محاضرة توعوية بقصر ثقافة طنطا للتحذير من مخاطر البطالة
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
ناقشت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، تداعيات البطالة على الفرد والمجتمع، وذلك بمحاضرة توعوية، أقيمت أمس بقصر ثقافة طنطا، ضمن البرنامج المعد من وزارة الثقافة.
في كلمته، أوضح الصحفي علاء شبل أن البطالة تعني عدم عمل الفرد، وليس عدم توافر فرص العمل بالمجتمع، مشيرا إلى أن لها العديد من الانعكاسات السلبية على الفرد والمجتمع، أهمها فقدان الشخص العاطل الثقة بنفسه وبمن حوله، كما ويصبح عرضة للإصابة بالإحباط، وممارسة بعض العادات السيئة، كالإدمان، أو الاتجاه نحو ممارسات غير قانونية للحصول على المال.
وقال "شبل" بأن على الشباب البحث عن فرص العمل المتاحة، مع السعي نحو تنمية مهاراتهم وقدراتهم في العديد من المجالات الجديدة، حتى يتسنى لهم مجاراة التطور الهائل في سوق العمل، واستطرد بأن هناك علاقة شديدة بين انتشار البطالة وتصاعد معدلات الجريمة في المجتمع، مؤكدا أن الشاب العاطل عن العمل هو الأكثر عرضة للقيام ببعض من الأعمال الإجرامية كالسرقة، أو الاتجار بالمواد المخدرة، أو النصب والاحتيال، وذلك نظرا لحاجته للمال علاوة على زيادة معدلات التسول في المجتمع وتصاعد معدلات حالات الطلاق.
وأشار إلى أن من أهم أسباب البطالة، هي الفجوة في حجم العرض والطلب في سوق العمل، وحدوث تغيرات تكنولوجية متسارعة، وعدم التوافق بين المهارات المطلوبة لسوق العمل والمهارات الموجود لدى الأفراد، كما استعرض بعضا من الحلول للخروج من الأزمة وذلك عن طريق دعم المؤسسات المدنية وتبنيها للمبادرات، التي تعمل على توظيف الشباب، والسعي الدائم نحو صقل مهارات الخريجين، وتدريبهم بما يتناسب وسوق العمل، مع الاهتمام بقضية الانفجار السكاني، لأنه أحد أهم عوامل البطالة في أي مجتمع.
هذا وضمن فعاليات ثقافة الغربية المقامة بإشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش، توافد العديد من الأطفال إلى مكتبة القرشية الثقافية للمشاركة في فعاليات ورشة للرسم للاحتفال بعيد الربيع، فيما تناول قصر ثقافة المحلة الكبرى مشكلات مرحلة المراهقة، وذلك بمحاضرة تثقيفية، أقيمت بمركز "رعاية" للأحداث.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قصر ثقافة طنطا محاضرة توعوية
إقرأ أيضاً:
الطرد القبلي أو العجز مقلوباً.. قراءة سوسيولجية
تظهر لنا من حين إلى آخر إجراءات تتخذها القبيلة، تحمل طابعًا اجتماعيًا أو سياسيًا. فمثلًا، ترفض القبيلة إعادة الاعتراف بأحد أبنائها لأنه خرج بسلوك معين عن “الكود” القبلي القائم.
وهنا نجد أنفسنا أمام دلالات متعددة لهذا الفعل، تفتح أمامنا أسئلة كثيرة، منها: ما مدى قدرة القبيلة على الثبات والبقاء في القرن الحادي والعشرين؟ ما هي التأثيرات السياسية على الكود القبلي؟ إلى أي درجة تتأثر القبيلة بحالة الحرب والصراع؟ كيف ينعكس العنف السياسي على المجتمع؟ وما هي أشكال وصور العنف الاجتماعي؟ وما هي حدود سلطة القبيلة على الفرد؟
هذه الأسئلة الكثيرة ربما تتطلب مقاربة متعددة الزوايا، أعمق وأشمل من أن تحتويها هذه الخاطرة السريعة.
ويقودنا هذا إلى إعادة النظر في تعريف “القبيلة”: فما هي القبيلة؟
هي مجموعة من البشر مستقرين في نطاق جغرافي معين، تربطهم علاقة قرابة افتراضية، وتشكل لهم “العصبة” الأساسية. هذا التعريف يقتضي وجود تجانس لغوي (لهجوي) وثقافي وسياسي واجتماعي، يُعدّ جذرًا للتضامن داخل القبيلة.
وإذا نظرنا إلى الحالة اليمنية، فإننا لا نجد عناصر هذا التجانس مكتملة، والسبب أن الناس اصبحوا منتمين إلى بنية اجتماعية أوسع، هي الدولة، وقد ولّدت لديهم تقاطعات هوياتية متعددة ومتداخلة. كما أن معيشتهم ومصالحهم الاقتصادية دفعتهم للخروج من النطاق الجغرافي للقبيلة والاستقرار في مناطق أخرى، وخصوصًا المدن او في دول خارج اليمن.
كما أن الحياة السياسية في اليمن فرضت تنوعًا سياسيًا أثّر على التجانس داخل القبيلة، وبالتالي تغيّرت خارطة الولاءات وتراجعت صلابتها.
القبيلة اليوم في حالة عجز وتراجع
كمنظومة للحماية والضبط، لم تعد القبيلة -سيما في الهضبة الشمالية الغربية من اليمن – قادرة على الفعل، وهي الآن في آخر رقصاتها. لقد أثبتت عجزها الكامل أمام تغوّل الجماعة الحوثية، التي تعيد هندسة المجتمع، وتعيد توزيع السلطة داخله، لتضع “السيد” في قمة هرم السلطة السياسية والاجتماعية والدينية. وهكذا، تتحوّل القبيلة إلى تابع كلي في خدمة “السيد”.
لكن من المهم الإشارة إلى أن هناك دراسات حول القبيلة في اليمن اجريت في الوقت الراهن ضمن مقاربة جيوبوليتيكية، غير أن كثيرًا منها إما بالغت في تقدير قدرة القبيلة على خلق توافقات سياسية، عبر تعظيم دور آليات الصلح الاجتماعي، ومحاولة إدماجها في العمليات السياسية، دون الاعتراف بالفارق الجوهري بين المجالين. فبينما تركز القبيلة على قضايا محلية وبسيطة، تبقى القضايا السياسية أكثر تعقيدًا وأوسع نطاقًا.
أما النمط الآخر من هذه الدراسات، فركّز على دور القبيلة في الصراع. بعض هذه الدراسات نظرت إلى القبيلة ككيان مستقل، قادر على الفعل السياسي الذاتي، وهذه نظرة قاصرة؛ إذ لم تفهم لا طبيعة القبيلة ولا طبيعة السياسة في اليمن. فيما يرى نمط آخر أن القبيلة مجرد أداة من أدوات الصراع، تم توظيفها سياسياً، كما فعلت الجماعة الحوثية حينما استغلت “الشرف القبلي” لتطويعه ضمن رؤيتها الأيديولوجية المغلقة.
في خلاصة الأمر، أصبحت القبيلة مقيّدة بقيود لم تعرفها من قبل، وعادت إلى جلباب الزعامة الدينية الهاشمية، بعد أن حرّرتها ثورة سبتمبر – ولو جزئيًا – من تلك الهيمنة.
لكن هذا الضعف لم يحدث فجأة، بل عبر مراحل، أظهر فيها “الوعي القبلي” قدرة على التكيّف، بل وعلى الهروب إلى الأمام. المرحلة الأولى بدأت مع نشوء جيش (حديث) مع وضع النعت بين قوسين، مركز قيادته في المدينة وليس في قصور مشايخ القبيلة.
المرحلة الثانية تمثلت في تحوّل المدينة إلى فضاء متحرر – نسبيًا – من سلطة القبيلة، بفعل الاستقلال المالي والاقتصادي لافراد وأنخراطهم في وظايف حكومية او اشغال تجارية وخدمية.
وهنا يمكن الإشارة إلى عاملين: أولًا، تنامي الفردانية واستقلال الفرد عن الأطر الاجتماعية التقليدية؛ وثانيًا، خروج الفرد من الفضاء القبلي إلى فضاء أوسع، اتخذ فيه مسافة من الكود القبلي – دون الانفصال التام عنه – ما أتاح له هامشًا أوسع للحركة.
أما النقطة الثالثة، فتتمثل في نتائج الهجرة، وهي من الجوانب التي لم تأخذها بعض الدراسات الغربية بعين الاعتبار، حيث لا تزال تنظر إلى القبيلة اليمنية ككيان مغلق وعصي على التحول.
لكن الهجرة إلى الخليج – تحديدًا – أعادت توزيع السلطة داخل القبيلة وخارجها. فقد أتاحت للعديد من الأفراد فرص التعليم والعمل وبناء مكانة اجتماعية جديدة تقوم على الاستحقاق والملكية، لا على النسب أو الانتماء القبلي فقط.
الطبقة الجديدة التي تشكلت اقتصاديا بفضل عائدات التحويلات المالية استقرت في المدنية واتخذت لها أنماطا استهلاكيا جديداً خارج أنماط القبيلة.
كما ساهمت المدينة في توسيع هذا الفضاء، فصارت مصادر الرزق والحماية خارجه، وتراجعت الحماية القبلية إلى دور ثانوي أو احتياطي.
عامل آخر في هذا التراجع هو اتساع رقعة التعليم، وعلو شأن ايديولوجيا الحقوق وبروز مرجعية أخلاقية جديدة: مرجعية الحقوق. فقد هيمنت القبيلة في السابق على المرجعية الأخلاقية الإسلامية وأخضعتها لسطوتها، لكن المرجعية الحقوقية، بعالميتها، فتحت أفقًا جديدًا للناس، وقدّمت منظورًا مختلفًا للعلاقات الاجتماعية والسياسية.
وإذا نظرنا إلى بيئة العنف الواسعة في اليمن، نلاحظ أن القبيلة لم تسلم من التهميش.فالعنف الجاري سياسي المصدر، لكنه مشبع بالدوافع المذهبية والمناطقية، ويهدف إلى إعادة بناء التركيب الاجتماعي وفق معايير أيديولوجية مغلقة، يعاد فيها توزيع السلطة والثروة والمكانة داخل المجتمع.
ولأن القبيلة كانت طرفًا مركزيًا في المعادلة التقليدية، فقد تم تهميشها في هذه الهندسة الجديدة. خُسرت مكاسبها من جهة، ومن جهة أخرى، قُوّضت الدولة كمرجعية عليا، كان يمكن اللجوء إليها باعتباراها سلطة ما فوق القبيلة وتوافقيه وقادرة على امتصاص القبيلة.
العنف السياسي الشامل الذي تشهده اليمن منذ عشر سنوات على الاقل بطريقة مكثفة وغير مشهودة يعمّ كل المجتمع، ويدخله في دوامة من العنف المنحدر، من الأكبر إلى الأصغر. وفي هذه البنية، تقع القبيلة في حلقة وسطى، فتستقبل العنف من الأعلى -من اطراف ما دون الدولة ولكن بعصبية اشد تماسكا وأكثر عنفا على اسس مذهبية وسياسية- وتعيد إنتاجه على من هم دونها، أي على الفرد. تحاول القبيلة، من خلال ذلك، إعادة فرض سيطرتها على الفرد المغترب عنها، وكأنها تحاول ترميم سلطتها المتصدعة.
ظواهر مثل الطرد أو “الإقصاء القبلي”، كما نراها أحيانًا مع فنانين أو في حالات زواج تتجاوز الأطر القبلية، ليست إلا محاولات يائسة لعنفٍ تلقّى إهانة شديدة. لم يعد أمام القبيلة اليوم سوى أن تتشدّد في وقت ضائع، أو أن تأكل أبناءها، بعدما تلقت إهانة سياسية واجتماعية كبيرة خلال السنوات العشر الأخيرة.
المقال نقلا من صفحة الكاتب على “فيسبوك”