وضع إسرائيل على قائمة قتلة الأطفال.. الأهمية الحقوقية والقانونية
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
في الرابع عشر من الشهر الحالي يعرض أمام مجلس الأمن تقرير الأمين العام السنوي بشأن الأطفال والصراعات المسلحة وملحقه الخاصّ المعروف باسم "قائمة العار"، وقد تمّ الكشف عن أنّ قائمة هذا العام، ستشمل جيش إسرائيل بصفته ينتهك حقوق الأطفال الفلسطينيين. وسيُنشر التقرير رسميًا يوم 18 يونيو/حزيران في مؤتمر صحفي.
وسيكون القرار الأممي بضمّ إسرائيل إلى "قائمة العار" – حال اتخاذه – ساري المفعول لمدة أربع سنوات، ويفترض أن يعتمده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وكانت الأمم المتحدة قد تعرّضت لانتقادات حادّة خلال السنوات الماضية لعدم إدراج إسرائيل على "قائمة العار" المرتبطة بعدم احترام حقوق الأطفال.
فما هي الأهمية الحقوقية والقانونية لهذا التصنيف، وكيف يمكن استثماره؟
معايير تصنيف الدولثمة أفعال اعتبرتها الأمم المتحدة أن القيام بها بحقّ الأطفال يضيف دولها إلى القائمة السوداء "قائمة العار"؛ لاحتوائها على جهات متّهمة بارتكاب انتهاكات بحقّ أطفال في النزاعات، بما في ذلك قتلهم أو تشويههم أو تجنيدهم أو اختطافهم أو ارتكاب أعمال عنف جنسي بحقّهم، ومن هذه الأفعال:
القتل: وهو فعل غير ضروري وغير مرغوب فيه ومتعمد يؤدّي إلى وفاة طفل، أو يهدف إلى التسبب في وفاة طفل. العنف البدني غير المميت: وهو فعل غير ضروري وغير مرغوب فيه ومتعمد يستخدم القوة البدنية ضد جسم طفل ويؤدي أو يمكن أن يؤدي إلى الإصابة أو الألم أو الانزعاج. العنف الجنسي: فعل غير مرغوب فيه وغير ضروري ومتعمد ذو طبيعة جنسية، سواء تم إكماله أو محاولة القيام به، يتم ارتكابه ضد طفل، بما في ذلك لأغراض استغلالية. العنف النفسي: فعل غير ضروري وغير مرغوب فيه ومتعمد يضر أو يحتمل بشكل كبير أن يضر بتقدير الطفل لذاته أو هويته أو تطوره. الإهمال: فشل غير ضروري وغير مرغوب فيه ومتعمد ومستمر في تلبية احتياجات الطفل البدنية أو النفسية، أو حماية الطفل من الخطر، أو الحصول على الخدمات الطبية أو التعليمية أو غيرها من الخدمات عندما يكون لدى الأشخاص المسؤولين عن رعاية الطفل الوسائل والمعرفة والوصول إلى الخدمات للقيام بذلك.معظم هذه الأفعال تنطبق على سلوك جيش الاحتلال ضد الأطفال، حيث أدت العمليات العسكرية إلى استشهاد أكثر من 15500 طفل بحسب تقرير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. وبحسب تقرير لمنظمة اليونيسف فإن 9 من كل 10 أطفال في غزة يعانون من نقص خطير في الغذاء، وإن سوء التغذية يزيد من الخطر على الحياة في القطاع.
أنشئت "قائمة العار" هذه من طرف الأمين العام للأمم المتحدة عام 2002، كأداة مهمة في الجهود الرامية لمنع الانتهاكات ضد الأطفال، أو كبح جماحها خلال الحروب، إذ يشكّل وصف الجناة بها ضغطًا سياسيًا وأدبيًا؛ لإجبارها على الامتثال لاحترام قواعد الحرب.
ردود فعل إسرائيلية هستيريةوقد صدرت ردود فعل إسرائيلية هستيرية على هذا القرار، طالت الأمم المتحدة بشكل عام، وأمينها العام أنطونيو غوتيريش بشكل خاص. لما يمثله التقرير من صعْقة قوية لصورة إسرائيل على المستوى الخارجي.
وصف مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان القرار بأنه مخزٍ. بينما قال بنيامين نتنياهو إن "الأمم المتحدة أدرجت اليوم نفسها على قائمة التاريخ السوداء بانضمامها إلى أولئك الذين يدعمون مجرمي حماس". وأضاف أن الجيش الإسرائيلي "هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، وما من قرار أممي وهمي بوسعه أن يغير هذا الأمر".
أما وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، فقد قال إن القرار "ستكون له عواقب على علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة".
أهمية القرار حقوقيًا وقانونيًايضع القرار إسرائيل وللمرّة الثالثة خلال أشهر قليلة تحت مجهر كبرى الهيئات الدولية ويعرض مكانتها الدولية لهزة من عيار ثقيل. فهي متهمة، أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب جريمة إبادة جماعية في غزة بعد الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، وانضمت إليها دول أخرى تباعًا كان آخرها إسبانيا. كما أن مذكرات توقيف قد تصدر بأية لحظة من مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وها هي اليوم أمام أسوأ تصنيف ضمن التقارير التي تصدرها الأمم المتحدة.
يمثل هذا التصنيف كابوسًا حقيقيًا للاحتلال؛ لأنه يستند إلى أفعال مشينة قام بها جيشه بحق الأطفال، وهو ينسف كذبة إسرائيل من أنها دولة ديمقراطية وأن جيشها جيش أخلاقي.
قد لا تكون للقرار تبعات قانونية مباشرة على إسرائيل الآن (جزائية أو مدنية)، ولكنه سيشكل وثيقة هامة ضمن الوثائق التي تستفيد منها الدول المشاركة في الدعوى أمام محكمة العدل الدولية، وعلى رأسها جنوب أفريقيا وإسبانيا، وكذلك القضية المنظورة أمام المحكمة الجنائية الدولية، وقد يسرع هذا التقرير من إصدار مذكرات الاعتقال بحقّ قادة إسرائيليين.
على المستوى الحقوقي، وعلى مستوى العلاقات الدبلوماسية فإن دولًا قد تتخذ إجراءات عقابية: تجارية، سياسية، دبلوماسية في تعاملها مع إسرائيل. كما سيؤجّج الغضب الشعبي والإعلامي تجاه إسرائيل، وسيزيد حجم التظاهرات والاحتجاجات المنددة بجرائم الإبادة.
ولن يكون القرار محرجًا فقط لإسرائيل بل للدول التي ترسل شحنات الأسلحة القاتلة والفتّاكة التي تقتل الأطفال، وعلى رأسها الولايات المتحدة وألمانيا، وقد نرى دولًا تتخذ قرارًا بإيقاف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
من الممكن أن يشكّل وضع إسرائيل على "قائمة العار" فرصةً لتصحيح الخطأ التاريخي بإلغاء مساواة الصهيونية بالعنصرية عام 1991. ويمكن أن تشكّل الدول الصديقة حراكًا دبلوماسيًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الخصوص. كما أنه من الممكن تمامًا طرح مشروع في الأمم المتحدة لإسقاط عضوية إسرائيل في الجمعية العامة بعدما خالفت الشروط الموضوعية: (محبة للسلام، التعاون، احترام ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك أجسامها خصوصًا محكمة العدل الدوليّة)، والشروط الخاصة: (تطبيق القرار 181 والقرار 194) لقبول الدول ضمن الأسرة الدوليّة.
قد لا يستطيع هذا القرار وقف الحرب أو إنصاف المظلومين في غزة الآن، لكنه يشكل، دون شكّ، إنجازًا هامًا في رحلة التحرّر الطويلة والشاقة، وهو مِسمار في نعش الاحتلال.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأمم المتحدة قائمة العار إسرائیل على فعل غیر فی غزة
إقرأ أيضاً:
صحوة عالمية.. الأمم المتحدة: إسرائيل همجية.. والكونجرس: تل أبيب عنصرية
أدان خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السياسات الإسرائيلية في غزة، واصفين ما يحدث في القطاع بـ"الهمجية" التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، خاصة في ظل استمرار القصف، وتدمير البنية التحتية، وتجويع السكان ومنع وصول الغذاء والمياه.
قنبلة صامتةوقال الخبراء في بيان رسمي: "أكثر من 90% من الأسر في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن المائي، بينما يمنع وصول الغذاء والمياه النظيفة"، محذرين من أن ما يحدث هو "قنبلة صامتة لكنها قاتلة"، تستهدف بالدرجة الأولى الأطفال والرضع.
واعتبر الخبراء أن السياسات الإسرائيلية الحالية تنتهك القوانين الدولية بشكل صارخ، وتندرج ضمن الجرائم التي يُعاقب عليها نظام روما الأساسي.
أوروبا تعلق مشاركة الاحتلال في “هورايزون”في تطور لافت، دعت المفوضية الأوروبية إلى تعليق جزئي لمشاركة إسرائيل في برنامج الأبحاث العلمية "هورايزون"، مهددة بإجراءات أشد قد تصل إلى فرض عقوبات رسمية على تل أبيب، بسبب انتهاكاتها في القطاع. ويعد هذا التصعيد من بروكسل أول تحرك عملي ملموس من طرف أوروبي ضد السياسات الإسرائيلية منذ بداية الحرب.
وفي واشنطن، تتزايد الانتقادات من داخل الكونجرس ضد الدعم العسكري غير المشروط لإسرائيل، خاصة بعد تصريحات السيناتور بيرني ساندرز الذي قال: "لا يمكننا أن نستمر في تمويل حكومة قتلت 60 ألف فلسطيني وتسببت في مجاعة شاملة".
وأضاف ساندرز أن "الولايات المتحدة أنفقت عشرات المليارات لدعم حكومة متطرفة وعنصرية، ونحن اليوم أمام مسئولية أخلاقية وسياسية"، متعهدًا بطرح مشروعي قرار في مجلس الشيوخ لوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
وبالتزامن، وقع 40 نائبًا ديمقراطيًا، بينهم شخصيات بارزة مثل تشاك شومر وآدم شيف، رسالة موجهة إلى وزارة الخارجية الأمريكية، طالبوا فيها بوقف إطلاق النار "بأسرع وقت ممكن" وبتوسيع نطاق المساعدات.
وشدد النواب في رسالتهم على أن "الوضع في غزة غير مستدام ويزداد سوءًا، حيث ينتشر الجوع وسوء التغذية ويؤدي إلى وفيات جماعية بين الأطفال".
كما هاجموا ما تسمى بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" التي تشرف عليها إسرائيل والولايات المتحدة، مؤكدين أنها "فشلت في معالجة الأزمة وأسهمت في سقوط عدد كبير من المدنيين حول مواقعها".