لا يستطيع الغرب وقف جاذبية شركة هواوي في البلدان النامية المتعطشة لشبكات الجيل الخامس لمخاوف تتعلق بالأمن القومي. وعليه توفير بديل تنافسي. آكسل دي فيرنو – ناشيونال إنترست

تسعى البلدان في جميع أنحاء العالم إلى الوصول إلى أفضل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات (ICT) القادرة على تسريع التنمية الاقتصادية وحماية الأمن القومي.

ومن الأمور المركزية في هذه العملية شبكات الهاتف المحمول من الجيل الخامس، أو 5G، التي تَعِد بزيادة عرض النطاق الترددي، وزمن وصول أقل، وزيادة الاتصال البيني عبر المنصات، وأوقات أسرع للشبكة.

ودون مزودي خدمة الجيل الخامس المحليين، تتطلع دول جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا إلى الخارج لشراء هذه التكنولوجيا ودمجها في اقتصاداتها. وهنا تكمن منافسة القوة التكنولوجية الكبرى بين الصين والغرب. وإذا كانت الولايات المتحدة غير قادرة على توفير بدائل تنافسية لشبكات الجيل الخامس للعروض الجذابة ماليا التي قدمتها مؤخرا شركة هواوي الصينية، فإن الغرب يخاطر بخسارة تفوقه التكنولوجي ومصداقيته أمام الصين.

وبنفس الطريقة التي تقنع بها الولايات المتحدة الدول في جميع أنحاء العالم بأن تغلغل بكين المتزايد في مؤسساتها المالية والسياسية يغذي سعيها لتقويض الحرية ضمن النظام الدولي الحالي القائم على القواعد، يجب على واشنطن بذل نفس الجهد على الجبهة التكنولوجية.

ويصعب تقديم هذه الحجة بشكل خاص عندما تقدم بكين نتائج مبهرة على المدى القصير. وماليزيا مثال على ذلك. إنها واحدة من العديد من دول جنوب شرق آسيا التي تتبع نهجًا منفتحًا وعالميًا في سعيها جاهدة لتحقيق التطوير التكنولوجي. وهي على استعداد للعمل مع مجموعة متنوعة من الشركاء.

لقد وقعت ماليزيا مذكرة تفاهم مع الصين، في العام الماضي، بشأن التعاون الرقمي في مجال الجيل الخامس (5G) بهدف تسهيل تبادل المعلومات بين البلدين. وجاء ذلك بعد أن قامت شركة إريكسون السويدية ببناء أول شبكة 5G مملوكة للدولة بعد أن حصلت الشركة على 2.5 مليار دولار.

وتبقي ماليزيا خياراتها مفتوحة. وهذا ينطبق على شركاتها البارزة في القطاع التكنولوجي أيضًا. على سبيل المثال، وقعت شركة إريكسون مذكرة تفاهم خاصة بها مع إحدى شركات الاتصالات وتسريع الأبحاث الرائدة في ماليزيا بهدف إرسال الموارد مباشرة إلى الشركات والصناعات الخاصة.

ومع ذلك فإن الشركات الصينية لم تظل خاملة بينما تمضي هذه العمليات قدما. ولثني ماليزيا عن تلقي التدريب والبنية التحتية والقدرات من الشركات الأوروبية، تعمل شركة هواوي على تطوير أدوات أكثر تقدما وتمارس ضغوطا اقتصادية قوية.

وكانت استراتيجية الغرب في الرد على هذه الاستراتيجيات تتمثل في الاستشهاد بمخاوف الأمن القومي التي تظهر عند العمل مع الشركات الصينية. وأكد مبعوثو حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي للمسؤولين الماليزيين أنه لا ينبغي لهم إعادة فتح عملية التفاوض.

لكن هناك مصلحة لماليزيا وهو عدم تعرض البنية التحتية للاتصالات لأي فشل إذا واجه أحد مقدمي الخدمة مشكلة في الشبكة. وبعبارة أخرى ستحارب شركة هواوي الاحتكار مع تزويد المواطنين بإمكانية الوصول إلى اتصالات سريعة. ولكن ربما الأهم من ذلك هو أنها ستكون أقل تكلفة بالنسبة للبلدان النامية.

من المؤكد أن المسؤولين الماليزيين يدركون مخاطر الأمن القومي التي ينطوي عليها التعاون مع شركة مدعومة من الصين، نظرا للإجراءات المناهضة لشركة هواوي التي اتخذتها دول أخرى في المنطقة.

وفي عام 2019، منعت أستراليا شركة هواوي من تركيب معدات 5G في البلاد بسبب مخاوف من أن الشركة ستكون قادرة على إغلاق البنية التحتية الرئيسية للأمن القومي.

لكن المشكلة تكمن في أن الشركات الأمريكية والأوروبية تقدم عددًا قليلاً من بدائل شبكات الجيل الخامس بأسعار معقولة، مما يترك العديد من البلدان دون خيار آخر غير شركة هواوي. ونتيجة لذلك، كان عام 2022 عام الانتصارات الهائلة للصين. وقعت شركات تشغيل 5G الرائدة في تركيا والبرازيل مذكرات تفاهم مع شركة Huawei. وفي تايلاند، استضافت الشركة الصينية قمة 5G لعام 2022 لتصبح رائدة في مجال نشر 5G بعد عامين من إنشاء مركز أبحاث هناك.

كما وقعت شركة هواوي مذكرة تفاهم مع شركة اتصالات إندونيسية رائدة لتطوير "مدينة ذكية" مدعومة بشبكات الجيل الخامس (5G)، بناءً على مشاريع مماثلة تم إنجازها في جميع أنحاء الشرق الأوسط. في أوائل عام 2022، كانت هواوي واحدة من العديد من أصحاب المصلحة في استكمال كابل PEACE متعدد القارات، الذي يربط سنغافورة وباكستان وكينيا ومصر وفرنسا بجزر المالديف ومالطا.

تتحدث وكالات أميركية عن تداعيات تخلف الولايات المتحدة على الأمن القومي في ما يتعلق بتقنيات الجيل الخامس، لكن الحلول السياسية لا تصاحب هذه المناقشات. 

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة اتخذت بعض المبادرات لاستخدام شبكة النفاذ الراديوي المفتوحة كبديل لشركة هواوي، فإنها في الغالب لم تنضم إلا إلى الدول التي تعارض الصين. لقد تخلفت أفريقيا وجنوب شرق آسيا بشكل عام عن الركب لأنه من الصعب على واشنطن أن توضح للدول التي وقعت على مشاريع مثل مبادرة الحزام والطريق (BRI) أن استخدام المعدات الصينية أمر خطير.

ويتعين على حكومة الولايات المتحدة التنسيق مع شركات الاتصالات الأوروبية مثل إريكسون لاقتراح مبادرات مشتركة لتقنية الجيل الخامس مع القوى المتوسطة في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. وعلى الولايات المتحدة، التي تستفيد من التوفر العالي لشبكة الجيل الخامس محليا، أن تعمل مع الشركات الأوروبية لتوفير خيارات ميسورة التكلفة وآمنة للبلدان التي تهدف إلى إحداث ثورة في قطاعات متعددة من اقتصادها من خلال عدسة الجيل الخامس.

وسوف تكافح البلدان النامية للانتقال إلى الجيل الخامس بطرق تتماشى مع أهداف الأمن القومي الأمريكي إذا لم تتلق دعمًا إضافيًا. وفي الأماكن التي لا يتمتع فيها الغرب بالسبق، فإن المعركة الشاقة لتحدي هواوي ستكون أكثر صعوبة.

وفي النهاية لا يستطيع الغرب وقف جاذبية شركة هواوي في البلدان النامية المتعطشة لشبكات الجيل الخامس بمجرد الاستشهاد بمخاوف تتعلق بالأمن القومي. ويتعين عليه توفير بديل تنافسي.

المصدر: ناشيونال إنترست

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي الشرق الأوسط تكنولوجيا هواوي الولایات المتحدة الأمن القومی الجیل الخامس شرکة هواوی

إقرأ أيضاً:

ترامب: الولايات المتحدة تصنع صواريخ فرط صوتية بكميات كبيرة

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تنتج صواريخ فرط صوتية بكميات كبيرة، مشيرا إلى أن بلاده قامت بتطويرها سابقا وتقوم بتصنيعها على نطاق واسع حاليًا.

وخلال كلمة له في حفل رسمي أقيم بالأكاديمية العسكرية في ويست بوينت قال ترامب: "لقد قمنا بتصميم صواريخ فرط صوتية، والآن نُنتجها بكميات ضخمة".

وادعى الرئيس الأمريكي أن تصميمات هذه الصواريخ سُرقت خلال فترة حكم الرئيس الأسبق باراك أوباما، متهما روسيا بذلك دون تقديم أي دليل. قائلا: "أنتم تعلمون، لقد سُرقت تصاميمنا. نحن من قام بتطويرها، لكنهم سرقوها في عهد أوباما. لقد سرقوها. هل تعلمون من؟ الروس هم من سرقها. لقد حدث أمر سيئ فعلا".

وهذه ليست المرة التي يصدر فيها ترامب اتهامات من هذا النوع بحق روسيا. ففي عام 2023، زعم ترامب خلال تجمع جماهيري في نيو هامبشاير، بأن الروس سرقوا خلال إدارة أوباما، تصاميم "لصاروخ خارق جدا يطير بسرعة خارقة" من الولايات المتحدة.

وفي عام 2020، ألقى ترامب باللوم أيضا على باراك أوباما فيما يتعلق بقدرة روسيا على صنع أسلحة فرط صوتية. وقبل ذلك تحدث عن بداية تصنيع صاروخ "سوبر خارق". ووفقا له، سيكون هذا الصاروخ أسرع من النماذج المتوفرة لدى روسيا والصين.

ويبقى غامضا حتى الآن، عن أية صواريخ "مسروقة" يتحدث ترامب. وخلال الرد على ذلك ذكرت مصادر في الكرملين أن روسيا تملك صواريخها فرط الصوتية الفريدة من نوعها والتي لا يوجد لها نظائر في العالم. وفي عام 2018، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لأول مرة عن اختبار منظومة صواريخ كينجال فرط الصوتية.

يُشار إلى أن الولايات المتحدة تتأخر في تطوير الأسلحة الفرط صوتية مقارنة بروسيا والصين. أما روسيا، فقد أدخلت هذا النوع من الأسلحة إلى الخدمة الفعلية واستخدمته بالفعل في العمليات القتالية.

وتمتلك القوات الروسية أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت في الخدمة وقد تم استخدامها في عمليات قتالية حقيقية.

ومن أبرز الصواريخ الفرط صوتية الروسية:

صاروخ "تسيركون":

هو صاروخ فرط صوتي روسي متطور يتميز بسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة، ما يجعله من أكثر الأسلحة تعقيدًا وصعوبة في الاعتراض من قبل أنظمة الدفاع الجوي، إذ تبلغ سرعته ما بين 8 إلى 9 ماخ (نحو 9800 إلى 11000 كم/ساعة)، أي أسرع بثماني إلى تسع مرات من سرعة الصوت، ما يسمح له ببلوغ أهدافه خلال دقائق معدودة ويقلل بشكل كبير من قدرة أنظمة الدفاع على الرد. ويقدّر مدى الصاروخ ما بين 1000 إلى 1500 كيلومتر حسب المصادر الروسية، فيما تشير بعض التقارير إلى أن مداه قد يصل إلى 2000 كيلومتر في ظروف تشغيلية معينة. يستخدم تسيركون نظام توجيه ملاحي واستمراري، بالإضافة إلى رادار نشط سلبي لرصد الأهداف، وتم تزويده بتقنيات مناورة متقدمة تتيح له تفادي أنظمة الدفاع الصاروخي مثل "ثاد" و"باتريوت".

ويحمل الصاروخ رأسا حربيا تقليديا يُقدّر وزنه ما بين 200 إلى 300 كغ، وتشير بعض المصادر إلى إمكانية تزويده برأس نووي.

ويُطلق تسيركون من منصات بحرية تشمل المدمرات والفرقاطات، مثل فرقاطة "الأدميرال غورشكوف"، إضافة إلى قدرته على الإطلاق من غواصات هجومية مثل تلك التابعة لمشروع "ياسن – إم".

صاروخ "كينجال" (الخنجر): هو أحدث المجمعات الصاروخية الباليستية الروسية فرط الصوتية و يُطلق من الجو.

ويتمتع الصاروخ بسرعة ضعف سرعة الصوت بعشر مرات، ومداه أكثر من ألفي كيلومتر، كما يتمتع بقدرته على المناورة في جميع مراحل مساره، ما يسمح له بالتغلب على جميع أنظمة الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي، ولديه إمكانية التزود برؤوس حرب تقليدية أو نووية، ويتميز بتوقيع راداري منخفض وقدرة عالية على المناورة، ومصمم لتدمير الأهداف البرية والبحرية.

صاروخ "أفانغارد":

هو منظومة صاروخية استراتيجية مزودة برأس قتالي فرط صوتي موجه. ويحمل الصاروخ 3 رؤوس قتالية بقدرة 250 كيلوطن لكل رأس.

ويحمل هذه الرؤوس القتالية صاروخ "أور – 100 إن УТТХ"، وتبلغ سرعة الرأس القتالي بعد انفصاله عن الصاروخ 28 ماخ (ما يعادل نحو 33000 كيلومتر في الساعة)، وفي بعض الأحيان قد تصل السرعة 37000 كلم/ساعة. أما نظام التحكم فيها فيسمح بتحقيق مناورات مختلفة في أثناء التحليق واجتياز أي درع صاروخية حالية ومستقبلية.

 

مقالات مشابهة

  • ترامب يحاول إقناع الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم على الواردات الصينية
  • ترامب: الولايات المتحدة تصنع صواريخ فرط صوتية بكميات كبيرة
  • الولايات المتحدة وكندا تبحثان فرص التعاون بشأن التحديات العالمية المشتركة
  • الولايات المتحدة ترفع رسميا العقوبات عن سوريا
  • الولايات المتحدة غير مؤهلة أخلاقياً لتجريم الآخرين
  • بسبب غزة وأوكرانيا.. بريطانيا تبتعد عن مسار الولايات المتحدة
  • التعدين في قاع البحار.. هل تستطيع الولايات المتحدة تحويله إلى واقع؟
  • ترامب يهدد بفرض رسم جمركي 25% على آبل ما لم تصنع هواتف آيفون في الولايات المتحدة
  • الطائرة الصينية التي أثبتت تراجع سلاح الجو الأميركي
  • بنك الاستثمار القومي ينفي صحة الأخبار المتداولة بشأن التخارج من حصته في شركة مصر للأسمنت - قنا