عربي21:
2025-06-03@03:27:55 GMT

الأمريكان وديمقراطية التهريج

تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT

ظللت أتابع فعاليات الحملات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة ـ ما استطعت إلى ذلك سبيلا ـ خلال الأسابيع القليلة الماضية، ليس من باب "المواكبة الصحفية"، ولكن من باب الترويح عن النفس، ومن باب الشماتة في الأمريكان، لأن المتنافسين الرئيسيين في تلك الانتخابات طفوليون، ومتابعة محاولات كل مرشح لتسويق نفسه بالحط من قدر المرشح الآخر، تجعلك تعجب كيف يجوز للأمريكان الزعم بأنهم سدنة الديمقراطية، والحريات العامة، ووجود دونالد ترامب على رأس تذكرة الحزب الجمهوري، قمين بزيادة جرعة الهتر، والانحطاط بالحوار إلى مهاوي الصرف الصحي، وترامب كما قد يدرك كل ذي بصر وبصيرة، شخص هوائي لو رأى جنازة مهيبة لتمنى لو كان الميت.



كانت ضربة البداية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية معتلة ومختلة، وكان هناك الرئيس الحالي جو بايدن على تذكرة الحزب الديمقراطي، ولكن كلماته وحركاته وسكناته أثبتت أن كهرباء دماغه مضطربة، وأنه لا يملك فضيلة التواضع التي تحلى بها الجاهلي الأمي زهير بن ابي سلمى، الذي وعندما بلغ العمر الذي يبلغه بايدن اليوم، هتف:

سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش
ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ
رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب
تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ
وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَم

في الثامن عشرين من تموز/ يوليو المنصرم فتح بايدن النار على خصمه ترامب، بلسان مضطرب، واستطاع الراصدون الصحفيون استخلاص ما يلي من أقواله: كان  ترامب رئيسا فاشلا، وحتى نائبه مايك بنس لا يؤيده... ترامب طفل جانح أدانته المحاكم...  ترامب أقام علاقة حميمة مع ممثلة أفلام إباحية اسمها ستورمي دانيلز، بينما كانت زوجته حاملا... أخلاقه كأخلاق قطط الشوارع. وهو أحمق وفاشل.

وجاء الدور على ترامب ملك الهتر بلا منازع، فكال السباب لهنتر نجل بايدن ووصمه بالإجرام، بعد إدانته بحيازة سلاح غير مرخص، وبما أنه مبدع الدين الجديد (الإبراهيمية)، الذي أراد به أن يدخل العرب في ملة إسرائيل أفواجا، فقد وصف بايدن بأنه فلسطيني ثم استدرك "بل فلسطيني سيء"، ولم ينس ترامب اعجابه خلال فترة رئاسته بنظيريه في روسيا وكوريا الشمالية، وقال إنه لو كان لأمريكا رئيس يستحق احترام الرئيس الروسي فلادمير بوتين، لما حارب الأخير أوكرانيا، "بل لما رأيت أنا ما يستوجب ترشيح نفسي للمنصب".

لا ترامب ولا هاريس يخاطب الناخبين في أمور الاقتصاد والأمن والخدمات والعلاقات الدولية، بل يتباريان في كشف سوءات بعضهما البعض الشخصية والأخلاقية، فيكون كل خطاب عام لهما، مما يسميه العرب ب"الخطب الجسيم".ما يسميه الأمريكان بالتقاذف بالطين mudslinging ليس غريبا على المشهد الانتخابي الأمريكي، ولكن ليس إلى الدرك الذي هوى به الحوار بين المرشحين في الانتخابات الحالية، ففي عام 1796 نشرت صحيفة غازيت مقالا يكيل السباب للمرشح الرئاسي، توماس جيفرسون، بزعم انه يقيم علاقة جنسية مع خادمة في منزله، وكان كاتب المقال الكسندر هاملتون، الذي كان يشغل منصب وزير الخزانة وقتها، ثم كان التنافس على الرئاسة في عام 1800 بين جيفرسون وجون آدمز، الذي شهد تدنيا مريعا في لغة النقد السياسي، في أمور ونواح لا علاقة لها بالسياسة.

كان أداء بايدن في مناظرته مع ترامب بائسا، فانفض حتى أنصار حزبه من حوله، ثم أرغموه على الانسحاب من السباق الرئاسي، وصارت كمالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للمنصب، وعندها كان ترامب قد اختار جيه دي فانس ليخوض معه المعركة كنائب مرشح للرئيس، وكان اختيارا نمّ عن غفلة سياسية، وإفلاس في سوق المؤهلين لمناصب عليا في الحزب الجمهوري، فقد نبشت الصحف سيرة فانس، واستحضرت كلاما طفوليا وسوقيا قاله عن أنه يضاجع "الكنبة" في بيته، وأنه وفي انتخابات عام 2016 التي خاضها ترامب كتب مقالا صحفيا وصف فيه ترامب بأنه شخص بغيض، وهتلر زمانه، وأن كل ما ينطق به هيرويين ثقافي وأفيون، وقال من ثم إنه يقف ضد ترامب على الدوام.

ويبدو أن غواية المنصب الرفيع أنست فانس كل ذلك، وأثبت أنه ينتمي إلى مدرسة ترامب، وأنه يجيد قذف الخصوم بالطين الآسن، حتى وإن ارتد بعضه إلى وجهه، ففانس هذا يرى أن كمالا هاريس لا تصلح للجلوس في البيت الأبيض لأنها لم تنجب عيالا، بينما يرى ترامب أن هاريس انسانة متقلبة، فكما قال في حوار مع رابطة الصحفيين السود: كانت هاريس التي عرفتها لسنوات هندية، ثم صارت "سوداء".

ومن جانبها تحرص هاريس على الظهور كمرشح عف اللسان، ولا تجاري ترامب والجمهوريين في الهتر وساقط القول، وتكتفي بالتذكير بأنه مجرم مدان، وأن سجله كرئيس خال من الإنجازات، ولكن واقع الأمر هو أن هاريس تترك أمر قذف الطين على معسكر ترامب، لكتائب من الناشطين الإعلاميين، فباستثناء قناة فوكس، فإن جميع كبريات محطات التلفزة الأمريكية تناصر هاريس، وهناك عشرات القنوات في تطبيق يوتيوب تكيل السباب على مدار الساعة لترامب، وتذكر متابعيها بأنه كذاب وأفاك، ومنافق يعادي المهاجرين ومتزوج بـ "مهاجرة"، وغبي وعيي ونرجسي وذو سوابق إجرامية، "بينما كرست هاريس معظم سنوات عمرها عاملة في مجالا الادعاء العام للزج بالمجرمين في السجون".

والشاهد هو أنه لا ترامب ولا هاريس يخاطب الناخبين في أمور الاقتصاد والأمن والخدمات والعلاقات الدولية، بل يتباريان في كشف سوءات بعضهما البعض الشخصية والأخلاقية، فيكون كل خطاب عام لهما، مما يسميه العرب ب"الخطب الجسيم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات امريكا انتخابات رأي رئاسيات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مستشار ترامب: منفذ هجوم كولورادو حصل على تأشيرة من بايدن وأقام بشكل غير قانوني

أكد ستيفن ميلر، أحد كبار مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن محمد سليمان المشتبه به في مهاجمة المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل في ولاية كولورادو، هو مقيم غير شرعي حصل على تأشيرة سياحية خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن.

 وكتب ميلر على شبكة إكس أنه "بقي بشكل غير قانوني حتى بعد انتهاء صلاحية تأشيرته، وردًا على ذلك منحته إدارة بايدن تأشيرة عمل".

ارتفاع عدد الإصابات في هجوم كولورادو الأمريكيةاللقطات الأولى لهجوم استهدف مسيرة داعمة لإسرائيل بولاية كولورادو الأمريكيةأمريكا.. هجوم في كولورادو يستهدف متضامنين مع إسرائيل واعتقال المنفذبعد إعلان عودتها .. لماذا تمنع كولورادو بيع سيارات الربع نقل؟

وأضاف ميلر أن منح إقامة قانونية لأشخاص انتهكت شروط دخولهم يشكل تهديدًا للأمن العام، مؤكدًا أن استمرار ما وصفه بـ"الهجرة الانتحارية" يهدد سلامة الأمريكيين.

وأفادت وسائل إعلام أمريكية، أن الهجوم وقع عصر الأحد بالتوقيت المحلي في منطقة بيرل ستريت مول التجارية، وهي من أكثر الأماكن ازدحامًا في مدينة بولدر، وأسفر عن إصابة عدة أشخاص تم نقلهم إلى مستشفيات قريبة، ولم تُعلن بعد حصيلة دقيقة للمصابين أو مدى خطورة إصاباتهم.

وفي تصريح أولي، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي) كاش باتيل عبر منصة "إكس": "نحن على علم بهجوم إرهابي مستهدف في بولدر، ونحقق فيه بشكل كامل"، مشيرًا إلى أن قوات المكتب بالتعاون مع الشرطة المحلية باشرت التحقيقات فور وقوع الحادث.

هل هو عمل إرهابي؟
ورغم وصف باتيل للهجوم بأنه "إرهابي"، فإن شرطة بولدر لم تصنّف رسميًا الحادث كهجوم إرهابي بعد، موضحة أن دوافع سليمان لا تزال قيد التحقيق بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وأكد مسؤولون محليون أن التحقيقات تشمل خلفيات سياسية أو دينية محتملة، لكنهم حذروا من استباق النتائج قبل التثبت من ملابسات الهجوم.

تنديد رسمي
وفي واشنطن، أفاد موقع "أكسيوس" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تم إطلاعه على تفاصيل الحادث، ويتابع مجريات التحقيق عبر مستشاريه الأمنيين.

كما كتب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على "إكس": "نحن متحدون في الدعاء من أجل ضحايا الهجوم الإرهابي الموجّه... الإرهاب لا مكان له في بلدنا العظيم".

طباعة شارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محمد سليمان ولاية كولورادو الرئيس السابق جو بايدن الهجرة الانتحارية ستيفن ميلر

مقالات مشابهة

  • بايدن أم روبوت | من الذي حكم الولايات المتحدة لأربع سنوات قبل ترامب؟.. نخبرك القصة
  • ترامب يثير الجدل بمنشور يدعي إعدام جو بايدن عام 2020
  • ترامب: بايدن الحقيقي لم يكن موجودا..و استبدل بنسخة روبوتية
  • ترامب يفجّر جدلاً.. بايدن «أُعدم» عام 2020 ومن نراه الآن مستنسخ!
  • مستشار ترامب: منفذ هجوم كولورادو حصل على تأشيرة من بايدن وأقام بشكل غير قانوني
  • هل مات جو بايدن بالفعل؟
  • ترامب يثير الجدل بمنشور حول إعدام بايدن والرئاسة الروبوتية
  • منشور غريب ومثير لترامب عن مؤامرة استنساخ سلفه بايدن بعد إعدامه عام 2020
  • ترامب يسخر من بايدن ويدعي استبداله بروبوت منذ عام 2020
  • استطلاع جديد يكشف: كامالا هاريس ليست الخيار الأول للديمقراطيين في سباق الرئاسة 2028