الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن يشرح كيف تجدّد المقاومة في غزة القيم الإنسانية
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
قال الفيلسوف المغربي، طه عبد الرحمن، إن "أرض فلسطين تجمعت وتجذّرت فيها أسباب القداسة؛ والغزّاوي يتحرك اليوم في مجال الكمالات الإلهية، لا النقصانات الإنسانية؛ وإن زمن المرابط الفلسطيني غير زمان غيره، إذ ذاكرة فلسطين قد اتصلت وتداخلت فيها الآثار الروحية".
وأوضح عبد الرحمن، خلال محاضرة في معهد التفكّر الإسلامي في أنقرة، بأنه "مهما أصيب وابتلي وما وقع له من الشرّ المطلق، فإن الإنسان الكامل اليوم هو الإنسان الغزاوي، وقدرته على التأثير تجعله ينسى ذاته، ولو ذكر بحقها عليه، وهذا سر كونه في خدمة أخيه الإنسان، لتذكره الميثاق الأول: ألست بربكم، ميثاق الربوبية والوحدانية".
وتابع الفيلسوف المغربي، مدافعا عن كون المقاومة الغزاوية خاصة، والفلسطينية عامة، تجدّد القيم الإنسانية وتحرّر الإنسان في مختلف أنحاء العالم من القيود التي بسطها على فكره وفطرته، بالقول: "لم يخطر في بالنا آنذاك عقد مقارنة علمية بين -الشر المطلق- والأقصى، الذي سبق استخدامه من فلاسفة؛ لكن وقع الآن ما كنا نستشعر من ظلم ومآس وجبت -المرابطة الفكرية- وبات لزاما علينا هذه المقارنة".
وأبرز، بأن "المرابط الفلسطيني المتمثّل في المرابط الغزاوي، هو الإنسان العالمي، وإيذائه إيذاء للعالم كله"، مردفا: "هو اختير من بين البشر كلهم، لتكون له مهمتان تشملان الإنسانية جمعاء، من أجل تجديد القيم الإنسانية، وتحرير الإنسان في العالم".
وبحسب قراءة طه عبد الرحمن، إن هذا الميثاق تلبّس به "ميثاق الإشهاد، كأنه في رباطه ساجد أمام ربه"، متابعا بأن "الغزاوي يستمد من هذا الكمال قيما جديدة، فمن ينكر أن الصمود الذي زانه بما لم يزن غيره، قيمة تولّى هو تجديدها، فبلغت من التأثير درجة أن ينسب إليها انتصاره على عدوه، وصل قيمة الصمود بالكمال الصمدي والصمد عز وجل، والأمر ليس بيده، بل اختير لتلهمه الكمالات الإلهية".
"للفلسطيني حريتان: حرية أصلية، وحرية موافقة إرادته لإرادة ربه؛ أي قبول الأمانة، أن يتصرف ويأتي من الأفعال ما يرضي الله ويوافق إرادته، الأولى حرية الاختيار والثانية حرية الامتثال" استرسل طه، مردفا: "لا يجاهد ليحرر الإنسان من جهة موافقة إرادته إرادة ربه، بل من جهة الحرية الأصلية حتى ولو لم توافق إرادته إرادة ربه، فهو يحرر الإنسان في الاختيار الأول الذي أعطاه الله للإنسان".
وأكّد أن "الحرية التي يدافع عنها في غزة، الحرية الأصلية، والفلسطيني يحمل لواء تحرير الإنسان أي رد الحرية الأصلية إليه؛ وإيذاء الفلسطيني الغزاوي وهو نموذج الإنسان، وفي إيذاءه إيذاء العالم، وجوانب هذا الإيذاء المادية مشهودة رأينا منها ما لا يطاق، لكن هذا الإيذاء أبعد؛ حيث الإبادة الجذرية".
وأوضح: "لا الإبادة الجماعية، كما سار الاصطلاح، وتتمثل في السعي إلى إبادة الفطرة عند الفلسطيني، وإبادة الأمانة عنده، وإبادة المواثقة؛ لأن الغاية الحقيقية هي الإبادة الجذرية، لا مجرد هدف (هدم) العمارات إذ أن هذه وسائل، وعند -الشر المطلق- كل الوسائل تبرر الغاية".
إلى ذلك دعا الفيلسوف المغربي إلى "التصدّي الأكبر للشر المطلق" من خلال أنه "لا بد أن يكون التصدي الأكبر عالميا، بالتتلمذ على الغزاوي والفلسطيني في تصديه للشر المطلق، من حيث القيم التي يبثها في تصديه، والأصل القيم لا المظاهر".
وأشار إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي في خطابه بالكونغرس الأمريكي: "يكذب كذبا مطلقا والآخرون يصفقون، هل بقي إدراك للشر والخير؟! لم يبق أي إدراك للشر والخير؛ يتعين ملازمة أحداث فاصلة وقضايا مصيرية يواجه فيها الشر المطلق بكل قوة، والمرابطة فيها لإحداث ثغرات تهز كيانه".
كذلك قدّر عبد الرحمن "العالم الآن كله غزة، لأن حاجته إلى التفكر لا تقل عن حاجتها إليه؛ فالشر المطلق يحاصر العالم، ويعتقله كما اعتقلت غزة، لكن باعتقال خفي لا اعتقال ظاهر، والدليل هو أن الإرادات في الزعامات عطلت".
وأضاف: "جمّدت العقول في مثقفي العالم وعلمائه ومفكريه، فلم تعد تستفزها إبادته الجذرية. والحاكم ليس الظاهر، بل الخفي، واعتقالنا ظاهر وليس باطنا، وقوة الغزاويين أن ظاهرهم معتقل وباطنهم غير معتقل، إنما أولئك غير الغزاويين والمتتلمذين عليهم باطنهم معتقل وظاهرهم معتقل أيضا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية طه عبد الرحمن المقاومة غزة غزة المقاومة طه عبد الرحمن المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفیلسوف المغربی الشر المطلق عبد الرحمن
إقرأ أيضاً:
الجيل : مصر ملاذ الإنسانية حين يغلق العالم أبوابه
قال المهندس إيهاب محمود، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب "الجيل الديمقراطي" بالإسكندرية، إننا في لحظة فارقة من التاريخ، وبينما كانت أجواء العالم تمتلئ بالخوف والقلق، أرسلت مصر رسالتها الخالدة: "اتفضلوا عندنا.. مصر فاتحة أبوابها".. لحظةٌ جسّدت أعظم معاني الأمان، والانتماء، والإنسانية، لحظةٌ روى تفاصيلها الكابتن الطيار أحمد مشعل وهو في قلب السماء، تائهًا بين حدود مغلقة ومجالات جوية محظورة، قبل أن يسمع النداء المصري يفتح له طريق النجاة.
وأضاف "محمود"، في بيان، أنه من هذا المشهد المؤثر نستكشف المعنى العميق لقول الله تعالى: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين"، موضحًا أن هذه الكلمات لم تكن مجرد آية قرآنية تُتلى، بل نبوءة خالدة تتجسد في مواقف الدولة المصرية قيادةً وشعبًا على مر العصور، وخصوصًا في أشد الأزمات.
وأوضح رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب "الجيل الديمقراطي" بالإسكندرية، أن مصر اليوم كما كانت بالأمس أرض اللجوء والملاذ والحضن الدافئ؛ في زمنٍ أُغلقت فيه المطارات، وارتبكت فيه العواصم، كانت القاهرة تفتح ذراعيها للعالقين في السماء، وتقول لكل من تقطعت به السبل: "ادخلوها آمنين"، مشيرًا إلى أن الموقف البطولي الذي رواه الطيار المصري ليس موقفًا فرديًا ولا استثنائيًا، بل هو انعكاس لنهج راسخ تتبعه الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي رسّخ مفهوم "الأمن الوطني الشامل"، ليس فقط داخل الحدود، بل في إطار رسالة مصر الحضارية والإنسانية تجاه العالم.
وأكد أن ما قامت به مصر من فتح أجوائها في لحظة حرجة، رغم المخاطر والتحديات يعكس ثقة الدولة في منظومتها الأمنية والسيادية، ويُرسل رسالة واضحة للعالم مفادها: "نحن دولة مستقرة و آمنة، وقادرة على حماية الداخل واستيعاب الخارج"، موضحًا أن القوة الناعمة لمصر اليوم تتجلى في المواقف وفتح الأجواء رسالة دبلوماسية وإنسانية قبل أن تكون قرارًا ملاحيًا؛ إنها سياسة الدولة التي تُراهن على موقعها الجغرافي، وإرثها التاريخي، ومكانتها الإقليمية، لتكون الملجأ حين يغيب الملجأ".
وتابع: "الطيار الذي كان تائهًا في السماء وجد على أرض مصر حياة؛ تلك هي القيمة الحقيقية لوطن بحجم مصر، الذي لا يرد طالب أمن، ولا يتخلى عن إنسان ضائع، ولا يغلق الأبواب أمام الخائفين""، مؤكدًا أن هذه اللحظة يجب أن تُوثق، وأن تُدرّس في كتب الوطنية، وأن تكون درسًا للعالم في كيف تُصنع دولة من الأمان قيمة سياسية واقتصادية وأخلاقية.
وأشار إلى أن الأمن في مصر ليس مجرد شعور، بل مشروع وطني ضخم بدأ منذ تولي الرئيس السيسي المسؤولية، قائلاً: "حينما آمن الرئيس أنه لا تنمية دون أمان، وأن الاستثمار لا يولد في الفراغ، بدأت مشروعات البنية التحتية، وتطوير المطارات، وتأمين الحدود، وبناء منظومة رادارية متكاملة، ليصبح الأمان هو السلاح غير المرئي الذي تجذب به مصر المستثمرين قبل السائحين."
واختتم: "من الطيار مشعل في السماء، إلى قلب كل مصري على الأرض، كانت اللحظة درسًا لنا جميعًا؛ مصر لا تُقاس فقط بعدد الكيلومترات أو ناتجها القومي، بل بقيمتها الأخلاقية والإنسانية، وكل من دخلها، دخلها آمنًا بحق، لأنها وطن لا يخون، وأرض لا تغدر، وشعب لا ينسى أنه ابن حضارة علّمت الدنيا الأمان"، موضحًا أن اللحظة التي تحدث عنها الكابتن أحمد مشعل ليست لحظة طيران عادية، بل لحظة تجلّى فيها وجه مصر الحقيقي: وطن الأمان، وقلب الإنسانية."