكان هذا مهماً مع إعلان المرحلة الرابعة من التصعيد، وقد بلغ الرقم الإجمالي لعدد المظاهرات والمسيرات إلى: (أربعة آلاف ومائتين وخمسين) مسيرة ومظاهرة.
أمَّا الفعاليات، والوقفات الشعبية، والوقفات الطلابية، والندوات، والأمسيات، فهي: بأكثر من (ثلاثمائة ألف) فعالية، ووقفة، وأمسية، وندوة.
في التأهيل العسكري، بلغ عدد المتدربين في التعبئة إلى: (مائتين وستة وتسعين ألفاً)، يعني: يكاد أن يصل إلى قرابة (ثلاثمائة ألف متدرب)، وهذا إنجاز جيد، وإن شاء الله يستمر الإقبال بشكل كبير حتى يصل إلى عدد كبير.
أيضاً هناك فيما يتعلق بالتعبئة في الجانب العسكري أنشطة متنوعة وكثيرة، بالمئات، من: مناورات، وعروض عسكرية، ومسير عسكري.
والاستمرار في الخروج المليوني الأسبوعي، حيث أصبح ضمن الجدول الأسبوعي للملايين من أبناء شعبنا العزيز، وهذا شيءٌ عظيم، وشيءٌ مهم، وتجربة مهمة، يعني: الإنسان عندما يُدخِل ضمن اهتماماته الأسبوعية، كم لدى الإنسان من أعمال في أسبوعه؟ هو يذهب إلى السوق، هو يذهب لممارسة أعمال لكسب معيشته، أعمال ضمن مسؤولياته، في يومٍ من هذا الأسبوع يخرج في خروج مليوني، ضمن جدوله الأسبوعي، هذا الخروج خروج مهم جداً؛ لأنه– كما قلنا- جزء من الجهاد في سبيل الله، الإنسان إذا انطلق من منطلق نيَّة الاستجابة لله، واتخاذ الموقف الذي يرضي الله، فهذا جزءٌ من جهاده.
ثم هو أيضاً له أهمية كبيرة جداً في ظل الموقف المكتمل لشعبنا، تكتمل حلقة المواقف: من عمليات عسكرية بحرية، من عمليات استهداف العدو إلى الأراضي الفلسطينية، من عمليات تبرع، ومقاطعة أيضاً للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، وتبرع لصالح الشعب الفلسطيني… وهكذا بقية الأعمال والأنشطة، فالإنسان عندما يكون ضمن جدوله الأسبوعي: أن يخرج في رأس الأسبوع في يوم الجمعة، الذي له بركته، وفيه فريضة الجمعة، التي هي الصلاة الوسطى، ولها فضلها العظيم، في يومٍ مبارك، يومٍ عظيمٍ في الإسلام، يوم تضاعف فيه الأعمال، ضمن جدولك الأسبوعي تخرج في هذا اليوم خروجاً مشرِّفاً يرضي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يغيظ الأعداء، يغيظ الكافرين، ويقهر المنافقين، هذا شيءٌ مهم جداً، أصبح ضمن جدول الأعمال والاهتمامات، هذا من التوفيق ومن الشرف، وهو أيضاً مما يسهم في الارتقاء العملي، الإنسان إذا استجاب لله في مستوى معين؛ يحظى أيضاً بتوفيق ليستجيب في ما هو أكبر… وهكذا.
هو أيضاً مما يسهم في الارتقاء العملي، وفي الموقف، هو جزءٌ من الجهاد، أجره عظيم، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}[التوبة: من الآية120].
كلما اتَّجه العدو إلى التصعيد؛ ينبغي أن نتَّجه إلى التصعيد أكثر، على كل المستويات والأنشطة، لا أن يقابل ذلك بتراجع في الأنشطة، أو الاهتمامات؛ ولذلك فمع تصعيد العدو فيما يتعلق بمعبر رفح، وشرق رفح، والتهديد المتوقع على بقية رفح، يجب أن يكون التحرك على كل المستويات أكثر.
وفي هذا السياق أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد- إن شاء الله- خروجاً مليونياً في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات والمديريات، في الساحات المعتمدة، ليقولوا للشعب الفلسطيني في غزة، وفي كل فلسطين، ولأهالي رفح، وللنازحين في رفح: (لستم وحدكم، ومعكم حتى النصر).
نَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُعَجِّلَ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِي وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَاء بِالفَرَجِ وَالنَّصر، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
# الشعب الفلسطيني# كلمة#آخر التطورات والمستجدات#السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي#العدوان الصهيوني على غزة#طوفان الأقصىالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الاحتجاجات الطلابیة ضد العدو الإسرائیلی د العدو الإسرائیلی ضد الشعب الفلسطینی للعدو الإسرائیلی الإبادة الجماعیة فی القرآن الکریم المرحلة الرابعة للشعب الفلسطینی البلدان العربیة الموقف الأمریکی فلسطین المحتلة الإسرائیلی على الدول العربیة م الإسرائیلی ع الإسرائیلی أن یکون هناک على المستوى هذا الأسبوع العدوان على شمال القطاع الرأی العام فی قطاع غزة إن شاء الله هذه الخطوة فی المرحلة فیما یتعلق تصریحات من الأمریکی ی من البلدان فی أی مکان الکثیر من فی أمریکا المزید من کبیرة جدا عدوان على س ب ح ان ه من هنا أو ت ع ال ى ع ل ى آل فی المقد إذا کانت مع العدو فی مستوى على أساس ما یتعلق معبر رفح بعد ذلک من جانب التی هی تکون فی هو الذی أکثر من یمکن أن على رفح کثیر من أن تکون شرق رفح مثل هذه عندما ی هذا شیء حتى فی فی یوم فی رفح فی تلک جه إلى ر نفسه التی ت فی هذا فی غزة
إقرأ أيضاً:
“الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول مستجدات العدوان على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية
الثورة نت/..
نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، حول مستجدات العدوان على قطاع غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية 17 ذو القعدة 1446هـ 15 مايو 2025م:
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
نتحـــدث في كلمـــة اليــــوم، عن تطورات العدوان الهمجي، الوحشي، الإجرامي، الإسرائيلي على قطاع غزَّة، الذي يمارس معتمداً على الدعم الأمريكي، والشراكة الأمريكية، والدعم الغربي المفتوح، جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في كل يوم.
وحصيلة هذا الأسبوع في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة من الشهداء والجرحى: بلغ أكثر من (ألف ومائتين)، معظمهم من النساء والأطفال، وبينهم أسرٌ نازحة، أبادها العدو الإسرائيلي بأكملها.
وتصل الحصيلة للشهداء والجرحى، منذ استئناف العدوان الهمجي الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزَّة: أكثر من (ألفين وثمانمائة شهيد)، وأكثر من (سبعة آلاف وسبعمائة جريح)؛ لتصل الحصيلة الإجمالية على مدى تسعة عشر شهراً في قطاع غزَّة: أكثر من (مائة واثنين وثمانين ألفاً) من الشهداء والجرحى والمفقودين، نسبةٌ كبيرةٌ بينهم، تقدَّر بـ 60% أو أكثر من النساء والأطفال، هذه الإحصائية لا يدخل فيها الشهداء والجرحى والمخطوفون والأسرى من الضِّفَّة الغربية، وإلَّا فالعدد أكبر.
هذه المحصلة تبيِّن حجم الإجرام الرهيب من قبل العدو الإسرائيلي، الذي ينطبق عليه- بكل وضوح- أنه إبادة جماعية، وتستمر بين أوساط العالم الإسلامي، بمرأى ومسمعٍ من الجميع.
ويستهدف العدو الإسرائيلي في قطاع غزَّة كل فئات المجتمع، ويسعى دائماً إلى إنهاء الخدمة الصحية، وإنهاء العمل الإنساني، حيث بلغ شهداء العمل الإنساني، والطواقم الطبية في قطاع غزَّة: أكثر من (ألف وأربعمائة شهيد)، ويستهدف النازحين في مراكز إيوائهم، التي عادةً ما يحددها كمناطق آمنة قبل ذلك، وقصف في هذه المدة ما يقارب (مائتين وخمسين) مركزاً لإيواء النازحين، على مدى تسعة عشر شهراً.
ويستمر أيضاً في سعيه للإبادة عن طريق التجويع، وليس فقط بالقصف، الإبادة بالقنابل الأمريكية، والقذائف الأمريكية والغربية، التي تزوِّده بها الأنظمة الغربية، بل مع ذلك يستخدم التجويع كوسيلة من وسائل الإبادة، وبات الوضع الإنساني في غزَّة مأساوياً للغاية، بعد نفاد ما تبقى من مخزونات الغذاء لدى المنظمات العاملة في مجال الإغاثة، وإغلاق جميع الأفران، ومعظم المطابخ التي كانت تُقدِّم عدداً محدوداً من الوجبات الغذائية لعددٍ محدودٍ من السكان.
المشاهد المأساوية المؤلمة تُظهِر صرخات الأطفال وبكائهم، وهم يهيمون في الأرض بحثاً عن بقايا طعام، وتقف الأمهات حائرةً دون حيلة أمام صرخات أطفالِهِنَّ الرُّضَّع، البعض منهم باتت جلودهم تلتصق على عظامهم بسبب انعدام حليب الأطفال، البعض من أبناء الشعب الفلسطيني يحاولون أن يذهبوا إلى البحر؛ بهـدف البحث عن الصيد لتوفير القوت الضروري والطعام والغذاء، ومع ذلك يستهدفهم العدو الإسرائيلي، فهو يستهدفهم من البر والبحر والجو، هناك الكثير من الشهداء، ممن استشهدوا وهم في أثناء محاولاتهم لجلب الأسماك والصيد من البحر؛ بهدف إطعام أسرهم، حتى أوراق الشجر لم يعد الوصول إليها سهلاً؛ بعـد تجريف العدو الإسرائيلي لـ 80% من الأراضي الزراعية، أكَّدت سبع عشرة وكالة تابعة للأمم المتَّحدة ومنظمة غير حكومية، في تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أن الغالبية العظمى من أطفال غزَّة يعانون من حرمانٍ غذائيٍ شديد.
فالمأساة كبيرةٌ جدًّا، تكشـف عن حجم الإجرام والعدوان الإسرائيلي من جهة، والذي- كما قلنا- يعتمد على الدعم الأمريكي، والشراكة الأمريكية، والدعم الغربي المفتوح من بريطانيا، وألمانيا… ودول متعدِّدة، وكذلك يستفيد كل الاستفادة من التخاذل الإسلامي في البلدان العربية وغيرها.
أمَّــا في الضِّفَّـــة والقــــدس، فالعدو الإسرائيلي يستمر أيضاً في اعتداءاته بكل أنواعها وأشكالها:
– وفي المقدِّمــة: الاستباحة لمُقَدَّسات المسلمين، بالاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى وتدنيسه، وهذه الاقتحامات مستمرة بشكلٍ شبه يومي.
– أيضاً من الاعتداءات في الضِّفَّة الغربية والقدس: اقتحام العدو الإسرائيلي لـ (مدارس الأونروا) بالقدس، وطرده للطلاب، كمقدمة لإغلاق المدارس؛ فهو يحارب الشعب الفلسطيني في كل شيء، ويحاول أن يمنعهم من كل مقومات الحياة، أن يمنع عنهم حتى التعليم.
– وكذلك اقتحام مجمع تعليمي شمال الخليل، وطرد الطلاب والاعتداء عليهم.
– من أشكال الانتهاكات والاعتداءات أيضاً في القدس: إيقاف حفل زفاف في بلدة (العيزرية) شرق القدس، واعتقال العريس، وهذا يبيِّن- كما قلنا- الاعتداء الإسرائيلي والظلم بكل أشكاله ضد الشعب الفلسطيني، استهداف في كل شيء، حتى في حفلات الأعراس.
– في هدم المنازل، يستمر العدو الإسرائيلي في هدم المنازل في أنحاء متعددة من الضِّفَّة الغربية، ولاسيَّما في المخيمات، وصل عدد المنازل التي هدمها في مخيم (نور شمس) أكثر من (أربعمائة منزل).
– قطعان المغتصبين، الذين يطلق عليهم المستوطنون، يستمرون بكل أشكال الاعتداءات الدنيئة والمنحطة والسافلة، التي هي عبارة عن جلبطة، مثل: سرقات، أنواع من السرقات، الاعتداء على المواشي، الاعتداء على المحاصيل الزراعية، الإحراق للمزارع، ووصل بهم الحال أيضاً بالاعتداء على النساء الفلسطينيات، كما في قرية (المغير) شمال شرق رام الله.
يواصل العدو الإسرائيلي في الضِّفَّة الغربية كل جرائم القتل والاختطاف، في مناطق مختلفة من الضِّفَّة، وقلع أشجار الزيتون، بما فيها أشجار مثمرة، ومن التطورات التي تكشف توجُّه العدو الإسرائيلي، بالاستمرار في مساعيه للسيطرة التَّامَّة على الضِّفَّة الغربية: قرار ما يسمَّى بـ [المجلس الوزاري المُصَغَّر]، قراره بمصادرة مساحات شاسعة في الضِّفَّة.
ومع ما يفعله العدو الإسرائيلي في الضِّفَّة الغربية، من المؤسف جدًّا أن تستمر السلطة الفلسطينية، ومن خلال أجهزتها القمعية، التي يفترض أنها جهاز أمني لحماية الشعب الفلسطيني، تستمر بالموازاة مع ما يقوم به العدو الإسرائيلي من ممارساتها السيئة، التي تصل إلى حد الإجرام ضد الشعب الفلسطيني بالقتل، بالقتل لأبناء الشعب الفلسطيني، وسفك دماء الشعب الفلسطيني؛ تعاوناً مع العدو الإسرائيلي، وتقرباً إليه، كما حدث في هذا الأسبوع، عندما قامت السلطة الفلسطينية بالقتل بدمٍ بارد لشابٍ فلسطيني في مخيم (الفارعة)، وبالاعتداء على مسنٍ أيضاً في الحي الشرقي بمدينة (جنين)، وهذا شيءٌ مؤسفٌ ومحزن أن تمارسه السلطة الفلسطينية!
اليوم هو ذكرى النكبة (نكبة 48)، وهي ذكرى فيها الكثير من الدروس، وذات أهمية كبيرة، هي ذكرى مؤسفة ومحزنة، لنكبةٍ استمرت ولم تتوقف على مدى سبعةٍ وسبعين عاماً، ما يقارب من (ستين ألف مجرم) من العصابات الصهيونية آنذاك، مدعومةً بقواتٍ بريطانية، شنَّت عدوانها على الفلسطينيين العُزَّل، الذين لم يكونوا يمتلكون السلاح ولا التنظيم، وتركوا كالفريسة لتلك العصابات المتوحشة.
ذكرى النكبة هي تذكيرٌ بمظلوميةٍ كبرى، جرى الترتيب لها قبل تاريخها المعروف، وهي- كما قلنا- مستمرةٌ لم تتوقف بحق شعبٍ بأكمله، (الشعب الفلسطيني) الذي تحوَّل أبناؤه بالملايين ما بين مُهَجَّرٍ ومشرّدٍ من أرضه، وبين محاصرٍ ومروَّعٍ ويعتدى عليه، وعلى مدى أكثر من سبعة عقود من الزمن، أمام مرأى ومسمع المجتمع البشري، والمؤسسات الدولية، التي تقدِّم نفسها أنها معنية، وفي موقع المسؤولية، بحماية الإنسان وحقوقه.
ذكرى النكبة ليست كأي ذكرى عاديةٍ عابرة، هي مأساة، وجرحٌ مفتوح، تؤرَّخ بدماء وأشلاء الأطفال والنساء، على مدى سبعةٍ وسبعين عاماً، من أبريل (دير ياسين) 1948م، وحتى غزَّة، المذبحة المستمرة في هذه المرحلة إلى يومنا هذا، ذكرى تؤرِّخ لجريمةٍ تاريخيةٍ لم تنته فصولها، ارتكبتها بريطانيا والغرب، ونتج عنها: اغتصاب أرضٍ هي بلدٌ كامل، وتهجير شعبٍ بالملايين من أرضه.
يومٌ يُذَكِّرنا بالحقد والكراهية اليهودية ضد العرب والمسلمين جميعاً، والتي تتجلَّى مصاديقها في الممارسات الإجرامية العدوانية للعدو الإسرائيلي كل يومٍ، في كل هذه المدة الزمنية، وينسف كل أفكار ونداءات الاستسلام والتعايش بين العرب والصهاينة، كوهمٍ وخدعةٍ كبرى.
يومٌ يتذكَّره المجاهدون والشعب الفلسطيني، بصمودٍ أسطوريٍ لم تكسره المآسي والآلام، وبذاكرةٍ وهويةٍ لا تُمحى، وهم متمسكون بحقهم في فلسطين كاملة، بمياهها ومُقَدَّساتها، غير قابلةٍ للتشويه والتقسيم، أو الصفقات، تُذَكِّرهُم- ومعهم العرب والمسلمون- بالجليل وطبريّا، والناصرة، وبيسان، وعكا، وصَفَد، تُذكِّرهم بحيفا، تذكِّرهم بيافا، والخليل، والرملة، والقدس، تُذكِّرهم بغزَّة، وبئر السبع، تُذكِّرهم بأهمية الثبات في نابلس، وجنين، وطولكرم، وكل مدينة وقرية فلسطينية محتلة، تُذكِّرهم بحقهم في كامل فلسطين (بحرها، ونهرها، وسهلها، والجبل)، وكل ذلك سيستعاد حتماً بإذن الله تعالى، كما في وعد الله الحق، الذي لا يتخلَّف ولا يتغير.
تُذَكِّر- أيضاً- هذه الذكرى تُذَكِّر بسلسلة الهزائم، التي مُنِيَت بها الجيوش العربية المرعوبة في غضون أيام، عندما سيطر عليها التخاذل، والوهن، وضعف إرادة القتال، وما سببه ذلك من تمادٍ للعدو الإسرائيلي على المنطقة بأسرها، سبعة وسبعين عاماً من العجز العربي الكامل- على المستوى الرسمي- عن ردع الكيان المحتل، في مقابل صمود ومقاومة فلسطينية، تُحاصَر وتُجَوَّع، ولا تلقى الدعم والإسناد- ولو بالحد الأدنى- لردع ذلك العدو المجرم.
الدروس المهمة من النكبة ينبغي تسليط الضوء ولو على بعضها؛ لأن الأحداث مهما كانت مُرَّةً، وصعبةً، وقاسية، تتضمن الدروس المهمة، والعِبر المهمة، التي يمكن أن يُستفاد منها، في إطار المساعي والعمل الجاد لتغيير مسار الواقع، من خلال النهوض بالمسؤولية المهمة على هذه الأُمَّة، وبالاعتماد على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والثقة بوعده الحق.
مـن هـذه الـدروس المهمــة لـ (نكبة العام 48) وإلى اليــــوم؛ لأنها- كما قلنا- هي نكبةٌ مستمرة:
– في مقدمة هذه الدروس، والدرس الأول منها: أنه في كل هذه العقود الزمنية لم يتغير النهج العدواني الإجرامي الوحشي الصهيوني اليهودي:
على مدى سبعة وسبعين عاماً، لم يتغيَّر كممارسات إجرامية عدوانية، بكل تفاصيلها اليومية، سواءً في مراحل التصعيد، التي يزداد العدو فيها وحشيةً وإجراماً، أو في غيرها، فالعدو مستمر بنفس السلوك الإجرامي:
– يقتل الأطفال والنساء.
– يغتصب الأرض.
– ينتهك الحرمات.
– يسيطر عدواناً وظلماً واغتصاباً على الأراضي، والمزارع، والبيوت، والمساكن.
– يظلم الشعب الفلسطيني بكل أشكال الظلم، وبكل أشكال الإذلال، من ضربٍ، من إهانةٍ، من اعتقال، من مداهمة حتى للأعراس… وغير ذلك.
– السجون والمعتقلات كذلك ممتلئة على الدوام بالمخطوفين والأسرى، الذين يمارس العدو الإسرائيلي ضدهم كل أشكال الانتهاكات والظلم.
فكل الممارسات الإجرامية لم تتغير في سلوك العدو الإسرائيلي، على مدى سبعةٍ وسبعين عاماً وهو مستمرٌّ في ذلك.
وأيضاً المرتكزات لتلك التصرفات والممارسات والسلوك الإجرامي للعدو الإسرائيلي: المعتقدات، والفكر، والثقافة اليهودية، التي هي قائمةٌ على أساس التصنيف لما يُسَمُّونَهم بـ [الأغيار]، يعني: غير اليهود، بأنهم: [ليسوا بشراً، وبأنهم مستباحون، ومباحون حتى على أساس الشرع]، يعني: على أساس الشريعة الإلهية، زوراً وبهتاناً، يستبيحون الدم، يستبيحون الأرض، يستبيحون المال… يستبيحون كل شيء، وتعبئة عدائية، تعبئة كلها مشحونة بالكراهية، والاحتقار، والبغض، والعداء الشديد جدًّا؛ وبذلك ينشأ كل جيلٍ منهم وهو على مستوى أسوأ مما عليه سابقه، من الحقد، والعداوة، والاحتقار، والاستباحة لكل المحرمات.
فالعدو الإسرائيلي لم يتغير، وهذا شاهدٌ على أنه كيانٌ إجرامي، ليس هناك إمكانية للتعايش معه، ولا للسلام معه، هو غير قابل لذلك؛ ثقافته، نفسيته، توجُّهاته، معتقداته، ممارساته، أهدافه، ما بُني عليه واقع تلك الإصابات الإجرامية اليهودية الصهيونية، هو بالشكل الذي لا يمكن إطلاقاً أن تتعامل مع الآخرين بسلام، باحترام، باحترامٍ للحقوق، إضافة إلى ماذا؟ إلى أن المسألة من أساسها قائمة على الظلم، على العدوان، على الإجرام، وهذه مسألة واضحة؛ فهو كيانٌ غير قابلٍ للتعايش، هو قائمٌ أيضاً- أساساً- على الاغتصاب، على الإجرام.
كيف صُنِع هذا الكيان؟ وكيف استُقدِمت تلك العصابات الإجرامية إلى فلسطين؟ على أساس الاحتلال، والقتل، والتشريد، والظلم، ومصادرة الحقوق؛ فهـو كيان غير طبيعي، قائم على الظلم والإجرام، وهو غير قابلٍ للبقاء؛ لأنه ليس في إطار وضع طبيعي كبقية المجتمعات البشرية؛ إنما حالة ظلم، اغتصاب، اعتداء، إجرام مستمر… وغير ذلك.
– ثانياً: على مدى كل هذه المدة الزمنية لم تتغير السياسة الغربية:
في بريطانيا، في أمريكا، في ألمانيا… في كبريات الدول الأوروبية والغربية، لم تتغير السياسة الغربية عن مسألة الدعم الكامل، والتَّبَنِّي لتلك العصابات الإجرامية، وكانت على الدوام مفضوحةً؛ لأنها لم تراعي إطلاقاً الشعارات والعناوين، التي كثيراً ما ترفعها عن حقوق الشعوب، وحق تقرير المصير، وحقوق الإنسان… وغير ذلك.
أين هو عنوان (الحُرِّيَّة)، التي كثيراً ما يتردد هذا العنوان في شعارات الغرب، عند الأمريكيين، وعند الأوروبيين كثيراً كثيراً؟! يُغَيَّب تماماً تجاه هذا الحق الثابت الواضح للشعب الفلسطيني، وتجاه الممارسات الإجرامية، والسلوك العدواني الاستعبادي الغربي، الذي يدعمه الغرب ضد شعوب أُمَّتنا، فهم لا يراعون لا شعاراتهم التي دائماً ما يطلقونها، كأسلوب مخادع للشعوب، وفي نفس الوقت هم لا يراعون حتى مصالحهم الكبرى مع بلدان العالم الإسلامي، وفي المقدِّمة البلدان العربية، أمريكا لديها مصالح كبرى في البلدان العربية والإسلامية، أوروبا كذلك، وهم مستفيدون بشكل كبير جدًّا، هم ينهبون ثروات هذه الأُمَّة، وهي سوقٌ مفتوحةٌ لمنتجاتهم، ومصالحهم فيها مصالح اقتصادية كبيرة جدًّا، والواقع يشهد بهذا، وبما هو غبن لهذه الأُمَّة، يعني: استفادة كبيرة جدًّا لهم؛ وغبن، وحرمان، وظلم لشعوب أُمَّتنا.
ومع أنهم يستفيدون كل هذه الاستفادة الكبرى، مع ذلك هم لا يراعون شعوب هذه الأُمَّة، التي هم مستغلون لثرواتها ومصالحها، كل ذلك لم يفد معهم شيئاً، أمريكا، بريطانيا، ألمانيا، في مقابل أنهم ليسوا مستفيدين على المستوى الاقتصادي بشكل كبير من العدو الإسرائيلي؛ لأنهم- بالأساس- هم من يعطونه، ليس مصدر مصالح لهم، هو يأخذ منهم ولا يعطي، لكن حالهم مع العالم العربي، وبقية البلدان الإسلامية، حال أخذ، أخذ للمواد بالخام، للثروات البترولية وغيرها، بتريليونات الدولارات، مصالح كبيرة جدًّا يجنونها، دون أن يقدِّروا شعوب هذه الأُمَّة أي تقدير، أو أن يعطوها أي اعتبار، أو ذرةً من الاحترام، أو ذرةً من المراعاة، المراعاة لها في حقوقها، في مظلوميتها… وفي غير ذلك.
– ثالثاً: من الدروس المهمة: أن الجانب الرسمي العربي- في معظمه- لم يلتفت بِجِدِّيَّة لمعالجة إخفاقاته:
لأن هناك إخفاقات كبيرة في كل تلك المراحل: (نكبة 48) كانت إخفاقاً عربياً كبيراً، وهزيمةً عربيةً مدويَّة، وما بعدها كذلك إخفاقات مستمرة، التعاطي الرسمي العربي كان يفشل، ويتكرر فشله، ويتكرر إخفاقه، لكن المشكلة أنه لم يلتفت بِجِدِّيَّة إلى معالجة إخفاقاته، ولم ينجح في تكوين توجُّهٍ عربيٍ إسلاميٍ إنسانيٍ عالمي، يستمر ضمن مسار عملي واضح، لدعم القضية الفلسطينية، لدعم الحق الفلسطيني، لدعم هذه القضية، التي هي ذات بعد وأساس إسلامي، وإنساني، وأخلاقي:
– فلها بُعد عالمي، وأساسٌ عالمي، وهو: الجانب الإنساني فيها.
– وكذلك جانب إسلامي، يعني المسلمين جميعاً؛ لأن الشعب الفلسطيني جزءٌ من العالم الإسلامي، فلسطين كأرض جزءٌ من البلاد الإسلامية، المُقَدَّسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، في مقدِّمة المُقَدَّسات الإسلامية.
فالحالة العربية ذات تأثير سلبي على المستوى الدولي، وعلى مستوى بقية البلدان، التي لا ترى لنفسها أن تكون أكثر اهتماماً من العرب أنفسهم، من المسلمين أنفسهم، وكذلك تأثير سلبي على الموقف الإسلامي لكثير من الدول الإسلامية.
فالجانب الرسمي العربي اتَّجه على العكس من ذلك، في تبني أطروحات الاستسلام المُذِلَّة، والتنازلات المجانية، التي يُصِرّ عليها الجانب الرسمي العربي، بالرغم مما يقابلها به العدو العدوانية، ومن فشلها الواضح، وتخاطب العرب حتى مع المجرم (شارون) آنذاك بهذه اللغة: لغة التنازلات المجانية، الحديث عن السلام بمعنى الاستسلام، وكم في كل المراحل الماضية يُصِرُّون على الاستمرار بهذه الأطروحات، والعدو الإسرائيلي يقابلها دائماً بالمزيد من العدوانية، والتأكيد على مصادرة الحقوق، والتأكيد على مواقفه المعروفة المفضوحة، أنه لا يريد إطلاقاً أن يعطي ولو- بحسب تلك المبادرات التي تضمنت تنازلات مجانية- جزءاً من أرض فلسطين للشعب الفلسطيني.
لـذلك الاتِّجاه الرسمي العربي اتَّجه نحو الانحدار أكثر: تنازلات وصلت به في نهاية المطاف- لدى البعض من الأنظمة- إلى التَّوَرُّط الكبير في الخيانة الكبرى فيما يسمونه بـ [التطبيع]، فهو الخيانة الكبرى لهذه الأُمَّة، والانقلاب الكامل، والارتداد الكامل عن نصرة هذه القضية المُحِقَّة العادلة، التي هناك مسؤولية على الأُمَّة بكلها تجاهها؛ وبالتـالي الاعتراف بالعدو الإسرائيلي، الاعتراف به فيما هو عليه من إجرام، وعدوان، وظلم، وطغيان، وقتل، وإبادة؛ وفيما هو عليه من نهب، واغتصاب، وسيطرة، وتهديد للمُقَدَّسات، وتهديد لهذه الأُمَّة.
– من الدروس المهمة جدًّا على مدى هذه المرحلة بكلها، في هذه النكبة التي استمرت إلى الآن: درس مهم جدًّا يتعلَّق بالصمود الفلسطيني:
الصمود الفلسطيني تعاظم، بالرغم من كل المؤامرات التي استهدفت الشعب الفلسطيني، العدو الإسرائيلي عمل على كثيرٍ من المؤامرات، والخطط التي حاول أن يستهدف الشعب الفلسطيني بها حتى في إرادة الجهاد والمقاومة، حاول أن يستهدف بالحرب الصلبة، وبالحرب الناعمة المُضِلَّة، المفسدة، حاول أن يعمل بكل الوسائل، في أن يزرع اليأس في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، والهزيمة النفسية، وأن يصل بهم إلى التَّقَبُّل بالسيطرة الإسرائيلية، كواقعٍ لا يمكن الخلاص منه، ويحاول أن يزرع في نفوسهم اليأس من أي خلاصٍ ممكن، ولكنه فشل في ذلك، مع أن الجهد كبير، والمؤامرات كبيرة، وخطيرة، ومتنوعة، بكل الوسائل عمل العدو الإسرائيلي لتحقيق هذا الهدف، ولكنه فشل؛ فبدلاً من أن ينجح في أن يصل بالشعب الفلسطيني إلى اليأس والاستسلام، وإلى فقدان الأمل، وفقدان الثقة بوعد الله الحق؛ كان هناك تعاظم، وتنامٍ للصمود الفلسطيني، وتنامٍ على مستوى الوعي والبصيرة، وعلى مستوى الإرادة، والثبات، والصمود، وقوة التَّمسُّك بالحق، هذا الحق الواضح الذي يمتلكه الشعب الفلسطيني، وهذه مسألة مهمة جدًّا، وهي مقلقة للعدو الإسرائيلي، وأيضاً بات لها الآن تأثيرها الكبير حتى على مستوى المجتمعات الغربية، فالشعب الفلسطيني تعاظم صموده، ونما وعيه، وثبات مجاهديه هو يقدِّم نموذجاً ملهماً وناجحاً، أثبت فاعليته، وأثبت نجاحه.
الشعب الفلسطيني ومجاهدوه الأَعِزَّاء خاضوا جولات في قطاع غزَّة، من المواجهة الساخنة الشاملة مع العدو الإسرائيلي، جولات متعدِّدة، وفشل العدو الإسرائيلي في مقابل خمس جولات في قطاع غزَّة، خمس جولات أو أكثر، ليس هذا على سبيل الحصر المؤكَّد، فالفشل الإسرائيلي في تلك الجولات- في 2008، وفيما بعدها أيضاً، في جولات متعددة- شاهدٌ على فاعلية هذا الدور الذي يؤديه الإخوة المجاهدون في قطاع غزَّة، فاعلية عالية، ثبات عظيم، وهذا النموذج مهمٌ جدًّا جدًّا جدًّا كدرسٍ لكل هذه الأُمَّة، وهو في واقع الحال أهمّ عامل لفشل العدو الإسرائيلي، في أنَّه لم ينجح في إنجاز مخططه الصهيوني على نحوٍ متكامل، بحجمه الواسع، في إطار ما يعبِّرون عنه بـ [إسرائيل الكبرى].
يعني: ما الذي أعاق العدو الإسرائيلي من أن يكون قد ألحق نكبات بمثل تلك النكبة، بمثل (نكبة 48)، بالشعوب والبلدان الأخرى المجاورة لفلسطين؟
– في لبنان: المقاومة والمجاهدون، مجاهدو حزب الله والمقاومة اللبنانية، بجهادهم، بصبرهم، بتضحياتهم، هم الذين طردوا العدو الإسرائيلي من لبنان، وألحقوا به الهزائم الكبرى.
– في بقية البلدان: الدور الأهم، الدور الأساس، هو لمجاهدي فلسطين، الذين يواجهون العدو الإسرائيلي بكل بسالةٍ وثبات في قطاع غزَّة، وأيضاً ما ينفِّذونه من عمليات في الضِّفَّة الغربية، في صمودهم العظيم في مخيم جنين وغيره، الإخوة المجاهدون في فلسطين، والحاضنة الشعبية التي لها نفس هذا التَّوجُّه: في الجهاد في سبيل الله، والثبات، والتَّمسُّك بالحق، والتَّصَدِّي للعدو الإسرائيلي، والتي لم يكسرها العدو الإسرائيلي في إرادتها، ولم يصبها الوهن، والضعف، والاستكانة، بالرغم من حجم التضحيات، لكنها تضحيات لها أهمية، لها نتيجة، لها ثمرة مهمة جدًّا في وعد الله الحق، الذي لا يتخلف ولا يتغير.
الدرس الكبير لهذا الصمود الفلسطيني: أنَّه نموذجٌ ناجح، أثبت نجاحه، أثبت فاعليته، وليس هناك أي عذر على الإطلاق، على الإطلاق لكل الأنظمة، ولكل الشعوب التي تخذل هذا النموذج، ولا تناصره، ولا تقدِّم له الدعم بأي شكلٍ من الأشكال الممكنة، الخذلان والتَّفرُّج، بل والاتِّجاه السلبي لبعض الأنظمة ضد إخوتنا المجاهدين في فلسطين، جريمة بكل ما تعنيه الكلمة، وليس له أي مبرر.
– من الدروس المهمة للنكبة، من بدايتها وإلى اليوم، ولاسيَّما أيضاً في بدايتها:
أنَّ التَّذَكُّر لها، بتفاصيلها، ومجرياتها- سواءً ما جرى في 48 وما قبلها- يُذكِّر بحقائق كبرى دامغة لكل الزيف، الذي يهدف إلى تشويه القضية الفلسطينية، ومجاهدي فلسطين، وأحرار الأُمَّة، ويحاول أن يقدِّم توصيفات مختلفة للقضية الفلسطينية، ويقدِّم الموقف ضد العدو الإسرائيلي وكأنه مجرد قضية إيرانية خاصة، لا تعني الشعب الفلسطيني بشيء، ولا تعني بقية العرب بشيء، ولا تعني بقية المسلمين بشيء، وأن من يقف موقفاً ضد العدو الإسرائيلي، من كل العالم الإسلامي في البلاد العربية وغيرها؛ إنما يقدِّم خدمة مجانية لإيران في قضية لا تعنيه، ولا تعني الآخرين!
هذا هو التوصيف الإسرائيلي الأمريكي، المخادع للعرب، والمستغبي لهم، كما قلنا عِدَّة مَرَّات: أنَّ هذا من أفظع وأسوأ وأقبح حالات الاستغباء للعرب قبل غيرهم، أن يقال للعرب، وأن يقال للشعب الفلسطيني، وأن يقال عن مجاهديه: [أنتم ليس لكم قضية، لماذا تعادون العدو الإسرائيلي؟ أنتم إذاً عملاء لإيران، القضية صراع إيراني إسرائيلي، لا تتدخلوا، ماذا يعنيكم؟ ماذا يهمكم؟ لماذا تقومون من أجل إيران ضد الإسرائيلي، إسرائيل يمكن أن تكون صديقةً لكم، ليس لكم معها مشكلة]! هذا المنطق من بدايته كان منطقاً إسرائيلياً، يردده الإسرائيليون، قادة العدو الإسرائيلي، وسائل إعلامه، وردده الأمريكيون أيضاً كثيراً، ويستمرون في ترديده، لكن الأبواق والصدى لهم في العالم العربي والإسلامي يكرِّر نفس هذا الطرح؛ البعض لتبرير عمالتهم، والبعض لتبرير خذلانهم.
القضية واضحة، هذه النكبة في العام 48 وما قبلها، يعني: قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران، وقبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران بزمن، بزمنٍ طويل، ماذا يعني ذلك؟ يعني: أنَّ العصابات اليهودية الصهيونية قَدِمت بحمايةٍ بريطانية غربية، ودعمٍ أمريكيٍ مبكر منذ تلك المرحلة، إلى فلسطين العربية الإسلامية؛ لقتل شعب فلسطين، واحتلال أرض فلسطين، وبهدف أيضاً السيطرة على المقدَّسات الإسلامية في فلسطين، وعلى رأسها: المسجد الأقصى الشريف، وبدأت ذلك، وصلوا إلى فلسطين، بدأوا منذ اللحظة الأولى بتشكيل عصابات، تمارس جرائم القتل والإبادة للشعب الفلسطيني، قبل أن يكون هناك ثورة إسلامية في إيران، وقبل انتصارها- كما قلنا- بزمنٍ طويل، قتلوا الشعب الفلسطيني، احتلوا الأرض الفلسطينية، امتد إجرامهم ضد الشعب اللبناني، ضد البلدان العربية الأخرى، وظهروا معادين للمسلمين بشكلٍ عام، وفي المقدِّمة: العرب، وهتفوه منذ يومهم الأول في احتلالهم لفلسطين، ولا يزالون يهتفون بـ [الموت للعرب]، بـ [الموت للعرب]، احتلوا الأرض، قتلوا الناس، مارسوا الإبادة الجماعية، واستمروا في ذلك، ويستمرون إلى اليوم، فالقضية لها هذه الحقائق، التي تكشف زيف كل الذين يحاولون أن يقدِّموا لها توصيفات أخرى.
الجمهورية الإسلامية، بدءاً بالثورة الإسلامية ما قبل الانتصار، وما بعد الانتصار، اتَّجهت الاتِّجاه الإسلامي المشرِّف، في تبني القضية الفلسطينية، في نصرة الشعب الفلسطيني، في تقديم الدعم للمجاهدين في فلسطين، وهذا ما يجب أن يفعله كل نظامٍ في العالم الإسلامي، في البلاد العربية، وفي غير البلاد العربية؛ لأن القضية الفلسطينية هي قضية إسلامية، وهي قضية إنسانية، ويجب أن يلتف حولها المجتمع البشري كمظلومية إنسانية لدعمها بكل أشكال الدعم، ويجب أن يلتف حولها كل المسلمين، كقضية تعنيهم بحكم المسؤولية الإسلامية والدينية، تجاه شعبٍ منهم، جزء منهم، أرض من بلادهم، مقدَّسات عظيمة من أهم وعلى رأس قائمة المقدَّسات الإسلامية، فهذه قضية واضحة؛ لأن الأبواق الصهيونية تكرر كثيراً- كما قلنا: البعض لتبرير عمالتهم، والبعض لتبرير خذلانهم- التوصيفات الإسرائيلية للقضية، وللموقف ضد العدو الإسرائيلي، حتى تجاه الإسناد اليمني، أبواق الصهيونية من العملاء لليهود في اليمن، ماذا يقولون في بياناتهم عن الإسناد اليمني؟ [مشكلة بين إيران ويتدخل فيها الحوثيون]، يعني: هم يكررون المنطق الإسرائيلي، بأن احتلال العدو الإسرائيلي لفلسطين، وقتله لأبناء الشعب الفلسطيني، الذين هم عرب مسلمون، أنَّه قضية لا تعني أحداً، وأنَّه يباح للعدو الإسرائيلي أن يفعل كل شيء في منطقتنا، ولا يردُّ عليه أحد، ولا يتصدى له أحد، ولا يقف بوجهه أحد؛ وإلَّا اتُّهِم أنه يفعل فعلاً إيرانياً، خدمةً لإيران! الجمهورية الإسلامية ثبتت في أداء واجبها الإسلامي المشرِّف، لنصرة الشعب الفلسطيني، وتبني القضية الفلسطينية، وهذا واجبٌ إسلاميٌ إنسانيٌ على كل المسلمين جميعاً.
فالآن حتى في الموقف الفلسطيني، البعض- للأسف الشديد- حتى من الداخل الفلسطيني، يسيئون إلى إخوتنا المجاهدين في كتائب القسَّام وسرايا القدس، ويوصِّفون ما يقومون به من جهادٍ في سبيل الله تعالى، وهم أصحاب القضية الواضحة، العادلة، والمظلومية الواضحة، بأنه: [من أجل إيران، وعملاء لإيران، وقضية لإيران]! وكأنه ليس لهذه الأُمَّة، ولهذه الشعوب، وللشعب الفلسطيني بنفسه، لا مظلومية ولا قضية.
إنَّ من يرددون المنطق الإسرائيلي الأمريكي، في التوصيف للقضية الفلسطينية، والموقف ضد العدو الإسرائيلي، وكأنه شأنٌ لا علاقة للفلسطينيين به، ولا للعرب به، ولا للمسلمين به، وأنه مجرَّد إشكالية خاصة بين إيران والعدو الإسرائيلي، ولا تعني الأُمَّة بشيء، هم خونة، هم يسيئون إلى القضية الفلسطينية، هم يعملون ذلك لترديد نفس المنطق الذي منشؤه من العدو الإسرائيلي، ببغاوات، ينطقون بالمنطق الإسرائيلي، وهم أبواق للصهيونية.
الشعــب الفلسطينـي في ثباتـه العظيـم في قطــاع غــزَّة يواصــل عملياتــه الجهاديــة البطوليــة:
– نفَّذت كتائب القسام مجموعةً من كمائن الموت المركبة، والقاتلة، والمنكِّلة بالعدو الإسرائيلي، شرق مدينة رفح، وكذلك عمليات في أماكن أخرى من قطاع غزَّة.
– كذلك سرايا القدس نفَّذت عمليات مهمة، برشاقات صاروخية، إلى المغتصبات التي تسمى بـ [غلاف غزَّة]، وهذا عملٌ عظيمٌ ومهم، ويقدِّم رسالة كبيرة للعدو الإسرائيلي، في فشله الواضح منذ استئنافه للعدوان على قطاع غزَّة، هو في فشلٍ واضحٍ ومكشوف.
إخوتنا المجاهدون الأَعِزَّاء في سرايا القدس، قاموا بالإعلان عن إهداء هذه العملية المباركة للشعب اليمني، وأبلغونا سلامهم في بياناتهم، ونحن نبلِّغهم كذلك عن أنفسنا، وعن شعبنا، وعن رفاق دربهم المجاهدين في القوات المسلَّحة بكثير السلام، ونسأل الله لهم ولكل الإخوة المجاهدين في قطاع غزَّة أن يُمِدَّهُم بالعون، والنصر، والتأييد.
العــدو الإسرائيـلي مستمـرٌ باعتداءاتـه على لبنـان بكـل أشكـال الاعتـداءات:
– غارات جوية.
– قصف مدفعي.
استهداف بكل أشكال الاستهداف.
في هذا الأسبوع، كان هناك كلمة مهمة ومفيدة للأمين العام لحزب الله الشيخ/ نعيم قاسم “حَفِظَهُ اللَّه”، وفيها ما يكفي ويفي فيما يتعلَّق بالشأن اللبناني.
العــدو الإسـرائيـلي مستمـرٌ في اعتـداءاتـه على سـوريـا، بالتوغلات في الأراضي، كما في القنيطرة، بالاعتقالات والتفتيش للمنازل، بالاستباحة التَّامَّة للأجواء، حتى أجواء دمشق، ومن الخطأ الفادح استخدام البعض في سوريا لعبارة: [التدخُّلات الإسرائيلية]، ما يفعله العدو الإسرائيلي ليس مجرَّد تدخُّلات؛ اعتداءات، وجرائم، عدوان بكل ما تعنيه الكلمة، التلطيف للعبارات لن ينفع شيئاً في مقابل العدو الإسرائيلي.
في هـذا الأسبــوع كـان هنــاك زيــارة لـ (ترامب) الكافـر لبعـض دول المنطقـة، والهـدف واضـح: مادي للحصول على الأموال، وسياسي أيضاً.
في التعليـق على هـذه الـزيـارة، يهمنــا التنبيــه على نقطتــين بـإيجـاز:
– أولاً: أنَّ السياسة الأمريكية تجاه الأنظمة العربية، حتى من لها علاقات متقدِّمة وطويلة وكبيرة بالأمريكي، هي علاقة قائمة على الابتزاز:
السياسة الأمريكية تجاه هذه المنطقة بكلها، تجاه الأنظمة العربية، هي تمارس الابتزاز دائماً، ولا تتعامل باحترام إطلاقاً، والأمريكي واضحٌ في هذه السياسة التي تعتمد أسلوب الابتزاز المالي والسياسي، والأمريكي يكثر من الترهيب والتخويف للأنظمة؛ بهدف ابتزازها، ويصوِّر لها أنَّه لولا حمايته لها لانتهت وتلاشت؛ ولـذلك كان هناك تصريح لـ (ترامب)، قال فيه عن بعض الأنظمة: [أنَّ ما تقدِّمه تلك الأنظمة هو بادرة تقدير لدور الولايات المتحدة في حمايتها]، وقال: [نحن نبقي هذه الدول آمنة، ولولا أمريكا؛ لما استقر وجودها على الخريطة]، لاحظوا هذا المنطق، منطق ابتزاز واستغلال.
– النقطة الثانية: هي أنَّ الإسرائيلي شريكٌ في كل المكاسب الأمريكية (المالية، والسياسية):
على المستوى المالي واضح؛ لأن الأمريكي يأخذ المال من العرب، ويقدِّم للإسرائيلي، يقدِّم له بسخاء، يقدِّم له السلاح، القنابل، القذائف، وحتى الأموال النقدية، فالإسرائيلي شريك في كل ما يحصل عليه الأمريكي، والذي يحصل عليه الأمريكي كبير، كبير من الأنظمة العربية، تريليونات الدولارات.
وكذلك يُحرِّض (ترامب) ضد الفلسطينيين، بل يسيء إليهم، ويفتري عليهم، في كلامه عن المجاهدين في غزَّة، افترى (ترامب)، افترى الأكاذيب ضدهم؛ بهدف تشويههم، نسب إليهم جرائم الاغتصاب وجرائم أخرى، الجرائم التي يمارسها العدو الإسرائيلي، وإخوتنا المجاهدون بريؤون منها، فهو ينسبها إليهم، وهو- في نفس الوقت- يُبَرِّر للعدو الإسرائيلي كل جرائمه، ويُبَرِّر لأمريكا كل دعمها للعدو الإسرائيلي، ويسعى بوضوح إلى أن يورِّط الأنظمة العربية في خيانة التطبيع، والولاء للعدو الإسرائيلي.
الأمريكي أيضاً يستغل ترسيخ نفوذه على كل المستويات، فيما يتعلَّق بالأنظمة العربية والبلدان العربية، ولاسيَّما مع حرص بعض الأنظمة نفسها على الذوبان مع الأمريكي، يذوبون معه، فهو يكسب مرتين:
– مرةً بما يأخذه منهم.
– ومرةً ثانية بتوظيفهم كل ما يعطيهم في المقابل في خدمته، وهذه إشكالية كبيرة!
يستغل أيضاً نفوذه للتأثير على وضعهم بكله: التأثير السياسي، الثقافي، الفكري، الإعلامي، الطمس للهوية الإيمانية للأُمَّة… وغير ذلك.
نحــن نقـــول لكــل أُمَّتنـــا: مهما فعلتم مع الأمريكي والإسرائيلي، فلا يمكن أن يكون ذلك مجدياً لكم؛ إنما يوظِّفونه في إطار سياساتهم العدوانية، التي لن تتغير تجاه هذه الأُمَّة، الله قال في القرآن الكريم: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}[آل عمران:119]، {وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} ولا يمكن أبداً أن يحبوكم؛ ولهـذا ليس هناك أي تغييرات، لا في السياسة، لا في الثقافة، لا في النظرة نفسها تجاه هذه الأُمَّة، يبقى المنطق هو نفس المنطق الأمريكي والإسرائيلي في الاحتقار لهذه الأُمَّة (أنظمة، وشعوب)، والموقف منها بكل أشكاله.
الله يقــول: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}[البقرة:120]، النهج السلبي العدواني لا تغيره سياسة الاسترضاء، سياسة الاسترضاء فاشلة وخاسرة، ما يقدَّم لهم (للأمريكي، للإسرائيلي) يستفيدون منه، لكنه لا يغيِّر شيئاً من توجُّهاتهم تجاه هذه الأُمَّة، حتى تجاه من يعطيهم، من يقدِّم لهم، يستغلونه ليس أكثر.
في هــــذا الأسبـــوع كـان هنــاك مظاهرات وأنشطة طلابية مساندة للشعب الفلسطيني في بلدان متعددة، في مقدِّمتها: البلدان الغربية، بل مما يلفت النظر، وهو خطوة مهمة ومتقدِّمة: حملات للمقاطعة الاقتصادية من جامعات أمريكية، مقاطعة اقتصادية لشركات لها دور في تقديم السلاح للعدو الإسرائيلي في أمريكا، يعني: عندما ننادي شعوب أُمَّتنا، وحتى الأنظمة والحكومات، ونؤكِّد على مسؤولية هذه الأُمَّة في المقاطعة لما يخدم العدو مادياً واقتصادياً، والعدو يعتمد على الإمكانات الاقتصادية والمادية في عدوانه على الشعب الفلسطيني، في إبادته الجماعية، في قتله للأطفال والنساء، ثم لا يكون هناك استجابة، هذا من المخجل! في مقابل أن يكون هناك تَحَرُّك بمثل هذا المستوى في جامعات أمريكية، تقاطع، وتسحب استثمارات لها مع شركات؛ لأنها تدعم العدو الإسرائيلي بالسلاح، يعني: موقف يتقدَّم حتى على بعض المسلمين، بالدافع الإنساني، بالضمير الإنساني، وللأسف عندما يفلس البعض من أبناء أُمَّتنا إنسانياً وأخلاقياً، ويفلسون إسلامياً، ويفلسون أيضاً حتى في نظرتهم وحساباتهم فيما يتعلَّق بالأمن القومي لهذه الأُمَّة، بالمصالح الحقيقية لهذه الأُمَّة… وبغير ذلك، هناك سحب للاستثمارات من جامعات أمريكية من شركات تدعم العدو الإسرائيلي بالسلاح.
في مقابل النشاط الطلابي في الجامعات الأمريكية، هناك اعتداءات على الطلاب بكل أنواع الاعتداءات:
– من ضرب.
– من اعتقالات.
– من طرد من الجامعات، وفصل في بعضها.
هناك أيضاً مظاهرات في عدد من البلدان الأوروبية، في أكثر من عشرة دول أوروبية، وفي خمس دول عربية (للاختصار).
فيمــا يتعلَّـق بعمليـــات الإسنــــاد، مـن يمـن الإيمـان والجهـاد، في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس):
كان في هذا الأسبوع (تسع عمليات) بصواريخ فرط صوتية وبالِسْتِية، وطائرات مُسيَّرة، ومن أهمها: العمليات باتِّجاه (مطار اللد)، في إطار العمل المستمر الهادف لفرض حظرٍ جوي على العدو الإسرائيلي، قواتنا المسلحة هي تسعى لتحقيق هذا الهدف المهم، ومنها: عمليات تزامنت مع كلمة (ترامب).
لا تزال عشرات الشركات (شركات الطيران) تُعَلِّق رحلاتها إلى (مطار اللد)، المسمَّى إسرائيلياً بمطار [بن غوريون]، هذا التعليق له تأثير واضح على العدو الإسرائيلي على كل المستويات، وفي مقدِّمتها: الجانب الاقتصادي.
الملاحـة الإسرائيليـة، وحركة السفن من البحر الأحمر عبر باب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي، محظورةٌ على العدو الإسرائيلي، وهو متوقِّف وملتزم بقرار الحظر، وهذا العمل مستمرٌ في منع العدو الإسرائيلي من الملاحة، موقفنا- كما قلنا- في إسناد غزَّة لم ينقص، ولم يتراجع أبداً، موقف ثابت، نسعى على الدوام للتصعيد فيه.
فيمــا يتعلَّـق بالفشــل الأمـريكـي في العــدوان على بلـدنـا: هناك إجماع، إجماع في الغرب، إجماع في أمريكا، وحتى من المعلِّقين الإسرائيليين، سواءً من خبراء، من مراكز دراسات وأبحاث، من وسائل الإعلام، على فشل الأمريكي، وأنَّ عدوانه على بلدنا كان فاشلاً بكل ما تعنيه الكلمة، وأنَّه خرج من هذا العدوان فاشلاً في هذه الجولة، فشل في الجولة التي قبلها، في جولة إسناد العدو الإسرائيلي من جهة (بايدن)، وفشل أيضاً مع (ترامب)، (ترامب) في كلامه يُهَرِّج، ويحاول أن يغطي على فشله، ويفشل حتى في التغطية على فشل عدوانهم.
شعبنــا العـزيـز مستمرٌ في أنشطته الشعبية بزخمٍ عظيم والحمد لله:
– مسيرات الأسبوع الماضي كانت مسيرات عظيمة، وكبيرة، ومشرِّفة، في العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات، والمديريات، والأرياف.
وفعلاً خروج شعبنا العزيز على المستوى الأسبوعي، هو خروج مليوني عظيم لا مثيل له في كل الدنيا، بزخمٍ عظيمٍ مستمرٍ دون كللٍ ولا ملل، هذا يعبِّر عن إيمان، عن ضمير إنساني، عن أخلاق، عن قيم، عن شهامة ومروءة، وعن إخلاص لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ووفاء، وفاء بكل ما تعنيه الكلمة.
في الأسبوع الماضي بلغ عدد المسيرات والمظاهرات إلى (ألف وسبعة وستين مسيرة) حاشدة ومصغَّرة، بحسب المحافظات، بدءاً من ميدان السبعين، وصولاً إلى المديريات والأرياف.
– الأنشطة الطلابية في الجامعات والمدارس مستمرة بزخم.
– الوقفات القبلية المسلَّحة، التي تعبِّر عن الموقف الحاسم لهذا الشعب على أعلى المستويات، مستمرة بزخم كبير، وتعبِّر عن ثبات شعبنا، عن عِزَّته الإيمانية، عن صموده، عن شجاعته، عن ثقته بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
– أنشطة التعبئة العامة مستمرة، من: تدريب، ومناورات عسكرية، وعروض عسكرية، ومسير عسكري، والحمد لله.
هذه نعمة، هذا من توفيق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لشعبنا العزيز، هذا من السلامة من الوزر المخزي والمعيب، في التخاذل في نصرة الشعب الفلسطيني، في اختبار كبير لهذه الأُمَّة؛ ولـذلك شعبنا العزيز بإيمانه مستمرٌ في موقفه، في أنشطته، في فعالياته، يقف بكل عنفوان، بكل ثبات مع الشعب الفلسطيني، ويقدِّم النموذج الملهم لكل الشعوب في كل العالم.
وهذا الموقف العظيم له أهميته عند الله أولاً، وقبل كل شيء، له أهميته مع الشعب الفلسطيني نفسه، وإخوتنا الأَعِزَّاء في فلسطين من المجاهدين والشعب الفلسطيني يقدِّرون هذا الموقف لشعبنا بشكلٍ كبير، وكل الأحرار في العالم، في كل الدنيا، حتى في المجتمعات الغربية، يقدِّرون هذا الموقف لشعبنا العزيز بشكلٍ كبير، والأهم فوق كل شيء هو: مرضاة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأداء هذه المسؤولية التي لها أهمية كبيرة في مستقبل هذه الأُمَّة، وفيما يكتبه الله لشعوب هذه الأُمَّة، والله يُفرِّق بين من اتَّبع رضوانه، واستجاب له، وأطاعه، ووثق به، وتوكل عليه، وبين من تخاذل، وفرَّط، وعصى، وقصَّر، وخاف من أمريكا وغيرها، وقصَّر في مسؤولياته الإنسانية والإيمانية والأخلاقية من أجلها، ولم يتق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[التوبة:13].
هذا الدور، وهذه النهضة لشعبنا العزيز، هذا القيام وهذا التَّحرُّك له أهميته في بناء واقع شعبنا العزيز، وفي مواجهة العدو الإسرائيلي، الذي هو خطرٌ على كلِّ هذه الأُمَّة.
ومآلات هذه القضية واضحة، مهما بلغ العتو من العدو الإسرائيلي، والظلم، والإفساد، والإجرام، مهما حظي به من دعمٍ غربي، المآلات لهذه القضية محسومة؛ لأن فيها الوعد من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في كتابه الكريم، وحتى في التوراة والإنجيل، العدو الإسرائيلي إلى زوال، إلى فناء، كيانه مندثر، كيانه مؤقَّت، منتهٍ، وعد الله الذي لا يتخلف، وهو القائل: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء:7]، هو القائل: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}[الإسراء:8]، فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وعد وعداً لا يتخلف أبداً، ووعد أيضاً بالخسارة للمسارعين فيهم، للموالين لهم، للذين يقفون في صفهم، سيخسرون معهم، ويفشلون معهم.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليوني العظيم الكبير المشرِّف، يوم الغد إن شاء الله، في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، وأن يكون الصوت عالياً، واضحاً، بكل ثبات، إلى جانب الشعب الفلسطيني: (نحن إلى جانبكم، والله معكم، والعاقبة لكم وللمتقين، ووعد الله لن يتخلف).
أَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيه عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَلِمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛