لجريدة عمان:
2025-06-18@15:13:01 GMT

تنمية المحافظات والثورة الصناعية الرابعة

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

لقد بدأ مصطلح الثورة الصناعية الرابعة في الظهور خلال عام 2011م في ألمانيا، ولكن ظهوره ولمعانه رسميا كان في المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2016م وعلى أساس هذا المؤتمر تم الإعلان عن افتتاح مركز الثورة الصناعية الرابعة الجديد في سان فرانسيسكو والذي سيكون بمثابة منصة للتفاعل والرؤيا والتأثير على التغييرات العلمية والتكنولوجية في العالم.

ونعود إلى مصطلح الثورة الصناعية الرابعة وكما يحلو للبعض أن يسميه «تسونامي التقدم التكنولوجي» الذي يمكن تعريفه باختصار بأنه ربط الحياة بالبيانات الرقمية الذكية والإنترنت والتحول الرقمي الشامل في كافة المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والصحية وغيرها.

وعلى ضوء هذا الواقع المتسارع أدى ذلك إلى ظهور ما يعرف بمصطلح المدن الذكية، الأمر يحتم علينا دراسة واقعنا واستشراف المستقبل في كيفية الاستفادة القصوى من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في تنمية محافظات سلطنة عمان وذلك انسجاما مع توجه الحكومة إلى الإدارة المحلية ونقل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية من المركزية إلى اللامركزية بالمحافظات وإعطاء دور أكبر لكل من المحافظ والوالي والجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص بكل محافظة للعمل بشكلٍ متكاملٍ ومتناغمٍ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتعد الفرصة سانحة والمساحة متوفرة لاستخدام وتوظيف تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة لتنمية المحافظات من خلال تسخير تطبيقات التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات وسلاسل الكتل والتحول الرقمي والتجارة الإلكترونية وطائرات الدرون وتقنية النانو وغيرها بشكل أكثر فاعلية وكفاءة لتحقيق الحياة الملائمة للعيش وتوفير الخدمات المتكاملة وتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على البيئة.

ولتحقيق تلك الأهداف تشير الدراسات والبحوث إلى أننا بحاجة إلى توفر عدة عوامل أهمها أولًا: بناء شراكات عالمية يمكن من خلالها توطين الصناعات الناتجة عن الثورة الصناعية الرابعة في مختلف محافظات سلطنة عمان، وثانيًا: الاهتمام ببناء القدرات والكوادر العمانية المتخصصة والقادرة على التعامل مع تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة كل في مجال تخصصه، وثالثًا: تهيئة البنية التحتية «الأساسية» من طرق ومطارات وموانئ واتصالات ومناطق اقتصادية متكاملة وغيرها والتي والحمدلله تعد سلطنة عمان قطعت شوطا كبيرا فيها ولكن هناك بعض المجالات بحاجة إلى الكثير من العمل والجهد مثل بناء المصانع المتخصصة والاهتمام بالصناعات الذكية مثل صناعات الدرون وطابعات ثلاثية الأبعاد وتقنية النانو والأجهزة الذكية وتوظيف تقنيات الهيدروجين الأخضر وغيرها التي تحقق فعلًا التنويع الاقتصادي وتعزز القيمة المضافة والميزة التنافسية في المحافظات.

والحديث عن الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقاتها يتسع ويطول ولا تزال البحوث والدراسات تطالعنا كل يوم بمزيد من النتائج وفي هذا المقال أسرد عليك عزيزي القارئ بعضا من فوائد وإيجابيات الاستفادة الممكنة من الثورة الصناعية الرابعة في المحافظات على النحو التالي: توفير فرص استثمارية جديدة وتخفيض تكاليف الإنتاج وتحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية، وتعزيز التجارة الإلكترونية والتحول الرقمي الشامل والمتكامل للخدمات المقدمة للمواطن والمقيم بمختلف القطاعات، والانسجام مع توجه سلطنة عمان نحو الاستراتيجيات القائمة على التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على مصدر النفط وفق خطط زمنية منتظمة، وتطوير البنية الأساسية في المحافظات من خلال إدخال وتوظيف أحدث الأساليب والتقنيات الحديثة، وتوفير المدن الذكية المتكاملة التي تعزز الرفاهية والرعاية الصحية والاجتماعية والرياضية وتوفير البيئة المناسبة للعيش والاهتمام بالبيئة والمسطحات الخضراء وتقليل نسب التلوث، وإعطاء فرصٍ واعدة وبشكلٍ أكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقوم عليها صناعات الثورة الصناعية الرابعة في المحافظات، والتحول إلى بناء المصانع الذكية من خلال الربط بين الآلات والبشر في أنظمة الأمن السبراني وأتمته خطوط الإنتاج بما يحقق المرونة والاستجابة بشكلٍ أسرع لاحتياجات السوق، والتحول إلى الصناعات الذكية وتوفير الدعم اللوجستي لها في المناطق الاقتصادية بالمحافظات مثل صناعة الأجهزة الذكية، وطابعات ثلاثية الأبعاد، وصناعات طائرات الدرون، والسيارات الكهربائية وغيرها الكثير، وتسهيل الإجراءات وتحسين كفاءة وفعالية الخدمات التي تقدم للمواطن والمقيم وبما يحقق الرفاهية والعيش الكريم، والاستفادة في معالجة مشكلات شح الموارد المائية في سلطنة عمان وضعف كفاءة الري واستصلاح الأراضي من خلال استخدام الصناعات الحديثة وجذب الاستثمارات في المجال الزراعي والاهتمام بالبحوث العلمية الزراعية لمعالجة مشكلات التصحر والآفات الزراعية وتحسين إنتاج المحاصيل الزراعية وتسويقها.

عزيزي القارئ توجد العديد من أوجه الاستفادة التي يمكن توظيفها من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في مختلف محافظات سلطنة عمان، ولكن لا بد أن يتزامن ذلك كله مع الاهتمام ببناء الإنسان العماني القادر على توظيف تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة وما يمتلك من مهارات المستقبل مثل تحليل البيانات والتفكير الإبداعي والتصميمي وحل المشكلات وغيرها من المهارات والقدرات والسمات، فعُمان تستحق أكثر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الثورة الصناعیة الرابعة فی فی المحافظات سلطنة عمان من خلال

إقرأ أيضاً:

منظمة العنف، والاستبداد، والانتقام بالحرب على المدنيين والثورة

منظمة العنف، والاستبداد، والانتقام بالحرب على المدنيين والثورة

وجدي كامل

تمثل الحرب الحالية في السودان ذروة نزعة التضليل التاريخي والإعلامي والثقافي. بشاعتها على الأرض لا تخفى، ويومياتها الدامية شاهدة، بينما يروج إعلام الحكومة – حكومة “الأمر الواقع” – لرواية مضادة: عن حرب في نهايتها، وانتصارات وشيكة، وزيارات ميدانية  لرئيس وزراء بورتسودان، الذي شاهدناه يتلقى التهاني ويتبادل التحايا مع المواطنين، وكأنه يحتفل بمناسبة سعيدة خاصة لا تهم احدا سواه، ولا يعرف الناس عنها شيئًا.

وراء هذا المشهد، تتكشف الحقيقة. فالحرب تُدار عسكريًا ومدنيًا بواسطة تنظيم الإخوان المسلمين. هذا التنظيم الذي بدد أموال الناس، ورهن موارد البلاد، وباع أملاكها، وكاد أن يقتل ثلث سكانها فقط كي يحكم، ولا يتعرض لاي مساءلة قانونية عن جرائمه.

اللجوء إلى الحرب ليس جديدًا على هذا التنظيم. فمنذ نشأته، ظل في مواجهة دائمة مع التيارات الثقافية والسياسية السائدة في السودان، رافضًا الحوار، ومفضّلًا تصفية الخصوم بالعنف. من المطالبات بفرض الدستور الإسلامي، إلى المواجهات الطلابية، إلى تمرير قوانين سبتمبر 1983، ثم انقلاب 30 يونيو 1989… العنف ظل حلاً استراتيجيًا.

لقد بدأت تلك المرحلة التراجيدية بحرب الجنوب، التي وُظِّفت لقمع المطالب السياسية والثقافية والاقتصادية، باستخدام شعارات دينية زائفة، وتضليل بالدين لخدمة أهداف سلطوية.

ثم جاءت حرب دارفور عام 2003، لتكشف الوجه الحقيقي مجددًا بتفكيك النسيج الاجتماعي، وإعادة تشكيل الخريطة السكانية، ونهب موارد الذهب واليورانيوم والنحاس. انها حرب لإعادة إنتاج السلطة على حساب المجتمعات المحلية.

أما الحرب الراهنة، فهي حرب انتقام مباشر من ثورة ديسمبر 2018. عندما أسقط الشعب رأس النظام، وزجّ بعدد من رموزه في السجون، وبدأت لجنة إزالة التمكين بتفكيك المنظومة الاقتصادية الفاسدة… هنا بدأ الرد.

ورغم أن الحرب تبدو على السطح صراعًا بين الجيش والدعم السريع، إلا أنها أعمق من ذلك. لقد صُوِّبت نيرانها نحو المدنيين وتحالفاتهم السياسية. هدفها إفشال الانتقال الديمقراطي، من خلال تحالفات ضمّت اللجنة الأمنية، والحركات المسلحة، وقوى سياسية متربصة بالثورة، تمارس الاتجار في سوق السياسة.

نجحت اللجنة الأمنية، في البداية، في إخفاء أجندتها: إعادة إنتاج النظام القديم. ثم جاءت لحظة الانتقام الكبرى عبر مجزرة الاعتصام، ثم تفجير الحرب من قلب العاصمة، في الأحياء السكنية والمناطق الحيوية. النتيجة: قتل، تشريد، نزوح، ونهب.

وبينما تغيب الإحصاءات الدقيقة، فإن مشاركة القوى الأمنية والعسكرية تمثل امتدادًا مكشوفًا للنظام السابق، الذي لم يُخفِ تهديده باستخدام القوة حتى قبل اندلاع الحرب.

ولتعميق مشروع الانتقام، جرى توظيف قسط من الأموال المنهوبة لبناء سردية إعلامية خبيثة، تقسّم الرأي العام، وتفكك القوى المدنية. تم استخدام أدوات استخباراتية وإعلامية متقدمة لترويج رواية “حرب الكرامة” ضد الدعم السريع، رغم أن الأخير صنيعة النظام نفسه، استخدمه لقمع الشعب من قبل.

لقد أضاعت قوى الثورة فرصة ثمينة. غابت الإدارة الموحدة، وضعف التنسيق، ولم تستطع أن تقضي على هذه المنظومة الأخطر على استقرار السودان. منظومة هي التهديد الأكبر أمام قيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة.

اليوم، بعد اتساع الخراب، تتعالى الأصوات المطالبة بوقف الحرب. ولكن وقف الحرب لا يكفي. لا بد من إعادة تعريفها: هذه ليست مجرد حرب بين جيشين، بل حرب انتقام من الحاضر، ومحاولة لإلغاء التاريخ، وتشويه المستقبل. وقف الحرب يجب أن يقترن بتجريم قانوني لهذا التنظيم، حتى لا يُلدغ السودان مرة أخرى من نفس الجُحر.

إن أي توافق سياسي في سودان المستقبل يجب أن يُبنى على رفض قاطع ليس فقط للتنظيم الاخواني فقط، بل لثقافة اللعب بالدين كورقة سياسية. السياسة يجب أن تقوم على المصالح الوطنية، التنمية، والعقلانية، لا على الاستغلال الديني والتضليل الأخلاقي.

ولتكون الأفكار مشروعًا قابلًا للتطبيق في ظروف سلمية مدنية، علينا:

تفكيك الشبكات الاقتصادية السرية:

لا يكفي إسقاط النظام سياسيًا؛ لا بد من تفكيك البنى الاقتصادية التي أنشأها: من الشركات الواجهة، والمنظمات الخيرية الزائفة، إلى العلاقات البنكية المشبوهة. هذا يتطلب أجهزة رقابة قوية، وقضاء مستقل، ومخابرات مالية متقدمة.

استرداد الأموال المنهوبة:

عبر لجان قانونية، واتفاقيات دولية (مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد)، وملاحقة الأموال المهربة والمجمّدة بالخارج، بمساعدة دعم قانوني دولي فعّال.

إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني:

عبر تقليص سيطرة التنظيمات السياسية على القطاعات الإنتاجية، وتقوية القطاع العام، ودعم الشركات الصغيرة والمبادرات المحلية المستقلة، مع شفافية مالية تجاه اقتصاديات الأحزاب.

إصلاح المؤسسات المالية:

مراجعة دور البنوك في غسل الأموال والتمويل السياسي، وتطبيق حوكمة صارمة وفقًا لمبادئ الشفافية الدولية (مثل FATF).

تحصين المستقبل:

بوضع قوانين تمنع احتكار الدين أو الاقتصاد من قبل أي جهة سياسية. وهذا يتطلب تفعيل قوانين تضارب المصالح، وتوسيع دور الإعلام الاستقصائي والمجتمع المدني في كشف الفساد.

سياسيًا، لا يمكن الحديث عن دولة مدنية ديمقراطية دون تفكيك أدوات الهيمنة الاقتصادية والتنظيمية لأي تيار يستخدم الدين كسلاح.

وأخيرًا، يتبدى الخطر الأكبر في النسيان، سواء أكان نسيانًا ذاتيًا أو بفعل التضليل الإعلامي. لا بد من نشر الوعي، وتوثيق جرائم الفساد المالي، وكشف كيف ارتبط المال بالاستبداد.

ان الشعب الذي يعرف كيف يُموَّل الاستبداد، يعرف كيف يُقاومه ويطيح بأركانه، ويبطل مفعول ثقافته.

الوسومالإخوان المسلمين الحرب السودان الشبكات الاقتصادية السرية المؤسسات المالية ثورة ديسمبر 2018 حرب دارفور حكومة الأمر الواقع رئيس وزراء بورتسودان هيكلة الاقتصاد السوداني وجدي كامل

مقالات مشابهة

  • ‌‏رويترز: وفد تفاوض إيراني وصل إلى عُمان
  • سلطنة عمان ضيف شرف الطبعة الـ56 لمعرض الجزائر الدولي
  • سلطنة عمان ضيف شرف الطبعة ال56 لمعرض الجزائر الدولي
  • عمان تواصل جهودها الدبلوماسية لاحتواء التصعيد في الشرق الأوسط
  • مختصون: الطاقة المتجددة تقود قاطرة الصناعات الجديدة في سلطنة عمان
  • سلطنة عمان: نكثف جهودنا لاحتواء التصعيد الإيراني الإسرائيلي
  • عاجل.. الرئيس الإيراني يستغيث بسلطنة عمان ويلوح مستسلما « إيران تؤيد الحلول الدبلوماسية عبر الحوار والتفاوض ونلتزم بقواعد القانون الدولي واحترام سيادة الدول
  • منظمة العنف، والاستبداد، والانتقام بالحرب على المدنيين والثورة
  • مركز سلامة الدواء: مراجعة منتظمة للأسعار .. والجودة ترفع التكلفة
  • “صناعة عمان” تطلق منصة تبادل النفايات الصناعية