مندوب الصين في مجلس الأمن: على إسرائيل لجم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
مندوب الصين في مجلس الأمن: على إسرائيل لجم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
كيف كشف طوفان الأقصى عن أدوات القوة الناعمة
إن المؤسسات، والمعاهدات والاتفاقيات والقوانين الدولية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تأسست لإرساء النظام العالمي الجديد، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، لكن تم استغلال كل هذه المؤسسات القانونية والحقوقية باعتبارها من أدوات القُوة الناعمة، فاستخدمتها قوى الاستعمار إما مع القوة الصلبة، أو استُخدِمت بكونها أدوات للقوة الناعمة، في حال فشلت القوة الصلبة منفردة من تحقيق الأهداف الموضوعة للحرب، لأجل حماية مصالح الاستعمار في منطقتنا.
ومن وجهة نظري، فقد تعددت أدوات القوة الناعمة، فهي لا تقتصر على التأثير على النموذج وصناعة بديل له وفق هويتها الخاصة، بل أيضا تعددت الأدوات التي لديها سلطة القوة الناعمة مثل المؤسسات الدولية والقانونية والحقوقية، أو هي ناجِزة ضمن أدواتها.
ولقد تم تقويض النظام العالمي الذي أُرسِيَ بعد الحرب العالمية الثانية؛ بعد طوفان الأقصى، حيث تعرض هذا النظام بمؤسساته للتعطيل، والتقويض التدريجي بعدة طرق خلال هذه المعركة الشرِسة أهمها:
على مستوى الإعلام:
كشف طوفان الأقصى عن قوى ناعمة خارج فضاء الثقافة التي تسعـى من خلالها دولة للتأثير على شعوب أخرى وصناعة ثقافتها، فقد استخدمت إسرائيل قوتها الناعمة من خلال الإغراء بالمال لجذب مشاهير الإعلام المؤثرين لصالح سرديتها للحرب، إذ يمكن شراء مشاهير الإعلام المؤثرين في الغرب بالمال أو المُلكيات الأخرى، ويكون ذلك مقابل تبنيهم سردية الكيان الصهيوني وروايته لحرب طوفان الأقصى، بطريقة مكثفة لإقناع الجمهور بهذه الرواية، وباستخدام شعارات إنسانية مُوَثقة بصور غالبا تم التلاعب بها.
وقد كشف تحقيق جديد عن روابط مادية وأيديولوجية بين إسرائيل والصحفيين والمُحررين والمديرين التنفيذيين في صحيفة نيويورك تايمز، سواء كانوا يخدمون في جيش الاحتلال، أو يأخذون أموالا من المُنظمات الصهيونية المُؤيدة لإسرائيل، أو سكنوا في الكيان المُحتَل في منازل مسروقة.
ومن بين هؤلاء الصحفيين العشرين في صحيفة نيويورك تايمز ناتان أودنهايمر، الذي عمل في وحدة ماجلان للقوات الخاصة التابعة للقوات الإسرائيلية لمدة أربع سنوات، وإيزابيل كيرشنر، التي استشهدت بمركز أبحاثها الصهيوني لزوجها السابق في قوات الأمن الداخلية أكثر من 100 مرة طوال فترة ولايتها.
(صورة شبكة العلاقات التي تربط بعض صحفيي نيويورك تايمز بالكيان الصهيوني)
ولا تجد بين هذه الأسماء أي شخص منهم أشار أو حتى ألمح في تقاريره الصحفية والإعلامية لما يحدث في فلسطين، بل جل سرديتهم تعزز وتبرر ما تقوم به إسرائيل من جرائم إبادة بحق الفلسطينيين في غزة، وتعطي غطاء للمجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الأبرياء في غزة. فمن خلال قوه المال الناعمة تم تعزيز القوة الصلبة.
على مستوى القانون:
في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وبعد أن قدمت جنوب أفريقيا شكوى في المحكمة الجنائية الدولية ضد مسؤولين إسرائيليين لارتكابهم إبادة جماعية ومجازر بحق المدنيين الأبرياء في غزة، وبعد إجراء تحقيق حول جرائم الحرب وجرائم ارتكبت ضد الإنسانية في غزة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى هما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، ووزير دفاع الاحتلال السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في التجويع باعتبارها وسيلة حرب، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية في الحرب على غزة.
إلا أن أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي، حذروا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان من إصدار مذكرات اعتقال، وتوعدوه بمواجهة عقوبات ثقيلة إذا ما أقدم على ذلك.
وقام موقع "زيتيو" للصحفي البريطاني المستقل مهدي حسن، بنشر فحوى رسالة التهديد التي أرسلها 12 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ، من بينهم توم كوتون وماركو روبيو وتيد كروز، إلى المُدعي العام للمحكمة، رغم ثبوت إدانة نتنياهو وغالانت بالوثائق والأدلة الدامغة بارتكابهم إبادة جماعية ومجازر بشعة بحق الإنسانية.
وجاء في الرسالة التي نشر الموقع صورة منها وحملت توقيع النواب الـ12، أنه في حال إقدام المحكمة الجنائية الدولية على إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين، فإن الخطوة ستعتبر تهديدا ليس فقط لسيادة إسرائيل، ولكن لسيادة الولايات المتحدة أيضا، مما ستترتب عليه عقوبات ثقيلة وفق الرسالة، وجاء فيها أيضا تهديدا قالوا فيه: "استهدفوا إسرائيل وسنستهدفكم".
وقد وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا تنفيذيا بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية فيما بعد، مما اعتبره خبراء في القانون الدولي تهديدا خطيرا للنظام القضائي العالمي ولمستقبل المحكمة نفسها.
واعتبر تريستينو مارينيلو، أستاذ القانون في جامعة ليفربول جون مورس، والمحامي والمُدافع عن الضحايا الفلسطينيين أمام الجنائية الدولية، أن القرارات التنفيذية الأمريكية تُستَخدم عادة ضد الأفراد المُتَورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو تجار المخدرات الدوليين. وقال إن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يمثل تناقضا واضحا، فالمحكمة تُعنى بمكافحة الجرائم الأكثر فظاعة وتوفير العدالة للضحايا، وليس لها أي بديل آخر.
وأكد خبراء أن تطبيق نموذج العقوبات المُخصص "للتنظيمات الإرهابية" على آلية عدالة دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية يتناقض مع المبادئ القانونية، ولا يُهدد فقط التحقيق في الجرائم المرتكبة في فلسطين، بل جميع التحقيقات التي تجريها المحكمة من أوكرانيا إلى السودان، وهو ما يُقوّض مصداقية هذه المحكمة، ويبطل تأثيرها القانوني، ويدفع نحو فوضى يفلت المجرم فيها من العقاب، لعدم وجود رادع دولي.
وقد كشف مُدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أنه تعرض للتهديد بسبب طلبه إصدار مُذَكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت. وقال إن أحد السياسيين الغربيين قال له إن هذه المحكمة "أنشئت من أجل أفريقيا ومن أجل السفاحين مثل فلاديمير بوتين" وليس للغرب"، بحسب تعبيره..
وهو ما يكشف عقيدة المركزية الغربية بشكلها الفج، ومدى استغلال هذه المؤسسات بعناوين قانونية، لأجل تحقيق مصالح الغرب.
على مستوى مجلس الأمن والقضايا الدولية:
أنشئ مجلس الأمن بعد الحرب العالمية الثانية، لمعالجة إخفاقات عصبة الأمم في الحفاظ على السلام العالمي. وجاء نتيجة انعدام الأمن العالمي، وكثرة الحروب، أي أن هدف تأسيسه هو وضع ضوابط للنظم وحفظ السلام العالمي.
إلا إننا لو سلطنا الضوء فقط على ممارسات مجلس الأمن ومدى فاعليته في تحقيق الهدف الذي أُنشئ لأجله، لأدركنا عدم فاعليته في أداء وظيفته، لكن فقط عندما يتعلق الأمر بقضايا منطقتنا في غرب آسيا وأفريقيا، وعندما تتعارض هذه القضايا مع مصالح أمريكا والغرب.
ولو رصدنا مواقف مجلس الأمن وقدرته على تحقيق هدف حفظ السلام العالمي فقط بعد طوفان الأقصى، لاتضح أكثر حجم الفشل الوظيفي، خاصة عندما تتعلق القضايا بحقوقنا المشروعة، لا سيما قضية فلسطين.
مواقف مجلس الأمن بعد طوفان الأقصى:
1- تشرين الأول/ أكتوبر 2023: استعملت أمريكا حق النقض في مجلس الأمن الدولي، ضد قرار قدمته البرازيل تدعو فيه إلى "هدنة إنسانية" بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة.
2- تشرين الأول/ أكتوبر 2023: قدمت روسيا طلبا لوقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية صوتت ضده.
3- كانون الأول/ ديسمبر 2023: بمشاركة 80 دولة قدمت الإمارات العربية المتحدة طلبا لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن أمريكا استخدمت الفيتو مجددا.
4- كانون الأول/ ديسمبر 2023: تم رفض قرار دعا إلى إرسال بعثة تقصي حقائق للتحقيق حول ارتكاب إسرائيل "جرائم حرب" في غزة.
5- شباط/ فبراير 2024: قدمت الجزائر نيابة عن جامعة الدول العربية طلبا بوقف إطلاق النار والعدوان الإسرائيلي على غزة، لكن الولايات المتحدة صوتت ضده مستعملة حق الفيتو.
بالتالي، فأصل تأسيس مجلس الأمن ونظامه الداخلي الذي يعطي الحق لدول معينة وفق مواصفات معيارية وضعها الغرب باستخدام حق النقض "الفيتو"؛ يكتنز تقويضا مبطنا لفاعلية هذه المؤسسة في حال استُخدمت ضد مصالح الغرب، بل هي تُستخدم باعتبارها من أدوات القوة الناعمة لتحقيق ما عجزت القوة الصلبة عن إنجازه من قبل الاستعمار.
وقد أدت هذه الإخفاقات من هذه المؤسسات، إلى أن تفقد هذه المؤسسات الدولية مشروعيتها، وفعاليتها، ودورها شيئا فشيئا، حيث سيكتب التاريخ أن النظام العالمي لم ينهر بسبب الحروب، وإنما بسبب الصمت والتقاعس، والمعايير المزدوجة أمام الظلم واللاعدالة.