افتتاحية.. عن النجاة من التطرف
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
هذا عصر مزدحم بالأحداث، والمتغيرات والتحولات تحت ضغط وتأثير الثورة التكنولوجية التي وظف جزء منها لمسارات ضارة وأفكار ضالة. ومن بين أهم الأخطار التي تواجه البشرية في الوقت الحالي خطر الفكر المتطرف الذي يقود أصحابه إلى هاويات فردية وجماعية تمس عموم المجتمع وعلاقاته ونسيجه المتماسك.
تجد الأيديولوجيات المتطرفة، التي كثيرًا ما تتخفى تحت ستار الحقيقة المطلقة والحلول التبسيطية لمشاكل معقدة، أرضًا خصبة في عقول المحبطين وخائبي الأمل والجهلة في أحيانا كثيرة، ومن الضروري أن ندرك، كمجتمع، قوة الثقافة والفلسفة في بناء عقول مستنيرة وفي ملء الكثير من الفراغات المتشكلة لدى بعض الشباب والتي تقودهم إلى مسارات التطرف والتشدد.
تبدأ جذور التطرف عند عتبات الجهل، وحول الخوف وفي عمق الشعور بالعزلة وفق ما يذهب إليه الفيلسوف ابن رشد الذي يقول: «الجهل يقود إلى الخوف، والخوف يقود إلى الكراهية، والكراهية تقود إلى العنف.. هذه هي المعادلة». ولتفكيك هذه المعادلة، يجب علينا أن نبني في شبابنا القدرة على فهم وتقدير تعقيدات العالم من حولهم، وهذه العملية البنائية هي جوهر البناء الحضاري والتي تتم عبر المنتج الثقافي والفكري والفلسفي وهي أسس تقوم عليها الحضارة ويمكن عبر الوعي بها تعزيز التفكير النقدي والتعاطف والشعور بالإنسانية المشتركة.
ما زالت كلمات الفيلسوف جون ستيوارت ميل تتردد وهو يقول: «إن من لا يعرف إلا الجانب الخاص به في القضية فإنه لا يعرف سوى القليل»، ولذلك فإن فهم وجهات النظر الأخرى في أي قضية من شأنه أن يفتح الكثير من الآفاق، آفاق الرؤية وآفاق الحوار وكذلك آفاق تقدير الآخر وفهم أفكاره، وتقوم الفنون على اختلافها بالكثير من هذا الدور، وفي العموم فإن مثل هذا الفهم من شأنه أن يكرس فكر التحليل والتساؤل وفي نهاية المطاف مقاومة التبسيط المخل الذي يبنى عليه الخطاب المتطرف.
وتقدم الفنون والثقافة ثراء معرفيا عبر رطنٍ بالتجربة الإنسانية التي تذكرنا بتراثنا الإنساني المشترك والجهود التي بذلها البشر عبر القرون في محاولة تفكيك تعقيدات الحياة عبر الإبداع.
وتوفر الفلسفة إطارا للبحث النقدي والتفكير الأخلاقي.. وتشجع أفكار ابن رشد والفارابي وابن سينا وسقراط وكونفوشيوس العقول الشابة على البحث عن الحكمة والسعي لتحقيق النزاهة الأخلاقية. وكما قال الفيلسوف العربي يعقوب بن إسحاق الكندي: «لا ينبغي لنا أن نخجل من تقدير الحقيقة والحصول عليها أينما جاءت، حتى لو جاءت من أعراق بعيدة وأمم مختلفة عنا».
إن العالم اليوم في أمسّ الحاجة إلى تكريس حضور الفن والثقافة والفلسفة في حياته وتشكيله الفكري من أجل كسر مسارات التطرف، وهذا بدوره يسهم في تمكين الأجيال الشابة من نقد التطرف بشكل منهجي ونبذه والبعد عن طرقه وتوجيه الطاقات نحو مستقبل متمسك بالتسامح والتفاهم والسعي الدؤوب نحو الحقيقة. هذا الأمر في مجمله يكرم الإنسان وإنسانيته المشتركة ويبني عالما ينتصر فيه نور العقل على ظلمة الجهل.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الحقيقة حول بطن ووجه الكورتيزول
يتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي مصطلحات مثل "بطن الكورتيزول" و"وجه الكورتيزول"، التي تزعم أن هرمون الكورتيزول هو السبب وراء زيادة الوزن في مناطق معينة من الجسم أو انتفاخ الوجه.
تحول هذه المصطلحات المبسطة عمليات بيولوجية معقدة إلى مجرد مخاوف سطحية وفقا لصحيفة الإندبندنت البريطانية، مما يزيد من قلق الأفراد على صحتهم. فما الكورتيزول؟ وهل يجب القلق منه؟
ما الكورتيزول؟الكورتيزول هو هرمون يفرز من الغدد الكظرية التي تقع فوق الكليتين، حيث يلعب هذا الهرمون دور جهاز الإنذار الطبيعي في الجسم، إذ يعد إفرازه جزءا أساسيا من استجابة الجسم للتوتر، وذلك عن طريق تحفيز ردود الفعل السريعة في المواقف الخطرة، مثل الهرب من حيوان مفترس أو التعامل مع ضغوط الحياة اليومية، كما يلعب الكورتيزول دورا حيويا في تنظيم الطاقة والتمثيل الغذائي.
تظهر المشكلة عندما يصبح التوتر مزمنا، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول لفترات طويلة، في هذه الحالة يمكن أن يسهم الكورتيزول في زيادة الوزن، وخاصة في منطقة البطن، بسبب تأثيره على تخزين الدهون.
كما أن التوتر المزمن قد يغير توزيع الدهون في الوجه، مما يجعله يبدو أكثر انتفاخا. يعتمد توزيع الدهون في الجسم على عوامل متعددة، بما في ذلك الجينات، والنظام الغذائي، ومستوى النشاط البدني، وجودة النوم.
إعلانإلقاء اللوم على الكورتيزول وحده في موضوع دهون البطن يشبه إلقاء اللوم على مكيف الهواء في التغير المناخي.
تسبب بعض الحالات الطبية النادرة مثل متلازمة كوشينغ، وهي حالة يفرز فيها الجسم كميات كبيرة من هرمون الكورتيزول، ارتفاعا كبيرا في هذا الهرمون مما يؤثر فعلا على الوزن وتخزين الدهون، ولكن هذا لا يرتبط بالتوتر اليومي العادي، لذلك إذا شعرت أن التوتر يؤثر على صحتك بشكل ملحوظ، فمن الأفضل مراجعة الطبيب بدلا من الاعتماد على فيديوهات مواقع التواصل في تشخيص حالتك.
يمكن التخلص من التوتر بعدة طرق، ليس منها اتباع "حميات تطهير الكورتيزول" أو شراء المنتجات التي يروج لها المؤثرون، بل يكمن التغيير في اتباع عادات بسيطة ومثبتة علميا:
احصل على نوم كاف ومنتظم. مارس الرياضة بانتظام. تناول طعاما متوازنا. خذ فترات استرخاء بين الحين والآخر.تلعب هذه المصطلحات "بطن الكورتيزول" و"وجه الكورتيزول" دورا جذابا يهدف إلى لفت الانتباه وزيادة المشاهدات، بينما يمثل التوتر مشكلة حقيقية، لكن الحل لا يكمن في الهستيريا الجماعية حول هرمون بسيط، إنما يكمن الحل في اتباع أسلوب حياة متوازن، لذلك بدلا من القلق، ربما أفضل ما يمكنك فعله هو إغلاق هاتفك وأخذ نفس عميق، وهو بالمناسبة أحد أفضل الطرق لتقليل الكورتيزول بشكل طبيعي.