سيدتي،بعد التحية والسلام وفية أنا لهذا الصرح الجميل الذي ألج تفاصيله. يوميا لأحاكي قلوب الحيارى مثلي وكان لزاما عليّ أن انزل بين يديك ضيفة. حتى أحظى بنصيبي من النصيحة والتوجيه عبر ركن قلوب حائرة.

سيدتي، قد تلومين عليّ سذاجتي وقلة حيلتي بالرغم من أن مستواي ومنصبي رفيعان ويجعلان مني إنسانة قوية متماسكة، لا ورقة هشة تتجاذبها الرياح.

اي نعم فأنا هشة بسبب عاطفتي التي ساقتني للهاوية. صدقيني سيدتي فطيلة عمري. لم أكن يوما للتفاهات ملتفتة ولم أجرأ يوما أن أخون أهلي في ثقتهم بي، أو أن ألتهي بغير الدراسة والتحصيل العلمي. كانت أيامي كلها تصب في التفوق والتألق ، وفعلا فقد  نلت من التقدير الكثير ونهلت من التجارب الحياتية العسير، ووضعت قلبي جانبا.

قد لا تصدقينني سيدتي إن أنا أخبرتك أنني لم أكن أبدا كالغصن المياد حيال العواطف والمشاعر. فلم يهزني الشوق يوما لأن أخوض في المواضيع الحالمة. أو أن ألهث وراء العلاقات التي أعتبرتها ملهية لي عن بلوغ القمة، إلا أن تغير كل شيء.

حيث أنني سيدتي أظنني لم أحسب حسابا للكبت الذي كنت فيه. بعد أن إقتحم أسوار قلبي المحروم إنسان وضع يديه على مكامن النقص.. فسلبني عقلي قبل قلبي ورحت وراءه منساقة كمن غابت عن وعيها أوفقدت صوابها.هو إنسان حاكى تفاصيل حرماني العاطفي. بكثير من السلاسة لدرجة أن قواي خارت وغاب تحكيمي لعقلي إلى حد بعيد.

وما زاد شغفي بهذا الإنسان أنه لم يكن قط يحلم بعلاقة عابرة، حيث أنه طلب مني أن يتقدم لأهلي خاطبا ما زاد من هيامي به. فقبلت به من دون أي تردد بالرغم من عديد الفوارق التي كانت بيننا.

أهلي من جهتهم لم يكونوا ليقبلوا بزيجتي تلك، وكأني بهم علموا ما ينتظرني من هوان وضنك عيش.إلا أنه وبضغط مني قبلوا على مضض خاصة بعد أن إتهمتهم من أنهم برفضهم .يقفون في وجه سعادتي.

تزوجت سيدتي وقد كنت أظن أن فصول أحلامي  الوردية السرمدية سيكون عنوانا لحياتي، إلا أنني صدمت من البرود والجفاء الذي كسى أيام شهر العسل، ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد حيث أن زوجي كان عنوانا للعنجهية والغطرسة اللامتناهيتين طيلة ما كان- أجدربها- أن تكون أجمل أيام العمر.

زوجتي سيدتي كتلة من العقد، حيث أنه يعلق على كل شيء وأي شيء. وقد أفل شغفه بي ولم يعد يمطرني بكلمات الود والحب ولا بات يؤسر من طريقة تفكيري أو نظرتي للحياة. الأكثر من كل هذا أنني إكتشفت من أن له من النساء من يواعدهن ويستأثر بمستواهن. ومنصبهن وينتهج معهن مثل ما كان يفعل معي، واجهته فكان. رده أنه علي تقبل واقعي وأن أحيا مستقبلي على هذا الحال.

أخبرته برفضي فما كان منه إلا أن طالبني بالرحيل ، سألته عن هوسه بي فصدمني من أنه لم يكن يوما يأبه لأمري ومن أنه كان يرمي بي بعيدا حتى يجذبني إليه ليكسر شوكتي وحتى يبين لي أنني معه وأمامه لا شيء.

أيعقل هذا سيدتي؟.لقد تحديت أهلي لأجله وجعلت مستقبلي بين يديه وهاهو يخسرني نفسي ويجعل كياني في خبر كان.

أمر صعقت لأجله ولم أجد غيرك صدرا حنونا أرتمي بين يديه لأطلب النصيحة. فهل أترك الجمل بما حمل وأقبل بالهزيمة وأعود أدراجي وقد عدت إلأى نقطة الصفر؟ أم أبقى إلى جانب من إستباح مشاعري وكياني وساقني إلى الهاوية.

أختكم ن.رجاء من الشرق الجزائري.

الرد:

من أوجع الأمور في حياة أي أنثى أن تجد نفسها وقد باعت الغالي بالرخيس لأجل أن  تشتري قلبا، فتجد بين ليلة وضحاها نفسها وقد خسرت كل شيء، ولعل الأفضع أن تجدها وقد خسرت قبلا قلبها وكيانها.

هو ما حدث لك أختاه، بعد أن وقعت ضحية الحب الكاذب المزيف، فبطل قصّتك عرف كيف يعزف على أوتار أحاسيسك الخامدة التي كانت كمثل بركان سرعان ما دفع بحمم الحب خارجا وهو يستلذ الإطراء والغنج.لست أعيب فيك شيء سوى أنك إستثمرت جل مشاعرك في وقت قياسي أعماك عن تسليط الضوء عن عيوب الرجل الذي إخترته شريكا لحياتك بالرغم من رفض أهلك والمحيطين بك والذي كان لهم أن تفطنوا للفرق الشاسع بينك وبين الشريك.

هناك من الزيجات من يقف أصحابها على عتبة أمور أخر مفجعة، فلا تظني أنك الوحيدة من تتألم جراء قلب إتضح أنه تركيبة من العقد والسفالة واللانضج، وإلا فبماذا تفسرين أن يجد الرجل إنسانة مكتملة الأنوثة والصفات، ليكون هدفه معها العبث والإهانة ولي الذراع حتى لو كان ذلك بإسم الزواج.

لست أدعوك أختاه أن تكوني السباقة لطلب الطلاق مهما بدى مستقبلك مع هذا الزوج مستحيلا، ولتدعي بيده مقاليد الأمور، فإن أراد تسريحك فليكن ذلك لكن بضمانك كل الحقوق منه، ومن يدري فقد ينقلب السحر على الساحر ويعود زوجك إلى جادة الصواب ويحسّ بما إقترفه في حقك فيتوب ويستسمحك فنحيي معه أجمل الأوقات.

احسّ بما تكابدينه أختاه، وأظن أنّ أكثر ما يفتك بقلبك الطيب موقفك مع أهلك،ومن هنا أدعوك لأن تربطي حبال الوصال معهم من جديد ومن أن يكون لك نصيب من حنانهم ومودتهم حتى تبدّدي عليك حرتك وتخففي عنك ألمك ولتتأكدي من أن دوام الحال من المحال، فبنفس الطريقة التي بنيت بها كيانك الذي تعتبرينه قد إنهار، سيكون لك فرصة أخرى أن تصنعي منك شخصا أخر أكثر شجاعة ورباطة جأش بإذن الله، فلا تيأسي.

ردت: “ب.س”

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: إلا أن حیث أن

إقرأ أيضاً:

حسين سري باشا .. رجل الدولة الذي صمت فأنقذ مصر من العواصف

أحيانا يقف التاريخ أمام بعض الشخصيات ليمنحها مساحة لا يحصل عليها إلا القليلون؛ مساحة تستحقها تلك الوجوه التي حملت على كتفيها هم الوطن، وعاشت لحظات كانت فيها مصر في أمس الحاجة إلى رجال يعرفون قيمة الكلمة ووزن القرار. 

ومن بين هؤلاء يجيء اسم حسين سري باشا، ذلك الرجل الذي قد لا يتردد اسمه كثيرا على ألسنة الناس اليوم، لكنه ترك أثرا لا يمكن تجاهله في واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ مصر الحديث. 

وكلما نظرت إلى تجربته شعرت أن هذا الوطن لم يقم فقط على أمجاد الزعماء الكبار الذين تصدروا المشهد، بل قام أيضا على رجال وقفوا خلف الكواليس، يتحركون بحكمة، ويعملون بصمت، ويقودون البلاد في ظروف كانت كفيلة بإغراق أي دولة أخرى في الفوضى.

كان حسين سري باشا واحدا من أبناء مصر الذين شكلوا جزءا من عمودها السياسي في زمن الوفد، زمن الصراعات والمفاوضات، وزمن الأحلام الكبيرة التي كانت تفتش عن واقع يليق بها. 

تولى مناصب عدة، بعضها كان إداريا، وبعضها تنفيذيا، لكنه في كل مرة كان يثبت أنه رجل يعرف معنى المسؤولية، وأن المنصب عنده لم يكن ترفا سياسيا، بل تكليفا وواجبا وامتحانا لضمير الإنسان قبل عقله. 

وفي كل موقع جلس فيه كان يحاول – بقدر ما يمتلك من حكمة وحنكة – أن يمسك العصا من المنتصف في زمن لم يكن يمسك فيه أحد شيئا من أي طرف.

ما يدهشني دائما في تجربة هذا الرجل ليس المناصب التي تولاها، بل الطريقة التي تعامل بها مع هذه المناصب، لم يكن يسعى إلى صخب أو شهرة، بل كان يؤمن أن خدمة مصر هي في الأساس فعل يومي، قرارا بعد قرار، خطوة وراء خطوة، حتى لو لم يصفق له أحد. 

وربما لهذا تحديدا لم يرتبط اسمه في الوعي العام بصور الاحتفالات والخطب، بل ارتبط عند الباحثين وأهل السياسة بفكرة رجل الدولة، الرجل الذي يعمل ليلا ونهارا لكي تبقى المؤسسات قائمة، ولكي تستمر عجلة الدولة في الدوران رغم العواصف التي كانت تحيط بها من كل اتجاه.

وفي وقت كان فيه الصراع بين القوى السياسية على أشده، وبين الاحتلال والشعب يشتعل كالنار في الهشيم، لم يكن سري باشا مجرد متفرج. 

كان طرفا من أطراف بناء الدولة، واحدا ممن حاولوا – في حدود الممكن – أن يدفعوا سفينة مصر إلى الأمام، وأن يجنبوا البلاد ما استطاعوا من مخاطر. 

ولعل هذه القدرة على القيادة في لحظات الخطر هي التي جعلته يحظى بالاحترام، حتى من الذين اختلفوا معه سياسيا، فمصر في تلك الحقبة لم تكن تحتاج فقط إلى مواقف صدامية، بل كانت تحتاج إلى عقول باردة تعرف قيمة التوازن، ورجال يمتلكون هدوءا يسمح لهم باتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح.

أتأمل سيرته فأرى فيها شيئا من تلك الروح المصرية التي تؤمن بأن الوطن أكبر من الأشخاص، وأن بقاء الدولة هو الأساس مهما اختلفت الاتجاهات. 

كان يؤمن بأن مصر تستحق أن تدار بحكمة، وأن مستقبلها لا يجب أن يترك للصدامات أو المغامرات غير المحسوبة، وربما لهذا السبب كان وجوده داخل الحياة التنفيذية والإدارية مهما وضروريا؛ فقد كان يمثل صوتا عاقلا وسط ضجيج المواقف، ورجلا يعرف أن صلابة الدولة ليست في الشعارات بل في القدرة على إدارة شؤونها اليومية بحزم واعتدال.

ولأنني أرى أن الذاكرة الوطنية لا يجب أن تكتفي بذكر أصحاب الأضواء وحدهم، فإن استعادة سيرة حسين سري باشا اليوم ليست مجرد استرجاع لاسم من الماضي، بل هي استعادة لدرس من دروس الوطنية المصرية التي تعلمنا أن الوطن يبنى بأدوار مختلفة، بعضها يكون فوق المسرح وبعضها خلف الكواليس، لكن قيمتهما واحدة لأن الهدف واحد، أن تبقى مصر صامدة، واقفة، مرفوعة الرأس في وجه الزمن. 

ومن هنا أشعر بأن الحديث عنه ليس ترفا تاريخيا، بل واجبا تجاه جيل يحتاج أن يعرف أن الوطنية ليست صراخا ولا شعارات، بل هي عمل متواصل وصبر طويل وضمير يضع مصر في المقدمة.

إن تجربة هذا الرجل، بكل ما فيها من هدوء وأثر، تظل شاهدا على أن مصر كانت دائما وأبدا تنجب رجالا يفهمون معنى السلطة كمسؤولية لا كامتياز، ومعنى الوطن كحقيقة يجب أن نحميها لا مجرد كلمة نرددها. 

ولهذا أكتب اليوم عن حسين سري باشا بقدر كبير من الاحترام والاعتزاز، لأن مصر لم تتقدم فقط بهؤلاء الذين دوى صوتهم في الميادين، بل تقدمت أيضا بمن اختاروا أن يحملوا عبء الدولة على أكتافهم ويكملوا الطريق في صمت، من أجل هذا البلد الذي نحبه وننتمي إليه ونفتخر بتاريخ رجاله مهما اختلفت مواقعهم.

مقالات مشابهة

  • ما الذي نعرفه عن مقتل أبو شباب؟
  • ما الذي يحدث للجسم بعد 24 ساعة بلا نوم؟.. خبراء يجيبون
  • نزع سلاح حزب الله على طاولة المفاوضات: خطوة حاسمة بين بيروت وتل أبيب
  • واشنطن تعتزم تشكيل اللجنة التي ستدير غزة قريباً
  • لماذا يوصف التحالف الروسي الصيني بأنه بلا حدود؟ خبراء يجيبون
  • إسرائيل: الجثث التي سلمتها حماس أمس لا تعود إلى الأسرى
  • أشهر مطعم نباتي في بريطانيا يحقق إنجازاً تاريخياً
  • حسين سري باشا .. رجل الدولة الذي صمت فأنقذ مصر من العواصف
  • الجيش الألماني يعلن تعرّض شحنة ذخيرة للسرقة.. كان السائق نائما
  • رئيس مكتب مسؤولية الموازنة البريطاني يستقيل إثر تسريب الموازنة