لجريدة عمان:
2024-07-27@01:37:00 GMT

ما الذي يدفع الطلاب للاهتمام بغزة؟

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

لقد بات واضحا مشاهدة «خيام الاحتجاجات الصغيرة» في جميع أنحاء العالم خاصة في الأسابيع الأخيرة، وذلك في صورة من صور التعبير في المظاهرات المناصرة للقضية الفلسطينية والصراع الدائر في غزة لا سيما الطلابية منها.

بدت الاحتجاجات في الجامعات الأسترالية سليمة بدرجة كبيرة، ولكن منذ أن بدأت التوترات بالتصاعد، وشاب الطلاب اتهامات بتبنيهم خطاب الكراهية المزعوم، وحدثت اشتباكات بين الطلاب، فكان لا بد من ضبط العملية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية رأينا مشاهد مثيرة للإزعاج من التدخل السافر من قبل الشرطة الأمريكية في محاولة لتفريق الاحتجاجات التي انتشرت في جميع أنحاء أمريكا.

وتتركز أسباب الاحتجاجات المناصرة لغزة على الخسائر الكبيرة في الأرواح وتدهور الأوضاع الإنسانية نتيجة الصراع الحالي في قطاع عزة.

وإلى هذه الأثناء لم يتم إلى الآن إعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين الموجودين في غزة، وفي المقابل وصل عدد الضحايا الفلسطينيين نتيجة الرد الإسرائيلي على هجوم حماس ما يتجاوز 34 ألف شهيد، وإضافة إلى خسائر الأرواح يعاني الفلسطينيون في غزة اليوم ما أطلقت عليه الأمم المتحدة «المجاعة الشاملة».

إن الأوضاع في قطاع غزة خطيرة للغاية ولا يوجد شك في ذلك، الأمر الذي يتطلب تدخلا دوليا مستعجلا ووجود حل سليم الآن.

لا يعني هذا أن العالم لا يعيش صراعات أخرى تتطلب تدخلا من المجتمع الدولي، بل على العكس تماما، ولكن لماذا الحرب في غزة تحديدا نتج عنها هذا الاهتمام العاطفي العالمي، والمستمر والمتصاعد، خاصة من قبل فئة الشباب، لماذا يعبّر الناس عن احتجاجاتهم بقضية غزة بشكل محدد دون غيرها من القضايا؟

للناس حول العالم العديد من الأسباب التي تفسّر خروجهم في احتجاجات مناصرة لقضية غزة بشكل دقيق، وتعتبر المؤثرات الشخصية والمؤثرات العائلية والاجتماعية كذلك من أقوى الدوافع التي تجعل الإنسان ناشطا في قضية ما، ولكننا نتحدث عن أشخاص ليست لهم قضية شخصية ولا عائلية ولا مجتمعية مع غزة، هنا لا بد أن نتحدث عن تأثير وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعية في نقل الأحداث، وهذا التأثير كافٍ لتحفيز دوافع النشاط في أي مسألة كانت بما فيها القضية الفلسطينية.

وفعلا وجد الباحثون الدارسون لحالة النشاط الاحتجاجي أن القصص والروايات المتناقلة أكثر فاعلية في تعزيز الأنشطة السياسية، وبالحديث عن حالة غزة، في اعتقادي أن هناك ثلاثة دوافع سردية ساهمت في صناعة الحركات الاحتجاجية الكبيرة العابرة للحدود وشهدها العالم بأسره.

العامل الأول أن الروايات واحدة من أقوى المحفزات التي تدفع الناس إلى الاحتجاجات، خاصة حينما تتعدد الروايات من مصادر مختلفة مؤكدة لواقعة معينة، بمعنى أن الروايات المتعددة عناصر مكملة لبعضها، وهذا ما يسميه علماء الاجتماع بـ«الخرق»، أو «الصدى».

بالتالي فإن الروايات المتعددة في قضية غزة تعد جاذبة لانتباه الناس وتلفت انتباههم، لأنها روايات مفاجئة وصادمة، وهذا ما يمثل «خرقا» لتصورات الناس حول الوضع الذي يجب أن يكون عليه الإنسان في حياته اليومية، وعلى أقل اعتبار أن تكون حياة مقبولة.

وهذه الروايات يجب أن تكون قوية كذلك وتحمل «صدى ثقافيا»، الأمر الذي يعني أن يتوافق مع قناعات الناس حول العالم بأهمية الحياة الكريمة، بمعنى أن تكون الروايات عاكسة للواقع الحالي.

لا بد وأن صور الأطفال والعائلات المتضررين من حرب غزة تروي حكاية مروعة، وهذا ما ساهم في تحفيز المتظاهرين حول العالم للتحرك مناداة بتصحيح الأخطاء ووقف الانتهاكات.

العامل الثاني، في الغالب تكون المظاهرات الجماعية منادية للعمل الجماعي في محاولة للدفاع عن «الضحية المثالية» وحمايتها، وبالحديث عن مصطلح «الضحية المثالية» فهذا مصطلح بعيد عن مفهوم «المثالي»، هذا المصطلح معنيٌّ دائما بالحملات التوعوية وحركات الاحتجاج، لأن هذه «الضحية» محورية وتدفع للتحرك في الاحتجاج، وفي علم الاجتماع فإن «الضحية المثالية» كلمة تطلق على الأبرياء والعاجزين.

على مر التاريخ، لم تسهم الاحتجاجات العالمية المناصرة للقضية الفلسطينية كما أسهمت هذه المظاهرات اليوم في جميع أنحاء العالم، فقد ساهمت في الدعم من خلال الإلحاح الذي نشهده الآن والضغط على الحكومات.

إن القوة العسكرية التي تملكها إسرائيل، والتي تتناقض مع قوة المدنيين في أماكن مثل رفح، تسهم بشكل كبير في تعزيز مفهوم «الضحية المثالية» الأمر الذي يحتاج إلى تدخل سريع من قبل المحتجين في جميع أنحاء العالم.

مما لا شك فيه أن العالم بأسره لديه العديد من «الضحايا المثاليين»، نتيجة الصراعات في العالم، وقد تعمل قصصهم على تحفيز العمل الجماعي والنشاط الاحتجاجي، وقد تناقلت قصصهم وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية، الكل يعترف بأن «الضحية المثالية» لا حول لها ولا قوة، فقط عليها أن تكون قادرة على رواية قصتها لتكون حافزا لتحريك الآخرين المدافعين عنهم، الكثير من الضحايا لا يراهم العالم بسبب عدم اهتمام وسائل الإعلام بهم.

العامل الثالث، تأثير النشاط الجماعي يظهر بوضوح في السياق الفلسطيني، حيث يظهر أن الاحتجاجات والحركات الجماعية تصبح أكثر فاعلية عندما يتم توجيه الدعوة بشكل واضح ويتمكن النشطاء من رؤية دورهم فيها.

إن الصراع المستمر في غزة وتصاعده يُعتبر دافعا مهما لهذا النوع من النشاط، رغم استمرارية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني على المدى الطويل، فإن الوضع الراهن يشهد تطورات ملموسة منذ أكتوبر الماضي، والرد الإسرائيلي.

ومع تصاعد التوترات والهجوم البري على رفح، يتسع دافع النشطاء نحو المشاركة، ربما لأنهم يشعرون بأنهم في مفترق حرج في الصراع حيث يمكن لأفعالهم أن تحقق نتائج فعلية.

وعندما تفشل السبل الأخرى للتغيير، تزداد حالات الاحتجاج بشكل واضح. على سبيل المثال، عندما يتجاهل القادة السياسيون المطالب الشعبية، ينشأ الاحتجاج كتعبير عن الاستياء. وعندما تتعثر الجهات التشريعية في اتخاذ إجراءات، يتم تحفيز المتظاهرين للتصعيد.

في سياق الاحتجاجات الحالية، يدعو العديد من الطلاب في الجامعات إلى سحب الاستثمارات من الشركات المنتجة للأسلحة التي تستفيد من الصراع، أو من الشركات الإسرائيلية المتورطة في المستوطنات بالضفة الغربية وغزة. هذا النوع من الاحتجاجات يُعتبر جزءا من حملة أوسع للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات «بي دي س»، التي تعتمد على استخدام الضغوط السياسية والاقتصادية كتكتيكات للضغط.

يبدو أن الصراع في غزة يبتعد عن الحل، لكن مطالبة الجامعات بسحب الاستثمارات تمنح المحتجين هدفا قابلا للتحقيق على المستوى المحلي.

يعتبر الاحتجاج في هذا السياق، بمطالب ملموسة، خطوة نحو تشكيل دور محدد للنشطاء، حيث يمكنهم المساهمة في دفع عملية السلام إلى الأمام.

في الأيام الأخيرة، أدى هذا النوع من الاحتجاجات إلى نتائج ملموسة، حيث وافقت كلية «ترينيتي» في دبلن على سحب استثماراتها من ثلاث شركات إسرائيلية مرتبطة بالمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي أعقاب هذا الإعلان، بدأ الطلاب في فك اعتصامهم الاحتجاجي.

ورغم ما حققته الاحتجاجات من نتائج ملموسة، لا تكون دائما محققة للمطالب بعينها، وإلى جانب أهداف الاحتجاج التي ترمي إلى تحقيق الأهداف فإن لها قيمة رمزية كبيرة في رفع مستوى الإدراك وكسب الآخرين في صفوف المحتجين.

سواء أكان الطلاب لديهم فعلا قصص قوية، أو لديهم الدوافع لحماية الضحايا، أو متلقون لدعوة للمشاركة، فإنهم بالأخير يمثلون رسالة للعالم تفيد أن الاحتجاج من أجل إحلال السلام هو مسعى يستحق الاهتمام.

أيرين أوبراين أستاذة مساعدة في كلية الإدارة الحكومية والعلاقات الدولية في جامعة جريفيث بأستراليا.

نقلا عن آسيا تايمز.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی جمیع أنحاء أن تکون فی غزة

إقرأ أيضاً:

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر حدودي حيوي؛ ما يؤدي فعلياً إلى قطع المساعدات عن مئات الآلاف من الناس الذين يعانون من المجاعة في أوج الحرب الأهلية. ويحذّر الخبراء من أن السودان، الذي بالكاد يُسيّر أموره بعد 15 شهراً من القتال، قد يواجه قريباً واحدة من أسوأ المجاعات في العالم منذ عقود. ولكن رفْض الجيش السوداني السماح لقوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة بالمرور عبر المعبر يقوّض جهود الإغاثة الشاملة، التي تقول جماعات الإغاثة إنها ضرورية للحيلولة دون مئات الآلاف من الوفيات (ما يصل إلى 2.5 مليون شخص، حسب أحد التقديرات بحلول نهاية العام الحالي).

ويتعاظم الخطر في دارفور، المنطقة التي تقارب مساحة إسبانيا، والتي عانت من الإبادة الجماعية قبل عقدين من الزمان. ومن بين 14 ولاية سودانية معرّضة لخطر المجاعة، تقع 8 منها في دارفور، على الجانب الآخر من الحدود التي تحاول الأمم المتحدة عبورها، والوقت ينفد لمساعدتها.

نداءات عاجلة
ويقع المعبر الحدودي المغلق -وهو موضع نداءات عاجلة وملحة من المسؤولين الأميركيين- في أدري، وهو المعبر الرئيسي من تشاد إلى السودان. وعلى الحدود، إذ لا يزيد الأمر عن مجرد عمود خرساني في مجرى نهر جاف، يتدفق اللاجئون والتجار والدراجات النارية ذات العجلات الأربع التي تحمل جلود الحيوانات، وعربات الحمير المحملة ببراميل الوقود.

لكن ما يُمنع عبوره إلى داخل السودان هو شاحنات الأمم المتحدة المليئة بالطعام الذي تشتد الحاجة إليه في دارفور؛ إذ يقول الخبراء إن هناك 440 ألف شخص على شفير المجاعة بالفعل. والآن، يقول اللاجئون الفارّون من دارفور إن الجوع، وليس الصراع، هو السبب الرئيسي وراء رحيلهم. السيدة بهجة محكر، وهي أم لثلاثة أطفال، أصابها الإعياء تحت شجرة بعد أن هاجرت أسرتها إلى تشاد عند معبر «أدري». وقالت إن الرحلة كانت مخيفة للغاية واستمرت 6 أيام، من مدينة الفاشر المحاصرة وعلى طول الطريق الذي هددهم فيه المقاتلون بالقضاء عليهم. لكن الأسرة شعرت بأن لديها القليل للغاية من الخيارات. قالت السيدة محكر، وهي تشير إلى الأطفال الذين يجلسون بجوارها: «لم يكن لدينا ما نأكله». وقالت إنهم غالباً ما يعيشون على فطيرة واحدة في اليوم.

الجيش: معبر لتهريب الأسلحة
وكان الجيش السوداني قد فرض قراراً بإغلاق المعبر منذ 5 أشهر، بدعوى حظر تهريب الأسلحة. لكن يبدو أن هذا لا معنى له؛ إذ لا تزال الأسلحة والأموال تتدفق إلى السودان، وكذلك المقاتلون، من أماكن أخرى على الحدود الممتدة على مسافة 870 ميلاً، التي يسيطر عليها في الغالب عدوه، وهو «قوات الدعم السريع».

ولا يسيطر الجيش حتى على المعبر في أدري، إذ يقف مقاتلو «قوات الدعم السريع» على بُعد 100 متر خلف الحدود على الجانب السوداني. وعلى الرغم من ذلك، تقول الأمم المتحدة إنها يجب أن تحترم أوامر الإغلاق من الجيش، الذي يتخذ من بورتسودان مقراً له على بُعد 1000 ميل إلى الشرق، لأنه السلطة السيادية في السودان. وبدلاً من ذلك، تضطر الشاحنات التابعة للأمم المتحدة إلى القيام برحلة شاقة لمسافة 200 ميل شمالاً إلى معبر «الطينة»، الذي تسيطر عليه ميليشيا متحالفة مع الجيش السوداني؛ إذ يُسمح للشاحنات بدخول دارفور. هذا التحول خطير ومكلّف، ويستغرق ما يصل إلى 5 أضعاف الوقت الذي يستغرقه المرور عبر «أدري». ولا يمر عبر «الطينة» سوى جزء يسير من المساعدات المطلوبة، أي 320 شاحنة منذ فبراير (شباط)، حسب مسؤولين في الأمم المتحدة، بدلاً من آلاف شاحنات المساعدات الضرورية التي يحتاج الناس إليها. وقد أُغلق معبر «الطينة» أغلب أيام الأسبوع الحالي بعد أن حوّلت الأمطار الموسمية الحدود إلى نهر.

7 ملايين مهددون بالجوع
وفي الفترة بين فبراير (شباط)، عندما أُغلق معبر «أدري» الحدودي، ويونيو (حزيران)، ارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة من الجوع من 1.7 مليون إلى 7 ملايين شخص. وقد تجمّع اللاجئون الذين وصلوا مؤخراً على مشارف مخيم أدري، في حين انتظروا تسجيلهم وتخصيص مكان لهم. ومع اقتراب احتمالات حدوث مجاعة جماعية في السودان، أصبح إغلاق معبر «أدري» محوراً أساسياً للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة، كبرى الجهات المانحة على الإطلاق، من أجل تكثيف جهود المساعدات الطارئة. وصرّحت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مؤخراً للصحافيين: «هذه العرقلة غير مقبولة على الإطلاق».

وكان إيصال المساعدات إلى دارفور صعباً حتى قبل الحرب. وتقع أدري تقريباً على مسافة متساوية من المحيط الأطلسي إلى الغرب والبحر الأحمر إلى الشرق، أي نحو 1100 ميل من الاتجاهين. فالطرق مليئة بالحفر، ومتخمة بالمسؤولين الباحثين عن الرشوة، وهي عُرضة للفيضانات الموسمية. وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن الشاحنة التي تغادر ميناء «دوالا» على الساحل الغربي للكاميرون تستغرق نحو 3 أشهر للوصول إلى الحدود السودانية. ولا يقتصر اللوم في المجاعة التي تلوح في الأفق على الجيش السوداني فحسب، فقد مهّدت «قوات الدعم السريع» الطريق إليها أيضاً، إذ شرع مقاتلو «الدعم السريع»، منذ بدء الحرب في أبريل (نيسان) 2023 في تهجير ملايين المواطنين من منازلهم، وحرقوا مصانع أغذية الأطفال، ونهبوا قوافل المساعدات. ولا يزالون يواصلون اجتياح المناطق الغنية بالغذاء في السودان، التي كانت من بين أكثر المناطق إنتاجية في أفريقيا؛ ما تسبّب في نقص هائل في إمدادات الغذاء.

استجابة دولية هزيلة
وكانت الاستجابة الدولية لمحنة السودان هزيلة إلى حد كبير، وبطيئة للغاية، وتفتقر إلى الإلحاح.

في مؤتمر عُقد في باريس في أبريل، تعهّد المانحون بتقديم ملياري دولار مساعدات إلى السودان، أي نصف المبلغ المطلوب فقط، لكن تلك التعهدات لم تُنفذ بالكامل. وفي مخيمات اللاجئين المزدحمة في شرق تشاد، يُترجم الافتقار للأموال إلى ظروف معيشية بائسة. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، التي تدير مخيمات اللاجئين في تشاد، إن عملياتها ممولة بنسبة 21 في المائة فقط في شهر يونيو. وقد اضطر برنامج الأغذية العالمي مؤخراً إلى خفض الحصص الغذائية، إثر افتقاره إلى الأموال.

ومع هطول الأمطار بغزارة، جلست عائشة إدريس (22 عاماً)، تحت غطاء من البلاستيك، تمسّكت به بقوة في وجه الرياح، في حين كانت تُرضع ابنتها البالغة من العمر 4 أشهر. وكان أطفالها الثلاثة الآخرون جالسين بجوارها، وقالت: «نحن ننام هنا»، مشيرة إلى الأرض المبتلة بمياه الأمطار. لم يكن هناك سوى 3 أسرّة خالية في مركز لسوء التغذية تديره منظمة «أطباء بلا حدود»، وكان ممتلئاً بالرضع الذين يعانون من الجوع. وكان أصغرهم يبلغ من العمر 33 يوماً، وهي فتاة تُوفيت والدتها في أثناء الولادة. في السرير التالي، كان الطفل مؤيد صلاح، البالغ من العمر 20 شهراً، الذي كان شعره الرقيق وملامحه الشاحبة من الأعراض المعروفة لسوء التغذية، قد وصل إلى تشاد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أن اقتحم مسلحون منزل أسرته في الجنينة، عبر الحدود في دارفور، وقتلوا جده. وقالت السيدة دهباية، والدة الطفل مؤيد: «لقد أردوه قتيلاً أمام أعيننا». والآن، صار كفاحهم من أجل البقاء على قيد الحياة بفضل حصص الأمم المتحدة الضئيلة. ثم قالت، وهي تضع ملعقة من الحليب الصناعي في فم طفلها: «أياً كان ما نحصل عليه، فهو ليس كافياً بالمرة».

سفير سوداني: المساعدات مسيّسة
وفي مقابلة أُجريت معه، دافع الحارث إدريس الحارث محمد، السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، عن إغلاق معبر «أدري»، مستشهداً بالأدلة التي جمعتها الاستخبارات السودانية عن تهريب الأسلحة.

وقال إن الأمم المتحدة «سعيدة» بترتيب توجيه الشاحنات شمالاً عبر الحدود في الطينة. وأضاف أن الدول الأجنبية التي تتوقع مجاعة في السودان تعتمد على «أرقام قديمة»، وتسعى إلى إيجاد ذريعة «للتدخل الدولي». ثم قال: «لقد شهدنا تسييساً متعمّداً ودقيقاً للمساعدات الإنسانية إلى السودان من الجهات المانحة». وفي معبر أدري، يبدو عدم قدرة الجيش السوداني على السيطرة على أي شيء يدخل البلاد واضحاً بشكل صارخ. وقال الحمّالون، الذين يجرّون عربات الحمير، إنهم يُسلّمون مئات البراميل من البنزين التي تستهلكها سيارات الدفع الرباعي التابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي عادة ما تكون محمّلة بالأسلحة.

الشرق الاوسط  

مقالات مشابهة

  • السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم
  • مصدر رفيع المستوى للقاهرة الإخبارية: مصر أكدت تمسكها بوقف إطلاق النار بغزة
  • بيرقدار في مقال للجزيرة نت: لأجل عالم عادل قف مع فلسطين
  • العالم بين بوتين وترامب.. تحولات العالم الجديد
  • فانس يدفع نحو حل الأزمة الأوكرانية دبلوماسياً
  • خبراء أمميون قلقون من قمع الاحتجاجات الداعمة لفلسطين في أميركا
  • بيان من دحلان بعد الزج باسمه في ترتيبات اليوم التالي بغزة
  • وفد جامعة دمنهور يشارك في فعاليات مهرجان "العالم علمين"
  • في مشهد مأساوي.. بيتبول ينهي حياة رب أسرة بالجديدة
  • هل يدفع ضغط المعارضة التركية أردوغان إلى انتخابات رئاسية مبكرة؟