كندا تعلق مساعدات التنمية المباشرة لحكومة النيجر
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
أعلنت الحكومة الكندية، اليوم الأحد، تعليق المساعدات سيشمل دعمنا المباشر المرتبط بالميزانية لحكومة النيجر.
وجاء قرار كندا بعد خطوة مماثلة من الولايات المتحدة، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمعة، أن بلاده ستوقف بعض برامج المساعدات التي كانت توفرها لحكومة النيجر.
وقال بلينكن في البيان إن "الحكومة الأميركية توقف مؤقتا بعض برامج المساعدات الخارجية التي تستفيد منها حكومة النيجر"، دون أن يذكر تفاصيل عن تلك البرامج.
وأضاف "كما أوضحنا منذ بداية هذا الوضع، فإن تقديم المساعدة الأمريكية لحكومة النيجر يعتمد على الحكم الديمقراطي واحترام النظام الدستوري". وتابع "نظل ملتزمين بدعم شعب النيجر لمساعدتهم في الحفاظ على ديمقراطيتهم المكتسبة بشق الأنفس ونكرر دعوتنا لإعادة حكومة النيجر المنتخبة ديمقراطيا على الفور". كما ستواصل الولايات المتحدة القيام بعمليات دبلوماسية وأمنية لحماية أفرادها هناك.
وكانت المنظمة الإقليمية أمهلت الانقلابيين الأحد الماضي سبعة أيام لإعادة الرئيس محمد بازوم الذي أطيح في 26 يوليو إلى منصبه، تحت طائلة استخدام "القوة". وفرضت عقوبات شديدة على نيامي.
واجتمع القادة العسكريون لدول المجموعة في العاصمة النيجيرية أبوجا لمناقشة سبل التعامل مع أحدث انقلاب في منطقة الساحل الإفريقي.
وقال مفوض الشؤون السياسية والأمن في المنظمة الإقليمية عبد الفتاح موسى "تم في هذا الاجتماع تحديد كل عناصر التدخل المحتمل، بما في ذلك الموارد اللازمة، وكذلك كيف ومتى سننشر القوة".
كما تابع موسى "إكواس لن تبلغ الانقلابيين متى وأين سنضرب"، مضيفا أن ذلك "قرار عملاني سيتخذه رؤساء دول" التكتل.
ووصل وفد من إكواس برئاسة رئيس نيجيريا السابق عبد السلام أبوبكر إلى العاصمة نيامي يوم الخميس، لكنه غادر ليلا دون أن يلتقي رئيس المجلس الوطني لحماية البلاد الجنرال عبد الرحمن تياني ولا الرئيس المخلوع بازوم.
وتولى الرئيس السابق للحرس الرئاسي في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني السلطة على رأس المجلس العسكري في 26 يوليو فيما الرئيس المنتخب محمد بازوم ما زال محتجزًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: كندا النيجر أحداث النيجر أزمة النيجر احتجاز رئيس النيجر
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: الأمن المائي لحكومة الأمل
في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الانتقالي د. كامل الطيب إدريس عن ملامح “حكومة الأمل” ، وما صاحبها من وعود بإصلاح الحكم على أساس الكفاءة الوطنية بعيدًا عن المحاصصة، طُرح مقترح دمج وزارة الموارد المائية والري ضمن وزارة الزراعة، كجزء من خطة إعادة هيكلة الوزارات بهدف ضبط العمل الإداري وتحقيق فعالية مؤسسية حاكمة.
هذا الطرح بحسب خبراء يلامس جوهرًا استراتيجيًا بالغ الأهمية يرتبط بشكل مباشر بالأمن القومي السوداني، ويثير تساؤلات جوهرية حول فهم الدولة لطبيعة إدارة الموارد في سياق إقليمي ودولي بالغ الحساسية.
المياه في حالة السودان، لم تعد ملفًا فنياً يمكن إدراجه ضمن أولويات وزارة قطاعية كوزارة الزراعة، بل تحولت إلى قضية وجودية تمس بقاء الدولة ذاته. فالسودان، بوصفه دولة محورية في منظومة حوض النيل، يتعامل مع شبكة من التعقيدات الجيوسياسية المتزايدة، بدءً من تحديات سد النهضة، مرورًا بإدارة المياه الجوفية، ووصولاً إلى صراعات النفوذ الإقليمي التي بدأت تتبلور حول الأنهار والأحواض العابرة للحدود. في هذا السياق، لم يعد من المقبول – لا سياسيًا ولا فنيًا – أن تُدار المياه ضمن كيان غير متخصص. إنما تقتضي المرحلة تأسيس وزارة مستقلة وفعالة للموارد المائية، تمتلك السيادة الفنية، والسلطة المؤسسية، والكفاءة العلمية التي تتيح لها قيادة هذا الملف الاستراتيجي.
لقد آن للري أن يترجل من صهوة الموارد المائية. فالحقيقة التي يغفلها البعض أن الري – كقطاع – يمثل في جوهره “التصرف في المياه”، بينما تمثل الموارد المائية “الإيرادات” الكلية لهذا المورد الحيوي. وبين الإيرادات والتصرفات، هناك سلسلة متكاملة من العمليات: من توليد الكهرباء، وتخزين المياه في السدود، واستغلال الموارد الجوفية، وحتى التطورات المستقبلية في استخدام المياه لإنتاج الهيدروجين الأخضر. هذه المسارات جميعها تقتضي جهازًا مؤسسيًا جامعًا ومهيمنًا، يضع سياسة مائية شاملة تنسجم مع أولويات الأمن القومي، لا مجرد أداة لتنظيم عملية الري في الزراعة.
ولئن كانت وزارة الموارد المائية غائبة عن واجهة التمويل خلال العقود الماضية، حيث ظلت ميزانيات الدولة تتجه في معظمها إلى تمويل مشاريع الري فقط، فإن هذا القصور لا يُعزى فقط إلى غلبة الرؤية القطاعية، بل إلى فشل جماعي في رفع مستوى الوعي بأهمية المياه كمورد سيادي يتجاوز الحسابات الإنتاجية اليومية. وما يفاقم من خطورة هذا التوجه، هو غياب الحاكمية المركزية على منظومة المياه، والتي تضم اليوم وحدات متعددة كالسدود، والخزانات، والمياه الجوفية، والوديان، ومياه النيل، إضافة إلى سكرتارية الهيئة الفنية المشتركة، وكلها تحتاج إلى جهة موحدة صاحبة قرار، لا كيان تابع لوزارة أخرى.
إن الحديث عن مخاطر دمج وزارتي الري والزراعة لا يمكن فصله عن الواقع الداخلي المتردي في وزارة الري نفسها، والتي تعاني بحسب المؤشرات المتاحة من غياب خطة استراتيجية بعيدة المدى، وانعدام السياسات المنظمة لاستخدام المياه، فضلاً عن غياب الجاهزية الفنية للتعامل مع التحديات المتفاقمة، وفي مقدمتها السيناريوهات الخطرة المرتبطة بسد النهضة، سواء في مواسم الوفرة أو احتمالات الانهيار المفاجئ لا قدر الله. بهذا المعنى، فإن رفض الدمج – على وجاهته – لا يجب أن يُغني عن المطالبة بإصلاح شامل للوزارة نفسها من حيث التخطيط، والحوكمة، وبناء القدرات، والقدرة التفاوضية، والرؤية الفنية لمواجهة تغير المناخ وشح الأمطار أو فيضاناتها، إضافة إلى إدارة المياه الجوفية التي بدأت دول مجاورة فعليًا في سحبها واستغلالها.
ولا يمكن فصل هذه الاعتبارات عن تجارب الدمج السابقة التي أثبتت فشلها هيكليًا لا إداريًا فقط، فقد أدى الجمع بين وزارتي الزراعة والري إلى تضارب واضح بين من يستهلك المورد ومن يُفترض به تنظيمه، وكانت النتيجة انهيار التنسيق، تدهور شبكات الري، هدر المياه، وتراجع تمثيل السودان في المنتديات الدولية ذات العلاقة. فالزراعة، وإن كانت مستفيدًا رئيسيًا من المياه، إلا أنها لا يمكن أن تكون المنظم الحاكم لها، لأن ذلك يخل بتوازن المصالح ويضرب بمبدأ الحياد المؤسسي.
وفي ظل انعدام هذا الحياد، يصبح لزامًا على الدولة أن تتجه لتأسيس مركز سيادي للموارد المائية، يمثل بنكًا معلوماتيًا وتنفيذيًا للمياه، تكون له السلطة في تحديد الكميات، والمواقيت، ونوعية المياه المستخدمة لكل قطاع بحسب الأولوية الوطنية، لا بحسب ضغوط المستخدمين. ومن هنا يصبح واضحًا أن قضية استقلال الوزارة ليست فقط مطلبًا بيروقراطيًا، بل هي لبّ المشروع السيادي السوداني، إذا ما أرادت الدولة بناء نموذج تنموي يستجيب للتحولات المناخية، وتحديات الأمن الغذائي، والصراعات الإقليمية المستجدة.
وتبدو خطورة الوضع أكثر وضوحًا إذا علمنا أن السودان لا يملك حتى الآن سياسة مائية وطنية متكاملة، تُربط فيها الموارد المتاحة بالتنمية الصناعية، والمناخ، والزراعة، والطاقة، والتخطيط الحضري. الوزارة المستقلة هي الوعاء المؤسسي الوحيد القادر على إنتاج هذه الرؤية الوطنية، وبناء شراكات فاعلة مع الجامعات ومراكز البحوث، والتفاوض باسم السودان في المحافل الدولية، والتعامل مع المؤسسات المالية العالمية من موقع قوة، لا من موقع التبعية الفنية أو السياسية.
إن هذا الملف، بكل ما يحمله من تعقيد، لا يمكن أن يُحلّ بنقاش داخلي محدود في مجموعات مهنية، بل يجب أن يُطرح على مستوى أوسع يشمل ، صناع القرار، والمختصين ، من خلال ورش وسمنارات متخصصة، تقود إلى بلورة رؤية استراتيجية متكاملة لإدارة المياه في السودان. والرؤية هذه ضرورة ملحّة في ظل واقع هش سياسيًا ومائيًا، تتداخل فيه التحديات البيئية، والضغوط الإقليمية، مع ضعف مؤسسي داخلي لا يمكن إنكاره.
إن الدفاع عن استقلال وزارة الموارد المائية بحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة يجب ألا يُختزل في شكله الإداري، بل يجب أن يُبنى على إدراك عميق بأن المياه هي المورد السيادي الأول في السودان ، والخط الأمامي في معركة الدولة من أجل البقاء. وكل تساهل في هذا الملف هو تفريط في مستقبل السودان، لا سيما في عالم بات يتصارع على كل قطرة من المياه ، ويعيد صياغة خريطة النفوذ السياسي على ضوء من يملك الماء، ومن يديرها، ومن يخطط لها.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 25 يونيو 2025 م Shglawi55@gmail.com