دير البلح (الأراضي الفلسطينية) «أ ف ب»: تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف الذي يحتاج إلى علاج وغذاء لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل.
ويستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى بدير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.
تقول الطويل «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوافر نهائيا».
وتضيف الأم «أُطعمه حاليا بعض القمح لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصا لحساسية القمح». وتوفي منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 32 شخصا بسبب سوء التغذية.
وقالت منظمة الصحة العالمية أمس إن أكثر من أربعة من أصل خمسة أطفال أمضوا يوما كاملا بدون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال ثلاثة أيام.
وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس في بيان إن «الأطفال يتضورون جوعا».
وبحسب منظمات الإغاثة فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون اليها.
بعد فحص أجراه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حادا.
وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلق من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.
في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.أما الطفل سيف فقد بدا منهكا للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.وتقول والدته نهى الخالدي «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له وهذا يمكن أن يسبب له انفجارا في الأمعاء».
وتضيف الأم «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيرا على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوافر أي نوع حليب في الأسواق».
ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى حازم مصطفى أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.
ويعتبر معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر قبل أن تقوم إسرائيل في السابع من مايو المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.
ومنذ ذلك الوقت لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.
ويقول الطبيب مصطفى وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى إن الأخير يعاني «ضعفا شديدا في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية وخصوصا الحليب للاطفال».
ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سوء التغذیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تونسية تحوّل حليب الناقة إلى ذهب أبيض في مناطق مهمشة
تقترب النوق الواحدة تلو الأخرى بهدوء من آلات الحلب في مركز تديره نساء، في وقت يؤمل فيه أن يسهم حليبها المعروف بمزاياه "العلاجية" في تنمية مناطق صحراوية مهمشة في جنوبي تونس.
لطيفة فريفيطة (32 عاما) أطلقت بالقرب من محافظة مدنين في جنوبي شرقي تونس مركزا فريدا من نوعه في البلاد لبسترة حليب الإبل.
واعتمدت في مشروعها على أبحاث آمال السبوعي البالغة 45 عاما والباحثة في "معهد المناطق القاحلة"، وهو مؤسسة حكومية مقرّها في هذه المنطقة المهمشة سجلت براءة اختراع لتقنيات جديدة للبسترة تضمن "الحفاظ على الخصائص الغذائية والعلاجية" لهذا الحليب.
ويحوي حليب الإبل نسبة حديد أعلى بخمس مرات من حليب البقر، وهو غير مسبب للحساسية وقادر على تحفيز الجهاز المناعي، كما يملك خصائص مضادة للأكسدة والبكتيريا والالتهابات.
وتحمل آمال شهادة دكتوراه في الكيمياء الحيوية التي درستها لمدة 20 عاما، وأثبتت أيضا مع فريقها المكون من 10 أشخاص، 80% منهم باحثات، تأثيره المضاد لمرض السكري الذي يسمح بتقليل جرعات الأدوية بالنصف أحيانا.
وخلال المراحل الأولى من إطلاق المشروع، واجهت لطيفة فريفيطة "صعوبات كبيرة"، أولها إقناع المربين ببيعها الحليب لأنهم يهتمون أكثر بلحم الناقة ولا يثمنون حليبها.
إعلانوتقول في هذا السياق "إنهم معتادون على استهلاكه أو إعطائه مجانا" من دون أن يقدِّروا قيمته.
تعكف مع العاملين معها على اختبار عينات قبل عملية البسترة اللازمة التي تسمح بالحفاظ على الحليب طازجا لمدة تصل إلى 15 يوما عند 4 درجات مئوية.
اليوم وبعدما نجحت في إرساء "علاقة ثقة"، تعمل لطيفة فريفيطة على توقيع اتفاقيات مع المربين.
واحتاجت لطيفة، الحاصلة على ماجستير في تقنيات الأغذية، لسبع سنوات من التحضير قبل إطلاق شركتها الناشئة "شامليه" (حليب الناقة) في العام 2023 بدعم من "معهد المناطق القاحلة"، الذي يستضيفها في حاضنة الشركات على بعد بضعة أمتار فقط من مختبر آمال السبوعي.
تفخر لطيفة بـ"تثمين منتج محلي يمثل الجنوب التونسي" حيث تشكل الجمال عنصرا مهما من بيئة العيش الصحراوية.
فضلت هذه الأم لابنة تبلغ من العمر عامين "البقاء والاستثمار في منطقتها" بدلا من اللحاق بزوجها الذي يعمل خارج البلاد.
وتمثل المحطة التجريبية للحلب التابعة للمعهد في شانشو، مركزا لتدريب ولتعليم المزارعين ومربي الإبل على تقنية الحلب الآلية في هذه المنطقة الفقيرة.
يمكن من خلال الحلب الميكاني در 6 إلى 7 لترات يوميا لكل ناقة مقارنة بلتر واحد إلى لترين من خلال الحلب اليدوي.
بعد عامين على إطلاق المشروع، تنتج لطيفة "500 لتر أسبوعيا، والهدف الوصول إلى ضعف الكمية خلال عامين".
وتقوم "شامليه" التي توظف امرأتين أخريين، ببيع الحليب بحسب الطلب، وفي 12 متجرا بسعر 12 دينارا (4 يورو) للتر الواحد.
ويتزايد الطلب على منتوجها بشكل تدريجي.
وتقول آمال السبوعي "يدرك الناس فوائد هذا الحليب للصحة من خلال كلامهم بالتواتر".
إعلانوإلى جانب منتوجها "شامليه" ثمرة أعمال المختبر، تفكر الباحثة في استعمالات أخرى لهذا المنتج، إذ يمكن من خلال التجفيف بالتجميد -الذي تحتاج إلى براءة اختراع أخرى -أن "يباع كدواء ومكمّل غذائي أو غذاء ذي وظيفة علاجية" إذا توافرت المزيد من الأبحاث.
وبالنسبة للمعهد، يمثل مصنع لطيفة تجسيدا ناجحا لفلسفته القائمة على نقل تجاربه إلى المناطق القاحلة والمهمشة.
وتواجه منطقة مدنين البالغ عدد سكانها 525 ألف نسمة مشاكل اجتماعية كالفقر (22% مقابل 15% على المستوى الوطني) والبطالة (19% مقابل 16% وفقا للأرقام الرسمية)، مما يدفع آلاف الشباب إلى الهجرة.
ويقول المسؤول عن التثمين في المعهد معز الوحيشي "هدفا الرئيسي بوصفنا مركز أبحاث هو خلق قيمة مضافة وفرص عمل" وذلك بدعم "حاملي المشاريع بما في ذلك الخريجون الشباب لتعزيز ثروات المنطقة وخلق فرص للبقاء في تونس".
ومنذ العام 2010، ساهم المعهد في إنشاء 80 شركة، مما أدى إلى استحداث "600 إلى ألف وظيفة"، حسب الوحيشي.
بالنسبة لقطاع حليب الإبل، من شأن إنشاء أول مركز تجميع للحليب بحلول نهاية 2025 وإرساء تقنية الحلب الآلي في عدة مزارع أن يؤديا أيضا إلى توفير وظائف، بحسب الوحيشي، مما يجعل هذا المنتج المهمش "ذهبا أبيض" للمنطقة.