DuckDuckGo ينغمس في بركة الدردشة الآلية بالذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
نظرًا لعدم وجود عدد كافٍ من روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، فإننا نحصل على واحدة أخرى.
هذا، المسمى AI Chat، يأتي من DuckDuckGo، محرك البحث الذي يركز على الخصوصية والذي من الواضح أنه لا يريد أن يشعر بالتخلف في سباق التسلح للذكاء الاصطناعي.
قامت الشركة باختبار AI Chat خلال الأشهر القليلة الماضية، ولكنها اعتبارًا من اليوم متاحة للجميع.
على عكس الروبوتات المستقلة الأخرى مثل Gemini من Google وChatGPT من OpenAI والتي يتم تشغيلها بواسطة نماذج لغوية كبيرة خاصة بها، فإن AI Chat من DuckDuckGo ليس كذلك.
بدلاً من ذلك، فكر في الأمر كطريقة للوصول إلى روبوتات الدردشة المتعددة في مكان واحد. في الوقت الحالي، تتيح لك دردشة الذكاء الاصطناعي الاختيار بين GPT 3.5 من OpenAI، وAnthropic's Claude 3 Haiku، وMeta's Llama 3، وMistral's Mistral 8x7B، وتقول الشركة إن المزيد من النماذج ستتوفر قريبًا. تتلخص الاختلافات الرئيسية بينهما إلى حد كبير في عدد المعلمات - الحديث الفني عن الإعدادات التي يمكن لنموذج لغة كبير تعديلها ليعطيك إجابة - كل واحد منها. إذا لم تعجبك إجابة النموذج، يمكنك تجربة إجابة أخرى.
AI Chat مجاني للاستخدام ولكنه مقيد بالحد اليومي. وقالت الشركة إنها تستكشف خطة مدفوعة ستتيح الوصول إلى حدود أعلى بالإضافة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدمًا. قال DuckDuckGo أنه يمكنك استخدام AI Chat لطرح الأسئلة وصياغة رسائل البريد الإلكتروني وكتابة التعليمات البرمجية وإنشاء مسارات السفر من بين أشياء أخرى، لكنه لا يقوم بإنشاء صور بعد.
ليس من المستغرب أن يؤكد DuckDuckGo على مدى خصوصية استخدام AI Chat مقارنة باستخدام ChatGPT أو Claude بمفرده. تدعي الشركة أن أسئلتك والإجابات التي تم إنشاؤها لن يتم استخدامها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. "[نحن] نستدعي نماذج الدردشة الأساسية نيابةً عنك، ونزيل عنوان IP الخاص بك تمامًا ونستخدم عنوان IP الخاص بنا بدلاً من ذلك،" كتب Nirzar Pangarkar، المصمم الرئيسي لـ DuckDuckGo في منشور بالمدونة. "بهذه الطريقة يبدو أن الطلبات تأتي منا وليس أنت." وإذا كنت تفضل عدم التعامل مع برنامج الدردشة الآلي عندما تحاول البحث بشكل مجهول، فإن DuckDuckGo يتيح لك إيقاف تشغيل الميزة بسهولة.
إن محادثات الذكاء الاصطناعي منفصلة عن DuckAssist، وهي ميزة أخرى مدعومة بالذكاء الاصطناعي أضافتها DuckDuckGo العام الماضي والتي توفر ملخصات تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في أعلى نتائج البحث. إنها تمامًا مثل ميزة AI Overviews من Google، وهي الميزة الجديدة المثيرة للجدل التي طلبت من الأشخاص مؤخرًا تناول الحجارة ووضع الغراء على البيتزا الخاصة بهم، باستثناء أن DuckAssist تلتزم بمصادر موثوقة مثل ويكيبيديا لتوليد ردودها. يعتقد DuckDuckGo أن AI Chat وDuckAssist متكاملان. "إذا بدأت باستخدام البحث، فقد ترغب في التبديل إلى AI Chat لاستفسارات المتابعة للمساعدة في فهم ما قرأته، أو للحصول على إجابات سريعة ومباشرة للأسئلة الجديدة التي لم يتم تناولها في صفحات الويب التي كتب بانجاركار: "رأيت". "الأمر كله يعود إلى تفضيلاتك الشخصية."
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
عبيدلي العبيدلي
خبير إعلامي
يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الظواهر التقنية المعاصرة التي يعتقد الكثيرون أنها ستُعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين. فمنذ بداية الألفية، تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد كونه فرعًا نظريًا في علوم الحوسبة، إلى محرك فعلي لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وربما العالمي، بما في ذلك تشكيل سلاسل الإنتاج، وأسواق العمل، وأنظمة اتخاذ القرار. ومع كل طفرة في هذا المجال، تتسارع التحولات الاقتصادية، وتتشكل استقطابات فكرية جديدة تتوزع بين مؤيدين يرون فيه أداة فعالة لتحفيز النمو، ومعارضين له لا يكفون عن التحذير من مغبة تداعيات انعكاساته الاقتصادية البنيوية.
يمتاز الجدل حول الذكاء الاصطناعي بطابعه الديناميكي، إذ لا يتصل فقط بفعالية التقنية، بل يتقاطع مع قضايا توزيع الثروة، ومستقبل العمل، والمساواة الرقمية، والسيادة الاقتصادية. وقد بات من الملحّ، بشكل قاطع، التفكير فيه باعتباره قضية سياسية–اقتصادية–أخلاقية بامتياز، تتطلب تجاوز التقييمات التقنية البحتة نحو تحليلات عميقة للبنى الاقتصادية والاجتماعية.
تهدف هذه المقالة إلى تفكيك هذا الجدل من خلال عرض شامل لحجج المؤيدين والمعارضين، وتحليل القضايا المحورية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الاقتصاد، مع تقديم حالات واقعية تجسد الاتجاهين، وأخيرًا استشراف مآلات هذه التحولات على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
مواقف المؤيدين: الذكاء الاصطناعي رافعة للتحول الاقتصادي
يرى المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية في تاريخ التطور الإنتاجي للبشرية، مكافئة لاختراع الكهرباء أو الإنترنت. وتتركز مبرراتهم في خمسة محاور أساسية هي:
رفع الإنتاجية وتقليل التكاليفتُظهر التجارب أن الذكاء الاصطناعي قادر، وبكفاءة غير مسبوقة، على مضاعفة إنتاجية القوى العاملة البشرية من خلال الأتمتة الذكية وتحليل البيانات والتعلّم الآلي. فالشركات التي تبنت أدوات تحليل البيانات والتنبؤ باستخدام AI – كـ Amazon وAlibaba، نجحت في خفض تكاليف التشغيل، وزيادة كفاءة سلسلة الإمداد، وتسريع دورة الإنتاج. وتُشير دراسة صدرت في العام 2022 عن مؤسسة PricewaterhouseCoopers (PWC) إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030.
خلق نماذج أعمال جديدةلا يقتصر أثر الذكاء الاصطناعي على تحسين العمليات التقليدية، بل يفتح الباب أمام نماذج أعمال جديدة بالكامل. فالخدمات المالية مثلًا شهدت ظهور شركات FinTech تستخدم الذكاء الاصطناعي في تقييم الجدارة الائتمانية والتسعير التفاعلي. وفي الطب، بات التشخيص القائم على AI يتفوق على بعض القدرات البشرية. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يُقصي العمل البشري، بل يُعيد تعريفه.
تمكين الدول النامية عبر القفزات التقنيةمن أبرز وعود الذكاء الاصطناعي قدرته على مساعدة الدول النامية في تجاوز مراحل التصنيع التقليدي. ففي الهند مثلًا، ساعدت أدوات الذكاء الاصطناعي المزارعين في التنبؤ بالمواسم الزراعية وتحسين الإنتاج. أما في كينيا، فتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة شبكات الكهرباء المحدودة لتعظيم كفاءتها. هذا الاستخدام "التنموي" يخلق أملًا بإعادة التوازن العالمي عبر التكنولوجيا.
تعزيز الحوكمة واتخاذ القرار الاقتصاديتُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي اليوم في تحليل اتجاهات الاقتصاد الكلي، وتقييم المخاطر الائتمانية، وضبط التهرب الضريبي. فالهند طوّرت نظامًا رقميًا يعتمد على AI لرصد التجارة غير الرسمية والتهرب من الضرائب، مما ساعد في رفع الإيرادات العامة بنسبة 14%. كما تلجأ بعض الحكومات إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة نتائج السياسات الاقتصادية قبل تطبيقها.
تسريع البحث العلمي والابتكاربفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، ساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة البحث العلمي، خاصة في مجالات الأدوية، والطاقة، والمناخ. كما أدى إلى تخفيض تكاليف الابتكار، مما يُمكّن الشركات الناشئة من المنافسة في مجالات كانت سابقًا حكرًا على الشركات العملاقة.
مواقف المعارضين: الذكاء الاصطناعي كتهديد اقتصادي بنيوي
رغم الحماس الذي يُبديه أنصار الذكاء الاصطناعي، فإن معارضيه يُثيرون مخاوف جوهرية تتجاوز المسائل التقنية إلى بنية الاقتصاد العالمي نفسه. يرى هؤلاء أن الذكاء الاصطناعي، في صيغته الحالية، وجوهر أدائه التقني، لا يخدم التنمية الشاملة، بل يُكرّس الاحتكار، ويقضي على الوظائف، ويُعمّق الفجوة الطبقية، ويُضعف قدرة المجتمعات على السيطرة على مستقبلها الاقتصادي ويمكن تلخيص دعوات المنتقدين في النقاط التالية.
تهديد سوق العمل وتفكيك الطبقة الوسطىيشير المنتقدون إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الملايين من الوظائف، خاصة في المجالات المتوسطة المهارة التي شكلت تاريخيًا عماد الطبقة الوسطى. فعلى سبيل المثال، تعمل تقنيات الترجمة الآلية على تقليص الحاجة للمترجمين، وتقوم خوارزميات المحاسبة بتقليل الطلب على المحاسبين التقليديين، بينما بدأت السيارات ذاتية القيادة تُهدد وظائف سائقي الأجرة والنقل.
وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، من المتوقع أن تستبدل الأتمتة نحو 85 مليون وظيفة بحلول العام 2025، رغم خلقها وظائف جديدة. إلا أن هذه الوظائف تتطلب مهارات عالية في البرمجة، وتحليل البيانات، والرياضيات، وهي مهارات لا تمتلكها الغالبية العظمى من العاملين حاليًا. هذا الخلل قد يؤدي إلى بطالة هيكلية مزمنة وتآكل الاستقرار الاجتماعي.
تعميق الاحتكار وتركيز الثروةيرى كثيرون، ممن يقفون في وجه توسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي، أنه بوعي أو بدون وعي، يُعزز من هيمنة الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تمتلك البيانات الضخمة والبنى التحتية السحابية. فشركات مثل Google وMeta وAmazon تملك من المعلومات والقدرات الحسابية ما يُمكّنها من احتكار الابتكار وتوجيه السوق وفق مصالحها. وهذا الوضع يخلق ما يسميه بعض الاقتصاديين "الرأسمالية الخوارزمية"، حيث يتحول السوق إلى مساحة مغلقة تديرها خوارزميات بلا شفافية.
هذا التركّز لا يُضعف فقط المنافسة، بل يخلق فجوة عميقة بين الشركات العملاقة وبقية الفاعلين الاقتصاديين، ويمنع الشركات الناشئة في الدول النامية من الدخول الجدي إلى السوق.
إخفاقات أخلاقية وتمييز منهجيالعديد من حالات سوء استخدام الذكاء الاصطناعي كشفت عن ميل هذه التكنولوجيا إلى إنتاج نتائج متحيزة وغير عادلة. تعود هذه المشكلة إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُدرَّب على بيانات تاريخية تعكس أوجه التمييز الطبقي أو العرقي أو الجندري في المجتمع. على سبيل المثال، في عام 2018 اضطرت شركة Amazon إلى سحب نظام توظيف آلي تبين أنه يقلل تلقائيًا من تقييم السير الذاتية للنساء.
تنعكس هذه التحيزات في القرارات الاقتصادية: من يُمنح قرضًا؟ من يتم قبوله في الوظيفة؟ من يُصنف كزبون مميز؟ الذكاء الاصطناعي هنا لا يُعيد إنتاج التمييز فقط، بل يُخفيه تحت قناع "الحياد الرقمي".
تقويض السيادة الاقتصادية الوطنيةيرى النقاد أن الذكاء الاصطناعي، وخاصة في مجال صنع القرار الاقتصادي، يُضعف قدرة الدول على التحكم في سياساتها. فمع ازدياد الاعتماد على خوارزميات خارجية في القطاعات الحيوية، تفقد الحكومات، وعلى وجه الخصوص حكومات الدول الصغيرة أو النامية، السيطرة على أدوات الرقابة والتنظيم. في حالات عديدة، باتت قرارات تتعلق بالإقراض أو التوظيف أو الاستثمار تُتخذ بناء على أنظمة خوارزمية مملوكة لشركات خاصة لا تخضع للرقابة العامة.
الأمر لا يقتصر على الدول النامية، بل يمتد إلى الاقتصادات المتقدمة، حيث بدأت البنوك والشركات الكبرى تعتمد على نماذج ذكاء اصطناعي من تطوير شركات خارجية، ما يخلق تهديدًا حقيقيًا لـ "السيادة الاقتصادية الرقمية".
نشوء أزمات اقتصادية خوارزميةأحد المخاوف الكبرى يتعلق بالقدرة المحدودة للبشر على توقع وتفسير سلوك أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة. فقد نشهد في المستقبل أزمات مالية أو تجارية أو استهلاكية ناتجة عن قرارات آلية غير مفهومة أو تفاعل تلقائي بين أنظمة متنافسة. مثال على ذلك ما حدث في "الانهيار الخاطف" (Flash Crash) في بورصة نيويورك عام 2010، حيث أدت معاملات آلية إلى انهيار الأسواق خلال دقائق دون تدخل بشري.
لذا يحذر المعارضون من أخطار تنامي استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي أنه إذا استمر الاعتماد المفرط على أنظمة لا يمكن تفسيرها أو مساءلتها، فقد نصل إلى نقطة تفقد فيها المؤسسات الاقتصادية سيطرتها على أدواتها نفسها.
رابط مختصر