يخدم مصالح بايدن.. لماذا لا تقول واشنطن الحقيقة بشأن رصيف غزة؟
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
نشر موقع "ريسبونسيبل ستيت كرافت" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن مزاعم إدارة الرئيس بايدن إزاء قيادة بلاده الجهود الدولية لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وأن الإمدادات "تتدفق إلى الفلسطينيين" عبر عملية الرصيف العسكري هناك.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن إدارة بايدن تريد أن تصدق أن الولايات المتحدة تقود الجهود الدولية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وأن الإمدادات "تتدفق إلى الفلسطينيين" عبر عملية الرصيف العسكري هناك.
وقد أعلن المتحدث باسم البنتاغون، اللواء بات رايدر، يوم الاثنين، أنه حتى الآن، تم تسليم 1573 طنًا من المساعدات من الرصيف إلى الشاطئ، بما في ذلك 492 طنًا منذ إعادة فتحه يوم السبت بعد أن تسببت بعض الأحوال الجوية السيئة في توقفه عن العمل الشهر الماضي.
لكن الإمدادات من الرصيف لا تتدفق إلى الفلسطينيين، ولم يحدث ذلك أبدًا. ولم يصل فعليا أي طعام من الرصيف على ساحل غزة إلى سكان غزة الذين يتضورون جوعا منذ أن بدأ تشغيله في 17 أيار/ مايو.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن 15 شاحنة فقط من الرصيف وصلت إلى مستودعاته داخل غزة للتوزيع في الفترة من 17 إلى 18 أيار/ مايو. وأنه لم تصل أي مساعدات من الرصيف في الفترة من 19 إلى 21 أيار/ مايو.
وأوضح الموقع أنه في رفح على وجه التحديد؛ لن تصل المساعدات إلى الفلسطينيين المحتاجين ما دام الهجوم العسكري الإسرائيلي مستمرًّا. وكان برنامج الأغذية العالمي قد أوقف جميع عمليات التسليم إلى رفح في 21 أيار/ مايو بسبب الغزو الإسرائيلي للمدينة.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن برنامج الأغذية العالمي يوم الأحد أنه "أوقف مؤقتًا" توزيع أي مساعدات إنسانية أخرى من الرصيف بسبب مخاوف أمنية بعد عملية إسرائيلية مدعومة من الولايات المتحدة أسفرت عن مقتل حوالي 300 فلسطيني في اليوم السابق. يُذكر أن برنامج الأغذية العالمي هو وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن تنسيق عمليات التسليم من الرصيف إلى غزة.
وستبقى الـ 492 طنًا من المساعدات التي تفاخر بها البنتاغون في مستودعات على الشاطئ حتى إشعار آخر. وفي الوقت نفسه؛ تقول الأمم المتحدة إن جميع العمليات الإنسانية في غزة على وشك الانهيار.
وأكد الموقع على أن الحقيقة هي أن "الممر الإنساني البحري" الذي تبلغ تكلفته 320 مليون دولار والذي أعلن عنه بايدن لأول مرة خلال خطاب حالة الاتحاد في آذار/ مارس، لا يعمل، على الأقل لا يعمل بالنسبة للفلسطينيين. إنه يخدم مصالح إدارة بايدن من خلال جعل الأمر يبدو وكأن الولايات المتحدة "تفعل شيئًا" من أجل السكان المدنيين بينما تدعم السياسة الإسرائيلية التي تدمرهم وتجوعهم. فالرصيف البحري، في جوهره، يوفر غطاءً إنسانيًا لسياسة غير رحيمة.
واردات الرصيف الأول
وذكر الموقع أن مسؤولي إدارة بايدن يقولون إن الرصيف ليس فشلاً أو نشاطًا للعلاقات العامة لكن النقاد يختلفون.
في 17 أيار/ مايو، وهو اليوم الأول الذي بدأ فيه تشغيل الرصيف، قال جيريمي كونينديك، المسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والرئيس الحالي لمنظمة اللاجئين الدولية، إن "الرصيف يعد مسرحًا إنسانيًا. ويتعلق الأمر بالبصريات السياسية أكثر بكثير من المساعدات الإنسانية".
وفي 23 أيار/ مايو، ردًا على سؤال صحفي حول تعليقات كونينديك، قال دان ديكهاوس، مدير الاستجابة الإنسانية في المشرق العربي التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: "كما تعلمون، لن أطلب في غضون يومين الحصول على ما يكفي من الغذاء والإمدادات الأخرى لعشرات الآلاف من الأشخاص. يحق للجميع إبداء آرائهم، ولكن أعتقد أننا نقدم بالفعل مساهمة ذات معنى في الجهد الشامل".
لكن وفقًا لبيانات المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة الخاصة بواردات الغذاء إلى غزة في الفترة من كانون الثاني/ يناير وحتى أيار/ مايو، فقد وصلت مساعدات غذائية أكبر بكثير إلى سكان غزة قبل فتح الرصيف الأمريكي. وفي السابع من شهر أيار/ مايو، أغلقت القوات الإسرائيلية معبر رفح في إطار اجتياحها للمدينة.
وأشار الموقع إلى أنه بحلول نهاية الشهر، وصل في شهر أيار/ مايو عدد أقل من 66,181 سلة غذائية إلى الفلسطينيين مقارنة بشهر نيسان/ أبريل. ولم يقترب الرصيف، الذي تم افتتاحه في 17 أيار/ مايو، من تعويض هذا النقص، فوفقًا للجيش الإسرائيلي، وصل 1806 اطنان فقط من المواد الغذائية من الرصيف إلى مراكز وكالات الإغاثة في غزة قبل أن ينهار في عاصفة يوم 25 أيار/ مايو.
وفي الوقت نفسه، تتراكم المواد الغذائية وغيرها من المساعدات خارج غزة عند معبر رفح البري.
ونوه الموقع إلى أنه لم يكن يدخل إلى غزة ما يكفي من الغذاء قبل أن تغلق إسرائيل معبر رفح أيضًا.
فخلال شهر آذار/ مارس من هذه السنة، كانت الواردات الغذائية الشهرية إلى غزة مماثلة تقريبًا لما كانت عليه في سنة 2022، على الرغم من أن الاحتياجات الغذائية أصبحت الآن أعلى بخمس مرات مما كانت عليه في ذلك الوقت. ونفذت خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة لفلسطين في سنة 2022 مبلغ 226 مليون دولار للأمن الغذائي والتغذية. وتبلغ متطلبات هذه القطاعات في سنة 2024 1.1 مليار دولار.
البصريات السياسية
وبحسب الموقع؛ فقد خلص تقرير جديد صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي إلى أن 1.1 مليون فلسطيني قد يواجهون المجاعة بحلول منتصف تموز/ يوليو، ويرجع ذلك أساسًا إلى "الأثر المدمر للصراع المستمر" و"القيود الشديدة على الوصول والبضائع". وتسمح إدارة بايدن بالمشكلة الأولى من خلال شحن الأسلحة إلى إسرائيل كل 36 ساعة وتتسامح مع المشكلة الثانية من خلال رفض استخدام النفوذ الذي توفره تلك الشحنات لمنع إسرائيل من عرقلة المساعدات.
وينكر البعض وجود هذا النفوذ، لكن بايدن أثبت وجوده بالفعل. ففي 9 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت فرض "حصار كامل" على غزة، متعهدا بأنه "لن يكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا ماء، ولا وقود. وسيتم إغلاق كل شيء".
وبعد بضعة أسابيع، تعرض غالانت لضغوط من قبل مشرعين في الكنيست حول سبب موافقته على السماح بدخول قدر ضئيل من المساعدات من مصر. وأجاب غالانت أن "الأمريكيين أصروا ولسنا في موقف يُخوّلنا أن نرفض طلبهم. نحن نعتمد عليهم في الطائرات والمعدات العسكرية. ماذا علينا أن نفعل؟ نقول لهم لا؟".
وأكد الموقع على أن اعتماد إسرائيل على الأسلحة والحصانة السياسية من الولايات المتحدة يضع بايدن في موقف قوي للغاية للتأثير على ما تفعله إسرائيل وما لا تفعله في غزة. وتعكس الظروف الحالية على الأرض خيارات سياسة بايدن. وفي الوقت الحالي، تقصف إسرائيل المراكز المدنية باستخدام ذخائر أمريكية الصنع، في حين أن توصيل المساعدات للفلسطينيين المحتاجين "يكاد يكون مستحيلاً"، والمجاعة وشيكة في غزة.
وبدلاً من تغيير هذه الظروف بمكالمة هاتفية مع القيادة الإسرائيلية، طلب بايدن من الجيش الأمريكي بناء رصيف بحري.
واختتم الموقع التقرير بما قاله تقرير منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، من أنه "في غياب وقف الأعمال العدائية وزيادة إمكانية الوصول، سيزداد تأثير ذلك على الوفيات وحياة الفلسطينيين الآن، وفي الأجيال المقبلة، سيزداد بشكل ملحوظ مع كل يوم، حتى لو تم تجنب المجاعة على المدى القريب".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن المساعدات غزة الرصيف امريكا غزة بايدن المساعدات الرصيف صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة برنامج الأغذیة العالمی المساعدات الإنسانیة الولایات المتحدة إلى الفلسطینیین من المساعدات إدارة بایدن من الرصیف إلى غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
على قدر مكانة مصر كان حجم الغضب والاحتجاج
لماذا التركيز على مصر، وتحميلها المسئولية دون غيرها عن حصار غزة وتجويع أهلها، وموتهم جوعا؟ لماذا نسيان أو تجاهل حجم المساعدات التي قدمتها مصر والتي تمثل فوق السبعين في المائة من جملة المساعدات العالمية لغزة؟ لماذا تجاهل الأدوار الكبرى لمصر تجاه القضية الفلسطينية وخوضها 4 أو 5 حروب بسببها؟ لماذا التركيز على معبر رفح وتجاهل المنافذ البحرية والجوية الأخرى المتاحة لإيصال المساعدات؟ لماذا التظاهر والحصار والغلق للسفارات المصرية، وتجنب سفارات العدو وشركائه الأمريكان؟ ولماذا لا يتم انتقاد تركيا أيضا؟
هذه هي الأسئلة الرئيسية التي يواجه بها النظام المصري وأبواقه الإعلامية ولجانه الالكترونية؛ سلسلة الاحتجاجات النوعية الجديدة التي تصاعدت مؤخرا (مثل غلق السفارات واقتحام مقر أمني.. الخ) تنديدا بموقفه تجاه غزة، والمشاركة في حصارها وتجويع أهلها. وبعيدا عن هزلية بعض تلك الأسئلة، ورغبتها في حرف الأنظار عن الدور المصري إلى غيره من الدول، فإن الذين يسألون هذه الأسئلة لا يعرفون قيمة وقدر مصر كما يعرفه المحتجون والمتظاهرون ضد نظامها؛ الأولون (أصحاب تلك الأسئلة) يرون مصر دولة ضعيفة عاجزة عن المواجهة غير قادرة على فرض كلمتها، وغير راغبة أو غير قادرة على خوض حرب، بينما يراها المحتجون دولة مركزية، عظيمة، أم العرب أو شقيقتهم الكبرى، وصاحبة الدور التاريخي تجاه فلسطين وغزة على وجه الخصوص، وأنها القادرة بحكم قيمتها ومكانتها على فرض ما تريد من سياسات وإجراءات دعما للأشقاء في غزة، وأن هذه القدرة ليست مجرد كلام نظري، أو أمنيات فارغة، بل تم تنفيذها من قبل في محطات متعددة؛ كان أبرزها فرض كلمتها لوقف العدوان على غزة في العام 2012، وفتح المعبر بقرار أحادي على مدى 24 ساعة لدخول المساعدات وخروج المرضى والمصابين والطلاب والمغتربين، مصر التي تمتلك واحدا من أقوى الجيوش في العالم لا ترغب في الحرب ولكنها لا تخشاها، ولا تتهرب منها إذا أصبحت الخيار الوحيد.
فارق كبير بين من ينظر لمصر أنها من أهل العزم (وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم)، ومن يراها جرذا مذعورا يخشى المواجهة، مضطرا لتقديم فروض الولاء للعدو حتى يتجنب أذاه، وما ذلك بمنجيه، فالعدو لا يزال مصرّا على تهجير أهل غزة أو جزء كبير منهم إلى مصر، وقد اتخذ خطوات تمهيدية لذلك أمام نظر النظام المصري الذي وقف مشلولا لا يقوى على المواجهة، بدءا من احتلال الجيش الإسرائيلي لمعبر فيلادلفيا بالمخالفة لاتفاقية السلام وملاحقها، وصولا إلى إقامة ما وصفه كذبا بالمدينة أو المنطقة الإنسانية الآمنة على الحدود المصرية تماما، لتكون الخطوة الأخيرة هي تفجير الحدود ودفع الفلسطينيين للهرب إلى مصر للنجاة.
صحيح أن الموقف الرسمي المعلن حتى الآن برفض التهجير، وهو موقف يستحق التقدير، لكنه قد لا يصمد أمام سيف العدو وذهبه، وفي ظل حالة الضعف التي يظهر بها النظام عبر أبواقه ولجانه، وفي ظل المشكلات الاقتصادية الكبرى التي دفعته ولا تزال تدفعه لطلب المزيد من القروض الخارجية، والتي يتعثر حاليا في سداد أقساطها وفوائدها فيلجأ إلى بيع أصول الوطن، ويدخل ترامب على الخط ليساوم السيسي بمزيد من المساعدات المالية، وبمياه النيل (أي التدخل لدى إثيوبيا للحفاظ على حصة معقولة لمصر في المياه) مقابل قبول مصر تهجير أهل غزة أو جزء منهم.
الذين يدافعون عن موقف النظام ويطرحون ما سبق من شكوك دفاعا عنه؛ لا يعرفون أو يتعامون عن رؤية المظاهرات الكبيرة التي استهدفت سفارات العدو الصهيوني، وأكبر داعم له (الولايات المتحدة)، وقد شارك مصريون إلى جانب غيرهم من الجنسيات في تلك المظاهرات، ولو سمح النظام المصري بحرية التظاهر في مصر فإن المصريين سيتوجهون على الفور صوب سفارتي واشنطن وتل أبيب، ولكن لأن التظاهر ممنوع في مصر فقد أبدع الشباب المصريين في الخارج طرقا مبتكرة للتعبير بطرق سلمية فردية وإن بدت صادمة للبعض، لكن ظهر أنها أقوى تأثيرا من تظاهرات الحشود البشرية؛ مع أهمية هذه المظاهرات أيضا كشكل احتجاجي سلمي.
كما فات المشككين أن الغضب لم ينصبّ على مصر فقط من بين الدول العربية والإسلامية بل طال الأردن، والسعودية، والإمارات، لكن مصر تبقى هي الأكثر تحملا للمسئولية بحكم التاريخ والجغرافيا، والقدرة على الإنقاذ وإيصال المساعدات بفضل امتلاكها للمعابر القريبة من غزة، ومن هنا كانت جرعة النقد لها أكبر من غيرها.
وبعيدا عن مشكلة معبر رفح، فقد أعلنت السلطات المصرية عن إرسال مئات الشاحنات على مدى الأيام الماضية، عبر معبري كرم أبو سالم وزيكيم، وهنا من حقنا أن نسأل: إذا كانت مصر قادرة على إيصال تلك المساعدات فلماذا إذن تأخرت أو امتنعت عن إرسالها طيلة الأيام والأسابيع الماضية حتى لفظ مئات الفلسطينيين شيوخا وأطفالا أنفاسهم الأخيرة بسبب الجوع؟ ولماذا كان الإصرار على سَوق حجج ومبررات ثبت خطؤها عن عدم إمكانية إدخال المساعدات؟!
مرة أخرى، فإن إدخال المساعدات عمل محمود، يستحق التحية، كما يستحق التحية كل حراك أو احتجاج أو ضغط محلي أو عالمي أسهم في وصول المساعدات، وإجبار الكيان على السماح بدخولها بعد ان تضررت صورته كثيرا، ولكن المطلوب الآن الاستمرار والمضاعفة حتى يمكن إنقاذ الجوعى المقبلين على الموت، وغيرهم من أبناء القطاع المحاصر..
x.com/kotbelaraby