نستكمل حديثنا اليوم مع اغتيال الرئيس أنور السادات، وتمت مطاردة عدد من قيادات الإخوان المسلمين، وقبل الاغتيال عرف مصطفى مشهور وهو أحد قيادات الجماعة أن السادات سيعتقل عددًا كبيرًا من السياسيين، فقرر الهرب خارج مصر وأخذ معه ربيبه فى الجماعة محمود عزت، وهنا أتوقف قليلا أمام دراسة مهمة جدا منشورة على «إخوان ويكى»، عنوانها (الإخوان المسلمون ومبارك من المهادنة إلى المواجهة) للباحث الإخوانى السعيد رمضان العبادى الذى يقول إن مصطفى مشهور عرف مبكرا بأمر اعتقالات سبتمبر، وبأن اسمه فيها، من بعض رجال الأمن الذين كان يتصل بهم، ويفسر ذلك بأن الإخوان فى هذا الوقت كانوا قد اخترقوا جهاز الأمن، وكانوا يعرفون ما سيحدث أولا بأول، دون أن يشير الباحث الإخوانى إلى أن مصطفى مشهور نفسه قد يكون من بين المتعاونين مع رجال أمن الدولة، ولذلك سربوا له هذه المعلومة، والمضحك هنا أن مصطفى مشهور عمل بمبدأ إذا جاءك الطوفان فضع ابنك تحت قدميك، فبعد أن علم بأخبار الاعتقالات القادمة، لم يخبر أحدًا من الإخوان الذين وردت أسماؤهم فى القوائم، قال هو بعد ذلك إنه نسى، وفر بجلده هو وتلميذه محمود عزت فقط.

فى سنوات الغربة حاول مصطفى مشهور أن يجند أكبر عدد من المصريين الموجودين فى الخارج، وفى بيت أحد الإخوان الكبار الذين كانوا يترددون على المركز الإسلامى فى كاليفورنيا تعرف مشهور على محمد مرسى الذى كان من فرط فراغه يتردد على المركز الإسلامى ليتعرف على المصريين هناك، من المفارقات أن مشهور من الشرقية، محافظة مرسى، كان يعرف عائلة العياط التى ينتمى لها مرسى، تطورت العلاقة بينهما، عرف مشهور أن مرسى شاب قليل الخبرة، لا توجد لديه أى خلفية حركية، فاطمأن إلى أنه يمكن أن يكون تلميذًا نجيبًا فى تنظيم الإخوان، فهو يسمع ويطيع دون مناقشة أو سؤال، عاد محمد مرسى من أمريكا إلى جامعة الزقازيق منذ العام ١٩٨٥، وخلال وجوده فى الجماعة أصبح أستاذًا متفرغًا فى ٢٠١٠، كان يقوم بعمليات محددة ضمن نشاط الحفاظ على قوة التنظيم، وهو ما يفسر أن أحدًا من الإخوان لم يكن يعرف شيئًا عن مرسى الذى ظل تابعًا لسيده مشهور الذى كان يناديه دائما بـ»عمى».

بعد وفاة مصطفى مشهور انتقلت تبعية مرسى إلى خيرت الشاطر الذى جعل أستاذ الهندسة واحدًا من رجاله المقربين، استعان به كباحث واستشارى فى مشروعاته، وكان الملاحظ أن خيرت لم يقحم محمد مرسى فى العمل التنظيمى داخل الجماعة، بل احتفظ به بعيدًا ليقوم بأدوار فى العلن، حتى يحتفظ الشاطر بالأدوار الحقيقية فى الخفاء. كانت النقلة الكبرى لمحمد مرسى داخل التنظيم فى العام ٢٠٠٠، وقتها كانت الجماعة قد أعلنت عن أسماء مرشحيها، وكان مرسى مرشحًا احتياطيًا لمرشح أساسى لدائرته بالشرقية، شنت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات على الجماعة، وسقط المرشح الأساسى فى دائرة مرسى، ليصبح هو مرشح الإخوان فى الدائرة، وكأن قدره يطارده دائمًا بأن يكون احتياطيًا وليس أساسيًا، فكما حدث معه فى انتخابات ٢٠٠٠، حدث فى الانتخابات الرئاسية، كان احتياطيًا لخيرت الشاطر، لكن الأقدار دفعته لأن يلعب الدور الأول، لم يستطع محمد مرسى أن ينجح فى دائرته بالزقازيق إلا من خلال تنسيق مع جهاز أمن الدولة، وقد مرر حبيب العادلى الصفقة فى إطار تفاهم يقضى بدخول عدد من نواب الإخوان مجلس الشعب، وكان أن دخل ١٧ نائبًا بالفعل، كان مرسى هو المتحدث الرسمى باسمهم، وللحديث بقية.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الاخوان الارهابية الإخوان المسلمين السادات

إقرأ أيضاً:

الإخوان بعد 30 يونيو.. من أوهام التمكين إلى دروب التيه

في مثل هذا التوقيت من كل عام، تتجدد الذاكرة الوطنية المصرية باستدعاء لحظة فارقة في تاريخها الحديث، لحظة اجتمع فيها الشعب على كلمة واحدة: "لا لحكم الإخوان". 

فثورة 30 يونيو لم تكن مجرد انتفاضة ضد حكم جماعة، بل كانت إعلانًا صريحًا برفض مشروع أراد اختطاف الوطن لحساب أجندات خارجية، متدثرة بشعارات دينية، ومتسلحة بخطاب مزدوج لم يصمد طويلًا أمام واقع ممارساتها.

وبعد مضي 12 عامًا على تلك الثورة العارمة، يبدو أن التنظيم الذي طالما قدّم نفسه كـ«مشروع أمة»، لم يعد سوى شبحًا مهزومًا، يعيش حالة من التآكل الذاتي، والتشظي التنظيمي، والغربة الوجودية عن الواقع السياسي والاجتماعي في مصر والمنطقة.

تنظيم مأزوم وغربة وجودية

بحلول الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، لا يبدو أن جماعة الإخوان تعيش فقط انكسارًا سياسيًا، بل حالة من الغربة الشاملة عن الواقع. فذلك التنظيم، الذي سوّق لنفسه لعقود على أنه حاضنة فكرية ومشروع نهضوي بديل، بات عبئًا تاريخيًا تتنكر له الشعوب وتتجنبه العواصم، بعدما تكشفت الوظيفة الحقيقية التي كان يؤديها: أداة مأجورة في مشاريع استعمارية وأداة ابتزاز في لعبة التوازنات الإقليمية والدولية.

وقد كشفت ثورة 30 يونيو هشاشة المشروع الأخلاقي والفكري للتنظيم، وأسقطت أوراق التوت عن شعاراته، مما أدى إلى تفكك البنية التنظيمية إلى 3 جبهات متصارعة: جبهة إسطنبول، جبهة لندن، وجبهة الداخل المصري، فضلًا عن محاولات بائسة لاستعادة شرعية منعدمة من خلال الإعلام الممول خارجيًا والخطابات الاستهلاكية.

من خطاب الأمة إلى عبء التاريخ

يرى الخبراء أن التنظيم يعيش اليوم في مرحلة "موت سريري"، يعاني فيها من الملاحقة الأمنية، والانقسام الداخلي، والتآكل الذاتي، فبين منفى وملاحقة وخطاب بائس، تبدو نهاية الجماعة أقرب إلى نهاية حركات تجاوزها الزمن وانكشفت مقاصدها.

ويؤكد النائب طارق الخولي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن الجماعة أصبحت في موضعها الطبيعي كتنظيم منبوذ، ليس فقط من الشعب المصري، بل من المجتمع الإقليمي والدولي، بعدما باتت تُصنّف باعتبارها "المنبع الرئيسي لكل جماعات الإرهاب في العالم".

ما بعد الإقصاء.. مشروع استعماري مكشوف

بعد إسقاط حكم الإخوان في 30 يونيو، واجهت الدولة المصرية تحديات أمنية كبرى، شملت موجات عنف وإرهاب منظّمة. غير أن القيادة السياسية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضعت استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب، نجحت في تفكيك خلايا الجماعة وقطع أوصالها التنظيمية، لتنهار معها شبكة العلاقات السرية التي ربطت التنظيم بمشاريع خارجية، بعضها دولي وبعضها إقليمي غير عربي.

الجماعة كانت ولا تزال أداة في أيدي قوى استعمارية تسعى لتفكيك الدولة الوطنية، وأدى التنظيم دورًا وظيفيًا مفضوحًا ضمن أدوات الضغط والابتزاز والتخريب، مستخدمًا غطاء الدين لأداء أجندات استخباراتية.

وأثبت الواقع العملي فشل الإخوان في الحكم، بعد أن تم اختبارهم لوجستيًا وسياسيًا، حيث لم يجد المواطن منهم سوى شعارات جوفاء، وسياسات كارثية، أسفرت عن ما وصفه بـ"أكبر نكسة" سياسية واجتماعية للعرب والمسلمين في العصر الحديث.

هل انتهى مشروع الجماعة؟

رغم السقوط المدوي لجماعة الإخوان في مصر وعدة دول عربية، إلا أن "مشروع الجماعة لم ينتهِ كليًا"، طالما بقيت القوى الخارجية التي تستخدمها قائمة. 

فالإخوان دائمًا ما يسوّقون أنفسهم كأداة تحت الطلب، سواء للاختراق أو لخلق الفوضى أو لإعادة تدويرهم عند الحاجة في مشهد سياسي متأزم.

ولكن الدولة المصرية سبقت الجميع في التعامل مع خطر الجماعة، وتفكيك بنيتها قبل أن تتمكن من إحكام قبضتها على مفاصل الدولة، مؤكدًا أن ثورة 30 يونيو ستظل محطة فاصلة في تاريخ الأمن القومي المصري والعربي، ودرعًا منيعًا أمام أي محاولة لإعادة تسويق التنظيم من جديد.

وبعد 12 عامًا من اندلاع ثورة 30 يونيو، يتضح أن ما حدث لم يكن مجرد تغيير سياسي، بل تصفية كاملة لمشروع كان يُراد له أن يستبدل الوطن بهوية دخيلة، وأن يجعل من مصر نقطة ارتكاز لمشروع تفتيتي مدمر. 

واليوم، يقف الإخوان في موقع العزلة والتآكل، بينما تمضي الدولة المصرية نحو الاستقرار والبناء، وقد تعلمت من الدرس، وأعدّت العدة لكل من تسوّل له المساس بقرارها الوطني المستقل.

طباعة شارك 30 يونيو يونيو ثورة 30 يونيو

مقالات مشابهة

  • الإخوان بعد 30 يونيو.. من أوهام التمكين إلى دروب التيه
  • نائب: الشعب حمى هويته وأسقط الجماعة الإرهابية في ثورة 30 يونيو
  • نهاية قرن الإخوان المسلمين: انتفاضة ديسمبر علامته الكبرى
  • ثورة 30 يونيو.. 12 عامًا على الانطــلاق «قضية اقتحام السجون»
  • ماهر فرغلى: لولا ثورة 30 يونيو لأصبحت مصر مقرا للتنظيمات الإرهابية
  • الجيل: 30 يونيو أسقطت مخططات جماعة الإخوان الإرهابية واستعادت قوة الدولة
  • الوداع ليس بعيدا.. مصطفى شلبي على أعتاب الرحيل عن الزمالك
  • 30 يونيو.. مسمار في نعش مشروع الإخوان بالمنطقة
  • في الذكرى الـ12 لثورة 30 يونيو.. سياسيون يدلون بشهادتهم على جرائم الإخوان.. محمود بدر: الجماعة الإرهابية حاولت اغتيالي بقنبلة.. وطارق الخولي: أسامة ياسين هددني ديتك رصاصة
  • اغتيال الوطن.. سرد زمني لعمليات الجماعة الإرهابية من اغتيال الجنود إلى استهداف القيادات الأمنية والقضاة