السودان ٢٠٠ سنة فوق صفيح ساخن (٥).. !!
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
١٩٧٦ أحبط "النميري" انقلابا قاده العقيد "محمد نور" بتخطط من المعارضة السودانية بالخارج ومشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي وحزب الأمة ويعدم القائمين بما أسماه (انقلاب المرتزقة).
في ١٩٨٣ نشبت حرب أهلية ثانية بالجنوب بزعامة "جون قرنق " بهدف إجراء نظام يستوعب كل الاختلافات في الثقافات والتوجهات قائم على احترام حقوق الإنسان بعد أن خالف "النميري" قانون الحكم الذاتي وقسَّم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم كما أصدر قوانين سبتمبر١٩٨٣ بمساعدة "حسن الترابي" لتطبيق الشريعة الإسلامية والتي لاقت رفضا من اليساريين
كما ساهم "النميري" في إتمام أول عملية تهجير لما يقرب من ٢٠ ألفا من اليهود (الفلاشا) من إثيوبيا إلى إسرائيل عرفت باسم (عملية سبأ) بمساعدة "جورج بوش" الأب نائب الرئيس الأمريكي آنذاك.
١٩٨٥ سافر "النميري" للعلاج في أمريكا وفي غيابه حدث عصيان مدني شامل واحتجاجات على الغلاء وأعلن الجيش بقيادة الفريق "عبد الرحمن سوار الدهب" إنهاء حكم "النميري" وذلك فيما سميت (ثورة أبريل) وتم تشكيل مجلس عسكري لإدارة شئون البلاد كمرحلة انتقالية استمرت لمدة عام، ثم شكَّل رئيس حزب الأمة "الصادق المهدي" حكومة انتقالية بعد انتخابات شهدت صعودا للتيار الإسلامي غير مسبوق استمرت ثلاثة أعوام.
في نهاية يونيو١٩٨٩ وبتدبير من الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمين السودانية) قاد العميد "عمر حسن البشير" انقلابا على حكومة "الصادق المهدي" وقام بعزله.. حكم البشير السودان بقبضة حديدية بدعم الإسلاميين الذين استخدموا الشعارات الدينية لتصفية خصومهم السياسيين ومكَّنوا أفراد جماعتهم من مفاصل الدولة، كان "البشير" مُنفِّذا لسياسات الحركة الإسلامية بينما كانت السلطة الفعلية بيد زعيمها "حسن الترابي" وأعوانه من تنظيم الإخوان الذين سمحوا في عهدهم لزعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" وحركات جهادية محسوبة على التنظيم الدولي للإخوان بالإقامة في السودان مما جعل أمريكا تعتبر السودان دولة راعية للإرهاب وفرضت عليه عقوبات اقتصادية قاسية.
كانت الفترة من ١٩٩٤ إلى ١٩٩٧ شديدة التوتر بين الحكومة والحركة الشعبية بلغ أقصاه في مارس ١٩٩٧ حين وقع "قرنق" إلى جانب مختلف الفصائل المعارضة السودانية فيما عرف باتفاق "أسمرا" الذي تبنَّى ضرورة إسقاط حكومة "عمر البشير".
في يناير ٢٠٠٥ تم اتفاق السلام الشامل بموجبه تم تمثيل الحركة الشعبية رسميا في الحكومة وتم تعيين "جون قرنق" نائبا للرئيس فكان ذلك هو الأساس في تكوين حكومة الجنوب.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
نغوغي وا ثيونغو وكرازيات الحرب السودانية
معرفة أولية بالتاريخ توضح أن الغزاة في كل زمان ومكان وجدوا جماعات محلية عاونتهم علي أوطانهم. بما في ذلك تجار العبيد الأوروبيين الذين عاونهم أفارقة صادوا أخوتهم وسلموهم لتجار الرقيق البيض بثمن بخس.
لذلك لا يفاجئنا وقوف جماعات تسترزق من السياسة مع الغزو الأجنبي للسودان – إما عن إحتياج، والزمان مسغبة، أو عن طمع البحر ما بيابا الزيادة.
ولم يكن ملفتا المحاولات اليائسة لابواق هذه الجماعة إسقاط البعد الأجنبي في هذه الحرب بمختلف الأكروبات البائسة. لان التعريف الصحيح للحرب يضع هذه الأبواق في حرج يكشف أنها تقف في صف الغزاة وتخدم هم كبيادق إعلامية أشد خطرا من الجنجويدي المقاتل بسلاحه.
ولا أحد يحب أن ينظر في مرآة الحقيقة التي تكشف له أنه يقف موقف الأسود الذي صاد أخوته وباعهم لتاجر الرقيق الأوروبي. وحل هذه المعضلة يتم بكسر مرآة الحقيقة بقصفها بسيل من حجارة الأكاذيب المتكوبة والمنطوقة.
ويتم هذا الإسقاط إما بالسكوت عن الدور الخارجي الذي يمول ويسلح بمليارات أو بتقليل شأنه أو بالرجوع لان هذه الحرب بدات بين أطراف سودانية ثم القول أن تدخل جهات أجنبية في الحروب الأهلية تطورا طبيعيا ومتوقعا ويحدث في كل الحروب – وفي هذا تبرير كسيح. إذ تذهل هذه الأبواق عن الفرق الشاسع بين تدخل أجنبي محدود – مثل دعم أثيوبيا لحركة قرنق – يدعم هذا الطرف أو ذاك وبين توفير أحدث الأسلحة والتمويل الملياري وتجنيد المرتزقة للانخراط في الحرب من أمريكا الجنوبية ودول أفريقيا باحدث تكنولجيات الدمار.
أضف إلي ذلك أنه حتي لو قبلنا حجة أن الحرب بدات بين أطراف سودانية فإن التدخل الأجنبي الكثيف لاحقا يعني إنها في نسختها الحالية عبارة عن غزو أجنبي كامل الدسم لتركيع الدولة السودانية وتقحيب المواطن السوداني علي نفس درجة تدنيس المتعاونين مع الغزاة.
ولا أحد يدري ماذا يدفع جهات أجنبية للتدخل بكل هذا الثقل المالي والسياسي والدبلوماسي في حرب بدات بين أطراف محلية. الإحتمال الأرجح أن هذه الجهات الأجنبية كانت دائما محرك الدمي من خلف الكواليس. ولكن حتي لو حضرت هذه الجهات لاحقا فان طبيعة الحرب في بدايتها لا تنفي أنها لان لا تقل عن غزو أجنبي بائن بينونة كبري في تقارير المنظمات الدولية وفي الصحافة العالمية حتي تلك المعادية للكيزان والجيش والدولة السودانية.
إن الكلمة أهم ساحات هذه الحرب ومن ذلك تاتي أهمية تعريف طبيعهتها. وكما قلنا، لا يدهشنا تعاون الكادر المحلى مع الغزاة ولكن تصدمنا جرأته علي الحق ومحاولاته اليائسة لإسقاط العامل الخارجي في معادلة الحرب – تصدمنا ولكن لا تفاجئنا. وهذا الكادر لا ينقصه علم ولا ذكاء وهو يعرف حقيقة هذه الحرب أكثر منا. وحتي لو فاجأه تحور حرب أهلية إلي غزو، يظل بإمكانه مراجعة موقفه وإتخاذ موقع جديد بناء علي الحقيقة الراهنة للحرب. ولكن دبيب في خشمو جرادة أو في محه زردية لا يستطيع ذلك. وهكذا يضطر كادر المخبر المحلى للكذب المفضوح بإنكار البعد الخارجي بأكروبات لا تسلي حتي لو تمزقت أرديته وتنوراته وهو قالب هوبة لغوية.
تساءل الكاتب الكيني المجيد الذي رحل قبل أيام – نغوغي وا ثيونغو: “لماذا سمحت أفريقيا لأوروبا بنقل ملايين الأرواح الأفريقية من القارة إلى أقاصي الأرض؟ كيف لأوروبا أن تتحكم بقارةٍ تبلغ مساحتها عشرة أضعاف مساحتها؟ لماذا تستمر أفريقيا المحتاجة في ترك ثرواتها تُلبي احتياجات من هم خارج حدودها، ثم تتبعها بأيدٍ ممدودةٍ للحصول على قرضٍ من الثروة التي تخلت عنها؟ كيف وصلنا إلى هذا، أن أفضل قائد هو من يعرف كيف يتسول للحصول على نصيبٍ مما تبرع به بالفعل بثمنٍ باهظ؟ أين مستقبل أفريقيا؟” .
لا شك أن في وجود طبقة محلية دائما علي إستعداد لمعاونة الغزاة جزءا من الإجابة علي سؤال نغوغي وا ثيونغو، وهذه الطبقة وجدت منذ، أو قبل، أيام صيد العبيد إلي أيام دك البنية التحتية السودانية بالمسيرات الأجنبية إلي مسرح الكرزايات في كابول إلي أيام الغزو الأمريكي للعراق واحمد جلبي وكنعان مكية الذي أطربه صوت القنابل المتساقطة علي بغداد مثل موسيقي حالمة في أذنيه. ولم يكن في نواح الأمهات وبكاء الأيتام بأمر القنابل أي نشاز يفسد طرب المخبرين المحليين بموسيقي القصف الأجنبي لاهلهم وسبل معاشهم. وهكذا.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب