محمود عثمان رزق
12 أغسطس 2024
أنا من المؤمنين أن الرجل حيٌ يرزق ومن يكن في الضلالة يمدد له الرحمن مدا وعاقبة أمره خسرا. وعدم كشف الرجل لمكانه ومواقيت خروجه يدل دلالة قوية على أن الرجل مُتحكم فيه تماماً. فهو يخرج بأمر منهم، ويتكلم حين يسمحون له بالكلام، ويقول ما يرضيهم فقط، وهم من جانبهم يعينونه بخبراء أجانب متمرسين في الإعلام والسياسة ليكتبوا له خطاباته وبرسمون له سياسته وخططه.
أولاً، أراد حميدتي أن يتملص من جرائم الدعم السريع برميها على كاهل من أسماهم "متفلتين". والحقيقة إن هؤلاء الذين أسماهم متفلتين هم جنود الدعم السريع بشهود الناس أجمعين، وهم مستنفري الدعم السريع، وهم مجندي الدعم السريع الجدد. هؤلاء الذين يسميهم حميدتي متفلتين تدربوا وتسلحوا على يد الدعم السريع ويسرقون في أماكن سيطرة الدعم السريع تحت سمعه وبصره، والشهود على ذلك من الشعب على قفا من يشيل والمحاكم ستستمع لهم يوماً ما. فطالما أن قائد الدعم السريع حيٌ يرزق فهو المسؤول الأول والأخير عن جميع هذه الجرائم لأنه لم يخرج لوقفها من أول أسبوع وقد كانت وما زالت تحت سيطرته، وبالتالي سيلاحق حميدتي وجنرالاته وجنوده في المحاكم الداخلية والخارجية وفي الآخرة طال الزمن أم قصر. فعلى حميدتي ومستشاريه ألا يتشاطروا على الشعب السوداني يقتلونه ويمشوا في جنازته. لماذا لم يكون حميدتي لأكثر من سنة ونصف لجنة أو هيئة لحماية المواطنين ومنازلهم وبنوكهم التي فيها ممتلكاتهم؟ لماذا أعلن عن تكوين هذه اللجنة قبل يومين فقط من محادثات جنيف؟
ثانياً، حميدتي من جهة يريد التفاوض والسلام والجلوس مع العسكر، ومن جهة أخرى يتهمهم بالعصابة والمجرمين والفاسدين واللاشرعيين وعديمي الإرادة! دي كيف تجي يا حمودي؟ قل لمن كتب لك هذا الخطاب دقست دقسة شينة. من يريد الصلح لا يتلطف في مقاله ولا يشتم ويسيء
ثالثاً، حميدتي خرج بدموع الماكرينا يدعي الحزن لأنه يشعر بألم شديد على الشعب السوداني، ويريد من الشعب أن يصدقه ويتعاطف مع قائده الملهم الذي قلبه معهم....لا بالله!! والله دي لعبة حلوة على هذا الشعب أب قنابير.
رابعا، حميدتي يريد أن يظهر للعالم أنه رجل سلام وأنه دائماً ينفر خفيفاً ملبياً دعوة السلام وأن المشكلة في الطرف الآخر الذي هو الجيش وقائده. الحركة دي بالذات يا حميدتي بتاعت نتينياهو فكن أصيلاً ولا تسرق سياسات الرجال. وطبعاً أنت عارف أن نتينياهو بيرسل وفد للتفاوض بيجاي وما بيقول لا أصلاً ويخبت خبت الجن من الجهة الآخرى. ومشكلتك أنت وجنودك الخاطئين ليست مع الجيش ولكن مع الشعب السوداني كافة ومن ضمنه مؤسسة قوات الشعب المسلحة.
خامساً، اذا أردت السلام لأهل السودان فضع السلاح أرضاً وتذكر أن الحسن بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليهم وسلم تسليماً كثيراً تنازل عن السلطة بعد إنتخابه لمعاوية حقناً لدماء المسلمين فهلا وسعك ما وسعه؟
سادساً، لا تعول على الدول الغربية كثيراً فهي نمور من ورق ظهر ضعفها جلياً، كما أن للحكومة محاور يمكن أن توزن بها المعادلة، وتذكر أن الدول الغربية لن تفرط في مصالحها في المنطقة من أجل سواد عيونك أو سواد عيون قحت لكي تترأسوا أو تحكموا.
أخيراً، إذا كان هدفك هو أن تعقد الولايات المتحدة مفاوضات جنيف في غياب وفد الحكومة السودانية أو وفد الجيش ممثلاً للحكومة السودانية، ثق أن الولايات المتحدة سترتكب خطأ فادحاً سيكون بمثابة غلطة الشاطر، وحينها سترى الحكومة الأمريكية ردة فعل الشعب السوداني كافة وإعلامه الذي سيعتبر هذا الفعل إهانة لكرامته وسيادته ورأيه وستكسب الحكومة السودانية وجيشها من هذه الخطوة مكاسب داخلية ودولية لم تكن في حسبانها.
morizig@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشعب السودانی الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
خبراء يكشفون للجزيرة نت دلالات وتوقيت خطاب حميدتي
الخرطوم- في ثاني لقاء وسط قواته منذ اندلاع الحرب في السودان، ظهر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أمس الأول، في مكان غير معروف، موجها رسائل إلى الداخل وأخرى للإقليم، في خطوة فسرها مراقبون على أنها محاولة لإعادة تقديم نفسه بوجه جديد وبث الروح المعنوية وسط قواته واستقطاب مقاتلين جددا.
وبثّت الدعم السريع خطابا لقائدها وسط حشد من المقاتلين، هو الثاني منذ آخر لقاء معها في اليوم الأول لاندلاع القتال، قرب ديوان الحكم الاتحادي في محيط القصر الجمهوري بالخرطوم، وذلك بعد أن اقتصرت إطلالاته السابقة على تسجيلات صوتية ومصورة.
ولم تفصح القوات عن الموقع، غير أن "حميدتي" ألمح إلى وجوده داخل الأراضي السودانية، ويرجح أن يكون في مناطق خاضعة لسيطرة قواته بإقليم دارفور، حيث تنتشر في رقعة جغرافية واسعة بعد التراجع الميداني الذي شهدته خلال الأشهر الماضية بخروجها من ولايات سنار والجزيرة والخرطوم وأطراف ولايات النيل الأبيض ونهر النيل والنيل الأزرق وجنوب شمال كردفان.
تشكيكغير أن وزير الشباب والرياضة وسفير السودان السابق في طرابلس حاج ماجد سوار كشف أن لقاء قائد الدعم السريع مع قواته، لم يتم في داخل الأراضي السودانية كما رُوّج، بل جرى في مناطق خاضعة لسيطرة قائد الجيش الليبي اللواء المتقاعد خليفة حفتر داخل ليبيا.
وقال سوار، في منشور على صفحته على فيسبوك، إن لديه معلومات مؤكدة من مصادر ليبية موثوقة بالاحتفال الذي ظهر فيه "حميدتي"، وإنه تم تصويره في عمق الأراضي الليبية.
في المقابل، شكك الخبير الأمني والإستراتيجي العميد المتقاعد عامر حسن في هذا الحشد العسكري، وأوضح للجزيرة نت أن قوات الدعم السريع ليس لديها هذا العدد الكبير من القوات في موقع واحد كالتي ظهرت في التسجيل المصور، لأنه لو كان في أي منطقة في دارفور أو كردفان يمكن رصده واستهدافه باعتباره مناطق عمليات مفتوحة، ورجح أن تكون الصور مركبة عبر معالجة تقنية.
إعلانوخلال كلمته، اعترف "حميدتي" بخسارته عسكريا وقال إنهم "فقدوا أراضٍ غالية وأرواحا عزيزة"، لكنه تعهد بـ"العودة بعزّة وكرامة". وأشار إلى أن سيطرة قواته على مثلث العوينات الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، يمكن أن تشكل "إضافة إيجابية لجيران السودان" عبر تأمين الحدود، مؤكدا أنه ليس لديه مشكلة مع أي دولة جارة.
ورأى أن الخلافات مع مصر يمكن حلها عبر الحوار المباشر، وتابع "مشاكلنا مع مصر زرعها هؤلاء المجرمون ونحن راجعنا حساباتنا ولازم نحل مشكلتنا معها عبر الحوار وعلى الطاولة وليس عبر المشاحنات".
وجدد "حميدتي" هجومه على الجيش السوداني، قائلا إن قواته "تقلصت إلى حد كبير"، وطمأن سكان شمال السودان بأنه في حال وصول قواته إلى مناطقهم، فلن يكون ضمنها "نهّابون".
تبريرمن جانبه، اعتبر مساعد وزير الخارجية المصري ومسؤول ملف السودان السابق بالخارجية المصرية حسام عيسى أن حديث "حميدتي"، حول مراجعة حساباته تجاه القاهرة، "إدراك منه للثقل المصري ومحاولة لتجنب استفزاز الجار القوي".
وقال عيسى، في تصريح بثته مواقع سودانية، إن قائد الدعم السريع يحاول تبرير تحركاته في المثلث الحدودي، وعدّها "وسيلة براغماتية من أجل عدم استثارة جار إقليمي قوي له تأثير في هذه الظروف".
كما أكد أن القاهرة لن تتورط في أي حروب خارج حدودها وموقفها ثابت ولن يتغير من وقوفها مع الدولة السودانية ومؤسساتها وعلى رأسها القوات المسلحة، وأن وجود المليشيات والسلاح خارج سيطرتها هو الذي يؤدي إلى التقسيم وعدم الاستقرار.
تعليقا على دلالات خطاب "حميدتي" وتوقيته، يرى الخبير الأمني والإستراتيجي عامر حسن أن قائد الدعم السريع يحاول معالجة عدة قضايا من خلال ظهور وسط قواته، أبرزها أنه لا يزال حيا وقادرا على الحركة وإدارة شؤون قواته، في رد ضمني على المعلومات التي راجت بسبب طول اختفائه.
ويوضح أن قوات الدعم السريع تلقت هزائم قاسية خلال المعارك في ولايات كردفان وخسرت عددا كبيرا من قادتها الميدانيين ومقاتليها وعجزت عن تعويضهم، وتنامى السخط من إهمال الجرحى، لذلك يحاول "حميدتي" بث الروح المعنوية وسط قواته واستقطاب مقاتلين جددا.
خيارات محدودةكما يسعى -برأي الخبير حسن- إلى تقديم نفسه بوجه جديد وفك الحصار الخارجي بسبب الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قواته، لكنه وجه رسالة متناقضة للقاهرة بالدعوة الى الحوار معها، غير أن تهديده بالهجوم على الولاية الشمالية المتاخمة للحدود المصرية يقلق القاهرة لأنه يؤدي لنشر الفوضى بالحدود وإغلاق طرق التجارة ويوقف انسياب السلع السودانية لمصر.
ووفقا له، فإن تهديد "حميدتي" بالهجوم على شمال السودان للمرة الثانية ليس جديا وإنما محاولة تكتيكية لشد الجيش شمالا، وصرفه عن المعارك الجارية في ولايات كردفان غربا لأنه في حال تجاوزها فإن هذه القوات ستحاصر في دارفور.
ويسعى "حميدتي" أيضا بظهوره إلى معالجة تعثر تشكيل الحكومة الموازية في مواقع سيطرته بعد فشل أخيه ونائبه في القوات عبد الرحيم دقلو الذي يقود المفاوضات مع حلفائهم في كيان تحالف السودان التأسيسي "تأسيس"، وتصاعد الخلافات بينهم، حسب الخبير الأمني حسن.
أما الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم صديق فيقول للجزيرة نت إن عمليات الجيش خلال الفترة السابقة صارت أكثر دقة في "اصطياد" القادة الميدانيين للدعم السريع، مما أثار الاضطراب بين قيادات القوات وزعزع ثقتها، أو أصبحت حركتها بعيدة عن الأنظار في مناطق معزولة.
إعلانوحسب حديث الكاتب، فإن "حميدتي ظهر مختبئا، ومحاطا بقوة عسكرية لافتة، ويبدو وجهه أكثر دعة (راحة)"، مما يرجح أنه ليس في ميدان القتال.
ويعتقد أن القوة التي خاطبها "حميدتي" هدفها مهاجمة ولايتي نهر النيل والشمالية لإرباك المشهد، مع انشغالات القيادة السياسية وقادة الحركات المسلحة باقتسام السلطة. وعدّه "رجلا مغامرا يبحث عند مجد طار من يديه وباتت الخيارات أمامه محدودة، وستكون محاولة عسكرية يائسة".