يعانى قطاع غزة تحت وطأة حصارٍ إسرائيليٍّ مُجحفٍ منذ السابع من أكتوبر الماضى فى أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم فى التاريخ الحديث، ممّا فاقم من معاناة سكانه الإنسانية، وهدّد كرامتهم وحقوقهم الأساسية فى الحياة والحرية والأمان.

ولكن مصر، إيماناً منها بمسئوليتها الأخلاقية والإنسانية، لم تقف مكتوفة الأيدى أمام هذه المأساة، بل ساندت أشقاءها الفلسطينيين بكلّ ما أوتيت من قوّة، مُقدّمةً لهم يد العون والمساعدة فى محنتهم.

مساندةٌ مصريةٌ تُجسّد مبادئ حقوق الإنسان:

لم تقتصر جهود مصر على تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة، بل تجاوزت ذلك لتشمل مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية، إيماناً منها بضرورة رفع الحصار الظالم عن القطاع وتحقيق حلّ عادل للقضية الفلسطينية.

وعلى الصعيد الرسمى، بادرت مصر بفتح معبر رفح البرى بشكل استثنائى لتسهيل دخول المساعدات الطبية والغذائية والمواد الأساسية، وعملت على تنسيق عمليات الإغاثة مع المنظمات الدولية والإقليمية واستغلال أدواتها الدبلوماسية فى التعاطى مع اللاعبين الفاعلين على الساحة الدولية من أجل الضغط على سلطات الاحتلال للسماح بدخول المساعدات والتصدى لكافة المحاولات والعراقيل لما يزيد على سبعة أشهر لمنع وصول المساعدات لإغاثة المدنيين.

المجتمع المدنى المصرى يقف صفاً واحداً مع حقوق الإنسان:

لم يقتصر دور الدولة المصرية على تقديم المساعدات من الجهات الحكومية والرسمية وفقط، بل شارك فيها المجتمع المدنى المصرى بكلّ طاقاته، وتصدّر المشهد التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، الذى ضمّ فى طيّاته جمعيات ومؤسسات خيرية وتنموية عملت على جمع التبرعات وتقديم المساعدات بمختلف أشكالها للشعب الفلسطينى.

وإلى جانب المساعدات، برزت جهود المتطوعين الذين سطروا ملحمة تاريخية فى الانتصار لقيم ومبادئ الإنسانية فى عملية الإغاثة التى لم تتوقف منذ اليوم الأول لبدء الاعتداءات، تلك الجهود التى ساهمت جميعها فى تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطينى.

مساهماتٌ تُعزّز مبادئ حقوق الإنسان:

تنوعت مساهمات المجتمع المدنى المصرى لتشمل مختلف المجالات، فشملت:

الدفاع عن الحق فى الحياة:

حيث قامت منظمات المجتمع المدنى المصرى بتنظيم حملات للتبرع بالدم وأدوية الطوارئ، كما أرسلت فرقاً طبية متخصصة للمساعدة فى علاج المصابين، ممّا ساهم فى إنقاذ العديد من الأرواح.

الدفاع عن الحق فى الغذاء:

نظمت حملات واسعة لجمع التبرعات بالمواد الغذائية الأساسية، وتوزيعها على المحتاجين فى القطاع، ممّا ساعد فى التخفيف من حدة نقص الغذاء الذى يعانى منه سكانه.

الدفاع عن الحق فى المأوى:

قدمت مؤسسات التحالف الخيام والبطانيات والملابس والأغطية للمتضررين من العدوان، ممّا ساعدهم على توفير مأوىً آمنٍ لهم يساعدهم على مواجهة القصف المستمر الذى تسبب فى تدمير البنية التحتية للقطاع.

الدفاع عن الحق فى الصحة النفسية:

عملت العديد من المؤسسات على تقديم الدعم النفسى للأطفال والنساء الذين تأثروا بالعدوان، ممّا ساعدهم على التغلب على الصدمات النفسية التى تعرضوا لها.

قصصٌ تُجسّد قيم حقوق الإنسان:

تُجسّد قصص العديد من المصريين الذين سارعوا لتقديم المساعدة لأشقائهم فى غزة أسمى معانى التعاطف والتكاتف. فمنهم من تبرّع بجزء من راتبه، ومنهم من تبرّع بمجوهراته، ومنهم من تطوّع بوقته وجهده للمشاركة فى عمليات الإغاثة.

وتُعدّ قصة «أمّ أحمد الصعيدية الجدعة» من أبرز تلك القصص الإنسانية المُلهمة، حيث قامت ببيع ما تمتلكه من أرض زراعية للتبرع بثمنها لشراء أدوية طبية للمصابين فى قطاع غزة.

مسئوليةٌ مشتركةٌ لضمان كرامة الإنسان:

إنّ جهود الدولة المصرية والمجتمع المدنى فى تقديم المساعدات لقطاع غزة تُمثّل نموذجاً مشرفاً للتضامن الإنسانى، وتُجسّد أسمى مشاعر الأخوة والترابط بين الشعبين المصرى والفلسطينى.

وتُؤكّد هذه الجهود أنّ مصر ستظلّ دائماً سنداً قوياً للشعب الفلسطينى فى نضاله من أجل الحرية والكرامة، وأنّها لن تتخلى عن واجبها الإنسانى والأخلاقى تجاه إخوانها فى غزة. لكنّ هذه الجهود، مهما عظمت، لا تُغنى عن حلّ جذرىٍّ للقضية الفلسطينية، يتمثّل فى رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة بشكل نهائى، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، إنّ مسئولية إنهاء معاناة الشعب الفلسطينى تقع على عاتق المجتمع الدولى بأسره، الذى يجب عليه أن يضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها العدوانية، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية.

* رئيس اللجنة الاقتصادية

بالمجلس القومى لحقوق الإنسان

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر فلسطين تقدیم المساعدات حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

البرلمان العربي: الرقابة البرلمانية في مواجهة الإرهاب ضمان مهم لمراعاة احترام حقوق الإنسان

أكد البرلمان العربي على أهمية تعزيز الرقابة البرلمانية بما يضمن أن تكون التدابير المتخذة لمكافحة الإرهاب شفافة، ومسؤولة، وتحترم حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن التجارب الدولية أكدت أن التدابير الأمنية الخالصة، إذا لم تُقيد بضوابط واضحة من الشفافية والمساءلة، قد تغذي بيئة التطرف بدلًا من مواجهتها، مضيفًا أن الرقابة البرلمانية هي صمام أمان يضمن التوازن بين مقتضيات الأمن ومتطلبات تعزيز الحقوق والحريات، موضحًا أن الرقابة البرلمانية هي في حقيقتها شراكة حقيقية مع الحكومات في صياغة وتنفيذ سياسات مكافحة الإرهاب.

 

جاء ذلك في المداخلة التي ألقاها النائب محمود حسن فراح عضو البرلمان العربي المشارك في المؤتمر البرلماني حول مكافحة الإرهاب، الذي نظمه مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع مجلس الشورى القطري في مدينة إسطنبول التركية.

 

وأضاف "فراح" في الجلسة التي جاءت تحت عنوان "تعزيز الرقابة البرلمانية للجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب"، أنه مع اقتراب الذكرى العشرين لإطلاق الاستراتيجية العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ورغم ما حققته من جهود فيما يتعلق بتطوير الأطر القانونية والمؤسسية وتعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أن العالم قد شهد خلال العقدين الماضيين تحولات كبرى، منها تصاعد الإرهاب الرقمي والتكنولوجي، واندماج الإرهاب مع الجريمة المنظمة في العديد من المناطق، بالإضافة إلى بروز التحديات الإنسانية في أماكن النزاعات، وخاصة ما يتعلق بالنساء والأطفال، فضلًا عن الظهور الفج لإرهاب الدولة المنظم، على نحو ما تعكسه بوضوح جرائم الحرب التي قام بها كيان الاحتلال في غزة على مدار عامين كاملين.

 

وقال "فراح" أن كل هذه المستجدات تجعل من الضروري أن تخضع هذه الاستراتيجية إلى مراجعة وتحديث، بحيث تعكس الواقع الجديد وتستجيب لتحدياته، مع إبقاء حقوق الإنسان وسيادة القانون في قلب أي جهد عالمي لمكافحة الإرهاب.

مقالات مشابهة

  • طرح فيلم دنيا سمير غانم روكي الغلابة عبر يانغو بلاي ١٦ أكتوبر
  • مجلس حقوق الإنسان يطالب متمردي الكونغو بوقف هجماتهم
  • 173 شاحنة مساعدات إنسانية تدخل قطاع غزة
  • العين الحمود يكتب: ‏”لا شيء يوجبُ الشكر”
  • "حقوق جامعة السلطان قابوس" الأولى في "المحكمة الصورية لحقوق الإنسان"
  • د. عادل القليعي يكتب: قولنا في نشأة التفكير الفلسفي.!
  • 90% من المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة مصرية
  • البرلمان العربي: الرقابة البرلمانية في مواجهة الإرهاب ضمان مهم لمراعاة احترام حقوق الإنسان
  • ثقة عالمية فى الطيران المصرى
  • زخور في يوم المحامي: المحاماة درع الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان