ود لبات يقدم صورة مضللة وخادعة عن الجيش السوداني
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
ود لبات يقدم صورة مضللة وخادعة عن الجيش السوداني
صديق الزيلعي
ذكرني قوقل بهذا المقال الذي كتبته قبل سنوات. أهمية إعادة نشر المقال اننا يجب ان ندرس ونحلل المفاوضات التي أدت لقيام الشراكة، ومن ثم تجربة الفترة الانتقال. علينا ان نقرأ بموضوعية تلك الفترة، والدور الذي لعبته كافة القوى. يشكل ذلك الخطوة الأولى والاساسية لتعلم دروس تلك الفترة، والتخطيط للمستقبل بعقل مفتوح.
عرضت في المقال الأول عن الإشادة التي قدمها عمر كوناري الرئيس الأسبق لمفوضية الاتحاد الافريقي بود لبات وخاصة نظريته حول ” المنظومة الأمنية ” في افريقيا. وتعرض المقال الثاني للكيفية التي تم بها التآمر، بقيادة الرئيس المصري السيسي، على قرار الاتحاد الأفريقي بإدانة الانقلاب، الذي تم في 11 أبريل 2019، وتسليم السلطة للمدنيين في ظرف أسبوعين. حيث دعي السيسي لاجتماع طارئ لمناقشة ما أسماه أزمتي السودان وليبيا. وقرر الاجتماع، ذي الحضور الصغيرة والمنتقاة، بتمديد مدة القرار الافريقي من أسبوعين الى ثلاثة أشهر. ولم يذكر ود لبات حيثيات ذلك القرار الخطير، الذي له ما بعده.
اليوم نعرض ما قاله ود لبات عن الجيش السوداني والدعم السريع وجهاز الأمن. وأهمية ما قاله عما اسماه بالمنظومة الأمنية انها ستكشف لنا مواقفه خلال مراحل التفاوض، ودوره في دعم المجلس العسكري الانتقالي (اللجنة الامنية). ولتجسير ما كتبه هنا عن الجيش وربطه بالنظرية التي أدعى ان منشئها، ووصفها عمر كوناري (الرئيس الأسبق للاتحاد الأفريقي) في صفحة 12 من مقدمته للكتاب:
” إن مفهوم (منظومة الدفاع والأمن) الذي وفق المؤلف في صياغته، ولفت الانتباه اليه هو بالفعل ما مكن من تناغم الشعب مع قواته المسلحة، التي اتخذت قرارا تاريخيا بعدم قمع المحتجين، فجنبت البلاد مخاطر التفكك والانهيار. وعلى العكس من ذلك انحاز الجيش الي الشعب وكان له خير درع واق.”
كتب ود لبات عن الجيش السوداني ما يلي:
” لقد كنت دائما أتجرأ على نقاش مفهوم الجيش السوداني، الذي يبدو لي انه نابع من بناء اختزالي لواقع الظاهرة العسكرية في السودان، تلك الظاهرة التي يتبين انها أكثر تعقيدا مما نتصور، ولا يمكن استيعابها الا بتوسيع دائرة الادراك. وليس مرد ذلك انه لا توجد قوات مسلحة وطنية في السودان، فتلك إهانة لجيش السودان العظيم المعروف بصلابته وعمق وطنيته، وانما بكل بساطة لكون هذا المفهوم لا يعبر عن الواقع العسكري في السودان. وانا مدين للعديد من السودانيين الذين تعرفت عليهم بالتدريج طيلة ادائي لمهمتي فيما يختص استخدامي في خطابي لمفهوم المنظومة الدفاعية والأمنية السودانية، أمثال الممثل السوداني السابق لدى الاتحاد الافريقي جمال إبراهيم. صحيح ان هذه احدى الأفكار التي صغتها خلال الوساطة وأثرت بها الى حد معا في الخطاب السياسي بإضفاء مسحة نظرية عليه ليكون قوام المناصرة والاقناع. فالجيش الوطني كمؤسسة تقليدية حاضر في صميم النظام المؤسسي برمته. فبصرف النظر عن الاكاديميات، ومراكزه التكوينية، وطيرانه، ومدرعاته، وبحريته، ومخططات الانتشار التكتيكي والاستراتيجي الخاصة في هذا البلد مترامي الارجاء. فقد عرف الجيش السوداني فترات صعود الى قمم المجد والارتقاء في معارج الضياء، كما شهد فترات قاتمة في متاهات الانزلاق. لكنه ظل صخرة صماء تتحطم عليها عبر العقود هجمات المتربصين بالوطن واستقراره وامنه حتى في أحلك الظروف” ص 38، 39.
رغم كتابته المجردة الا أن حديثه عن الدعم السريع يكشف المزيد عن مفهومه المريب:
“فجأة ظهر في الساحة العسكرية عنصر آخر هو قوات الدعم السريع. كانت هذه القوات في الأصل ذراعا شبه عسكرية تؤازر الجيش الوطني في شتى حروبه وخاصة في دارفور حيث اكتسبت القوات عناصرها من بين القبائل ذات الأصول العربية. وقد تعسر اندماج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني. وبالرغم من كل شيء بقيت هذه القوات مستقلة، حسنة التنظيم، جيدة التسليح، معتبرة الأجور، حسنة المظهر، منضبطة وملتزمة تماما بأوامر قائدها الأسطوري محمد حمدان دقلو الملقب حميتي. فلقد كان دعمها للتجمع الشعبي امام القيادة العامة حاسما في قلب كفة الميزان لصالح قوى التغيير وسقوط نظام البشير.” ص 39
لكي تكتمل الصورة ونعرف ما كان يعمل لتحقيقه، فلنقرأ ما كتبه عن جهاز الأمن:
“أما العنصر الثالث في المنظومة الدفاعية والأمنية فيتمثل في جهاز الامن والمخابرات (أو ما يطلق عليه شعبيا الجهاز). وهي هيئة خاصة بأمن النظام. وقد ظل هذا الجهاز، مع مراعاة كل المقاييس، على مدى فترة النظام السابق، وحتى وقت انتشارنا، بمنزلة القوة المهيمنة المرهوبة الممقوتة. كانت الى عهد قريب جدا القوة التي يصب عليها المحتجون جام غضبهم. ولم تكن فحسب قوة شبه عسكرية تتألف من عدد كبير من الوكلاء الذين يجهل تعدادهم الحقيقي ويتوزعون على امتداد التراب الوطني، بل كان لديها وسائل لوجستية هائلة للنقل في كل مكان، ووسائط للاتصال. وصناديق خاصة يضفي عليها الخيال الشعبي كل ما من شأنه أن يسهم في خلق اسطورة الفزاعات، التي تتفن الثورات الشعبية في نصبها كرمز للأنظمة المخلوعة. لكن مهندسها صلاح قوش قد سهل سقوط النظام بتخليه عن البشير وانحيازه، بل تشجيعه للتغيير كما تواترت لدي به الروايات والله اعلم.” ص 39
أما الفقرة التالية فهي أكثر تعبيرا عن رأيه، بعيدا عن الكلام المجرد والمعمم: “ويشير العديد من الشهادات، غير المصنفة وغير الموثقة الي ان التعذيب كان يحصل على نطاق واسع في مكاتب جهاز الأمن والمخابرات. ” ص39
طبعا ما كتبه لا يحتاج لتعليق، لكن التعليق هو: هذا هو مندوب الاتحاد الافريقي لإنهاء الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين!
siddigelzailaee@gmail.com
الوسومالثورة الجيش السوداني السودان اللجنة الأمنية جهاز الأمن والمخابرات صديق الزيلعي صلاح قوش قوات الدعم السريع محمد الحسن ولد لبات نظام البشيرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الثورة الجيش السوداني السودان اللجنة الأمنية جهاز الأمن والمخابرات صديق الزيلعي صلاح قوش قوات الدعم السريع نظام البشير عن الجیش السودانی الدعم السریع جهاز الأمن
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن رسميًا.. الخرطوم خالية من الدعم السريع
أعلن الجيش السوداني اليوم الثلاثاء استعادة ولاية الخرطوم بشكل كامل "وتطهيرها" من قوات الدعم السريع، بعد شهرين من بسط سيطرته على القصر الجمهوري بالعاصمة أواخر شهر آذار/ مارس الماضي.
اقرأ ايضاًوقالت القوات المسلحة السودانية في بيان لها: إن "القوات المسلحة تعلن اكتمال تطهير كامل ولاية الخرطوم من أي وجود لعناصر "إرهابية" و"تطهير" عاصمتنا الوطنية من دنس المتمردين وأعوانهم" في إشارة إلى قوات الدعم السريع، لافتة إلى أن الجيش يحقق الانتصارات يوماً بعد الآخر، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السودانية "سونا".
وفي سياق متصل، أكد مصدر عسكري سوداني لقناة "الجزيرة" أن "مليشيا الدعم السريع تقصف السلاح الطبي بأم درمان"، في اعقاب تأكيدات مصادر ميدانية بأن الجيش تمكن من السيطرة على أسلحة وذخائر بحي الصالحة جنوب أم درمان غربي الخرطوم.
وأوضحت المصادر أن قوات الدعم السريع شنت قصفا بالمسيرات على حي ود نوباوي الواقع تحت سيطرة الجيش، فيما أعلن الجيش أنه قصف بالمدفعية الثقيلة ما تبقى من مواقع الدعم في حي الصالحة بأم درمان.
وفي وقت سابق استعاد الجيش السوداني أنه سيطرته على أجزاء واسعة من بلدات الجموعية جنوب غرب أم درمان صباح اليوم، وتمكن خلالها من استعادة بلدات هناك.
اقرأ ايضاًووقع انفجار صباح اليوم الثلاثاء، بمجمع كلية التربية بجامعة الخرطوم بوسط أم درمان غربي الخرطوم، فيما تجري السلطات تحقيقات لمعرفة تفاصيل ما حدث.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
المصدر: الجزيرة
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن