رام الله - خاص صفا

مع استمرار حرب الإبادة ونزوح أهالي قطاع غزة من منازلهم، يرى مراقبون أن السلطة الفلسطينية تواصل العزف على وتر التدخل في أموال إعادة الإعمار وتولي إدارة معابر القطاع، بدلاً من المساهمة في توفير مقومات الحياة الإنسانية.

فقبل أيام أعلنت الحكومة الفلسطينية أنها سترسل وفدًا من وزرائها إلى القاهرة، لبحث ملف إعادة إعمار قطاع غزة، في ظل المجاعة التي تضرب محافظات القطاع وحاجة عشرات الآلاف من الجرحى للعلاج.

وكانت وزارة الصحة قالت إن نحو 20 ألف جريح ومريض في غزة حاليًا بحاجة للسفر للعلاج في الخارج، مؤكدة عدم تمكن أي منهم من مغادرة القطاع منذ احتلال الجيش الإسرائيلي للمعابر، ما يعرض حياة الآلاف منهم للمضاعفات والموت.

وعن ذلك، يقول المحلل السياسي مروان قبلاني إن: "السلطة ومنذ الانقسام تسعى جاهدة للعودة إلى غزة، وكانت هناك محاولات عديدة للعودة عبر المصالحة واللقاءات مع حركة حماس، ولكن كل هذه اللقاءات أفضت إلى عدم الاتفاق".

ويضيف قبلاني لوكالة "صفا"، أنه ومع بدء العدوان والإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة، حاولت السلطة أن تجعل من إعمار غزة قضية مركزية لها، والسبب في هذا يعود لـ"رغبتها في تحصيل الأموال، والمشاركة في هذه الأموال حتى تضمن العائد المادي لها وللمتنفذين فيها".

وتواصل قوات الاحتلال وضع اليد على معابر غزة وإغلاقها، ومنع سفر الجرحى والمرضى للعلاج أو إدخال أي مساعدات إنسانية للقطاع منذ نحو خمسة أسابيع.

ويغلق الاحتلال المعابر منذ اجتياحه رفح جنوبي القطاع وسيطرته على معبري المدينة الحدوديين رغم تحذيرات المنظمات الإنسانية والإغاثية ومطالبات دولية بإعادة فتح المعابر لتلافي حصول مجاعة بسبب انقطاع المساعدات، وإنقاذ أرواح آلاف المرضى والجرحى.

ويرى قبلاني أنه ليس من اللائق حاليًا وفي ظل الإبادة الجماعية والدمار الشامل والقتل الجماعي والمجاعة الحديث عن الإعمار، فالأجدى بالسلطة السعي لوقف العدوان وانسحاب الاحتلال من القطاع، ومن ثم الحديث في الملفات الأكثر أهمية التي يحتاجها أهالي القطاع بشكل فوري.

ويُضيف: "مناقشة ملف أموال إعادة الإعمار يُعدّ مُنافٍ للعرف الوطني في ظل الوضع الحالي"، داعيًا السلطة للقيام بجهودٍ دبلوماسية عبر خلال سفاراتها، من خلال إثارة الرأي العام العالمي بحق ما يجري من أجل إدانة جرائم الاحتلال.

ويتطرق قبلاني إلى أن ما تسعى إليه السلطة من محاولة "السطو على أموال الإعمار- إن وُجدت- من أجل المكسب المادي، هو أمر مشين".

وفيما يخص قضية المعابر، يقول المحلل إن مسألة تلك القضية حساسة وتستغل حاجة أهالي غزة للخدمات الانسانية، وهذه القضية إلى جانب أموال الإعمار لا تقل بشاعة عن "العودة على ظهر دبابة".

ويدعو قبلاني العقلاء في السلطة وحركة "فتح" إلى مراجعة خياراتهم ومعارضة مثل هذه القرارات التي تنم عن جهل في الواقع السياسي الموجود، نظرًا لما عاناه الشعب من التطبيع واتفاقيات السلام التي لم تجلب سوى القتل والدمار ومصادرة الأراضي وتهجير السكان.

ويقول: "باستطاعة السلطة وحكومتها التحرك عالميًا عبر أكثر من 100 سفارة، ومن خلال علاقاتها وكوادرها الدبلوماسية والضغط على الدول والحكومات في العالم لتوفير مقومات الحياة والعلاج، واستغلال علاقتها مع القاهرة للتخفيف من الحصار المفروض على غزة.

ووفق رؤية قبلاني، فإن موقف السلطة وبعد ثمانية شهور من الإبادة الجماعية لا يزال رماديًا كبعض الدول المحايدة، بدلاً من الوقوف في صف الشعب الفلسطيني والوقوف مع غزة المنكوبة ومساعدتها، وألا تكتفي بالاستنكار، وإنما دعم الحق الفلسطيني ومراجعة الاتفاقيات مع الاحتلال.

إطالة أمد المعاناة

بدوره، يتهم الكاتب في الشأن السياسي محمد القيق، الوفود التي ترسلها السلطة في هذا التوقيت بما يخص الإعمار والمعابر، أنها تهدف لـ"خدمة الاحتلال في إطالة أمد المعاناة الفلسطينية".

ويضيف القيق لـ"صفا"، أن هناك أطرافًا تتباحث من أجل إعادة الإعمار وتولي إدارة مباشرة للمعابر، مشيرًا إلى أن ذلك يخدم مسارًا سياسيًا تريده "إسرائيل" وأمريكا في خطتهما بإيجاد بديل عن حركة حماس في السيطرة على معابر القطاع.

ويرى الكاتب أن ما يجري يعطي وقتا لـ"إسرائيل" ويظهر أمام العالم أن هناك مسارًا سياسيًا بشأن المعابر، حتى يتراجع الضغط الدولي على الاحتلال.

ويشدد القيق على أن الحديث في المرحلة الحالية يجب أن يكون متناسقٌ ومترابط؛ لا أن يخدم ما يريده الاحتلال وأمريكا وبعض الأطراف المستفيدة، في ظل حساسية المرحلة.

ويردف: "رغم أن الحكومة اجتمعت مراتٍ عديدة وفشلت في مرات سابقة في قضايا تخص الضفة؛ فقد كان الأجدر بها أن توسع سيادتها بوحدة وتوافق مع الفصائل، على وقع قوة فلسطينية كما جرى في معركة طوفان الأقصى".

من الجدير بالذكر أن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان كشف في مارس 2016، أي بعد عامين من عدوان 2014 في ورقة حقائق حول موازنة إعادة الإعمار، أنّ "السلطة طلبت تمويلاً بمقدار 8.5 مليار دولار في مؤتمر إعادة إعمار غزة بالقاهرة، موضحاً أنّها خصصت فقط ما نسبته 2.7 مليار دولار لإعادة الإعمار، وأنها حصلت على 5 مليار دولار".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: العدوان على غزة اموال الاعمار معابر غزة السلطة الفلسطينية إعادة الإعمار من أجل

إقرأ أيضاً:

انتقدت آلية إيصال المساعدات الجديدة.. الأمم المتحدة تطالب بفتح المعابر إلى غزة

البلاد – غزة
جددت الأمم المتحدة انتقاداتها للآلية الجديدة التي أطلقتها الولايات المتحدة وإسرائيل لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، معتبرة أنها تشتّت الجهود عن الإجراءات الأساسية المطلوبة، وعلى رأسها فتح المعابر بشكل كامل.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس ليركه، في تصريح أمس (الثلاثاء)، إن الأمم المتحدة لا تشارك في آلية “مؤسسة إغاثة غزة”، المدعومة من الولايات المتحدة، لأنها تصرف الانتباه عن الخطوات الضرورية لمعالجة الأزمة، مؤكداً أن “ما هو مطلوب فعلاً هو فتح جميع المعابر وإتاحة مزيد من الموافقات الإسرائيلية لإدخال إمدادات الطوارئ”.

وجاءت تصريحات ليركه بالتزامن مع استمرار تكدّس عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات عند معبر كرم أبو سالم، الواقع على الحدود بين غزة ومصر وإسرائيل، بانتظار التصاريح الإسرائيلية اللازمة. ودخلت بعض الشحنات بالفعل إلى مدينة رفح جنوب القطاع، إلا أن السكان لم يتسلموا أي مساعدات بعد، بحسب ما أفاد مراسل قناتي “العربية” و”الحدث”.
وفي ظل تصاعد القتال وتكثيف العمليات البرية الإسرائيلية في عدة مناطق، حذرت منظمات إنسانية وأممية من تدهور الوضع الإنساني والطبي في القطاع، لا سيما مع نزوح آلاف المدنيين جنوباً واستمرار الغارات الجوية.
وكانت “مؤسسة إغاثة غزة” قد أعلنت أنها بدأت بالفعل في توزيع الإمدادات أمس الإثنين، وتهدف للوصول إلى مليون فلسطيني بحلول نهاية الأسبوع. ويأتي ذلك بعد يوم من إعلان رئيسها التنفيذي، جيك وود، استقالته المفاجئة، معللاً قراره بعدم قدرة المؤسسة على تنفيذ مهامها وفق المبادئ الإنسانية التي تلتزم بها.
يُذكر أن المؤسسة، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، تعهدت منذ انطلاقها في فبراير الماضي بتوزيع نحو 300 مليون وجبة طعام خلال أول 90 يوماً من عملياتها، لكنها تواجه انتقادات من منظمات دولية بسبب ما يُقال عن تعاونها مع الجيش الإسرائيلي، وهو ما أدى إلى رفض الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة التقليدية التعاون معها.

مقالات مشابهة

  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • كيف يعيش سكان غزة في ظل الحصار وشح المساعدات؟
  • 600 يوم على العدوان الاسرائيلي .. وجيش الاحتلال يقصف الجوعى
  • الوزير عبد الرزاق يبحث مع وفد أردني فرص دعم عملية إعادة الإعمار
  • عون: الانتشار اللبناني هو ثروة لبنان الكبرى وركيزة إعادة الإعمار
  • انتقدت آلية إيصال المساعدات الجديدة.. الأمم المتحدة تطالب بفتح المعابر إلى غزة
  • سيفقد أولاد دقلو كل المدن التي سيطروا عليها وسيتحولون إلى مجرد مجرمين هاربين
  • جمعية الإغاثة الطبية في غزة تطالب بفتح المعابر واستمرار تدفق المساعدات
  • رأي.. إردام أوزان يكتب: سوريا بين المبادرة والتغيير الحقيقي.. وفرصة لن تنتظر
  • الأمم المتحدة تطالب بفتح المعابر إلى غزة