كوريا الديمقراطية تحذر الغرب من تكثيف وجوده العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
بيونغ يانغ-سانا
أكدت كوريا الديمقراطية أنها ستضطر لإعادة النظر في موقفها واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه بعض الدول الغربية إذا واصلت تكثيف وجودها العسكري بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الديمقراطية عن وزارة الخارجية قولها في بيان: إنه “بناء على التحليل العميق للتأثير السلبي للتصرف المقلق لعدد من الدول بما فيها كندا وأستراليا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا التي تنضم إلى ما يسمى بـ”مراقبة انتهاك العقوبات ضد كوريا الديمقراطية”، ستتخذ بلادنا إجراءات ضرورية لحماية متتابعة لسيادتها وأمنها”.
وأوضح البيان أنه جرت مؤخراً بالقرب من شبه الجزيرة الكورية مناورات بحرية بمشاركة بريطانيا وكوريا الجنوبية، مشيراً إلى أن ألمانيا وفرنسا ونيوزيلندا تقوم بنقل سفنها الحربية وطائراتها إلى شبه الجزيرة الكورية في حين تخطط كندا لنشر طائرة دورية للمراقبة في قاعدة عسكرية يابانية أما أستراليا فدخلت سفينتها المياه المحيطة بشبه الجزيرة الكورية وأطلقت مروحية عسكرية في الجو، ما خلق احتمال نشوب صراع مسلح خطير للغاية.
ولفت البيان إلى أن الوجود العسكري لهذه الدول في المنطقة بحجة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ومراعاة القانون الدولي يتناقض مع أغراض ومبادئ الميثاق الأممي المؤسس على المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وتابع البيان: إن أعمال حلفاء الولايات المتحدة تثير المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وتخلق خطرا ملحوظا أمام ضمان السلام والأمن ليس في شبه الجزيرة الكورية فحسب بل منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشكل عام.
وعبر البيان عن “القلق الشديد من التصرف غير المسؤول لبعض الدول التي تنضم إلى السياسة العدوانية واستراتيجية الهيمنة الأمريكية”، وطالب بوقف هذه الاستفزازات على الفور، محذراً الدول الغربية من أن سياستهم المتمثلة في الطاعة غير المعقولة للولايات المتحدة ستؤدي إلى إلحاق أضرار بمصالحهم.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الجزیرة الکوریة
إقرأ أيضاً:
المانحون الكبار وضحاياهم
في الحقيقة، إن موضوع المانحين الدوليين يحتاج إلى لحظة تقويم صريحة ونقدية؛ لأنّها -أي مسألة المساعدات الدولية- تُسوّق قصدياً بخطاب يُخفي أكثر مما يعلن، إضافة إلى أن تفكيك مضامين المنح الدوليّة وأبعادها من شأنه أن يضيء الرؤية في خصوص ما يُسمى دور المانحين الدوليين في معاضدة البلدان ذات الهشاشة بأبعادها المختلفة، كي تكون أفضل وأكثر قدرة على الصمود أمام التحديات التي تواجهها.
نظرياً، من الجيد وجود مانحين دوليين يعاضدون مجهودات الدول السائرة في طريق النمو والأخذ بيدها في تعثراتها الاجتماعية والاقتصادية، ولكن على أرض الواقع فإن تفكيكاً موضوعياً للمنح الدولية يقودنا إلى تحديد الحجم الفعلي للفائدة، الذي هو مع الأسف هزيل جداً، وأحياناً مضحك.
كما هو معلوم، فإن التوجه الغالب اليوم على تدخلات المانحين الدوليين هو البُعد الاجتماعي، وهو توجه بدأ التفطن إلى أهميته بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
طبعاً أول ما يتبادر إلى الذهن عند تناول موضوع المنح الدولية لدعم مجهودات الحكومات والمجتمع المدني في المجال الاجتماعي أن هذه الجهات المانحة تُقدم منحاً مالية أو مساعدات عينية بوصفها تجهيزات أو غير ذلك، ولكن في الحقيقة فإن الشق المالي رمزي جداً، وأحياناً غير موجود، والغالب على المنح الدولية جانب الدعم الفني الذي يستفيد منه الخبراء الغربيون وعدد قليل من خبراء البلد موضوع المنح. وهو تصور كما نلاحظ تغلب عليه النظرة الاستعلائية لمضمون المنح الدولية؛ حيث إن بلداننا مثلاً، العربية والإسلامية، تعج اليوم بالكفاءات الوطنية الفنية، بل إن بعضاً من دولنا بات يصدر الكفاءات لأوروبا والغرب عموماً.
ويشمل الدعم الفني المتمثل في الدراسات، أو في إطلاق منصات إلكترونية جامعة للمعطيات، ومن ثم نفهم أن المعلن هو المساعدة على التحديث الرقمي، وأيضاً التمكن من المعطيات بطريقة غير مباشرة، من دون أن نغفل عن كيفية توظيف المساعدات التي تقوم بها بعض الدول في القضايا السياسية، وفي التأثير على القرارات الوطنية والمواقف تجاه ما يجري في العالم. بتعبير بسيط جداً، فإن الشعار هو: أساعدك بطريقتي وليس بطريقتك وحسب حاجتك، ومع ذلك فإنه مفروض عليك تنفيذ ما أمليه عليك في الصراعات الدوليّة!
هذا فيما يخص المنح في علاقة الدول والمجتمع المدني. لنأتِ الآن إلى الاعتراف الصادم والمؤسف الذي جاء على لسان الأمم المتحدة حول تراجع تمويل المانحين للنداءات الإنسانية العاجلة، الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ قرار وصفته بالقاسي والمؤلم، مفاده خفض تدخلاتها الإنسانية إلى النصف.
وفق هذا الاعتراف الصريح فإن الوضع حول كيفية تلبية المانحين الدوليين النداءات الإنسانية التي تتم عن طريق الأمم المتحدة بات يُثير أسئلة عدة، ويبعث على مخاوف حقيقية تُهدد ملايين من الأشخاص الذين هم في حال من المفروض أنها تحتم على العالم عبر مؤسساته الأممية توفير المساعدة، أو الحد الأدنى منها، من أجل التنفس، لا من أجل حفظ الكرامة.
فهل العالم ماضٍ في اتجاه التفريط بالكامل في الملايين من البشر الذين هم بلا أكل ولا مأوى ولا ماء صالح للشرب، وبلا حتى أبسط دواء يقاومون به أمراض الفقر؟
أليس عدد كبير من المانحين الدوليين هم الذين أشعلوا فتيل الحرب وكسبوا المال من بيع الأسلحة
أليس عدد كبير من المانحين الدوليين هم الذين أشعلوا فتيل الحرب وكسبوا المال من بيع الأسلحة، ومن ثم هم الذين تسببوا بشكل أو آخر في هدم بيوت ملايين البشر، وفي انهيار بلدانهم التي كانوا على الأقل يوفرون فيها رغيف الخبز؟
أليس المعنيون بالنداءات الإنسانية هم ضحايا المانحين الدوليين ولو بطريقة غير مباشرة؟
تقول الأمم المتحدة إنها لا تستطيع تلبية نداء إلا نصف المستحقين لتدخلاتها، مستعرضة حقائق عن عام 2024؛ حيث كان الهدف جمع 47 مليار دولار لهذا العام، 2025، ولكن بسبب الولايات المتحدة وألمانيا ودول عدة فإنها لم تتلقَّ إلا الربع، أي 12 ملياراً، واصفة هذا المبلغ بكونه أدنى مستوى تمويل للنداءات الإنسانية خلال العقد الماضي.
إذن، يمكن الاستنتاج بناءً على اتجاه التراجع الواضح بالأرقام أن هناك خطة للتخلّي عن تمويل المساعدات، وأن المحتاجين للمساعدات لن يكونوا محل اهتمام الدول الغنية.
لنعلم أن العدد ليس هيناً، فالأمم المتحدة تتحدّث عن 250 مليون شخص حول العالم يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، وبطبيعة الحال العدد الحقيقي يتجاوز بكثير هذا الرقم. الرسالة الجديدة التي بدأت بعض شفراتها من سنوات تتمثل في أنه لا مكان للذين يعيشون على المساعدات.
لنفترض أننا أمام حسن النية، وأن الهدف هو القضاء على الحاجة إلى المساعدة، ولكن هذه الفرضية قد تكون مقبولة إذا لم نكن نتحدث عن ضحايا بؤر التوتر والحروب والصراعات. كما كان يمكن قبول هذه الفرضية إذا لم يكن سكان غزة على رأس المحتاجين لتدخل مؤسسات الأمم المتحدة والمساعدة. فمن الذي أوجد كل هؤلاء الضحايا؟ ومَن شجع إسرائيل على ارتكاب الجرائم من دون أن يرف لها جفن وهي تهدم غزة وتجعلها أكواماً من البيوت المنهارة والعائلات المنكوبة؟
إننا في لحظة دولية مغايرة تماماً: كانت الدول القوية الغنية تُعالج تداعيات دفاعها عن مصالحها وتوسعها الاقتصادي بالمساعدات والمسؤولية الدولية، أما اليوم فإن قادة الدول المانحة لا يرون جدوى من بذل أي جهد للمعالجة أو التخفيف من أوجاع ضحاياها.
لذلك، فإن الرهانات اليوم كبيرة وصعبة: المطلوب من الشعوب ألا تصل إلى وضع يجعل من إمكانية أن تكون بحاجة إلى الإغاثة أمراً وارداً. المطلوب أيضاً ظهور الوعي بأن القوة لا تكون إلا وطنياً، وأنه لا شيء مضموناً من الخارج، ولا شيء مجانياً يأتي منه.
الحاضر يكشف للجميع عما كان معتماً: الدول الغنية تأخذ ولا تعطي، وإذا أعطت فهو القليل الذي سيتناقص، وتمويل المساعدات الإنسانية حجتنا الدامغة.
الشرق الأوسط