هوكشتاين يزور بيروت وجهود غربية في ذروة السباق لمنع الانفجار
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
اكتسبت الأيام الثلاثة الفاصلة عن موعد إنعقاد جولة من المفاوضات في 15 آب الحالي طابعاً مصيرياً بالنسبة إلى ربط "عملاني" لانعقاد المفاوضات بالاستعدادات المحكى عنها في لبنان وايران حول ردّين كبيرين لطهران و" حزب الله" على اسرائيل.
أن كل ما أثير وسُرّب من تقديرات استباقية رجحت أن يسبق ردّا إيران و"حزب الله" موعد المفاوضات الخميس المقبل ظل أشبه بتوقعات المنجمين، فإن ذلك لم يحجب حقيقة أن السباق الحارّ والحاسم بين الجهود الديبلوماسية الإقليمية والدولية اللاهثة لمنع الانفجار والاستعدادات الحربية بلغ ذروة قياسية في الساعات الأخيرة تزامنت مع بلوغ الحشد الحربي البحري للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة مستوى ضخماً للغاية نوعاً وكماً.
وفي هذا السياق وطبقا لما اورده " لبنان ٢٤" مساء امس فان الموفد الأميركي آموس هوكشتاين سيزور لبنان في الايام القليلة المقبلة في زيارة مفاجئة وسريعة تتصل بجهود منع تمدّد الحرب بعدما كان وصل مساء أمس إلى تل ابيب.
وأفادت مراسلة "النهار" في باريس رندة تقي الدين أمس من أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مضى في إجراء الاتصالات المتواصلة مع كل المهتمين بملف وقف اطلاق النار في غزة لمنع توسيع الحرب في لبنان، فبعد اتصالاته مع جميع المعنيين من قادة المنطقة بالملفين الأسبوع الماضي، رغب في التشاور الرباعي حول مفاوضات غزة المرتقبة في 15 آب الجاري، فبادر إلى عقد اجتماع رباعي عبر الفيديو بعد ظهر أمس ضمه والرئيس الأميركي جو بايدن ورئيسي الحكومة الألماني أولاف شولتز والبريطاني كير ستارمر، وتركّزت مناقشات الزعماء الأربعة على وقف اطلاق النار في غزة.
وكان ماكرون اتصل للغاية نفسها في نهاية الاسبوع الماضي بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وبالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. والاتصال الرباعي الذي اجراه ماكرون يندرج في اطار التحركات الفرنسية التي بدأت في الأسابيع الماضية مع قيادات المنطقة العربية والرئيس الإيراني الذي اتصل به مرتين ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل وقف إطلاق النار في غزة ومنع توسيع الحرب إلى لبنان.
وقال ماكرون للرئيس الإيراني إن أي ردّ غير متناسب إزاء إسرائيل من ايران على اغتيال إسماعيل هنية يضع المنطقة في خطر كبير. وعُلم أن الرؤساء الأربعة اتفقوا على بذل كل الجهود لخفض الخطر الذي يهدد المنطقة، كما اتفقوا على ضمان أمن إسرائيل في حال تم الهجوم عليها من إيران كما في نيسان الماضي، واتفقوا على الإسراع في وقف إطلاق النار في غزة وضمان المستقبل في ما بعد الحرب كي تؤخذ في الاعتبار تطلعات الشعب الفلسطيني في غزة. وأكد الرئيس بايدن لنظرائه أنه سيعمل معهم من أجل ضمان أوضاع غزة ما بعد الحرب.
وأكدت فرنسا لاصدقائها في المنطقة ولإسرائيل أن التزامها أمن إسرائيل غير قابل للتفاوض وهو أساسي، وإذا هاجمت إيران إسرائيل، ففرنسا ستبذل جهدها للمشاركة في إفشال هذا الهجوم، وهذا بحسب باريس أساسي ليس فقط لأمن إسرائيل بل للجميع في منطقة الشرق الأوسط. وماكرون يريد السلام للجميع في الشرق الأوسط، فهو يرى أن مسّ إيران بأمن إسرائيل بشكل خطير سيولّد المزيد من المآسي في الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان. وفرنسا حذّرت عبر رسائل إلى "حزب الله" والسلطات اللبنانية من أي تصعيد وأي مغامرة وأن على "حزب الله" الا يجرّ لبنان إلى كارثة أخرى مثلما حدث في 2006. وكتبت" الاخبار": ما سرّبت مصادر رسمية لبنانية، فإن هوكشتين الذي وصل أمس إلى تل أبيب، سيسعى من جديد إلى ضخ مزيد من رسائل الترغيب والترهيب في لبنان، وهو لا يحمل حلاً باعتبار أن العدو لا يظهر أي رغبة فعلية في وقف الحرب على قطاع غزة. وهذا ما يثبت قرار المقاومة في لبنان باستمرار عمل جبهة الإسناد من جهة، ولا يعدّل أساساً في قرارها الرد على اغتيال شكر. وبالتالي، فإن استقبال الضابط الإسرائيلي الذي لا يخشى اتهامه بالعمل لمصلحة العدو، يشكّل طعنة في غير مكانها.
ورغم إصرار جهات رسمية على أن هوكشتين لم يتعهد بشيء في اتصالاته الأخيرة عشية اغتيال شكر، إلا أن تبادل الرسائل الذي تم عبر أكثر من جهة، لا يدع مجالاً للشك، عند المقاومة وغيرها، بأن هوكشتين شارك في عملية تضليل من خلال نقل رسائل «تطمينية» بأن بيروت والضاحية ستكونان خارج دائرة الاستهداف بعد حادثة مجدل شمس، رغم أن المقاومة التي لا تركن أساساً لأي كلام أميركي لم تأخذ بهذه التطمينات، وصار واضحاً لديها الظروف التفصيلية التي رافقت نجاح العدو في الوصول إلى مكان وجود شكر وتنفيذ عملية الاغتيال.
ولم يكُن مرّ وقت على إعلان وزارة الدفاع الأميركية إرسال غواصة إلى الشرق الأوسط، وتسريع وصول مجموعة حاملة طائرات هجومية إلى المنطقة، حتى جاء التحرك العاجل لهوكشتين الذي وصل إلى تل أبيب مساء أمس، على وقع تقديرات الجانبين الأميركي والإسرائيلي بأن رد محور المقاومة سيحصل في الساعات الـ 24 المقبلة. وتأتي هذه الزيارة في وقت حرج ودقيق جداً، بعدما كان هوكشتين «علّق» مهمته منذ آخر زيارة له للبنان قبل حوالي شهرين، اقتناعاً منه بأن لا مجال لأي اتفاق مع لبنان قبل وقف الحرب على غزة. وفيما ذكرت القناة الـ 12 الإسرائيلية أن هوكشتين أتى لاستئناف جهوده لتسوية الأزمة بين لبنان وإسرائيل، قالت مصادر مطّلعة في بيروت إنه «سيزور بيروت غداً» للقاء كل من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، علماً أن «الملف تخطى مهمته وأصبحت الأمور في مكان آخر». وأضافت المصادر أن «هوكشتين يحمل مبادرة جديدة للتهدئة وفي جعبته أفكار لمنع الانفجار الكبير، لكنّ أحداً لا يعلم مضمونها حتى الآن».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشرق الأوسط النار فی غزة فی لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
أستاذ وناشط حقوقي فلسطيني ولد عام 1994 في محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، عُرف بموقفه الثابت في الدفاع عن قريته ومناهضة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في منطقة مسافر يطا. ساهم عام 2019 في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الذي حاز جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل عام 2025، ووثق معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال. واستشهد في 28 يوليو/تموز 2025 برصاص مستوطن إسرائيلي قرب منزله أثناء تصديه لعملية استيطانية.
المولد والنشأةوُلد عودة محمد خليل الهذالين عام 1994 في قرية أم الخير شرق بلدة يطا بمحافظة الخليل، في قلب الضفة الغربية المحتلة.
وتعود أصوله إلى قبيلة الهذالين، إحدى القبائل البدوية العريقة التي استقرت في المنطقة بعد أن أجبرها الاحتلال الإسرائيلي على النزوح من موطنها الأصلي في بئر السبع عام 1948.
نشأ في كنف أسرة بدوية تعتز بأرضها، وتربى على قيم الصمود والتشبث بالأرض وعدم الاستسلام.
كان محبا للرياضة لا سيما كرة القدم، وشارك في مباريات ودية أقيمت في قريته ضمن فرق محلية مثل نادي مسافر يطا ونادي سوسيا، وآمن بأن الرياضة تعزز الانتماء وتُنمّي روح التحدي.
تلقى عودة تعليمه الأساسي في مدارس مسافر يطا، والتحق بمدرسة أم الخير الابتدائية عام 2000، وواصل دراسته رغم ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المدارس بسبب مضايقات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
أظهر منذ صغره حبه لتعلم اللغات، وأبدى اهتماما خاصا باللغة الإنجليزية، مما دفعه لإكمال تعليمه الإعدادي والثانوي في مدرسة الصرايعة التي تخرج فيها عام 2012. وواصل دراسته الجامعية في جامعة الخليل، وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية عام 2016.
تزوج الهذالين وأنجب ثلاثة أطفال وهم وطن ومحمد وكنان.
المسيرة النضاليةعمل عودة بعد تخرجه مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة الصرايعة الثانوية الواقعة في البادية الفلسطينية، لكنه لم يكتف بالدور التعليمي، بل سرعان ما برز ناشطا في مجال حقوق الإنسان ومقاومة الاستيطان جنوب الضفة الغربية.
وعرفه المحليون والدوليون بأنه صوت قرية "أم الخير" والمدافع الأول عن سكانها، وأصبح المتحدث غير الرسمي باسمها، خاصة في الأوساط الحقوقية والإعلامية.
تولى لفترة طويلة مسؤولية المرافعة الميدانية، واستقبل الوفود الأجنبية من دبلوماسيين وصحفيين ونشطاء حقوقيين، وقادهم في جولات توثيقية داخل المناطق المهددة بالهدم، موضحا واقع البيوت التي أصبحت خياما، والأراضي التي صودرت لصالح التوسع الاستيطاني.
إعلانبالعربية والإنجليزية، قدّم الهذالين شهادات حية ومؤثرة نقلت معاناة قريته إلى العالم، مستخدما لغة بسيطة لكنها قادرة على النفاذ إلى الضمير الإنساني.
شارك الهذالين في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الذي صُوّر على مدى أربع سنوات (2019-2023) وانتهى العمل عليه قبل أيام قليلة من اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وهو إنتاج مشترك بين فلسطين والنرويج، حصد أصداء واسعة في الأوساط السينمائية والحقوقية، وفاز بجائزتي "أفضل فيلم وثائقي" و"جائزة الجمهور" في مهرجان برلين السينمائي عام 2024، ثم حقق إنجازا تاريخيا بفوزه بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل في الدورة الـ97 للأكاديمية، التي أُقيمت يوم 2 مارس/آذار 2025 على مسرح دولبي في هوليود.
وسلّط الفيلم الضوء على معاناة الفلسطينيين في قرية مسافر يطا جنوب محافظة الخليل، وركز على حياتهم التي يقضونها في المقاومة للبقاء والعيش في أرضهم رغم القمع والاستيطان.
وأثار فوز الفيلم بجائزة أوسكار موجة غضب كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، واعتبرته الحكومة الإسرائيلية "لحظة حزينة للسينما العالمية"، ذلك أنه جسّد حقيقة النكبة التي ترفض روايتها.
الاستشهاداستشهد عودة محمد خليل الهذالين مساء يوم الاثنين 28 يوليو/تموز 2025، وذلك بعدما أطلق مستوطن إسرائيلي النار مباشرة على رأسه أمام منزله في قرية أم الخير.
ووفقا لشهادات الأهالي، جاء الاعتداء في سياق اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي برفقة جرافة عسكرية أراضي القرية لتوسيع مستوطنة "كرميئيل" المقامة على الأراضي المصادرة.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن المستوطن المسؤول عن إطلاق النار هو ينون ليفي، أحد أبرز المستوطنين المعروفين بتورطهم في اعتداءات ممنهجة ضد الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية.
ويُذكر أن ليفي هذا مُدرج منذ عام 2023 في قوائم العقوبات الأميركية والبريطانية والأوروبية والكندية، ضمن حزمة شُرعت لمحاسبة المستوطنين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة (ج) من الضفة الغربية.
سياسات قمع إسرائيليةوفي 29 يوليو/تموز 2025، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي خيمة عزاء الشهيد عودة الهذالين في قرية أم الخير، واعتدت على عدد من النشطاء والصحفيين الأجانب ثم طردتهم بالقوة، وأعلنت المنطقة "عسكرية مغلقة"، في محاولة واضحة لمنع أي مظاهر للتضامن المحلي والدولي.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن القوات طردت المعزين بالقوة من العزاء واعتقلت ناشطتين أجنبيتين كانتا ضمن المتضامنين.