بالتناقض مع خطابات سعيد.. استمرار الشراكة بين تونس والغرب على قدم وساق
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
على الرغم من التحول الاستبدادي الذي شهدته تونس وتقرّبها من روسيا والصين، إلّا أن المسؤولين الغربيين لا يريدون المخاطرة بالتعاون القيّم بشأن قضيتَي الهجرة والأمن، بحسب تقرير لمعهد واشنطن.
وجاء في التقرير، الذي أعدته الباحثة سابينا هينبرج المهتمة بالتحولات السياسية في شمال أفريقيا، إن علاقات تونس الراسخة تقليدياً مع الغرب تضعضعت في عهد الرئيس قيس سعيد؛ فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، نفّذ سعيّد إصلاحات استبدادية شاملة لمؤسسات البلاد، مما جعل العواصم الغربية في حيرة من كيفية الرد؛ فمن ناحية، يشير خفض دعمها المادي إلى عدم رضاها عن هذه الإجراءات غير الديمقراطية، ومن ناحية أخرى، نجحت اتهامات سعيّد بـ"التدخل" و"المؤامرة" الغربيَين في تجريد أوروبا والولايات المتحدة من نفوذهما.
لكن هينبرج تقر أن الشراكة بين تونس والغرب على قدم وساق. فقد قادت إيطاليا، على وجه الخصوص، الجهود نيابة عن الاتحاد الأوروبي لإشراك تونس في المسائل المتعلقة بالهجرة على وجه التحديد ولكن أيضاً في إطار "نهج من 360 درجة" للمساعدة في تنمية أفريقيا يُعرف باسم "خطة ماتي".
وقد أثارت مذكرة التفاهم الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وتونس في تموز/يوليو 2023 انتقادات (بما في ذلك من داخل البرلمان الأوروبي) بالإضافة إلى الارتباك عندما أعادت تونس دفعة أولية بقيمة 60 مليون يورو إلى بروكسل. وفي الواقع، أدت هذه السلسلة من الأحداث في النهاية إلى إنفاق الاتحاد الأوروبي مبلغ 150 مليون يورو لدعم الميزانية.
كما أن واشنطن وجدت أن شركاء المجتمع المدني التونسي، لا سيما الشركاء المحليين، ومن بينهم المؤسسات الصغيرة، لا يريدون تفويت فرصة الحصول على التمويل الأمريكي، وذلك بالرغم الدعم اللامحدود الذي تقدمه واشنطن لـ"إسرائيل" في حربها على قطاع غزة.
ويبدو أن المبدأ العام بين الجهات الفاعلة الغربية هو الحفاظ على الانخراط، حتى لو كان ذلك صعباً. ووفقاً لهذا المنطق، فإن مثل هذا السلوك العملي سيساعد في نهاية المطاف العلاقة على تجاوز الأوقات الصعبة ويمنع تونس من الدخول بشكل كامل في دائرة النفوذ الروسي والصيني على المدى الطويل.
الحفاظ على العلاقات بأي ثمن؟
تواصل حكومة سعيّد اتخاذ الخطوات اللازمة لإثبات أنه، على الرغم من تعاونه مع الغرباء في مجال الهجرة، لا يزال هو المسيطر. ففي أوائل شهر أيار/ مايو، في أعقاب زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، التي أُعلن فيها عن عدد من اتفاقيات التعاون الجديدة والوعود بدعم الميزانية، عمدت قوات الشرطة، وفقاً لبعض التقارير، إلى استخدام العنف لإزالة مخيمات المهاجرين من العاصمة التونسية وطردهم إلى الحدود. وفي اليوم نفسه، اعتقلت السلطات سعدية مصباح، رئيسة منظمة مناهضة للعنصرية والحائزة على جائزة من وزارة الخارجية الأمريكية. وتشكل هذه الإجراءات جزءاً من حملة أكبر لتصوير المهاجرين على أنهم أعداء خارجيين - مرتبطين إلى حد ما بالغرب - الأمر الذي يمكّن لسعيّد من حماية البلاد منهم، وبالتالي يبرر قمعه للمعارضة.
وهكذا، فإن تعاون إيطاليا مع حكومة سعيّد، المستمر بغض النظر عن هذه المعاملة الوحشية، يضع الولايات المتحدة في موقف صعب نوعاً ما. فتحدي روما لن يؤدي إلا إلى التسبب بانقسامات بين الدول الغربية، الأمر الذي سيسعى سعيّد إلى استغلاله. يجب على واشنطن أن تحاول تحقيق التوازن بين التحدث علناً ضد انتهاكات حقوق الإنسان وعدم معارضة حلفائها الأوروبيين.
وبحسب هينبرج فإن الولايات المتحدة تواصل العمل بشكل وثيق مع الجيش التونسي، الأمر الذي يشكل علاقة مربحة للجانبين. وتَعتبر واشنطن تونس شريكاً أمنياً قيّماً في القارة الأفريقية، حيث يشكل "النشاط الجهادي" المتزايد وضعف النفوذ الغربي في منطقة الساحل المجاورة مصدر قلق متزايد.
وفي الوقت نفسه، يقدر الجيش التونسي التدريب والمعدات التي يتلقاها من الولايات المتحدة وسيعاني مادياً بدونها. وعلى الرغم من بعض الخطوات التي فُسرت على أنها محاولات لتسييس الجيش، إلّا من المرجح أن سعيّد غير مستعد لتعريض هذا التعاون للخطر بما أن ذلك قد يكلفه دعم الجيش. وهكذا، مثلما يقبل المساعدة من إيطاليا والاتحاد الأوروبي بينما يُظهر في الوقت نفسه أنه سيتعامل مع المهاجرين كيفما يختار، فإن سعيّد يسمح بهدوء باستمرار التقليد طويل الأمد المتمثل بالنفوذ الأمريكي على الجيش التونسي بينما يصر على أنه لن يسمح بتدفق التدخل الأجنبي إلى البلاد.
ومن الناحية العملية، يعني ذلك أنه على الرغم من سوء معاملة المهاجرين، يواصل الغرب تعاونه مع تونس. ويشمل ذلك تحسناً ملحوظاً في الكفاءة المهنية لقوات الأمن وأنشطة مثل إصلاح العدالة الجنائية. كما تقود إيطاليا، باستثمارات من ألمانيا والاتحاد الأوروبي و"البنك الدولي"، مشروع "الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا (الماد)" الذي ينطوي على مد كابل كهرباء تحت الماء في البحر المتوسط في إطار التحول العالمي بعيداً عن النفط والغاز.
لكن قدرة الغرب على التأثير في مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان في تونس تظل غير واضحة إلى حد كبير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تونس الغربيين سعيد الجيش تونس الغرب جيش سعيد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على الرغم من
إقرأ أيضاً:
عبد المنعم سعيد: الشرق الأوسط يمر بمحطة فارقة
كتبت -داليا الظنيني:
أكد الدكتور عبد المنعم سعيد، المفكر السياسي وعضو مجلس الشيوخ، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد حالياً مرحلة تحوّل كبرى وصفها بـ"المحطة الفارقة"، حيث دخلت العديد من دول الإقليم في سباق تسلّح متسارع، استعدادًا لاحتمالات اندلاع صراعات جديدة، مشيرًا إلى أن التحولات في المنطقة بدأت منذ اندلاع "الربيع العربي"، وازدادت حدةً بعد أحداث 7 أكتوبر.
وخلال ظهوره في برنامج "المشهد" مع الإعلامي نشأت الديهي، المذاع على قناة TeN مساء الأربعاء، أوضح سعيد أن ما نراه اليوم من تغيرات متسارعة هو نتاج تراكمي لمزيج من العوامل السياسية والأمنية، أبرزها تحوّل الربيع العربي إلى حروب أهلية في بعض الدول، وظهور فاعلين غير تقليديين في الإقليم، مؤكداً أن إيران كانت من أوائل من ابتكر "نموذج الميليشيات" لاستخدامه في توسيع نفوذها داخل المنطقة.
وأضاف سعيد أن التغيرات الحاصلة لها أوجه إيجابية وأخرى سلبية، ويتوقف أثرها على قدرة الدول على إدارة التوازنات الجديدة. وقال إن عددًا من القوى الفاعلة حاولت اللجوء إلى القانون الدولي والشرعية الدولية في ملفات حساسة، كالحرب في غزة والصراع الإيراني الإسرائيلي، لكن هذه المحاولات لم تنجح في تجنيب المنطقة مزيدًا من التعقيد والصدام.
كما لفت إلى أن الولايات المتحدة، منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، تروج لنموذج جديد من النظام الدولي، يقوم على تحالفات بين أقطاب كبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، معتبرًا أن هذه الرؤية تعكس توجهاً نحو إعادة تشكيل موازين القوى عالميًا، في ظل تصاعد التنافس الدولي على النفوذ.
وشدد سعيد على أن المنطقة ما زالت في قلب إعادة تشكّل جيوسياسي عميق، وأن السنوات القادمة ستشهد اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدول على التكيف مع هذا الواقع الجديد.
اقرأ أيضًا:
بدءا من هذا الموعد.. قرار جمهوري بزيادة المعاشات 15%
الرقابة الإدارية تنفي القبض على أعضاء بالهيئات القضائية وضباط شرطة
مدبولي: لن يتم طرد أي مستأجر بعد انتهاء الفترة الانتقالية للإيجار القديم
قرار جمهوري بإضافة كلية الطب البشري إلى كليات "جامعة الحياة" الخاصة
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور عبد المنعم سعيد عبد المنعم سعيد ببرنامج المشهد الشرق الأوسط يمر بمحطة فارقة نموذج الميليشياتتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
الثانوية العامة
المزيدأخبار رياضية
المزيدإعلان
عبد المنعم سعيد: الشرق الأوسط يمر بمحطة فارقة
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
38 25 الرطوبة: 22% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك