تمرد "الحريدم".. هل هي آخر حروب إسرائيل؟!
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي *
يبدُو أنَّ الدولة الكنهوتية الصهيونية العنصرية تحتضر، وتعيش أيَّامها الأخيرة، بسبب تداعيات هزيمة الجيش الذي قد قُهِر بالفعل وأدى ذلك إلى انهياره من الداخل، خاصة بعد الهجوم الكاسح للمُقاومة الفلسطينية الباسلة في السابع من أكتوبر والمعروف بـ"طوفان الأقصى" الذي قلب الموازين والحسابات رأسًا على عقب؛ إذ لم يكن ذلك في الحسبان للدول الاستعمارية التي تحرص كلَّ الحرص على تفوق إسرائيل على جيرانها العرب، واستمرار قبضتها على الشعب الفلسطيني وأرضه المحتلة.
ومن علامات هذا الانهيار في الجيش الإسرائيلي الذي كان لا يُقهر: رفض التجنيد في صفوف هذه المنظومة العسكرية المتهالكة، والذي وصل أعداد الذين يتعالجون في المصحات النفسية فيه لأكثر من عشرة آلاف جندي، الذين اشتركوا في القتال في قطاع غزة، بينما رفض 35% من هؤلاء الجنود الذين خضعوا للعلاج العودة مرة أخرى إلى غزة، كما سجلت المستشفيات الإسرائيلية حالات انتحار بين الجنود والضباط في هذا الكيان الغاصب؛ هذا فضلًا عن طلب أكثر من 950 ضابطًا الاستقالة وعدم الرغبة في تجديد العقود مع الجيش الإسرائيلي. ومن المفارقات العجيبة: رفض اليهود المتدينين والمعروفين (بالحريدم) الانخراط في الخدمة العسكرية الإجبارية؛ وذلك لأسباب تتعلق بالطقوس الدينية للشريعة اليهودية، فيعتقد هؤلاء الأصوليين أن دورهم أي "الحريدم" يجب أن يتمحور في دراسة التعاليم اليهودية؛ والشرائع التوراتية فقط، وليس المشاركة في الدفاع عن الدولة العلمانية في إسرائيل؛ كون قوانين الجيش ليست دينية، بل وضعية، وأقرب للعلمانية منه إلى المجتمع المتدين الذي يفترض أن يطبق النصوص الدينية القديمة والخاصة بالشريعة اليهودية.
صحيح كانت الأحزاب المتطرفة اليمنية التي تحكم إسرائيل اليوم سبق لها أن قررت السماح للحريدم بممارسة طقوسهم الدينية، وإعفائهم من التجنيد منذ عدة سنوات، إذ وافق الكنيست على ذلك القرار؛ ولكن المحكمة العليا الإسرائيلية نقضت قرار الكنيسة وأجبرتهم قبل عدة أسابيع على العودة لصفوف الجيش والخدمة العسكرية، على الرغم من الاحتجاجات العنيفة للحريدم؛ إذْ كشف أحدث استطلاعات الرأي رفض 66% من هؤلاء المتدينين قرار المحكمة المتعلق بالتجنيد الإجباري، وأن هناك البعض منهم يفضِّل الموت على التجنيد في الجيش الإسرائيلي.
لا شك أنَّ الصمود الأسطوري للشعب الفلسطينيى ومقاومته الباسلة قد أحبطت كل المشاريع الصهيونية، خاصة صفقة القرن التي روَّج لها البعض من الحكام؛ والمتمثلة في منع قيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، كما أنَّ هزيمة الجيش الصهيوني الذي يتعرض للنقد من الحكومة، خاصة ظهور جدال واسع النطاق من خلف الكواليس حول حقيقة جدالية مفادها "هل إسرائيل عندها جيش له دولة؛ أم دولة لها جيش؟"، ويتجلى ذلك في الفشل الذريع بعدم قدرته -أي الجيش- على استعادة الأسرى أو حتى النيل من المقاومة، مما خلط الأوراق على الأعداء في الداخل والخارج، وأربك المشهد في الشرق الأوسط؛ فحماس والجهاد الإسلامي باقيتان على أرض الرباط حتى تحرُّر فلسطين وعودة اللاجيئن وقيام الدولة التي تحظى الآن بالاعتراف الدولي المتمثل بتصويت 145 دولة لصالح قيامها بشكل عاجل.
وفي الختام.. فقد تنبأ المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس بهجرة يهودية عكسية للإسرائيليين إلى أمريكا وأوروبا، وذلك خلال السنوات القليلة المُقبلة؛ وبالفعل كشفت نتائج استطلاعات الأسبوع الماضي أن 59 بالمائة من الشباب في إسرائيل يفكرون بالهجرة للخارج؛ بينما توقع الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس قبل استشهاده، زوال إسرائيل عام 2027. وبالفعل كل الموشرات تدلُّ على نهاية دولة الاحتلال قريبًا، فكما قيل في سابق الأيام: "دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة"؛ فإسرائيل اليوم تستشعر الزوال والهزيمة من منظور كتبهم الدينية، فمملكة داود وسليمان -عليهما السلام- لم تصمُد أكثر من 80 عامًا؛ فهي الدولة اليهودية الأولى، بينما الدولة الثانية لليهود وهي "مملكة الحشمونائيم" انتهت في عقدها الثامن أيضًا. ومن هنا، أصبحت نهاية الدولة الثالثة أقرب للواقع من أي وقت مضى، خاصة في ظل وجود عصابة إرهابية تتولى أمر هذا الكيان الغاصب؛ أمثال: نتينياهو، وبن غفير، وسماتريش، الذين يقودون المجتمع الاسرائيلي إلى الدرك الأسفل من النار.
* أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة انطلقت من اليمن
أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، أن سلاح الجو الإسرائيلي تمكّن من اعتراض طائرة مسيّرة أُطلقت "على ما يبدو" من اليمن.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن المسيّرة جرى اعتراضها قبل دخولها المجال الجوي لإسرائيل.
ولم يصدر حتى اللحظة أي بيان بهذا الخصوص من جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن.
ومنذ بدء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، شنّ الحوثيون -تحت شعار إسناد المقاومة الفلسطينية- عشرات الهجمات الصاروخية على إسرائيل، كما استهدفوا سفنا مرتبطة بها في البحر الأحمر، معلنين فرض حظر جوي على مطار بن غوريون، وحظر بحري على ميناءي إيلات وحيفا.
في المقابل، شنت إسرائيل عدة هجمات جوية واسعة على اليمن، ودمرت مطار صنعاء الدولي وبنى تحتية للموانئ في الحديدة ورأس عيسى والصليف غربي البلاد.