والبوربون عائلة أوربية مهمة حكمت فرنسا لقرون ، حتي أطاحت بهم الثورة الفرنسية نتيجة الفساد والطغيان والتسلط علي الشعب ، وفي دراما تاريخية نادرة يسقط نابليون في العام 1814 ويعود البوربون للحكم مرة أخري ، ليغيدوا سيرة البطش والفساد والطغيان ، بل والإنتقام من الشعب الذي ثار عليهم ، مما أدي إلي الإطاحة بهم في العام 1830 وإلي غير رجعة ، فجرت عليهم مقولة السياسي الفرنسي شارل موريس ( البوربون لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا ) .

.

تخطئ القوي السياسية المجتمعة في أديس أبابا تحت مظلة الإتحاد الإفريقي إن أعادت إستنساخ ثقافة عهد قحت الإقصائية ، أو حتي عشرية الإنقاذ الأولي وتبنت أي توصية بإقصاء أي مكون سياسي من المشهد السياسي تحت أي ذريعة وبأي سبب ..

( من الآخر كدا ) تخبرنا تجربتنا السياسية أن إقصاء أي مكون بقرار سياسي أو إداري ماهو إلا نوع من العبث وإضاعة وقت الوطن ، وأن عواقبه ستكون وخيمة على الوطن وعلي كل القوي السياسية ..

لم يستمع بوربون السياسة السودانية لصوت العقل يوم حلوا الحزب الشيوعي وطردوا نوابه من البرلمان في قضية كان يمكن أن يتولاها القضاء ، فجاءهم الإنقلاب العسكري الذي عطل التجربة الديمقراطية ستة عشر عاما من الزمان ، وأذاق الأحزاب كلها الويل والثبور…

وأخطأت الإنقاذ خطأ كبيرا يوم استدركت علي خطأ خصومها بحل الحكومة الشرعية وتكوين حكومة القصر بالإنقلاب علي التجربة الديمقراطية وحل الأحزاب ، وظنت أن بريق السلطة سوف يمحي من ذاكرة الأجيال إرث السنين ، فلما أضاعت عشرة سنين من الزمان إقتنعت أنه لا يمكن حل الأحزاب بجرة قلم هكذا…

أما تجربة قحت فلا تزال ماثلة أمامنا حيث إنتهي فشلها إلي إشعال الحرب ووضع البلاد علي حافة الإنهيار ، علي أن أكثر ما يحير المرء أن الحكام في كل الدنيا هم الأحرص علي الإستقرار وطمأنه الخصوم السياسيين وذلك ليتسني لهم تنفيذ برامجهم دون عوائق ، إلا في حالة قحت ، فحين صرح رئيس حزب المؤتمر الوطني البروفيسور إبراهيم غندور بأن الحزب سيتخذ المعارضة المساندة خطا سياسيا له ولن يسعي للمشاركة في السلطة طوال الفترة الإنتقالية ، قالت له قحت ( لا نريد مساعدتكم ، وسنجعلكم تصرخون ) سبحان الله !!!!!!!

ولما تحمل المؤتمر الوطني ظلم لجنتهم واطمأنوا لمقاعد السلطة الزائلة قاموا بإقصاء حلفائهم ( الكتلة الديمقراطية) (والمكون العسكري ) من مبادرة حمدوك ، فكان ذلك سببا مباشرا في إجراءات الخامس والعشرين من إكتوبر ..

والأكثر غرابة أنهم وقبل تمام التوقيع علي الإتفاق الإطاري هددوا السودانيين بالويل والإنتقام ، بل وصرحوا علانية بأن الحرب ستكون نصيب السودانيين إن لم يوقع الجيش علي إتفاقهم ذاك ويسلمهم السلطة …

والآن وبينما نحن في الحرب ، والوطن يكاد أن ينشطر ، ولا أفق لمدي زمني يمكن أن تنتهي فيه هذه الحرب اللعينة ، والآلاف من شباب السودانيين يقاتلون مع قواتنا المسلحة وبينهم عدد معتبر من شباب المؤتمر الوطني ، هل هذا هو الوقت المناسب للتفكير في الغنائم ، وهل الأولوية الآن البحث حول إيقاف الحرب بصورة كريمة ومشرفة لشعبنا وجيشه الباسل أم إستساخ التجارب الفاشلة من التاريخ البعيد والقريب ..

حسنا فعل كثير من عقلاء السياسة والإعلام وصناع الرأي العام حين ذكروا المجتمعين بأهمية وضع الحصان أمام العربة وذلك حين الحصول علي العربة والحصان ، أما أي تفكير غير هذا فهو إطالة للأزمة الوطنية وإستنساخ للفشل …

د ياسر يوسف إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

حكومة كامل ادريس -عودة الوجوه السياسية للمشهد

حكومة كامل ادريس-عودة الوجوه السياسية للمشهد
عبدالرحمن الصادق -شذى الشريف ومبارك اردول
بقاء غالب وزراء الحركات وذهاب البقية
بقلم بكرى المدنى
لم تنجح فكرة التكنوقراط في الحكم ولن تنجح لعوامل متعلقة بالواقع السوداني
عوامل الواقع السوداني أثبتت أن الوزير لابد أن يكون سياسي-حزبي ومن دونه من وكلاء ومدراء عاميين يمكن أن يكونوا تكنوقراط/مستقلين
بما أن حصة حركات سلام جوبا سوف تكون ثابتة في حكومة الرئيس كامل ادريس القادمة فمن الأوفق-في تقيري-الإبقاء على وزراء بعض الوزارات المهمة مثل جبريل في المالية وأبو نمو في المعادن وذلك للمحافظة على حالة الإستقرار والاستمرار فى هذه الوزارات والتى لا تحتمل كثير من التنقلات!
بعض وزراء الحركات أداؤهم باهت ويجب أن يذهبوا مع التغيير على أن تقدم الحركات البديل
شباب أمثال نور الدائم من حركة مناوي ومعتصم من حركة جبريل وفواتح البشير من حركة عقار يمكن أن يتقدموا المشهد
سلوى بنية -ماما سلوى -يمكن أن يتم ترفيعها والرفيق كرتيكلا يمكن أن يترجل
من الحق العام وللصالح العام الإفادة من خدمات وخبرات بعض الأسماء السياسية والتى أفدنا من مواقفها الوطنية طوال المرحلة الماضية ولا نزال
من الحق العام وللصالح العام الإفادة من خدمات وخبرات السيد عبدالرحمن الصادق المهدي في وزارة مثل الدفاع
-الفريق عبدالرحمن خبرة عسكرية وسياسية وقبول عام
من الحق العام وللصالح العام الإفادة من خدمات وخبرات الدكتورة شذى عثمان عمر الشريف في وزارة التجارة أو الإستثمار أو الاثنتين معا فهي المستشارة الكبيرة في هذا المجال والمسؤولة المرموقة في اتحاد المصدرين العرب بجامعة الدول العربية وهي السياسية صاحبة القبول من الله والحضور بين الناس
من الحق العام وللصالح العام الإفادة من خدمات وخبرات الشاب مبارك اردول بخبرة الثرة في العمل العام حربا وسلما وعركته في المنابر وتجربته الجيدة في المعادن
الإبقاء على الأستاذ خالد الاعيسر في الاعلام وتعيين دفع الله الحاج على في الخارجية
أعلاه شيء من حتى وحتى لا نموت وفي نفوسنا شيء من حتى !!

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رغم التحديات .. آلاف السودانيين يشدون الرحال إلى بيت الله الحرام
  • وزير الخارجية المصري: نضغط لإنهاء الحرب على غزة ونأمل في اتفاق بأسرع ما يمكن
  • الشهيد اللواء الركن ايهاب محمد يوسف
  • بعد انتقاده بوتين.. هل يمهّد ترامب لتجاهل التسوية السياسية للحرب الأوكرانية؟
  • حكومة كامل ادريس -عودة الوجوه السياسية للمشهد
  • أي أفق لمبادرات القوى الديمقراطية تجاه النظام في تونس؟
  • آلاف السودانيين يتوجهون إلى الحج رغم ظروف الحرب
  • خطبة الجمعة اليوم .. ياسر الغاياتي يؤكد: هذا سبب تنوع العبادات من الله للمسلمين .. والعشر من ذي الحجة أحد مواسم الطاعات فاغتنموها.. فيديو
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الإعلام يحجز مكانًا جديدًا
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد علي إبراهيم بالقليوبية