البوابة نيوز:
2025-07-03@15:06:49 GMT

المثقف و"الساحر" والقراميط

تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بعد أكثر من 20 عاما على طرحه في دور العرض السينمائي يتصدر فيلم "الساحر" للمخرج الراحل رضوان الكاشف قائمة أكثر الأفلام العربية مشاهدة بعد طرحه في أحد أكبر منصات عرض الأفلام في العالم، كان الفيلم التجربة الإنتاجية الأولى للمخرج المثقف رضوان الكاشف ويعتبر أيضا التجربة السينمائية الأولى التي سيتعامل بها الكاشف مع السينما باعتبارها فن شارع بعد تجربتين سابقتين غارقتين في الذاتية.

لست أدري إن كان راضياً فعلا عن خوض هذه التجربة أم أن الظروف هي ما أجبرته على ذلك، ولأني أصدق أحمد فؤاد نجم حينما وصف المثقف بـ"عدو الزحام"، فأرجح أن طبيعة مثقف كما رضوان الكاشف كانت ستميل إلى الابتعاد عن الزحام لولا أنه يغامر بماله الخاص، فلكي ينتج المثقف فيلما من الطبيعي أن يكون قد باع كل ما يملك وتداين، ويجب على الفيلم أن يبيع حتى لا يقومون الديانة بقتله.

"الساحر" كان يمكن أن يكون امتدادا لـفيلمه السابق "ليه يا بنفسج" لولا أن الكاشف أصبح هو المنتح فضحى بجزء كبير من ذاتيته، تجلى هذا بقوة في أن الفيلم أصبح له عنوانان "الساحر" وهو العنوان الرئيسي المناسب و"نظرية البهجة" وهو العنوان الثانوي الذي جاء وجوده مجانيا وغير مفهوم، لكن "الساحر" مفهوم، مفهوم أنه امتداد لسلسلة أفلام ومسلسلات محمود عبد العزيز التي تحمل اسما واحدا عبارة عن صفة البطل كالجينتل والنمس والقبطان وأبو كرتونة والمصري والهجان، وستدخل الناس قاعات عرض "الساحر" لتتابع هذه السلسلة التي اعتادتها من نجمها المفضل محمود عبد العزيز.

وأظن أن شخصية رضوان الكاشف المثقفة لا تتناغم مع شخصية محمود عبد العزيز العملية الشعبية، فلو كان هناك منتج غيره لاستمر في طبعه الرافض للبطولة المطلقة، ففي كل أفيشات أفلامه السابقة تظهر صور يتساوى فيها جميع الأبطال ويبرز اسم رضوان الكاشف، بينما في أفيش "الساحر" كانت أضخم صورة هي صورة محمود عبد العزيز وأضخم اسم هو اسم محمود عبد العزيز، وهذا مظهر يحسب لرضوان الكاشف، فهذه تعد من النوادر التي يستطيع فيها المثقف أن يتخلى عن الإيجو الخاص به لصالح المصادفة والمجهول.

لم يكن هذا ما تخلى الكاشف عنه فقط بل تخلى عن مساحات طويلة من شريط الصوت الذي احتوى الثقافة السمعية الشعبية للمصريين بأغنية "كذلك في الزمالك" وأغنية الفرح شعبي وأبرز أغاني البوب الأكثر رواجا في تلك الفترة كـ"تملي معاك" لعمرو دياب و"يا ترى يا حبيبي" لبهاء سلطان وأعتقد أن هناك مشاهد أضيفت خصيصا لتخدم على محمود عبد العزيز فهو ممثل كبير وفي رأسه يدور فيلمه الخاص. فيلم مغاير تماما للفيلم الذي يجول في رأس رضوان الكاشف.

ورغم كل هذا لم يتحول الفنان لموظف لدى السوق بل ظل محافظا على ذاتيته ومعاداته للمجانية في العمل الفني، ولو كان هناك بوستر للفيلم غير تجاري فينبغي أن تكون صورة معدلة من أعمال حامد ندا أو جميل شفيق صورة يكون بها القراميط والأوز المصري والحصان البلدي وحَمَام الساحر، يرقصون جميعا في جزيرة وسط نيل حي أثر النبي على أنغام الهارمونيكا الخاصة بحازم (أحد شخصيات الفيلم).

المدهش في الفيلم حالة التناغم التي نجح المخرج في خلقها بين القصة وهندسة المناظر. فالقصة فريدة من نوعها غاصت في مكنون الحي الشعبي المصري وخلقت من جدلياته وأزماته النفسية شخصية مركبة كشخصية "منصور بهجة" الأب الذي ترك كل شيء ليتفرغ لمراقبة ابنته الريانة المثمرة "نور".

حالة هوس ذكرى فريدة من نوعها، جوهرها منتشر في قصص الأوروبيين -دون جوزيه في أوبرا كارمن كمثال-، لكن هوس الذكر منصور بهجة بالتحديد لا يوجد سوى في الأحياء الشعبية في مصر ربما يكون السيناريست سامي السيوي قد استند لقصة حقيقية عن أب ترك العالم ليتفرغ لمراقبة ابنته، ونسج من تلك التيمة شخصية معقدة للغاية؛ ساحر ترك السحر لكنه استمر في شراء الحمام، يحب السينما، حنون مع جيرانه، غامر بكل شيء لإنقاذ طفل من العمى، لكن عقدته الوحيدة تتمثل في ابنته، ولا نعرف لماذا كل هذا الهوس، هل لأنه ساحر فاشل لم يصنع شيئا يشرفه فاعتبر ابنته بعد وفاة أمها هي صنيعة الوحيد فقرر امتلاكه والتشبث به؟! أم أنه رد فعل لتنشئة تعتمد على نوع فريد من الكبت نشأ ذلك الحي عليه؟! وتتعدد التأويلات في ذلك لتلبس هوس الذكورة حالة من الغموض.

جميع أصدقاء "منصور بهجة" هم مجموعة من الفشلة والمحطمين نفسيا، وتقريبا سر حب منصور بهجة لهم يأتي من هذا السبب. فسيد عصب متخصص سابق في "لبش الشوارع" وإبراهيم السايس قضى جل عمره في تربية الخيول وفشل في أن يمتلك حصاناً واحداً له بعد كل هذا العمر وفخري المخبر بعد ٢٠ سنة خدمة في البوليس يفقد الأمل في أن رتبة ما توافق على حضور فرح ابنته وطه السواق الذي أراد أن يكحل حياة منصور فأعماها، وشوقية الحفافة وهي شخصية محورية وخطيرة ليس بسبب الكتابة فقط بل بسبب براعة الممثلة سلوى خطاب. أيضا فشلت في الحفاظ على أسرتها وحتى فشلت في الانتقام من زوجها وأصبحت قليلة الحيلة أمام عين ابنها التي تتجه نحو العمى.

ومن يثيرون الدهشة في هذا العمل الأيقوني هم المصورون ومهندسو الديكور الذين عثروا على هذا الحي الفريد الذي تلتصق فيه البيوت الصغيرة بعضها ببعض للدرجة التي إذا فتح أحدهم شباك منزله يستطيع ان يقفز داخل منزل جاره، فكيف عثروا على هذا الحي وسطح المنزل الذي فوقه يشكل النيل خط أفق للمشاهد وعشة الحمام الأنيقة التي عاشت فيها شوقية الحفافة كحمامة ساحرة مثل باقي الحمامات.

أيضا مدير التصوير بدا وكأنه كاهن من كهنة مصر القديمة في تقديسه للشمس التي تخترق النوافذ وتحسس على أجسام النائمين، وكم هي حنونة شمس الشتاء في القاهرة؟!.

ورغم حضور القاهرة وشعبية شمسها، إلا أن الموسيقى التصويرية كان دورها في الفيلم مثل طائر عناق مكلف بانتشال هذا الحي من محلياه والطواف به حول عالم أكثر رحابة به رباعي وتري وصوليست ساكسفون.

لم يأخذ هذا الفيلم الخطير حقه عالميا رغم تبني المنصة العالمية حاليا عرضه وذلك لأنه خارج تربيطات العالم، لكنه أكبر من أن يأخذ سعفة كان الذهبية ودب برلين، وهذا يكشف مدى زيف الجوائز والمهرجانات في فن السينما بالتحديد. لكن أعتقد أن "الساحر" حقق أرباحا لأنه التحم بالشارع بشكل قوي وتم توزيعه بشكل رهيب. أتذكر التريلر الخاص به فقد لعب كثيرا على نفسية المراهقين والكبت الذي يعيشه بعض أفراد الطبقات الشعبية وهذه طائفة رجالية ضخمة اعتقد ملئوا القاعات وقت طرحه، لقد دخلته برفقة أصدقاء الطفولة في سينما متنقلة في إحدى احتفالات شم النسيم بسفح هرم ميدوم وأتذكر أننا دخلناه تحت وطأة الدعاية للمراهقين كان عمرنا 12 عاما ونريد أن نستكشف كل شيء.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: محمود عبد العزيز المخرج رضوان الكاشف سلوى خطاب النيل القراميط البوابة نيوز منصات المناطق الشعبية محمود عبد العزیز

إقرأ أيضاً:

ايرادات السينما المصرية أمس.. أحمد فهمي يزيح كريم عبد العزيز من الصدارة

تنافس عدد من الأفلام بدور العرض السينمائي في موسم الصيف، ونرصد فى التقرير التالي أبرز المعلومات عن حجم إيرادات هذه الأعمال خلال عرضها أمس.

أحمد وأحمد

حقق فيلم أحمد وأحمد ايرادات وصلت الي 2,709,393  جنيه.

فيلم "أحمد وأحمد" يضم نخبة من النجوم، منهم: أحمد السقا، أحمد فهمي،جيهان الشماشرجي، طارق لطفي، غادة عبد الرازق، علي صبحي، محمد لطفي، ورشدي الشامي. ويأتي العمل من فكرة وسيناريو وحوار أحمد درويش ومحمد عبد الله، ومن إخراج أحمد نادر جلال.

 المشروع x

حقق فيلم المشروع x إيرادات في شباك التذاكر، أمس، بلغت 572,203 جنيه مصري. 

فيلم المشروع x، بطولة كريم عبد العزيز، ياسمين صبري، إياد نصار، أحمد غزي، مريم الجندي، وهنا الزاهد، ومصطفى غريب وهو من تأليف وإخراج بيتر ميمي.

 ريستارت  

كما حقق فيلم ريستارت، بطولة الفنان تامر حسني ايرادات وصلت الي 448,124 جنيه.

جدير بالذكر أن "ريستارت" من بطولة تامر حسني، هنا الزاهد، محمد ثروت، باسم سمرة، عصام السقا، ميمي جمال، أحمد عزيز، وأحمد علي، ويشارك فيه عدد من ضيوف الشرف، أبرزهم: إلهام شاهين، محمد رجب، شيماء سيف، رانيا منصور، توانا الجوهري، ولاعب الزمالك السابق أحمد حسام ميدو والفيلم من تأليف أيمن بهجت قمر، وإخراج سارة وفيق.

أسامة عباس لـ صدى البلد: مسلسل سابع جار طبيعي وهذا سر نجاحهنشرة الفن| تصريحات أسامة عباس.. محمد نور وجنازة والده
 في عز الظهر 

بينما حقق فيلم في عز الظهر، الذي يقوم ببطولته الفنان المصري العالمي مينا مسعود ايرادات وصلت الي 83,108  جنيه. 

الفيلم من إخراج مرقس عادل وتأليف كريم سرور، ويشارك في بطولته مجموعة مميزة من النجوم المصريين والعرب، من بينهم إيمان العاصي، شيرين رضا، جميلة عوض، بيومي فؤاد، محمود البزاوي، ساندرا ديفا، محمود حجازي، محمد علي رزق، محمد عز، أحمد جمال سعيد، أحمد علي، بالإضافة إلى مجموعة مميزة من ضيوف الشرف".

يتناول الفيلم قصة شاب مصري يدخل عالم المافيا الدولية ويصبح أصغر عضو مافيا دولي ، ويُكلف بمهمة خطيرة على الأراضي المصرية، فتتشابك الأحداث ويجد نفسه ممزقًا بين ولائه لجذوره ومحاولته النجاة في عالم يفرض عليه خيارات قاسية لم يكن يتوقعها

سيكو سيكو

حقق فيلم سيكو سيكو بطولة النجمين عصام عمر وطه دسوقي، أمس إيرادات بلغت 14,928 جنيه.

العمل من بطولة عصام عمر، طه دسوقي، باسم سمرة، مع عدد من النجوم الشباب منهم تارا عماد، ديانا هشام، وعلي صبحي، فيما يظهر به خالد الصاوي ضيف شرف، والعمل من تأليف محمد الدباح، وإخراج عمر المهندس، ومن إنتاج أحمد بدوي والشركة المتحدة للإنتاج السينمائي وفيلم سكوير.

وتدور أحداث فيلم سيكو سيكو، حول شابين من عائلة متوسطة يحققان أحلامهما بعد زمن من الانتظار، عندما يحصلان على ميراثهما القانوني أخيرًا بعد وفاة عمهما ولكن سرعان ما لا تتم فرحتهما حيث يكتشفان أن الميراث عبارة عن بضاعة غير قانونية، فيقرر الشابان تصفية تلك البضاعة من خلال بيعها على لعبة تليفون محددة من إنشائهما والتي يسمونها "سيكو سيكو".

طباعة شارك أحمد وأحمد المشروع X في عز الظهر

مقالات مشابهة

  • ايرادات السينما المصرية أمس.. أحمد فهمي يزيح كريم عبد العزيز من الصدارة
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • آية عبد العزيز تكتب: فيلم " أحمد وأحمد" عودة حميدة للأحمدين
  • إجمالي إيرادات الأفلام.. فرحة عصام عمر وكريم عبد العزيز
  • حزن الوجود الساحر
  • بعد رحيله.. أيمن عبد العزيز يوجه رسالة لجماهير الزمالك
  • بعد توجيه الشكر له.. أيمن عيد العزيز: في خدمة الزمالك بأي وقت
  • «المشروع X».. جمهور كريم عبد العزيز ينفق 126مليون جنيه على أجدد أفلامه
  • مواعيد وقنوات عرض مملكة الحرير بطولة كريم محمود عبد العزيز
  • القباني وعبد العزيز يرحلان عن جهاز الزمالك بعد التعاقد مع فيريرا