فى جبيت : أكثر رسائل وخطابات البرهان وضوحا وبيانا
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
(1) دون أدني شك فإن خطاب الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة فى جبيت هو الأكثر وضوحا والأكثر بيانا والأكثر شمولا فى رسائله وأهدافه..
– رفع سقف المعركة ، إلى معركة بين (الجيش والمواطنين وحركات الكفاح) فهى معركة الوطن كله ضد مليشيا الدعم السريع..
– رفع سقف التفاوض من الحديث إلى الجيش إلى الحديث مع الحكومة السودانية ومشاورتها ، وهذا يتماشى مع الاشتراطات التى وردت فى بيان وزارة الخارجية وتفسير له ، و جاءت التفسيرات هذه المرة بإسم الخارجية ممثلة للحكومة السودانية.
– دعا بوضوح أكثر إلى تحديد لأطراف (الداعي للحوار ، والمشارك فيه ، والاجندة) ..
– وجه رسائله بوضوح إلى كل الأطراف ، وخص هنا رمطان العمامرة مبعوث الأمين العام للامم المتحدة ، وربما هذا يكشف جانب من طبيعة مفاوضات جنيف والدور الذى لعبه العمامرة فى محاولة تأسيس منبر جديد للتفاوض..
– جدد قواعد التفاوض ، تنفيذ ما اتفق عليه فى اتفاق جدة (الخروج من الأعيان المدنية وفك حصار المدن و مغادرة منازل المواطنين..
لقد وظف الحدث إلى غاياته وبدأ أكثر تماسكا فى عرض وجهة نظره..
(2)
لم تكن كلمات البرهان وحدها فى مسرح الحدث ، وإنما كذلك ما استتبع ذلك ورغم المخاطر الأمنية بعد استهداف مسيرة لمكان الاحتفال ، فقد تواصل البرنامج ، هنأ البرهان المتخرجين ، وخاطبهم وزار الجرحى فى المستشفى ، وطاف بالسوق فى مشهد عفوي وشهد الصلاة على الشهداء ، لم يغادر الساحة وهذا سلوك قيادى دون شك..
وكل ذلك عزز ويعزز من مواقفه..
(3)
ولكن ما يمثل رافعة اكثر للبرهان هو (نبل قضيته) فى مقابل (سلعة الأطراف الاخرى) ، فهو يقاتل بجيشه وشعبه من اجل الأرض والعرض والممتلكات ، بينما المليشيا والداعمين وحاضنتها (قحت و تقدم) يبحثون عن مواقف سياسية وشعارات بعيدة عن واقع الحال ، فلا يمكن تبرير قصف الفاشر يوميا واستهداف المستشفيات بإنه (معركة لجلب الديمقراطية) ، ولا يمكن تبرير نهب ممتلكات المواطنين وطردهم من دورهم ومنزلهم وتجويعهم وترويعهم بإنه (محاربة الإسلاميين).. هذا جنون بعينه..
وبينما يتحدث البرهان انابة عن المواطن وممتلكاته وحقوقه المنهوبة ، تبحث المليشيا واعوانها عن (ازالة دولة 56) ، ولا تتوقف رهانتهم فى استهداف الوطن وبنيته..
ومهما حاولوا تزييف الوقائع ، فانهم فى نهاية الأمر على خط واحد مع دعاوى المليشيا..
ومثل هذه الاحداث تكشف حقيقتهم أكثر ولسانهم يتطابق وقع الحافر مع خطاب واقوال وادعاءات المليشيا..
لقد اثبتت الحادثات غياب العقل والبصيرة لدى بعض ادعياء السياسة ونشطاء الغفلة..
وتبقى مشكلة البرهان الوحيدة هى كيفية توظيف كل ذلك من اجل معركة الوطن..
د.ابراهيم الصديق على
31 يوليو 2024م
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
رسالة من داخل غزة عن معركة ما بعد انتهاء الحرب
مع فجر يوم جديد من أيام محرقة غزة، تسللت الشمس من بين سحب الدخان والغبار والنار، حاملة معها ما ظننّاه بصيص أمل يُنير ليل محنتنا العميقة. لكن خلف ذلك الضوء الخافت، ظل الألم والحصار والدمار والقتل مستمرًا بلا هوادة.
أمامي، كانت مئات عناصر العصابات الإجرامية تحاصر الحي، والآليات العسكرية تنتشر في المباني المجاورة التي تحولت إلى نقاط مراقبة وتدمير، في ظل قصف لا يتوقف، يُمطرنا بقذائف تهدم كل ما حولنا.
تحصّنا معًا في أماكن ضيقة، نتلو الأذكار والدعاء، نحاول كبح موجة الرعب التي تعلو مع كل انفجار يهدم عمارة، ليسحق معها أحلامنا وطموحاتنا.
ولم يقتصر الدمار على الحجر فقط، بل تعدّاه إلى إحراق المباني وتحويل المساجد والمدارس إلى مراكز تعذيب وتحقيق، عقب طرد النازحين منها بالقتل والتشريد، مما عمّق شعورنا بالعزلة والظلم.
مع تصاعد القصف والاشتباكات، أصبح منزلنا أنقاضًا تحوَّلت إلى ثكنة تتعرض للقصف من كل الاتجاهات.
نعيش لحظات رعب مستمر وسط ظلام دامس بسبب قطع الكهرباء ومنع المحروقات، فضلًا عن نقص الغذاء، في محاولة لإبادة "الحيوانات البشرية" كما أعلن كبيرهم الذي علّمهم السحر.
من شقوق الركام والخراب، رأيت- أنا وأولادي الذين استشهدوا تباعًا بعد ذلك- نساءً وأطفالًا يخرجون ملوّحين بالرايات البيضاء، بينما كان الرجال، وأحيانًا النساء، يواجهون مصير الإعدام أو الاعتقال. تبعناهم بتردد، رغم الخطر المحدق، في لحظات نادرة أمطرت فيها السماء، وأخفقت طائرات الاستطلاع في اصطياد كل متحرّك.
ومع اتساع رقعة الدمار الممنهج، تحوّل النزوح إلى حالة دائمة. وعندما عدنا إلى ما كانت شقتنا في عمارة سكنية، بدا المشهد كابوسيًا: إبادةً تامة، وركامًا متراكمًا، وأطلالًا بدت وكأنها اجتُثّت بأمواج تسونامي.
غرقنا جميعًا في بحر من الألم والهمّ، وسط صمت عالمي مريب، وانعدام تام لأي موقف فعلي، حتى بدا أن هذه المحنة الأشد في تاريخنا لن تجد سبيلًا إلى النهاية.
من موقع المسؤولية، خضنا مرارًا تجربة إعمار غزة بعد كل عدوان صهيوني، حيث واجهتنا عقبة كبرى تمثلت في منع الاحتلال دخول الأسمنت ومواد البناء الأساسية.
دفعنا ذلك إلى البحث عن حلول بديلة، فكان الركام المنتشر في كل مكان فرصة مؤلمة لكنها بداية جديدة. قمنا بإعادة تدوير أنقاض المنازل المدمرة وتحويلها إلى حجارة بناء باستخدام آلات بسيطة وجهد يدوي، كما عدنا إلى استخدام البناء الطيني (لم يصمد طويلًا مع المطر) في بعض المناطق، مستلهمين من تراثنا المعماري أدوات مقاومة صامدة في وجه الحصار والعدوان.
كانت هذه التجربة مريرة ولا توفر حلًّا شاملًا، لكنها أسست لنهج إعمار بديل لا يعتمد على شروط الاحتلال، بل على إرادة الحياة. ظهرت بذلك بدائل محلية وإبداعية تعتمد على مواد بناء محلية ومعاد تدويرها، وإستراتيجيات بناء مستدامة تقلل الاعتماد على الموارد المحظورة.
وشملت هذه البدائل تقنيات صديقة للبيئة، ومشاريع منخفضة التكلفة تلبي الاحتياجات الإسكانية والمجتمعية، معززة روح المقاومة والابتكار رغم كل العراقيل.
لم تكن معركة الإعمار أقل قسوة من الحرب ذاتها، فهي لم تكن مجرد إعادة بناء ما تهدم من منازل ومرافق، بل مجابهة شاملة لدمار البنية التحتية والنسيج الاجتماعي، وسط حصار خانق يمنع دخول مواد البناء، وتوترات سياسية داخلية تعيق التنسيق وتعرقل المبادرات.
ورغم هذه المعوقات، شهدنا جهودًا محلية ودولية صبورة لترميم المنازل، ومشاريع عربية خففت جزئيًا العبء، ساهمت في خلق فرص عمل وإنعاش محدود للاقتصاد.
ويبقى الأثر الأعمق للإعمار هو أن كل جدار يُعاد بناؤه، وكل مدرسة تُفتتح، تأكيد على حقنا في الحياة ورفضنا للفناء. فأصبح الإعمار فعل مقاومة يتجاوز الحجر إلى إرادة شعبية صلبة وتخطيط مستدام يُصر على الانبعاث من بين الركام.
لكن مع الأسف يومها، تحوّل ملف إعمار غزة إلى ساحة صراع نفوذ بين أطراف عربية ودولية، والسلطة الفلسطينية، ليست بدافع إنساني بحت، بل للاستحواذ على عوائد مالية ضخمة ومكاسب سياسية محتملة.
هذا التنافس أفضى إلى تعقيد الإجراءات، وفرض اشتراطات سياسية، وتباطؤ في التنفيذ، ما ضاعف معاناة الناس وعمّق فجوة الثقة بين السكان والمؤسسات الرسمية والدولية.
الدمار اليوم في غزة ليس كسابقاته؛ إنها إبادة شبه كاملة للحجر، حيث تجاوزت كمية المتفجرات المستخدمة قنابل نووية، مع تدمير ممنهج يشجع المقاولين الصهاينة على هدم المنازل مقابل مكافآت مالية، ما أوجد حالة تنافسية في التخريب تصل إلى حد الإبادة العمرانية.
وقد وثّقت التقارير الأممية ومنظمات حقوق الإنسان حجم الدمار الهائل الذي ناهز 75% من بنيان غزة، مؤكدين أن إعادة الإعمار واجب قانوني يقع على الاحتلال باعتباره المسؤول الأول وفق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة.
ولا بد أن تتم عملية الإعمار خارج إطار الرقابة أو الاشتراطات السياسية التي يفرضها الاحتلال، لضمان العدالة والسرعة وكرامة الفلسطينيين الذين واجهوا حرب إبادة ببسالة وصبر.
في محرقة غزة المستمرة، الإعمار أكثر من بناء منازل أو مرافق؛ هو صمام أمان يحفظ وجود الفلسطينيين على أرضهم ويحول دون تفريغهم القسري. كل منزل يُعاد وكل مدرسة تُصلح يعني استمرار الحياة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، في ظل سياسة الاحتلال التي تستهدف التهجير بالقوة عبر التدمير الممنهج والضغط الاقتصادي.
إعلانيُعتبر الإعمار وسيلة عملية لمواجهة هذا المخطط، إذ يحد من موجات النزوح ويعزز فرص البقاء. كما أن بناء المؤسسات التعليمية والصحية يعزز ثقة السكان بمستقبلهم ويدفعهم لرفض التهجير القسري.
في هذا الإطار، يتحول الإعمار إلى إستراتيجية مقاومة حيوية تثبت حق الفلسطينيين في العيش بكرامة على أرضهم.
يمثل إعمار غزة تحديًا متجددًا يعكس عمق المأساة الإنسانية والسياسية؛ فالدمار لا يطال فقط البنية التحتية بل يمتدّ إلى روح الجماعة ومقومات الصمود، حيث أُلحِق ضرر واسع بالمنازل، المستشفيات، المدارس، وشبكات المياه والكهرباء.
ومع كل جولة عدوان، تتفاقم الكارثة مع دمار غير مسبوق وشمولي، مخلفة كارثة إنسانية تمسّ ملايين الفلسطينيين، نصفهم أطفال.
هذه المعركة ليست هندسية أو إنشائية فقط، بل هي صراع متعدد الأبعاد: سياسي، اقتصادي، إنساني، ومجتمعي، يقوم على مقاومة التهجير والتدمير عبر إرادة البناء والتجدد. أصبح الإعمار رمزًا للصمود وتعبيرًا عن الإرادة الجماعية في مواجهة الإبادة البطيئة.
ورغم التحديات، مطلوب أن تظهر غزة مرونة كبيرة بتبني إستراتيجيات متنوعة، تشمل مساعدات إنسانية، مبادرات محلية، ومشاريع بأموال عربية، وغيرها.
ومع ذلك، هناك عقبات هيكلية ستعيق الإعمار، أبرزها استمرار الحصار المتوقع تشديده والذي يقيّد دخول مواد البناء ويشل الحركة التجارية، إلى جانب الانقسام السياسي الفلسطيني الذي يعرقل التنسيق الموحد. على الصعيد الدولي، التمويل محدود ولا يرقى إلى حجم الكارثة، مما يجعل الاستجابة دون المستوى المطلوب.
في ظل هذه الظروف، من الضروري فتح أفق الإبداع نحو إعمار مستدام، عبر استخدام تقنيات صديقة للبيئة ومواد بديلة تقلل الاعتماد على الموارد المحظورة. هذه التحولات تنعكس إيجابيًا على الواقع الاقتصادي والاجتماعي من خلال خلق فرص عمل وتحسين البيئة المعيشية.
إعمار غزة ليس مجرد استجابة إنسانية، بل معركة قانونية وأخلاقية ووجودية تتطلب شراكة دولية جريئة تضع حدًا للتقاعس وتكف يد الاحتلال عن تعطيل الإعمار.
لا يمكن النظر إلى هذا الملف كإجراء تقني معزول، بل كقضية إنسانية نضالية تستدعي حشدًا فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا لتحرير الإعمار من الحسابات السياسية، ومنحه بُعده الحقيقي كحق لشعب يستحق الحياة والكرامة.
إن إعمار غزة هو فعل مقاومة وتجديد لعقد الحياة وسط الموت، ورسالة وطنية تتحدى محاولات السحق والتغييب. مشروع جامع يتطلب إرادة فلسطينية موحدة، إدارة مهنية شفافة، وتكاملًا بين المؤسسات الرسمية، المجتمع المدني، والدول الصديقة، على قاعدة العدالة والكرامة الوطنية. نجاحه مرهون بتكثيف الضغط الدولي على الاحتلال وتحميله المسؤولية القانونية والمالية عن جرائمه.
هذه الوثيقة تمثل إستراتيجية لإعادة إعمار غزة، ترتكز على مبادئ العدالة والكرامة، وتحمل الاحتلال المسؤولية، وتدعو إلى شراكة دولية فاعلة تعيد الحياة لغزة وتؤسس لمرحلة جديدة من التعافي والبناء، تليق بتضحيات أهلها، وتحافظ على جذوة البقاء مشتعلة في وجه آلة الإبادة.
في قلب هذه الأرض التي عانت، وعلى أنقاض مدينة صمدت رغم المحن، ينبثق نور الأمل من بين ركام الدمار. غزة، المدينة التي لم تنكسر رغم كل العواصف، تقف اليوم على مفترق طرق بين الموت والبقاء، بين الخراب والنهضة. طريق إعمار غزة ليس مجرد مشروع بناء حجارة وأسمنت، بل ملحمة تُكتب فيها فصول جديدة من الصمود والعزيمة، وتحكي قصة وطن لا يقبل أن يُمحى من الذاكرة.
هذا الطريق يتطلب أكثر من الإرادة؛ يحتاج رؤية متكاملة تجمع بين العدالة والتنمية، بين التحدي والتخطيط، بين الحقوق والقوة. إنه مسار يستند إلى حقوق مشروعة وأحلام كبيرة لشعب يستحق الحياة والكرامة.
إعلانمن خلال هذه الرؤية، نرسم خارطة طريق لإحياء غزة، ليس فقط كمدينة تُبنى من جديد، بل كرمز حي للمقاومة وأيقونة للبقاء في وجه محاولات الطمس والتهجير.
معًا، سننطلق على هذا الطريق، مدفوعين بإيمان راسخ بأن إعادة إعمار غزة هي انتصار للإنسانية وتجسيد لإرادة لا تنكسر مهما طال الظلام.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline