كشف الرئيس الأميركي جو بايدن -اليوم الثلاثاء- عن حزمة من الزيادات الحادة في التعريفات الجمركية على مجموعة من الواردات الصينية تشمل السيارات الكهربائية ورقائق الحاسوب والمنتجات الطبية، مما يخاطر بمواجهة مع بكين عام يخوض فيه الانتخابات الرئاسية في محاولة لجذب الناخبين الذين لا تروق لهم سياساته الاقتصادية.

وتوعدت الصين على الفور بالرد، وقالت وزارة التجارة إنها تعارض زيادة الرسوم الجمركية الأميركية وستتخذ إجراءات للدفاع عن مصالحها، ودعت الولايات المتحدة إلى إلغاء هذه الإجراءات.

وقال البيت الأبيض -في بيان- إن بايدن سيبقي على الرسوم الجمركية بقيمة تزيد على 300 مليار دولار والتي فرضها سلفه الجمهوري دونالد ترامب مع زيادة تعريفات أخرى بـ4 أمثالها إلى أكثر من 100% على منتجات مثل المركبات الكهربائية.

وأرجع هذا إلى "مخاطر غير مقبولة" على الأمن الاقتصادي الأميركي تشكلها ما تعتبره واشنطن ممارسات صينية غير عادلة تؤدي إلى إغراق الأسواق العالمية بسلع رخيصة.

بايدن سيبقي على رسوم جمركية فرضها ترامب وزيادة تعريفات أخرى بـ4 أمثالها لأكثر من 100% على منتجات كالمركبات الكهربائية (شترستوك)

وأشاد الاقتصادي الأميركي جوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل -في حديث لنيويورك تايمز- بجهود بايدن لعكس تراجع التصنيع، لكنه شدد على الحاجة إلى مزيد من الدعم للجامعات والتقدم في العلوم والتكنولوجيا، ورسم أوجه التشابه مع سباق الفضاء في الحرب الباردة.

وأعرب ستيغليتز عن مخاوفه من أن الإستراتيجية الحالية قد تحمي السوق الأميركية لكنها تسمح للصين بالهيمنة على العالم، مما قد يقوض مكانة أميركا في القيادة العالمية.

تفاصيل التعريفات الجديدة:

وتتضمن حزمة التعريفات الجديدة زيادات كبيرة في مختلف القطاعات:

سترتفع التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين من 25% إلى 100%، مما يعني مضاعفة المعدل السابق 4 مرات. مضاعفة الرسوم على الخلايا الشمسية وأشباه الموصلات من 25% إلى 50%. زيادة الرسوم الجمركية على البطاريات المتطورة ومكوناتها الأساسية إلى 25%. زيادة الرسوم الجمركية على بعض منتجات الصلب والألمنيوم 3 مرات لتصل إلى 25%.

وكان بايدن قد أكد على إستراتيجية أكثر استهدافًا مقارنة بالحواجز التجارية الواسعة التي فرضها سلفه. ويشمل التركيز على قطاعات مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.

ومن خلال إقامة التحالفات، يهدف بايدن إلى تقديم سياساته على أنها ليست مناهضة للصين على نطاق واسع، على النقيض من نهج ترامب الذي غالبًا ما كان يرفض الحلفاء.

التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية المصنوعة بالصين سترتفع 4 أضعاف أي إلى 100% (رويترز)

وذكر البيت الأبيض أن الإجراءات الجديدة ستطبق على سلع مستوردة من الصين بقيمة 18 مليار دولار، مثل الصلب والألمنيوم وأشباه الموصلات والبطاريات والمعادن المهمة والخلايا الشمسية والرافعات.

ووفقا لمكتب الإحصاء الأميركي، فقد استوردت بضائع من الصين بقيمة 427 مليار دولار عام 2023 وصدرت بضائع بقيمة 148 مليارا إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بما يؤكد فجوة تجارية مستمرة منذ عقود وأصبحت قضية أكثر حساسية في واشنطن من أي وقت مضى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الرسوم الجمرکیة الجمرکیة على

إقرأ أيضاً:

التراجع الخطير نحو الحمائية

بدأت الحواجز التجارية، والتعريفات الجمركية، وغير ذلك من الأدوات الحمائية تبرز بصورة أكبر في مختلف أنحاء العالم، وغالبًا ما تندرج ضمن التدابير المتعلقة بالأمن الاقتصادي، ويعد القرار الأخير الذي اتخذته إدارة الرئيس جو بايدن بمضاعفة التعريفات الأمريكية على السيارات الكهربائية الصينية أربع مرات لتصل إلى 100 في المائةـ بالإضافة إلى مضاعفة التعريفة الجمركية على الخلايا الشمسية (إلى 50 في المائة)، وزيادة التعريفة الجمركية على بطاريات الليثيوم أيون الكهربائية بأكثر من ثلاثة أضعاف (لتصل إلى 25 في المائة)- خطوة جديدة بالغة الأهمية في هذا الاتجاه.

ولحد الساعة، بُرِّرت القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على التجارة مع الصين على أساس الأمن القومي: لمنع المؤسسة العسكرية الصينية من الحصول على تكنولوجيات حساسة، في حين أن المرء يمكنه أن يناقش مسألة ما إذا كانت هذه السياسة منطقية، فإنها على الأقل تبدو جزءًا من استراتيجية أطول أجلا. ولكن هذه التدابير الحمائية الأخيرة لا علاقة لها بقدرات الصين العسكرية، بل لا تهدف سوى إلى منع التكنولوجيات الخضراء الأقل تكلفة، والتي غالبا ما تكون أفضل من المنتجات الأمريكية، من الوصول إلى المستهلكين في الولايات المتحدة. ومن الواضح أن هذه التدابير مرتبطة بالانتخابات الأمريكية. فقد كان بايدن يحاول عرقلة دونالد ترامب عن طريق اللعب على أوتار المشاعر الحمائية التي ظل ترامب، المرشح الجمهوري المفترض، يؤججها لسنوات.

وعلى أي حال، فترامب هو الذي وضع العالم على مسار حمائي جديد عندما فرض تعريفات جمركية شاملة على الصلب، والألمنيوم، والعديد من الواردات القادمة من الصين. وحرصًا منه على ألا يهزمه بايدن، قال بالفعل أنه سيضاعف التعريفة الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية القادمة من المكسيك، وسيفرض تعريفات إضافية على مجموعة أوسع من المنتجات.

وحتى إذا اتُخذت هذه التدابير بمعزل عن غيرها، فإنها تكون مكلفة وتؤدي إلى نتائج عكسية. إذ تفرض التعريفات الجمركية تكاليف أعلى على المستهلكين وتقلل من الضغوط التنافسية، ومن ثم من الابتكار. وفي هذه الحالة، فإنها سوف تعيق أيضا التحول إلى اقتصاد خال من الانبعاثات، وليست لهذه السياسة أي ميزات إيجابية من الناحية الاقتصادية، والأسوأ من ذلك أن الجولة الأخيرة من تدابير الحماية تشكل جزءًا من اتجاه خطير ومقلق بصورة متزايدة، وعلى نحو تدريجي، تعمل القوى الكبرى على تفكيك النظام الاقتصادي الدولي الذي حقق مكاسب هائلة على مدى عقود عديدة بفضل التكامل التجاري والعولمة.

إن هذه المكاسب أحرزت بشق الأنفس. فقد انتهت الموجة الكبرى الأولى من العولمة بالحرب العالمية الأولى، وأعقبتها حروب تجارية وكساد كبير طوال فترة ما بين الحربين العالميتين. ورغم استئناف التكامل التجاري بعد الحرب العالمية الثانيةـ مما أدى إلى تسهيل إعادة إعمار أوروبا الغربية واليابان- فإن نطاقه ظل محدودًا، ولم تبدأ الموجة الكبرى التالية من العولمة إلا في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن العشرين، وهي فترة عادت فيها التجارة العالمية أخيرًا إلى مستويات ما قبل عام 1914، وأثبت التوسع السريع في تدفقات التجارة والاستثمار طيلة العقود الثلاثة التالية نجاحه المذهل عبر كل مقاييس الاقتصاد الكلي، إن ثلث كل ما أنتِج على الإطلاق جرى إنتاجه خلال تلك الفترة، مما أدى إلى ظهور طبقة وسطى عالمية جديدة، وانخفضت معدلات الفقر انخفاضا حادا، وبدأت الفجوة بين البلدان الغنية والفقيرة تتقلص لأول مرة منذ بداية الثورة الصناعية.

ولكن على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، تغيرت المناقشات بخصوص التجارة. وينصب التركيز الجديد على الأمن الاقتصادي، و«التخلص من المخاطر»، ودعم الصناعات المحلية بإعانات كبيرة تندرج في إطار السياسة الصناعية، ويبدو أننا نسير إلى الوراء، مما يزيد من خطر العودة إلى الحروب التجارية التي كانت سائدة في فترات سابقة كانت حالكة.

وقد نشر صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية دراسات وافية أظهرت أن التجزؤ الاقتصادي الأعمق من شأنه أن يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 5 إلى 7 في المائة، مع تحمل البلدان الأقل نموًا نصيبًا أكبر من العبء بصورة غير متناسبة مع غيرها من البلدان، وهذه أرقام ضخمة ولها عواقب وخيمة، وكل عام، سوف تتحول أجندة التنمية المستدامة التي تناصرها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى حلم كبير أكثر من كونها هدفًا عمليًا.

وفي غياب اقتصاد عالمي متنام ومتكامل، فإن مهمة تحقيق أغلب الأهداف السبعة عشر سيزداد صعوبة، إن لم تصبح مستحيلة، ويمكن للمرء أن يتخيل بسهولة سيناريو أفضل وأكثر منطقية تعود فيه الولايات المتحدة إلى الدفاع عن النظام الاقتصادي العالمي القائم على القواعد؛ وتعيد فيه الصين بناء مصداقيتها عن طريق الالتزام بقواعد اللعبة؛ ويرقى فيه الاتحاد الأوروبي إلى مستوى طموحه في أن يصبح بطلًا عالميًا للتجارة الحرة. وبذلك، فإن كل طرف من شأنه أن يعزز مصالحه الخاصة، وأن يعود بالنفع على بقية العالم، ومع ذلك فإن الاتجاه تحول إلى الاتجاه المعاكس.

وفي حين يتنافس بايدن وترامب على ترسيخ نواياهما الحمائية الحسنة، بدأت أوروبا أيضًا تنظر إلى المركبات الكهربائية الصينية على أنها تهديد، وليس فرصة لتسريع وتيرة تحولها الأخضر. أضف إلى هذا حديث الصين عن خلق اقتصاد «التداول المزدوج» الذي يتمتع بالاكتفاء الذاتي، وإعانات الدعم المستمرة التي تقدمها الهند ومقاومتها للتجارة، وكل هذه عوامل تؤدي إلى اقتصاد عالمي مجزأ على نطاق أوسع.

ومع رفض هذه القوى الكبرى للمبادئ والسياسات التي جلبت في السابق مكاسب اقتصادية غير مسبوقة، فلا يملك المرء إلا أن يأمل أن يتحلى صانعو السياسات في كل مكان بما يكفي من الشجاعة للتراجع وأن ينظروا إلى الصورة في نطاقها الأوسع. إن التاريخ يظهر الأخطار التي نواجهها إذا وجهنا العولمة نحو الاتجاه المعاكس. ويجب ألا نسير في هذا الطريق مرة أخرى.

مقالات مشابهة

  • انتخابات أميركا 2024.. شريحة من الناخبين قد تقرر مصير بايدن وترامب
  • مجموعة التعاون بين جماعات الدار البيضاء تترنح وسط خلافات حادة
  • مصدر بـ هيئة الدواء يكشف لـ أحمد موسى حقيقة زيارة الأسعار بنسبة 40%
  • أضاحي الكيلو بالأسواق الممتازة تشهد زيادات كبيرة أسابيع قبل حلول العيد
  • معرض ومؤتمر المركبات الكهربائية EVIS ينطلق في سان دييغو أميركا 26 – 27 سبتمبر 2024
  • وسائل إعلام: كندا قد تفرض رسوما جمركية كبيرة على السيارات الكهربائية الصينية
  • التراجع الخطير نحو الحمائية
  • ضبط 7 قضايا تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية
  • حكومة صنعاء تعلن تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات المحولة والباصات 7 ركاب
  • بنعبد الله يرد على "الأحرار" بعد انتقادات حادة بحق وزرائه السابقين