ماذا يحدث للدماغ عندما يشعر بالفضول؟
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
شهد فريق بحثي في معهد زوكيرمان بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة لأول مرة ما يحدث في دماغ الإنسان عندما تنشأ مشاعر الفضول، وكشف العلماء في الدراسة -التي نُشرت في مجلة علم الأعصاب في 5 يوليو/تموز الحالي- مناطق الدماغ التي يبدو أنها تُقيّم درجة الشك في المشاهد البصرية الغامضة، مما يؤدي إلى ظهور مشاعر الفضول.
تقول الدكتورة جاكلين جوتليب الباحثة الرئيسية في معهد زوكيرمان وأستاذة علم الأعصاب في كلية الأطباء والجراحين بجامعة كولومبيا والمعدة الرئيسية للدراسة: "للفضول أصول بيولوجية عميقة".
ووضحت أن الفائدة الرئيسية للفضول هي تشجيع الكائنات الحية على استكشاف العالم من حولها بطرق تساعدها على البقاء. أما ما يميز الفضول البشري وفقا للدكتورة جوتليب فهو أنه "يدفعنا للاستكشاف بشكل أوسع بكثير من الحيوانات الأخرى، وغالبا لمجرد أننا نريد معرفة الأشياء وليس لأننا نسعى للحصول على مكافأة مادية أو لتحقيق فائدة ما، وهو الأمر الذي يؤدي إلى الإبداع".
ولكشف مناطق الدماغ المتورطة في مشاعر الفضول، قدم فريق البحث للمشاركين صورا لأشياء مثل حصان البحر أو ضفدع أو دبابة أو قبعة، وقاموا بتشويهها بدرجات مختلفة لتصبح أكثر أو أقل وضوحا.
وطلب الباحثون من المشاركين تقييم ثقتهم وفضولهم تجاه كل صورة، ووجدوا أن التقييمين كانا مرتبطين عكسيا، فكلما كان المشاركون أكثر ثقة في أنهم يعرفون ما في الصورة، كانوا أقل فضولا بشأنها. وبالعكس، كلما كانوا أقل ثقة في أنهم يستطيعون تخمين ما هي الصورة، كانوا أكثر فضولا بشأنها.
ماذا يحدث عندما نشعر بالفضول؟استخدم الباحثون في الدراسة تقنية غير جراحية تسمى التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي تُستخدم على نطاق واسع لقياس التغيرات في مستويات الأكسجين في الدماغ لدى 32 متطوعا، وأتاحت هذه التقنية للعلماء تسجيل كمية الأكسجين التي تستهلكها أجزاء مختلفة من أدمغة المشاركين أثناء مشاهدة الصور. ومن المعلوم أن استهلاك كميات أكبر من الأكسجين في منطقة معينة في الدماغ يعني أن هذه المنطقة أكثر نشاطا.
وأظهرت بيانات مسح الدماغ نشاطا عاليا في القشرة القذالية الصدغية، وهي منطقة تقع فوق الأذنين، والمعروف عنها منذ فترة طويلة أنها تشارك في الرؤية والتعرف على فئات الأشياء.
وتوقع الباحثون بناء على معرفتهم من خلال الدراسات السابقة، أنهم عندما قدموا للمشاركين صورا واضحة فإن هذه المنطقة ستُظهر في الدماغ أنماط نشاط مميزة للأشياء الحية وللأشياء غير الحية. وقالت الدكتورة جوتليب: "يمكنك التفكير في كل نمط كباركود يحدد فئة الصورة".
واستخدم الباحثون هذه الأنماط لتطوير أداة لقياس مدى عدم اليقين في هذه المنطقة القشرية عن فئة الصورة المشوشة. فعندما كان المشاركون أقل فضولا بشأن الصورة، كانت نشاطات القشرة القذالية الصدغية تشير إلى رمز واحد يشبه الـ "باركود"، كما لو أنها حددت بوضوح إذا ما كانت الصورة تنتمي إلى الفئة الحية أو غير الحية. وعلى النقيض، فإن المشاركين عندما كانوا أكثر فضولا، كانت القشرة القذالية الصدغية تظهر خصائص كلا الرمزين، كما لو أنها لم تستطع تحديد فئة الصورة بوضوح.
كما نشطت خلال عرض الصور المشوشة منطقتان في مقدمة الدماغ: الأولى هي القشرة الحزامية الأمامية التي أشارت دراسات سابقة إلى أنها تشارك في جمع المعلومات، والثانية هي القشرة الأمامية الجبهية البطنية التي تشارك في مراقبة الإدراكات الذاتية للشخص عن القيمة والثقة في المواقف المختلفة.
وفي الدراسة الجديدة، كانت كلتا المنطقتين أكثر نشاطا عندما أفاد المشاركون بأنهم أكثر ثقة في معرفة ما في الصورة، وبالتالي أقل فضولا لرؤية الصورة الواضحة.
الفضول والاكتئابوتؤكد الدكتورة جوتليب أن "هذه هي المرة الأولى التي يمكننا فيها ربط الشعور الذاتي بالفضول عن كيفية تمثيل دماغك لهذه المعلومات".
وقد يكون للنتائج -وفقا للدكتورة جوتليب- دلالات تشخيصية وحتى علاجية لأولئك الذين يعانون من الاكتئاب أو اللامبالاة أو فقدان المتعة، وهي حالات غالبا ما تتسم بنقص الفضول.
وتذكر الدكتورة جوتليب أن "الفضول ينطوي على نوع من الحماسة والاستعداد لإنفاق الطاقة وهو مدفوع ذاتيا، مما يعني أنْ لا أحد يدفعك لتكون فضوليا، فأنت فضولي فقط بناء على الأمل في أن يأتي شيء جيد عندما تتعلم، وهذه فقط بعض الأشياء المدهشة عن الفضول".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هذه المنطقة فی الدماغ
إقرأ أيضاً:
ماذا أفعل إذا سمعت أكثر من فتوى في مسألة واحدة؟ أمين الفتوى يجيب
قال الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن عصرنا الحالي يشهد فوضى كبيرة في الفتاوى بسبب تعدد المنصات وكثرة الكلام، مما يدفع البعض لتصديق أي شخص يتحدث باسم الدين، حتى وإن لم يكن من أهل التخصص.
وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في تصريح له: "كل واحد بقى يطلع يفتي ويقول رأيه، والناس بتتلخبط لما تسأل نفس السؤال في مكانين وتلاقي الإجابات مختلفة تمامًا"، متسائلًا: "هو إحنا بنسأل عشان نعرف رأي الناس؟ ولا عشان نعرف حكم ربنا؟".
كيفية تجنب فوضى الفتاوىوأوضح أمين الفتوىن أن تجنب فوضى الفتاوى لا يكون إلا بطريقين رئيسيين: أولاً: الرجوع إلى أهل التخصص، مثل الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، ومجمع البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء، مؤكدًا أن "دي جهات ربنا أكرمنا بيها، وموجودة ومفتوحة للناس من الصبح لحد المساء، وموجودة كمان على كل منصات التواصل الاجتماعي".
وواصل: وثانيًا: التوعية المجتمعية، حيث شدد على أهمية نشر ثقافة "أسأل مين؟"، وقال: "زي ما حضرتك لما بيكون عندك وجع في المعدة بتروح لدكتور الباطنة مش دكتور الأسنان، لازم كمان لما يكون عندك سؤال ديني تروح لأهل العلم مش لأي واحد على الإنترنت".
ولفت إلى أن الاستسهال في أخذ الفتوى من غير أهلها لا يُضل صاحبه فقط، بل يُسهم في نشر الفوضى وتشجيع غير المؤهلين على الاستمرار في الظهور، بحثًا عن "التريند والشهرة"، وهو ما يؤدي إلى البُعد عن منهج الله.دعاء زيادة الرزق .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل
دعاء لعلاج الهم والحزن.. ردده قبل الفجر بيقين واستشعر التغيير
وأكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الشريعة الإسلامية تستمد أحكامها من أربعة مصادر رئيسية متفق عليها بين العلماء، وهي: القرآن الكريم، السنة النبوية، الإجماع، والقياس، مشيرًا إلى أن هذا الترتيب يعكس منهجية علمية دقيقة في فهم الدين وتطبيقه.
وواصل: "مصادر التشريع تعني الأدلة التي تُستمد منها الأحكام الشرعية، لتحديد ما هو حلال وما هو حرام، وقد اتفق الفقهاء على أربعة مصادر رئيسية مرتبة على النحو التالي: القرآن الكريم، ثم السنة النبوية، ثم الإجماع، ثم القياس".
وأوضح أن هذا الترتيب له أصل في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ، فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، مضيفًا: "الآية تشير بوضوح إلى هذه المراتب؛ فأمر الله بطاعته (أي الرجوع إلى القرآن)، ثم بطاعة رسوله (السنة)، ثم أولي الأمر (العلماء والإجماع)، ثم أمر بالرد إلى الله ورسوله عند التنازع (وهذا يشمل القياس والاجتهاد)".
كما استشهد بحديث النبي ﷺ مع معاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن، وسأله: "بِمَ تَحْكُم؟" فقال: "بكتاب الله"، قال: "فإن لم تجد؟" قال: "فبسنة رسول الله"، قال: "فإن لم تجد؟" قال: "أجتهد رأيي"، فقال له النبي: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله".
واستطرد: "هذا الحديث يوضح الترتيب نفسه: القرآن، ثم السنة، ثم الاجتهاد، الذي لا يكون إلا لأهله، المؤهلين علميًا لاستنباط الأحكام".
وأكمل: أن هذا المنهج طبقه الخلفاء الراشدون، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، الذي كان إذا عُرضت عليه مسألة، بدأ بالقرآن، فإن لم يجد، بحث في السنة، فإن لم يجد، جمع كبار الصحابة وشاورهم، ثم أفتى بناءً على ما اتفقوا عليه.
وأردف: "هذا هو الفهم الصحيح لمصادر التشريع في الإسلام، كما ورد في النصوص وكما طبقه الصحابة، وليس لكل أحد أن يجتهد أو يستنبط دون علم وتأهيل، بل الأمر لأهل الذكر والعلم".