تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهدت قارة أفريقيا خلال العقد الأخير صراعا جيوسياسيا كبيرا بين القوى العالمية المتمثلة فى الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، حيث كشفت تقارير مختلفة مؤخرا اتساع نفوذ موسكو وبكين على حساب الولايات المتحدة الأمريكية فى القارة السمراء.

ونظراً للأحداث التى شهدتها منطقة الساحل الأفريقى على مدى السنوات القليلة الماضية، فقد تعرضت مكانة أمريكا فى أفريقيا لضربة قوية.

وأظهر استطلاع للرأى أجرته مؤسسة "جالوب" أن الولايات المتحدة تتراجع كقوة ناعمة مؤثرة فى العالم، خاصة فى أفريقيا .

وفحص الاستطلاع معدلات القبول العالمية للولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا، ومن بين كل القوى، كانت الولايات المتحدة فقط هى التى شهدت انخفاضاً فى نسبة الموافقة عليها من ٥٩٪ لـ٥٦٪ فى أفريقيا، مما أدى إلى تخليها عن مقعدها للصين، التى ارتفعت شعبيتها من ٥٢٪ لـ٥٨٪.

وارتفعت شعبية ألمانيا بمقدار ثلاث نقاط لتصل إلى ٥٤٪، فى حين ارتفعت شعبية روسيا بثمانى نقاط لتصل إلى ٤٢٪، مما يجعلها الأقل موافقة ولكنها ظلت فى ارتفاع.

سياسة الصين الخارجية فى أفريقيا تعزز موافقتها

وفى العام الماضي، ارتفعت نسبة التأييد للصين فى سبع دول أفريقية بنسب تزيد على ١٠٪ للمرة الأولى منذ عقد من الزمان. وفى غانا، سجلت زيادة بنسبة ١٥٪، فى حين شهدت كوت ديفوار والسنغال زيادة بنسبة ١٤٪.

ومع ذلك، شهدت نفس البلدان الثلاثة استياءً مماثلاً من القيادة الصينية، ويرجع ذلك فى الغالب إلى الانخفاض الحاد فى عدد الأشخاص الذين لم يعودوا غير مبالين بالصين.

والصين كانت فى عام ٢٠٢٢ أكبر شريك تجارى ثنائى لأفريقيا، حيث سجلت البلاد ٢٨٨ مليار دولار من التجارة مع الدول الأفريقية، وفقا للبيانات التى نشرها منتدى التعاون الصينى الأفريقي.

واحتفظت بكين بهذا اللقب لمدة ١٤ عاما متتالية، حيث وصلت الاستثمارات الصينية المباشرة فى الأسواق الأفريقية إلى ١.٣٨ مليار دولار فى الأشهر الأربعة الأولى من عام ٢٠٢٣، بزيادة تصل إلى ٢٤ بالمائة على أساس سنوي. 

ويتجلى هذا الاتجاه فى التعاون الاقتصادى المتنامى بين الصين وأفريقيا فى الإحصاءات الصينية الرسمية التى تظهر أن إجمالى حجم التجارة مع أفريقيا فى الأشهر الخمسة الأولى من عام ٢٠٢٣ وصل إلى ٨٢٢.٣٢ مليار يوان (١١٣.٥ مليار دولار أمريكي)، بزيادة ١٦.٤ فى المائة سنويا.
إن الموقف الغربى فى أفريقيا، وتحديداً فى غرب أفريقيا، أصبح فى أسوأ حالاته على الإطلاق. وتتطلع الصين، التى تقود العديد من المنظمات المتعددة الأطراف، بما فى ذلك البريكس ، إلى توسيع التعاون مع الدول الأفريقية لضمان الرخاء والتنمية فى القارة عند تقاطع جيوسياسى وصفه الخبراء بأنه تاريخي.
ورغم انخفاض معدلات القبول الإجمالية للولايات المتحدة فى عام ٢٠٢٣، إلا أن سبع دول فى أفريقيا لا تزال تشهد زيادة مضاعفة فى الموافقة. حيث ارتفعت موافقة غانا على الولايات المتحدة بنسبة ١٤٪، وشهدت كل من موريتانيا وكوت ديفوار زيادة بنسبة ١٣٪ فى الموافقة، وشهدت تونس زيادة بنسبة ١٢٪، وموزمبيق زيادة بنسبة ١١٪، فى حين ارتفعت موافقة السنغال وإثيوبيا على الولايات المتحدة بنسبة ١٠٪. .
ومع ذلك، شهدت الموافقة الأمريكية فى العديد من الدول الأفريقية الأخرى انهيارا جذريا، على سبيل المثال، انخفضت معدلات القبول فى الولايات المتحدة بمقدار ٢٩ نقطة فى أوغندا، و٢١ نقطة فى غامبيا، و١٤ نقطة فى كينيا. وبلغت نسبة تأييد الولايات المتحدة فى ليبيا ٢٣٪، وفى الصومال ٢٥٪، وهى الأدنى فى أفريقيا.
وفيما يتعلق بروسيا، فقد شهدت سمعة موسكو فى أفريقيا تحسنا أكبر مقارنة بسمعة الصين. وفى أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية فى فبراير ٢٠٢٢، واجهت انخفاضًا ملحوظًا فى الدعم عبر أفريقيا والعالم.
ومع ذلك، مع مرور أكثر من عامين على بدء الصراع، انتعشت صورة موسكو، ويبلغ متوسط شعبية القيادة الروسية الآن ٤٢٪، بعد أن كان ٣٤٪ فى العام السابق. ولم يتم رؤية هذا المستوى من الموافقة منذ عام ٢٠١٢ عندما بلغ ٤٧٪.
وشهدت روسيا ارتفاعات كبيرة فى الموافقة على الموافقة فى ثمانى دول، مع انخفاضات مقابلة فى دولتين فقط: أوغندا (بانخفاض ١٦ نقطة) وغامبيا (بانخفاض ١١ نقطة). ومع ذلك، يظل الدعم المقدم لروسيا قويًا بشكل خاص فى دول الساحل، حيث تحتفظ بوجود عسكرى ملحوظ عبر مجموعة فاغنر. ومن الجدير بالذكر أنه فى مالى (٨٩٪)، وبوركينا فاسو (٨١٪)، وتشاد (٧٦٪)، تقف روسيا باعتبارها القوة المهيمنة من حيث معدلات موافقة القيادة.


كيف تعمل الولايات المتحدة على تقويض نفوذ الصين فى أفريقيا؟


على مدى العقد الماضي، شاهدت الولايات المتحدة مشروع البنية التحتية الصيني، مبادرة الحزام والطريق، وهو يعمل على توسيع نفوذ بكين عبر طول وعرض أفريقيا الغنية بالموارد، كما شهدت الولايات المتحدة حصول روسيا على موطئ قدم، مع الدعم العسكرى للحكومات الأفريقية ثم تقوم بتعدين الذهب والماس والمواد الأخرى فى تلك البلدان.
وجعلت إدارة بايدن تحسين العلاقات التجارية مع أفريقيا أولوية فى العلاقات الخارجية. وقال مسئولون أميركيون إن نجاح خط السكة الحديد، إلى جانب العديد من النجاحات الأخرى التى حققتها الشركات الغربية فى الآونة الأخيرة، يظهر أن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يقلون عن قدرة الصين على استخدام مرافقهم لترسيخ مكانة سياسية ونفوذ فى أفريقيا.
وفى غضون ذلك أقرض بنك التصدير والاستيراد الأمريكى أنجولا ٩٠٠ مليون دولار لشراء معدات أمريكية لمشاريع الطاقة الشمسية التى من المتوقع أن تغذى نصف مليون منزل.
وفى سبتمبر الماضي، وافق البنك على ضمان قرض بقيمة ٣٦٣ مليون دولار لمساعدة شركة Acrow Corp الشركة التى يقع مقرها فى نيو جرسى لشراء الجسور الفولاذية للحكومة الأنجولية.
وفى نهاية العام الماضي، وقع اتحاد السكك الحديدية All-American Rail Group، ومقره تكساس، مذكرة تفاهم مع الحكومة الأنجولية لاستكشاف إمكانية تطوير خط سكة حديد موازٍ للكونغو، الذى يمر عبر شمال البلاد.
وحددت وزارة النقل الأنجولية حجم الاستثمار المحتمل المتعلق بالمشروع الذى سيركز على حركة التجارة الزراعية بمبلغ ٤.٥ مليار دولار.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: قارة إفريقيا الصين وروسيا الولايات المتحدة الأمريكية الأستثمارات الصينية الصين وأفريقيا الولایات المتحدة زیادة بنسبة ملیار دولار فى أفریقیا ومع ذلک

إقرأ أيضاً:

إيران تطالب بـضمانات من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات

طهران "أ.ف.ب": حضّت إيران الولايات المتحدة اليوم على تقديم "ضمانات" بشأن رفع العقوبات التي تخنق اقتصاد البلاد، عقب اقتراح أمريكي بشأن اتفاق نووي محتمل وصفه البيت الأبيض بأنه "مقبول".

وأتى اقتراح واشنطن للتوصل إلى اتفاق غداة تقرير صادر عن الأمم المتحدة يظهر أن طهران كثفت إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب.

ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافايل غروسي في القاهرة في وقت لاحق -حتى كتابة الخبر -.

ونددّت إيران بالتقرير، وحذّرت من أنها سترد إذا "استغلته" القوى الأوروبية التي هددت بإعادة فرض عقوبات على خلفية البرنامج النووي.

وأكد عراقجي الأحد في بيان أنه أبلغ في مكالمة هاتفية غروسي أن "إيران سترد بشكل مناسب على أي تحرك غير مناسب من جانب الأطراف الأوروبية" في إشارة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

ودعا عراقجي غروسي في المكالمة التي جرت السبت إلى عدم إتاحة الفرصة "لبعض الأطراف" لإساءة استخدام التقرير "لتحقيق أهدافها السياسية" ضد إيران، بحسب البيان.

وتتهم دول غربية والولايات المتحدة إيران بالسعي الى تطوير سلاح ذري، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية، مؤكدة الطابع السلمي لبرنامجها النووي.

وأعلن عراقجي السبت أنه تلقّى "عناصر مقترح أمريكي" بشأن اتفاق حول الملف النووي.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي اليوم في مؤتمر صحافي أسبوعي في طهران "نريد ضمانات بشأن رفع العقوبات"، مضيفا "حتى الآن، لم يرغب الطرف الأمريكي في توضيح هذه المسألة".

"خط أحمر"

وأتت تصريحاته غداة تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يفيد الأحد بأن إيران سرعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة القريبة من مستوى 90% المطلوب للاستخدام العسكري.

وقال الموفد الأمريكي في المحادثات النووية ستيف ويتكوف الشهر الماضي إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستعارض أي تخصيب.

وصرح ويتكوف لموقع برايتبارت نيوز "لا يمكن أن يكون لدى إيران برنامج لتخصيب اليورانيوم مجددا. هذا خطنا الأحمر. لا تخصيب".

وتعهدت إيران مواصلة تخصيب اليورانيوم "مع أو بدون اتفاق" بشأن برنامجها النووي.

وأفادت وسائل إعلام أمريكية السبت بأن الولايات المتحدة أرسلت لإيران مقترحا بشأن اتفاق نووي وصفه البيت الأبيض بأنه "مقبول" و"من مصلحتها" قبوله.

وأوردت صحيفة نيويورك تايمز أن كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض قالت "أرسل المبعوث الخاص ويتكوف اقتراحا مفصلا ومقبولا للنظام الإيراني، ومن مصلحته قبوله".

وأشارت الصحيفة نقلا عن مسؤولين مطلعين على المحادثات الدبلوماسية أن الاقتراح عبارة عن سلسلة من النقاط الموجزة وليس مسودة كاملة.

ويدعو الاقتراح إيران إلى وقف كل نشاطات تخصيب اليورانيوم ويقترح إنشاء تجمع إقليمي لإنتاج الطاقة النووية يضم إيران ودولا عربية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

وأجرت طهران وواشنطن خمس جولات من المباحثات بوساطة عمانية منذ أبريل، مع تأكيد الجانبين إحراز تقدم، رغم تباين معلن بينهما بشأن احتفاظ إيران بالقدرة على تخصيب اليورانيوم.

وأبرمت إيران عام 2015 اتفاقا مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي، أتاح فرض قيود على أنشطتها وضمان سلميتها، لقاء رفع عقوبات كانت مفروضة عليها.

وفي 2018، سحب ترامب خلال ولايته الأولى بلاده بشكل أحادي من الاتفاق وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية التي عمدت بعد عام من ذلك، الى التراجع تدريجا عن غالبية التزاماتها الأساسية بموجبه.

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي القوة غير النووية الوحيدة التي تقوم بتخصيب اليورانيوم عند مستوى 60 في المئة. ويلوح ترامب الساعي إلى اتفاق جديد، بالخيار العسكري في حال فشل المساعي الدبلوماسية.

مقالات مشابهة

  • بيراميدز والأهلي والزمالك.. صراع الثلاثي على زعامة القارة.. تحليل للمنافسة المستقبلية
  • لماذا لا تنجح الحكومة في أداء مهامها في الولايات المتحدة؟
  • إيران تطالب بـضمانات من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • إيران تطالب بـ”ضمانات” من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المنتجين في سلطنة عُمان بنسبة 4.1 بالمائة
  • ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المنتجين في الربع الأول
  • سجل الفائزين بدوري أبطال أفريقيا: تاريخ المنافسة وأبطال القارة
  • حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟
  • تراجع صادرات سيول 1.3% بسبب الرسوم الجمركية على شحنات أميركا والصين