يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات عديدة أبرزها الهجرة غير النظامية ومسألة اللجوء السياسي. ومن بين الحلول التي اقترحتها المفوضية الأوروبية لوضع حد لهذه المشكلة، المصادقة على ميثاق الهجرة واللجوء. فماذا يعني هذا الميثاق وماهي أهدافه؟ وكيف تنظر إليه الأحزاب السياسية التي ستخوض غمار الانتخابات الأوروبية؟

بعد سنوات من الجدل والخلافات السياسية، منح الاتحاد الأوروبي في 14 مايو/ أيار الضوء الأخضر لاعتماد ميثاق أوروبي للهجرة واللجوء الذي سيتم التعامل به تدريجيا لغاية أن يطبق بشكل كامل في 2026.

والهدف منه، محاربة الهجرة غير الشرعية وتقليص الهجرة النظامية، فضلا عن تعقيد سبل الحصول على اللجوء السياسي في دول الاتحاد الأوروبي. كما أنه يجبر دول الاتحاد على تقاسم العبء المالي الناتج عن استقبال المهاجرين الذين يصلون إلى أراضيها بشكل غير شرعي. وهذا ما ترفضه بعض الدول التي تحكمها أحزاب قومية، على غرار المجر وبولندا والنمسا إضافة إلى سلوفاكيا.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين هي التي طرحت للمرة الأولى فكرة هذا المشروع في برنامجها الانتخابي. كان ذلك خلال ترشحها للمنصب في يوليو/تموز 2019.

لكن الخلافات في الرؤى وفي طريقة التعامل مع ملف الهجرة من قبل كل دولة أبقى الفكرة في أدراج البرلمان الأوربي سنوات طويلة قبل أن يتم إخراجها من جديد. وجاء ذلك على ضوء موجة المهاجرين غير الشرعيين التي عرفتها أوروبا خلال الأشهر الماضية من جهة واقتراب موعد الانتخابات الأوروبية المقررة في 9 يونيو/حزيران القادم من جهة أخرى.

فيما يلي بعض المعلومات لفهم معنى وأهداف الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء، وموقف الأحزاب الأوربية منه.

ماذا نقصد بالميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء؟

هو ميثاق تمت المصادقة عليه في 14 مايو/أيار 2024 من قبل الاتحاد الأوروبي بهدف محاربة الهجرة غير الشرعية وفرض مبدأ المساعدة والدعم بين جميع دول أعضاء الاتحاد.

سيدخل الميثاق حيز التنفيذ بشكل نهائي في 2026، لكن المفوضية الأوروبية قررت تقديم الخطوط العريضة في نهاية شهر يونيو/حزيران أي بعد الانتخابات الأوروبية.

يهدف الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء إلى إصلاح سياسة الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي التي لاقت انتقادات عديدة ولاذعة من قبل بعض الحكومات القومية وأحزاب اليمين المتطرف التي اقتنعت بأن كل السياسات التي طبقت منذ الأزمة التي عرفتها أوروبا في 2015 و 2016 لم تأت بثمارها.

اقرأ أيضاالانتخابات الأوروبية: هل اليمين المتطرف على موعد مع اختراق تاريخي للبرلمان؟

 

جدير بالذكر أنه منذ العام 2000، يقع التعامل مع طلبات اللجوء والهجرة على عاتق الدول التي يصل إليها المهاجرون للمرة الأولى وذلك وفقا لمعاهدة دبلن.

ما جعل إيطاليا واليونان تواجهان تدفقا كبيرا للمهاجرين غير الشرعيين، يصلون إلى شواطئهما عبر قوارب "الموت". بالمقابل، غالبية الدول الواقعة شرق أوروبا كانت ترفض استقبال المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها إلى غاية اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا (في 24 فبراير/شباط 2024).

ماهي أهداف الميثاق؟

أولا: تشديد الرقابة على الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي

هذا يعني بأن دول الاتحاد الأوروبي ستفتح "مراكز احتجاز" أو استقبال المهاجرين قرب الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي وفي بعض المطارات للقيام بعمليات "الفرز".

يمكن لهذه المراكز استيعاب 30 ألف مهاجر وسيمولها الاتحاد الأوروبي والوكالة الأوروبية لللاجئين والوكالة الأوروبية لحرس الحدود وخفر السواحل (فرونتكس).

هدف عمليات الفرز هو تحديد هل يجب إبعاد المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية في حال تم رفض منحهم اللجوء. عملية الإبعاد لا يجب أن تتجاوز مدة زمنية قدرها 7 أيام. وسيتم خلال عملية الإبعاد أخذ بصمات أصابعهم وجميع بياناتهم الشخصية كالهوية وتاريخ ومكان الولادة إلخ.

أما بخصوص المهاجرين القابلين للحصول على حق اللجوء السياسي، فعليهم إيداع ملف كامل وانتظار الرد خلال مدة لا تتعدى 12 أسبوعا. وبعد نهاية هذه المدة المخصصة لدراسة الملفات، يمكن للمهاجرين الذين تحصلوا على جواب إيجابي دخول الفضاء الأوروبي.

ثانيا: تعزيز التضامن ما بين دول الاتحاد لمكافحة الهجرة غير الشرعية

في حال وصول عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين إلى بعض دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما المطلة على المتوسط، سيكون من حق المفوضية الأوروبية تفعيل ما تسمى "آلية التضامن" ما بين الدول الأعضاء.

اقرأ أيضانبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخابات الأوروبية؟

وأمام دول الاتحاد خياران اثنان: إما استقبال جزء من المهاجرين وطالبي اللجوء على أراضيها أو منح مساعدة مالية للبلد المتضرر لبناء مراكز للإيواء في انتظار القيام بعمليات الفرز.

ويرغب الاتحاد الأوروبي بتوزيع طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين في المستقبل القريب على جميع دول الاتحاد. وأي بلد يرفض استقبال حصته من المهاجرين سيدفع غرامة مالية قيمتها 20 ألف يورو عن كل مهاجر. وفي هذا الصدد يتوقع أن تستقبل فرنسا 4000 شخص من بين 30 ألفا.

كما سيتم إنشاء صندوق تضامن ما بين دول الأعضاء لتقديم الدعم المالي لأي بلد يواجه أزمة مهاجرين.

ثالثا: تنسيق تطبيق الميثاق بين جميع دول الاتحاد

الهدف من ذلك هو التأكد من أن كل دولة تطبق نفس القوانين وتحترم جميع الإجراءات التي ينص عليها الميثاق، لا سيما فيما يتعلق بملف اللجوء السياسي وأن تكون نزيهة في معاملاتها مع ملفات طالبي اللجوء.

في هذا الصدد، إحدى مهمات وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء التي تأسست في يناير/تشرين الثاني 2022 خلفا للمكتب الأوروبي للجوء السابق، تتمثل في تقديم الدعم والاستشارة القانونية للدول التي تدرس ملفات اللجوء فضلا عن تدريب المتخصصين القانونين في هذا المجال.

رابعا: تسهيل عملية إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية

اقترحت المفوضية الأوروبية تكثيف الاتفاقيات مع البلدان الأصلية للمهاجرين لكي تسمح بعودة مواطنيها الذين لم تتم تسوية أوضاعهم الإدارية. بالمقابل، تعهدت المفوضية برفع عدد تأشيرات السفر للدول التي تستقبل مواطنيها المبعدين من أوروبا. وفق إحصاءات الاتحاد الأوروبي، تقدر نسبة المهاجرين غير الشرعيين الذين يعودون إلى أوطانهم الأصلية بنحو 21 بالمائة.

ما هو موقف الأحزاب الأوروبية المشاركة في الانتخابات من هذا الميثاق؟

رحبت أحزاب اليمين الجمهوري في أوروبا بهذا الميثاق وهي ترى فيه حلا ناجعا لأزمة الهجرة غير الشرعية.

أما الأحزاب القومية واليمينية المتطرفة، فهي تعتقد بأن الميثاق لن يحل مشكلة الهجرة لأنه يتسم بكثير من الليونة. فعلى سبيل المثال، اقترح حزب "التجمع الوطني" الفرنسي أن تتم دراسة ملفات طالبي اللجوء في السفارات والقنصليات الفرنسية المتواجدة في بلدانهم وأن لا يأتوا إلى فرنسا.

كما اقترح أيضا إبعاد كل المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى دول الاتحاد الأوروبي وعدم دراسة ملفاتهم أو استقبالهم، بشكل أوتوماتيكي. إضافة إلى هذا، اقترحت الأحزاب القومية المتطرف، لا سيما في المجر وسلوفاكيا وهولندا، فرض رقابة على مستوى الحدود الداخلية وليس الخارجية للاتحاد الأوروبي.

فهل ستغير نتائج الانتخابات الأوروبية المقررة الأحد المقبل مصير هذا الميثاق؟

طاهر هاني

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: المهاجرین غیر الشرعیین الانتخابات الأوروبیة دول الاتحاد الأوروبی المفوضیة الأوروبیة اللجوء السیاسی هذا المیثاق الهجرة غیر

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي يعلّق على الرسوم الأميركية على الصلب

أعرب الاتحاد الأوروبي، اليوم السبت، عن "أسفه العميق" بسبب رسوم جمركية جديدة فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصلب والألمنيوم مؤكدا أنها "تقوض الجهود المبذولة للتوصل إلى حل تفاوضي" مع الولايات المتحدة.
وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية "إذا لم يتم التوصل إلى حل مقبول للطرفين"، فإن "تدابير مضادة" أوروبية "ستدخل حيز التنفيذ تلقائيا في 14 يوليو، أو حتى قبل ذلك إذا اقتضت الظروف"، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي "مستعد" للرد.
وقالت المفوضية الأوروبية إن قرار ترامب "يزيد من حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي ويرفع التكاليف على المستهلكين والشركات على ضفتي الأطلسي".
وأعلن الرئيس الأميركي، أمس الجمعة، أنه سيضاعف الرسوم الجمركية المشددة على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% اعتبارا من الأربعاء المقبل.
كان الاتحاد الأوروبي يأمل في "انطلاقة جديدة" للمفاوضات عقب محادثة هاتفية بين ترامب ورئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين قبل أسبوع.
وتحدث ماروس سيفكوفيتش مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي  مع نظيره الأميركي هاورد لوتنيك مرارا في الأيام الأخيرة.
ويُتوقع أن تُعقد محادثات جديدة الثلاثاء أو الأربعاء، على هامش اجتماع وزاري في باريس لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وخلال الأشهر الأخيرة، واجه الاتحاد الأوروبي ثلاث زيادات جمركية من الولايات المتحدة على منتجاته، أوّلها في منتصف مارس بنسبة 25% على الألمنيوم والفولاذ ثمّ 25% على السيّارات و20% على كلّ المنتجات المتبقية في أبريل، قبل أن يتم تعليقها حتى 9 يوليو بانتظار نتيجة المفاوضات.
لكن نسبة 10% لا تزال سارية على معظم السلع التي تُصدرها الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة.

أخبار ذات صلة الاتحاد الأوروبي يعلن التزامه بمحادثات التجارة مع أميركا الأردن والاتحاد الأوروبي يبحثان دعم حل الدولتين المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • لضيوف الرحمن.. أبرز المزايا التي توفرها خدمة "حج بلا حقيبة"
  • إزفيستيا: ما أبرز الأسلحة بعيدة المدى التي تعمل أوكرانيا على تطويرها؟
  • ما هي المصلحة الأوروبية من فرض عقوبات على إسرائيل؟
  • أبرز القرارات التي تم الاتفاق عليها في اجتماع اتحاد الكرة مع الرابطة وممثلي الأندية
  • مسؤول حزب: الانتخابات المقبلة مجرد تدوير نفس الوجوه التي دمرت البلاد والعباد
  • ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي
  • الاتحاد الأوروبي يعلّق على الرسوم الأميركية على الصلب
  • هزة أرضية وألسنة نار وعنف مفاجئ.. أبرز الأحداث العالمية التي تصدرت العناوين اليوم!
  • ألمانيا تبحث عن "دول ثالثة" لإرسال طالبي اللجوء
  • وزير الداخلية الألماني: أوروبا بحاجة إلى دول ثالثة مستعدة لاستقبال المهاجرين