إنترناشونال بوليسي دايجست: هكذا تتبني السعودية استراتيجية ناجحة لاستقطاب أفريقيا
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
سلط الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية نيك كيمبل، الضوء على استراتيجية السعودية التي وصفها بالناجحة الرامية لاستقطاب أفريقيا، مستفيدة من التغيرات والتوترات الجيوسياسية الجارية في العالم حاليا.
جاء ذلك في تحليل نشرته مجلة إنترناشونال بوليسي دايجست، وترجمه الخليج الجديد.
وذكر كيمبل، أن السعودية التي ظلت طيلة العقد الماضي، تتنافس بشدة على انتزاع الزعامة الإقليمية مع تركيا وإيران وقطر الأصغر نسبيًا والإمارات، تنجح الآن بمهارة في ترجيح كفتها في هذا الصدد.
وأشار إلى أن الصراع في أوكرانيا دفع السعودية مرة أخرى إلى دائرة الضوء العالمية؛ بسبب القيمة الاستراتيجية لمواردها وسط أزمة طاقة عالمية.
ولفت إلى أن السعودية بدورها انتهزت هذه الفرصة لتنأى بنفسها عن الخلافات الماضية، وتكشف عن رؤية إقليمية جديدة تتمحور حول المناورات الدبلوماسية وفن الإدارة الاقتصادية الرشيدة.
يتضح هذا التحول في الإستراتيجية بشكل خاص في النفوذ المتنامي للمملكة العربية السعودية في أفريقيا، مما يعزز مكانتها كقوة مالية ناشئة.
علاقات مزدهرة ومتجذرة
ووفق كيمبل فإن السعودية تشترك مع القارة الأفريقية، التي تفصل بينهما بضع مئات من الأميال، في تاريخ عميق الجذور.
وذكر أن السعودية لديها علاقات مزدهرة مع دول الاتحاد الأفريقي البالغ عددها 55 دولة.
وفي الوقت الحالي، تنتشر حوالي 40 سفارة أفريقية في العاصمة الرياض، بينما لدى السعودية 35 سفارة في جميع أنحاء أفريقيا، مما يؤكد ثقل هذه التحالفات.
ويشار إلى أن 25 دولة من أصل 57 دولة كاملة العضوية في منظمة التعاون الإسلامي ومقرها جدة تنحدر من أفريقيا.
اقرأ أيضاً
بـ4 مناطق اقتصادية جديدة.. عين السعودية على أسواق آسيا وأفريقيا
ومنذ تولي العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز الحكم في السعودية، توافد عدد من رؤساء الدول الأفريقية على المملكة، ما يبرز التفاعل الدبلوماسي الحاسم.
ووفق كيمبل فإن صندوق التنمية السعودي، الذي يقود مشاريع التنمية العملاقة في العديد من البلدان الأفريقية، يعتبر مثالاً واضحا على ازدهار التعاون السعودي الأفريقي.
وأضاف أن السعودية ساهمت باستمرار في كل تجديد لموارد صندوق التنمية الأفريقي.
والجدير بالذكر أن معظم قروض البنية التحتية كانت موجهة نحو السودان وموريتانيا والسنغال والجزائر والمغرب وتونس.
بالنظر إلى أهمية التعاون والتنسيق الأفريقي السعودي، هناك توقعات واضحة وملموسة للقمة السعودية الأفريقية المقبلة، المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا العام في الرياض.
منافع سعودية
استفادت السعودية من أفريقيا للتغلب على نقاط الضعف الحاسمة، لاسيما فيما يتعلق بتحديات تأمين الإمدادات الغذائية.
وذكر كيمبل أن السعودية بسبب إنتاجها المحلي المحدود وضعفها بسبب الاعتماد على الموردين البعيدين، تحولت إلى الأراضي الأفريقية لتلبية احتياجاتها الزراعية.
يستند التكتيك السعودي إلى مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج، التي أُنشئت في عام 2008 لتشجيع السعوديين على شراء الأراضي في الخارج.
وضاعفت هذه المبادرة بشكل كبير من عدد المستثمرين السعوديين في إثيوبيا والسودان.
إضافة لذلك يمثل النفوذ الاستراتيجي للسعودية في أفريقيا، ولا سيما في القرن الأفريقي، نعمة أمنية قيّمة.
فبعد اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي عام 2017 وعقود دفاع مماثلة تم توقيعها مع دول أفريقية، وسعت السعودية وحليفتها الخليجية الرئيسية، الإمارات من حزامها الأمني في المنطقة المجاورة مباشرة.
علاوة على ذلك، فإن تعهد السعودية بتقديم 20 مليون دولار من النفط بأسعار معقولة لزامبيا يؤكد استخدامها الذكي لاحتياطياتها الهائلة من النفط والغاز لكسب التأييد وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، ويحتمل أن يؤمن هذا التكتيك الدعم الدبلوماسي من الدول المستفيدة.
قوة ناعمة
علاوة على ذلك، سخرت السعودية هويتها الدينية لتوسيع نفوذها في أفريقيا، التي تضم حوالي 446 مليون مسلم، معظمهم من السنة.
وقال كيمبل إن هذه الاستراتيجية تتضح في تدخل السعودية في الشؤون الداخلية لنيجيريا، لا سيما من خلال دعمها لحركة إيزالا السنية، وهي محاولة لتأسيس موطئ قدم إستراتيجي وأيديولوجي بين السكان المسلمين في أفريقيا.
وأشار كيمبل إلى أن الحاجة لتأمين الإمدادات الغذائية دفع السعودية للانخراط بشكل جزئي في أفريقيا، ومع ذلك، فإن استراتيجية القوة الناعمة، التي انعكست في نمو العلاقات الدينية والسياسية، تهدف في المقام الأول إلى مواجهة خصمها اللدود إيران.
وسعت السعودية إلى تضخيم نفوذها من خلال الاستفادة من الصراع الطائفي. ومن خلال دعم المساجد والمؤسسات الإسلامية، أقامت شبكات واسعة في جميع أنحاء أفريقيا واستغلت هذه الروابط لتبرير مشاركتها.
على سبيل المثال، أدى دعم الرياض المالي والسياسي للفصائل السنية والشيعية المحلية إلى تفاقم الانقسام الطائفي في نيجيريا.
علاوة على ذلك، فإن تطلع إيران إلى إنهاء عزلتها العالمية، دفع طهران إلى التركيز على القرن الأفريقي، حيث عانت هناك من عزلة دبلوماسية مماثلة.
يوضح التحالف الاستخباراتي والعسكري بين إيران والسودان هذا النهج، حيث سمح السودان لإيران بتسليح وكلائها، واكتسب أهمية استراتيجية. كما شكلت إيران تحالفات استراتيجية مماثلة مع الصومال وإريتريا.
ونتيجة لذلك، شكلت رغبة إيران في الحصول على موطئ قدم في أفريقيا تهديدًا مباشرًا للمصالح السعودية، مما قد يؤدي إلى توسيع نفوذ إيران العالمي من خلال السيطرة على مضيقين استراتيجيين حاسمين هما باب المندب وهرمز.
رداً على ذلك، استخدمت السعودية الحوافز المالية والضغط الدبلوماسي لإقناع هذه الدول بقطع العلاقات مع إيران، وهي استراتيجية تم تكرارها بنجاح في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
صراعات النفوذ
وبعيدا عن إيران، تتصارع السعودية مع دول أخرى، بما في ذلك مصر وتركيا، من أجل النفوذ في أفريقيا.
ومن المثير للاهتمام أن تدخل السعودية في شرق أفريقيا يتعدى على مجال نفوذ القاهرة.
أثارت المحاولات السعودية لتأسيس موطئ قدم عسكري في جيبوتي واهتمامها بموارد الطاقة الإثيوبية شكوكا المصرية.
في الوقت نفسه، من المقرر أن تصطدم مناورات السعودية في أفريقيا بالمصالح التركية، حيث برزت أنقرة، مدفوعة بمدارسها ومؤسساتها، كمنافس هائل للقيادة السنية في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن التوتر يتصاعد بين دول مجلس التعاون الخليجي في ظل تنافسهم على الهيمنة في أفريقيا.
اقرأ أيضاً
فعلتها السعودية وتركيا.. فهل عثرت إيران على شركاء في أفريقيا؟
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية القرن الأفريقي السعودیة فی أن السعودیة فی أفریقیا على ذلک من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير: أسواق الكربون حل زائف لأعباء القارة الأفريقية المناخية
حذر تقرير جديد صادر عن مؤسسة "باور شيفت أفريكا"، وهي مؤسسة بحثية معنية بالمناخ، من أن مخططات سوق الكربون، تزيد الأعباء القارة الأفريقية أكثر من حلها، وقد فشلت في تحقيق تخفيضات حقيقية للانبعاثات أوالوفاء بالتمويل المناخي الموعود.
وصدر التقرير بعنوان "لماذا تشكل أسواق الكربون عامل إلهاء خطيرا لأفريقيا" الاثنين بالتعاون مع 21 منظمة من منظمات المجتمع المدني الأفريقية، مع بدء محادثات المناخ في بون بألمانيا.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4مفاهيم مناخية.. ما العلاقة بين الاحتباس الحراري وتغير المناخ؟list 2 of 4دراسة: 10% من الأغنياء مصدر ثلثي ظاهرة الاحتباس الحراريlist 3 of 4الاحتباس الحراري يقلّص امتصاص النباتات والتربة للكربونlist 4 of 4ماذا تخبرنا البيانات التاريخية عن تسارع الاحتباس الحراري؟end of listوسوق الكربون هو نظام تقوم من خلاله البلدان أو الشركات بشراء وبيع أرصدة الكربون لتعويض انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتشير التقديرات إلى أن الانبعاثات من أسواق الكربون قد تتجاوز إجمالي انبعاثات الوقود الأحفوري والانبعاثات الزراعية الحالية في أفريقيا.
وأشار التقرير إلى أن مخططات سوق الكربون تسمح للدول الغنية والشركات بمواصلة التلوث تحت ستار المسؤولية البيئية في حين ترفع العبء عن أفريقيا.
وانتقدت المنظمة أيضا أسواق الكربون الطوعية والتدابير مثل مبادرة أسواق الكربون الأفريقية، مشيرة إلى أنها فشلت في تحقيق تخفيضات حقيقية للانبعاثات والوفاء بالتمويل المناخي الموعود.
ودعا التقرير إلى إيجاد آليات تمويل بديلة مثل إلغاء الديون، وتعويضات المناخ، والعدالة الضريبية، والاستثمار العام في أنظمة الطاقة المتجددة والزراعة البيئية التي تقودها المجتمعات المحلية.
ووصف محمد أدو، مدير مؤسسة "باور شيفت أفريكا" والمؤلف الرئيسي للتقرير، أسواق الكربون بأنها "ستار دخاني للملوثين"، قائلا "إن الوهم بأن أسواق الكربون تعمل على خفض الانبعاثات هو وهم خطير".
كما أشار إلى أن أسواق الكربون لا تعمل على خفض الانبعاثات، بل تسمح للشركات فقط بمواصلة حرق الوقود الأحفوري مع المطالبة بالمسؤولية المناخية من خلال التعويضات، ودعا إلى الاستثمار العام المباشر في الطاقة النظيفة والتكيف وإستراتيجيات خفض الانبعاثات الحقيقية.
إعلانوأضاف أدو أن هذا لا يقلل من الانبعاثات، بل إنه ينقل العبء إلى أفريقيا، حيث تعاني المجتمعات هناك أكثر من غيرها من تغير المناخ، وهو ما يطرح الحاجة إلى إجراءات جريئة تعطي الأولوية للحلول المحلية، والتمويل العام للمناخ والسياسات العادلة التي تخدم المجتمعات المحلية بدلاً من الأرباح للشركات.
من جهته، دعا جيسون براغانزا، المدير التنفيذي للمنتدى الأفريقي وشبكة الديون والتنمية (أفروداد) القارة الأفريقية إلى رفض الحلول المناخية الزائفة المصممة لصالح الملوثين، حسب تقديره.
وقال براغانزا: "هذه الأسواق لا تخدم المصالح الأفريقية. إنها تُرسّخ عدم المساواة وتقوّض سيادتنا على الأراضي وتمويل المناخ".
ومن جانبها، أكدت بريدجيت موغامبي، منسقة البرامج في التحالف من أجل السيادة الغذائية في أفريقيا، أن تجارة الكربون تعزز اختلال التوازن بين الشمال والجنوب العالميين، في حين تنتهك حقوق الأراضي وتهدد الأمن الغذائي.
وأشارت موغابي أيضا إلى أن التغيير العاجل والمنهجي هو المسار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق العدالة المناخية في القارة.
وأوصى التقرير بإنشاء صناديق مناخية وطنية شاملة وشفافة تسمح للدول الأفريقية بتصميم إستراتيجياتها المناخية الخاصة دون ضغوط السوق الخارجية.
وتشير تقارير إلى أن القارة الأفريقية، التي تضم 17% من سكان العالم، لا تسهم سوى بنسبة 3.8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومع ذلك فهي تعد الأكثر تضررا من تغير المناخ وآثاره.