محللون: واشنطن أول المطالبين بموقف واضح تجاه الصفقة وإسرائيل أمام معضلة إستراتيجية
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
اتفق محللون سياسيون على أن الولايات المتحدة هي أول المطالبين بموقف واضح في إطار مفاوضات محاولة التوصل لصفقة تبادل أسرى وإنهاء الحرب بقطاع غزة، في حين رأى أحدهم أن تزامن التصعيد في الجبهة الشمالية للأراضي المحتلة مع مفاوضات صفقة التبادل يكشف معضلة إستراتيجية أمام الاحتلال الإسرائيلي .
وسلط محللون تحدثوا لبرنامج "غزة.
ويرى الباحث السياسي ساري عرابي أن التصعيد الأخير بين حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي وتزامنه مع مفاوضات الصفقة، يضع إسرائيل في معضلة إستراتيجية حتى الآن، إذ لم تتمكن من حسم خياراتها فيما يتعلق بقطاع غزة وشمالي فلسطين، لافتا إلى أن التصريحات المتناقضة من الجانب الإسرائيلي تعكس هذه المعضلة.
ويوضح عرابي أن هذه المعضلة تكمن في ربط الملفين بعضهما ببعض وتسليم إسرائيل بهذه المعادلة حيث يعد ذلك من وجهة نظرها هزيمة إستراتيجية، وتظهر تلك المعضلة بوضوح في تصريحات الحكومة، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث تُطرح جميع الخيارات للحل في الشمال بما فيها الدبلوماسية والحرب.
وفي هذا السياق، لفت إلى أن الجيش الإسرائيلي أرسل توصية لمجلس الحرب -الذي من المقرر أن ينعقد الليلة- بوقف العملية في رفح والاستعداد لمواجهة في شمالي فلسطين، مما يدل على تأثير دعم حزب الله للمقاومة على مسار الحرب في غزة ووضع إسرائيل أمام خيارات صعبة.
لا ضمانات أميركيةوعن الموقف الأميركي، يرى عرابي أن تصريحات الرئيس جو بايدن بشأن وقف مؤقت لإطلاق النار ومفاوضات لاحقة تفتقر إلى الضمانات لكبح إسرائيل، وتعكس هذه المشكلة تضارب المواقف الأميركية منذ بدء رغبتها في عقد صفقة، حيث تقدم تصريحات متضاربة.
وأشار عرابي إلى تناقض التصريحات بين وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس، الذي أشار إلى وجود إمكانية لعقد صفقة أوقفها نتنياهو، وبين تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن التي تدعي العكس، معتبرا أن هذا التناقض يدفع إلى القول إن الولايات المتحدة هي أول المطالبين بموقف واضح وجلي من الصفقة ومجريات مفاوضاتها.
بدوره، يرى الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين، أن هناك نقطتين رئيسيتين تؤثران على الوضع الراهن، الأولى هي التصعيد النوعي على الجبهة الشمالية خلال الأسبوع الأخير، والثانية الصمت المدوي من الجانب الإسرائيلي حيال مفاوضات صفقة التبادل.
وأشار جبارين إلى أن تشكيل مجلس الحرب الجديد الذي أعلنت عنه إسرائيل، قد يعكس توجهات نتنياهو في التعامل مع الوضع المستقبلي، فهو وفقا لجبارين، يُعد رسالة واضحة إلى الإدارة الأميركية التي تصر على أنه لم يصدر أي رد إسرائيلي رسمي يناقض الطرح الأميركي.
وإستراتيجية الصمت، بحسب جبارين، تخدم إسرائيل في محاولتها للحفاظ على الغموض بشأن ما يجري في الجبهة الشمالية وعدم إعطاء ذرائع للمتطرفين. وأنه إذا فشلت الصفقة، فإن اللوم سيقع على حركة حماس، حيث لم تُصدر السلطات الإسرائيلية أي قرار يناقض هذا السيناريو.
خروج بأقل الأضرارويرى جبارين أن واشنطن تسعى لترويج هذه الاتفاقية كلحظة نجاح للإدارة الأميركية في محاولة لإقناع الناخبين العرب والمسلمين في أميركا بأن العقبة الرئيسية هي حماس وليس إسرائيل، لافتا إلى أن ذلك يأتي ضمن مسعى بايدن للخروج من هذا الوضع بأقل الأضرار من خلال هذه الرسالة.
أما بخصوص نتنياهو، فهو -حسب جبارين- يعمل بدوره على تعقيد المشهد الميداني لتعقيد الوضع السياسي، وهو ما يتوافق مع المطلب الإسرائيلي العام، فحتى إذا لم تستطع إسرائيل إخضاع حماس، فهي على الأقل تسعى لضمان عدم خروج حماس بوضع أقوى مما كانت عليه قبل التصعيد.
فيما ترى ياسمين الجمل، المسؤولة السابقة بوزارة الدفاع الأميركية لشؤون الأمن القومي، أن الإدارة الأميركية على مدى الأشهر الماضية جعلت من أولوياتها الحيلولة دون وقوع حرب إقليمية، خصوصا مع حزب الله، لافتة إلى أن حرب 2006 كانت معرقلة لمصالحها في المنطقة بشكل أكبر من الحرب الحالية في غزة
وأكدت الجمل أن غياب الوضوح والتضارب في مواقف الإدارة الأميركية منذ خطاب الرئيس جو بايدن هو المشكلة الرئيسية في هذه المفاوضات، مضيفة أن الخطاب كان واضحا ومهما، ومع ذلك، أصبح الوضع بعده مضطربا ومربكا، حيث إن المسؤولين الأميركيين يصرون على أن العبء يقع على حماس لقبول المقترحات، في حين لم تعلن إسرائيل قبولها بشكل صريح.
ولفتت الجمل إلى أن الإدارة الأميركية تعتقد أن تهدئة الموقف في غزة ستسهم في تهدئة الوضع في المنطقة، وأنها تسعى لتجنب حرب مع الجبهة اللبنانية، نظرا لقدرات حزب الله الكبيرة، مشيرة في الوقت ذاته إلى وجود أصوات مرتفعة في الكونغرس تحث على دعم إسرائيل أمام حزب الله، مما يعكس تعقيدات السياسة الأميركية الداخلية تجاه هذا النزاع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإدارة الأمیرکیة حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
رفض مصري قطري لـسلوك إسرائيل تجاه وقف إطلاق النار بغزة.. الاتفاق متعثر
أكد مسؤولون مصريون أن تجاوز المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة "لا يزال متعثرا"، على الرغم من إعلان البيت الأبيض، وجود "جهد مكثّف يُدار خلف الكواليس للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق السلام في غزة"، والتأكيد على قرب تشكيل "مجلس السلام" المكلّف بإدارة القطاع.
وأضاف المسؤولون بحسب ما نقلت عنهم صحيفة "الأخبار" اللبنانية، أن ذلك يعود ذلك وفق معطيات ميدانية وسياسية إلى ما يمكن توصيفه بـ"العرقلة الواضحة" من جانب "إسرائيل" لمسارات كان يُفترض فتحها ضمن إطار الاتفاق.
وذكروا أنه "في مقابل هذا التعطيل، تُسجَّل تحرّكات استخباراتية مصرية–قطرية نشطة تهدف إلى إزالة هذه العراقيل، رغم قناعة القاهرة والدوحة بأن الإدارة الأمريكية منشغلة حاليا بملف المفاوضات الروسية الأوكرانية على حساب المسار الغزّي".
وأشاروا إلى أن "الولايات المتحدة، المنهمكة بسلسلة اتصالات مرتبطة بالأزمة الأوكرانية، لا ترى ضرورة للاستعجال في الإعلان عن قرارات تخص المرحلة الثانية من الاتفاق، طالما أن المرحلة الأولى لا تزال قائمة شكليًا، رغم الخروقات الإسرائيلية المتكررة".
ويقابل هذا الموقف الأمريكي، وفق التقدير المصري، سعي إسرائيلي منهجي لفرض وقائع ميدانية جديدة داخل قطاع غزة. وخلال المباحثات الأخيرة مع الجانب الأميركي، عبّر المسؤولون المصريون عن قلق بالغ إزاء محاولات "إسرائيل" توسيع عمق المنطقة العازلة داخل القطاع إلى مسافة تصل إلى ثلاثة كيلومترات، مؤكدين رفض هذا الطرح رفضًا قاطعًا "تحت أي ظرف".
وفي إطار محاولة نزع الذرائع الأمنية الإسرائيلية، التي ترى القاهرة أنها "مبالغ فيها إلى حدّ كبير"، عرض الجانب المصري تقديم ضمانات تتعلّق بالوضع الأمني المستقبلي للقطاع، بما يحول دون تكرار سيناريو "طوفان الأقصى".
ومن النقاط التي جرى تثبيتها خلال الاجتماعات، التزام الجانب الفلسطيني الكامل ببنود الاتفاق وتعهد عدم عرقلته، رغم ما تصفه القاهرة بغياب المرونة الإسرائيلية في التعامل مع المقاتلين العالقين في المناطق الخاضعة للاحتلال، فضلًا عن استمرار إغلاق معبر رفح، خلافًا لما نصّ عليه الاتفاق الذي يفترض تشغيله في الاتجاهين.
وتستند الطروحات المصرية، بحسب المصادر، إلى مبدأ "تحييد سلاح المقاومة" في المرحلة الراهنة، مع فتح المجال للتفاهم على قواعد محدّدة تضمن من جهة الأمن للمستوطنات الإسرائيلية، ومن جهة أخرى تحول دون اقتطاع أراضٍ جديدة من قطاع غزة.
وتشمل الرؤية المصرية كذلك وجودًا أمنيًا فلسطينيًا وانتشارًا لقوات دولية داخل القطاع، إلى جانب خطة لإعادة إعمار مدينة غزة بالكامل وفق جدول زمني واضح يوفّر شروط حياة إنسانية للسكان، بالتوازي مع إنهاء المظاهر المسلحة، وذلك ضمن تفاهمات تقوم على مبدأ "الثقة المتبادلة".
وللمرة الأولى منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، أبلغ المسؤولون المصريون نظراءهم الأمريكيين باستحالة إقناع فصائل المقاومة بالتخلّي عن سلاحها في غياب ضمانات حقيقية تتعلق بأمن القطاع، وبالتزام "إسرائيل" الكامل ببنود أي اتفاقات لاحقة. وشدّدوا على أن أي نقاش جدي حول ملف السلاح يبقى مشروطًا بقيام دولة فلسطينية عاصمتها شرق القدس، وهو مسار لا تظهر حتى الآن أي مؤشرات جدية على قرب تحققه.
وفي السياق نفسه، حذّرت القاهرة من أن استمرار الاتفاق في صورته "الهشّة" الحالية لن يؤدي إلى استقرار دائم أو سلام فعلي على الأرض، كما تطمح إليه الإدارة الأمريكية. وأن التباطؤ الإسرائيلي المتعمّد في تنفيذ بنود وقف إطلاق النار، والإبقاء على حالة الحرب مفتوحة، يثيران شكوكًا عميقة بشأن جدية تل أبيب في الالتزام بتعهداتها.
وتضمنت النقاشات المغلقة مع المسؤولين الأمريكيين، والتي شارك في بعضها مسؤولون قطريون، تحذيرات واضحة من التقليل من شأن القدرات العسكرية التي لا تزال قائمة داخل قطاع غزة، رغم الحرب الممتدة لأكثر من عامين، والتنبيه إلى إمكانية تنفيذ تحركات فلسطينية من داخل القطاع.
وخلصت هذه المداولات إلى التأكيد على ضرورة العمل الجاد لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، بحسب ما ذكرت المصادر التي نقلت عنها الصحيفة اللبنانية.
وبحسب أحد المسؤولين المشاركين في الاجتماعات، فإن التحذيرات التي نقلتها القاهرة بشأن التداعيات المحتملة لانهيار الاتفاق، والتي جاءت في توقيت وُصف بالمفاجئ لبعض المسؤولين الأميركيين، هدفت إلى تسريع مسار التفاهم، وترافقت مع مطالبات بضرورة توضيح عدد من الملفات الحساسة قبل زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض نهاية الشهر الجاري، في ظل قناعة مصرية بأن الوقائع الميدانية الحالية لا يمكن استمرارها عند الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.