علماء يجدون حلا لمشكلة تحلل لبنات الحياة الأولى على الأرض
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
يعرف العلماء أن الحمض النووي الريبي (الرنا) والبروتينات هي جزيئات هشة وتميل إلى التحلل في الماء، وتعد هذه مشكلة كبرى بالنسبة للباحثين الذين يفترضون أن تلك الجزيئات تمثل صور الحياة الأولى التي ظهرت على سطح كوكب الأرض قبل نحو 4 مليارات سنة، في بيئة كانت مائية بالأساس.
لكن فريقا من جامعة ميونخ التقنية في دراسة منشورة حديثا في دورية "نيتشر"، تمكن باستخدام جزيئات اصطناعية من حل التحدي الأساسي المتمثل في ثبات تلك الجزيئات، عبر صناعة قوالب قادرة على احتواء جزيئات اصطناعية تحاكي لبنات الحمض النووي الريبي.
في تصريح للجزيرة نت تقول كريستين كريبيش، الباحثة الرئيسية بالدراسة: "ما قمنا به هنا هو البدء بالقبول بوجود التحلل المائي كحقيقة حتى في نشأة الحياة، ومن ثم سمح ذلك لنا بالتركيز على الآليات التي تساعد في إبطاء أو منع التحلل المائي".
يفترض العلماء أنه منذ حوالي 3.7 إلى 4 مليارات سنة، ساعد المحلول المائي للمركبات العضوية التي تراكمت في المسطحات المائية البدائية للأرض المبكرة، والمركبات التي ربما وصلت من خارج كوكب الأرض عن طريق اصطدامات المذنبات والنيازك، على ظهور الأنظمة الحية الأولى، في صورة لبنات حياة أساسية مثل الحمض النووي الريبي والبروتينات.
ولكن لا تكمن المشكلة في تكوين اللبنات فحسب، بل في ثباتها. ولفهم الأمر تخيل عملية صنع عقد من اللؤلؤ، فبينما تضيف حبة إلى العقد، يسرع شخص ما بمقص ويقطع الخيط فينفرط ما وضعته من حبات. وبينما تسرع مضيفا 5 حبات في الخيط، يتم قطعه إلى سلسلة من حبتين وأخرى من 3.
أنت هنا تمثّل تفاعلا يعمل بالوقود الكيميائي فيضيف الجزيئات الاصطناعية ويراكمها، كحبات اللؤلؤ، والشخص المزعج الذي يقص الخيط هو التحلل المائي. أما في سياق ظهور أولى صور الحياة على الأرض، فقد تكون حبات اللؤلؤ هي قواعد الرنا التي تتلاحم مع بعضها وتشكل خيوط الرنا الأولى الحاملة للشفرة الوراثية، لكن لا تلبث أن تتحطم على صخرة التحلل المائي القاسية.
خيوط الرنا الأولىهنا يأتي دور الباحثين، حيث بنوا قوالب يمكنها احتواء جزيئات اصطناعية تتفاعل باستخدام الوقود الكيميائي كنموذج لفهم كيفية تشكيل خيوط الرنا الأولى وكيفية اختيارها وتكرارها، وجعلها مقاومة للتحلل المائي.
تقول كريبيش: "تساعد القوالب على عملية إنتاج واستقرار لبنات الحياة الهشة، مثل الحمض النووي الريبي (الرنا)، وبدون القوالب، تظل التسلسلات التي ننتجها قصيرة، ومع القوالب، يمكننا تحقيق تسلسلات أطول".
وتخلص الدراسة إلى أن آليات الاستقرار التي وضع الباحثون أسسها من المحتمل أن تعمل على ترويض الفوضى الكيميائية في ظروف الحياة الأولى نحو عملية النسخ والتشفير المستقرة للتسلسلات المعلوماتية، والنسخ والتشفير هما الخطوات الأولى نحو التضاعف العددي أو التكاثر، وهو أساس الأنظمة الحية.
وتضيف كريبيش: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن الحمض النووي الريبي الأول ربما أثّر على خصائص الخلايا الأولية، وهو ما أدى إلى ميزة تكيفية. تخيل أن الخلايا الأولية التي تستضيف رنا (أ) تعيش لفترة أطول من الخلايا الأولية التي تحتوي على رنا (ب)، بذلك ستعيش مجموعة الخلايا الأولية (أ) وتتفوق على المجموعة (ب)".
تهدف المجموعة البحثية إلى بناء بيئة يمكن خلالها للبنات الحياة الأولى البقاء والحركة والتكاثر الذاتي والتطور للتكيف مع التغيرات، وعبر إزالة الحواجز بين الكيمياء والأحياء، وفهم طرق تحويل الأنظمة الكيميائية إلى أنظمة بيولوجية، يمكن للعلماء الاقتراب من فهم ماهية الحياة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحمض النووی الریبی الحیاة الأولى
إقرأ أيضاً:
في الصين.. ابتكار علاج نانوي لمكافحة السرطان
ابتكر علماء الأحياء الجزيئية الصينيون جسيمات نانوية قادرة على اختراق خلايا الورم وتدميرها وكبح الإشارات الخلوية التي تلعب دورا مهما في تكوين النقائل.
ووفقا لمجلة Nature Cancer، أكد الباحثون نجاح هذا العلاج النانوي في كبح نمو العديد من الأورام ونقائلها لدى الفئران.
ويقول المبتكرون: "تسرع الخلايا السرطانية نمو الورم وتشكل نقائل باستخدام حويصلات الورم خارج الخلية- فقاعات تحتوي على جزيئات تعمل كـ"بريد" بين الخلايا. لقد طورنا جسيمات نانوية مغلفة بطبقة دهنية، لا تمتصها خلايا الورم بفعالية وتخترق هذه الفقاعات، ما يسمح باستخدامها لمكافحة النقائل".
وقد حقق هذا الاكتشاف فريق من علماء الأحياء الجزيئية الصينيين برئاسة البروفيسور وانغ شياو تشوي من جامعة جنوب الصين الطبية، أثناء ابتكارهم جسيمات نانوية بوليمرية قادرة على اختراق خلايا الورم بشكل انتقائي وتدميرها عن طريق إنتاج عدد كبير من جزيئات الأكسدة تحت تأثير الضوء أو الحرارة.
واعتقد العلماء في سياق هذه التجارب، إمكانية زيادة انتقائية الجسيمات النانوية عن طريق تغطية سطحها بعدد كبير من "ذيول" الأحماض الدهنية، التي يحفز وجودها أغشية خلايا الورم على امتصاص هذه التراكيب بفعالية عالية. وقد اكتشف العلماء أثناء اختبار أداء هذه الجسيمات النانوية على مزارع خلايا السرطان، أن هذه التراكيب لا تتراكم فقط داخل خلايا الورم، بل أيضا في الحويصلات خارج الخلية، التي تتبادلها الخلايا باستمرار.
وقد اكتشف العلماء مؤخرا، أن هذه التراكيب تلعب دورا مهما خاصة في تكوين نقائل السرطان وفي قمع المناعة بواسطة الورم. دفعت هذه الفكرة علماء الأحياء إلى اختبار كيفية تأثير الجسيمات النانوية التي صنعوها على الأورام المعرضة للنقائل. وبناء على هذه الفكرة، أدخل العلماء مزارع خلوية لثلاثة أنواع عدوانية من سرطان الثدي والجلد، التي غالبا ما تشكل نقائل في الرئتين، إلى أجسام الفئران، وراقبوا تأثير الجسيمات النانوية على هذه الأورام.
واتضح للعلماء أن البنى النانوية التي ابتكروها تدمر الورم الرئيسي عند تسليط الليزر عليه وتمنع تكوين النقائل، وذلك لأن الجزيئات التي أنتجوها دمرت المواد الإشارية في الحويصلات التي تعزز نموها، مثل ببتيد Lin28B. ويأمل علماء الأحياء، أن يساعد العلاج النانوي الذي ابتكروه الأطباء في المستقبل القريب في قمع نمو الأورام الثانوية بفعالية أكبر بكثير، وخاصة تلك التي تهدد حياة مرضاهم.