واشنطن تستعد لحرب محتملة دعما للاحتلال في حال فشلت مساعي ضبط النفس
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
أوضح الكاتب الأمريكي في صحيفة "واشنطن بوست"، ديفيد إغناتيوس، أنه في الوقت الذي تدعو فيه الولايات المتحدة إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط على وقع تصاعد التوترات بين دولة الاحتلال وإيران، فإن واشنطن تستعد لخوض معركة محتملة للدفاع عن "إسرائيل" في حال انزلقت الأوضاع إلى حرب إقليمية.
وقال إغناتيوس في مقاله الذي نُشر في "واشنطن بوست" وترجمته "عربي21"، إنه "مع كون إسرائيل وإيران على حافة حرب إقليمية مدمرة لا يبدو أن أيا من البلدين يريدها، فإن الولايات المتحدة تلعب لعبة محفوفة بالمخاطر من حافة الهاوية: حشد قوة عسكرية للدفاع عن إسرائيل، وإذا فشلت، فإنها ربما تنضم إلى هجوم على إيران".
وأضاف أنه "بالنسبة لمسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذين حاولوا لأشهر تهدئة الصراع في غزة، فإن هذه لحظة مخيفة"، ولفت إلى أن نورمان رول، الخبير السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في شؤون إيران، كتب: "تومض الآن العديد من أضواء الإنذار الحمراء. لم أر المنطقة قط هشة للغاية وعلى أعتاب العديد من الصراعات".
وعلق الكاتب بالقول إنه "غالبا ما تنجم الحروب عن صراع أساسي بين المصالح الوطنية. وهذا جزء مما يؤدي إلى إشعال فتيل هذه المواجهة بين إسرائيل وإيران. لكنها مدفوعة أيضا بعوامل غير ملموسة: رغبة إسرائيل في استعادة الردع وتصميم إيران على الحفاظ على كرامتها الوطنية".
وتساءل: "لكن هل كانت هذه المواجهة قد بدأت بخطأ؟". وقال الكاتب إن المسؤولين الأمريكيين "يعتقدون أن القادة الإسرائيليين لم يتوقعوا أن ترد إيران بشكل مباشر على اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية أثناء زيارته لطهران الشهر الماضي. فقد قُتل هنية بعبوة ناسفة مخفية، ولم يكن هناك أي بصمات تدل على ذلك. ولكن آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، تعامل مع الهجوم على ضيف باعتباره إهانة إسرائيلية تستلزم الرد".
و"من غير الواضح للمسؤولين الأمريكيين ما إذا كانت إيران ستنفذ أمر زعيمها وكيف ستنفذه، ولكنهم يأخذون التهديد على محمل الجد"، بحسب الكاتب.
وذكر الكاتب أنه "لم تكن هذه هي المرة الأولى هذا العام التي يبدو فيها أن إسرائيل أخطأت في تقدير عزم إيران على الانتقام لمظلمة. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن إسرائيل لم تتوقع على نحو مماثل ردا إيرانيا مباشرا عندما هاجمت العديد من كبار قادة الحرس الثوري الإسلامي الذين كانوا يزورون دمشق في نيسان/ أبريل. ولكن إيران ردت في وقت لاحق من ذلك الشهر بإطلاق وابل من أكثر من 300 صاروخ ومسيّرة. ولحسن الحظ، تم اعتراض معظمها، ولم يخلف الهجوم سوى القليل من الضرر".
وقال إن "أفضل نتيجة لهذه الأزمة هي أن توافق الدولتان، بتحريض من المجتمع الدولي، على وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. وتحظى خطة السلام هذه بدعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجموعة الدول السبع والدول العربية المعتدلة. وتدعمها مؤسسة الدفاع والأمن الإسرائيلية، كما أن حركة حماس تخلت عن اعتراضها الرئيسي. وكان الرافض الرئيسي هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواصل السعي إلى النصر الكامل في غزة - وهو ما يقول وزير الدفاع يوآف غالانت إنه غير واقعي".
ولفت الكاتب، إلى أن "الرئيس الأمريكي، الذي انضم إليه زعيما مصر وقطر، اللذان كانا شريكيه في الوساطة، دعا إلى استئناف المفاوضات يوم الخميس لإغلاق جميع الفجوات المتبقية. لكن حتى مسؤولي الإدارة ليسوا متأكدين مما إذا كانت هذه الدعوة ستجذب الأطراف نحو اتفاق نهائي أو رفض قد يشعل صراعا أوسع نطاقا"، بحسب الكاتب.
وقال الكاتب إنه في حال "فشلت الدبلوماسية، فإن إدارة بايدن تراهن على أنها تستطيع تكرار السحر الدفاعي الذي صد الهجوم الصاروخي والمسيّرات الإيرانية في شباط/ فبراير. لقد أرسل البنتاغون ما يقول المسؤولون إنه أكبر قوة يتم إرسالها إلى المنطقة منذ سنوات عديدة، بما في ذلك حاملتا طائرات، والعديد من مدمرات الصواريخ الموجهة، ومقاتلات إف-22 وغواصة هجومية تحمل صواريخ تقليدية قوية يمكن أن تدمر مدن إيران. إذا ضربت إيران إسرائيل، فقد تهدد الولايات المتحدة باستخدام هذه القوة الهائلة إذا لم توقف إيران الهجمات على الفور".
وقال الكاتب، إن "الخطر هذه المرة هو أن إيران ربما تعلمت من فشلها في اختراق الدفاعات الأمريكية والإسرائيلية في نيسان/ أبريل - وابتكرت تكتيكات جديدة. قد تأمل إيران أيضا في إرباك المدافعين من خلال الجمع بين وابلها وهجوم صاروخي أكبر من حزب الله في لبنان، فضلا عن الهجمات التي تشنها قوات بالوكالة في العراق وسوريا ولبنان".
وأضاف أن "الشرق الأوسط اليوم يشبه صف قطع الدومينو. بمجرد سقوط قطعة واحدة، يمكن أن تؤدي إلى سلسلة من الأحداث التي قد تجتاح المنطقة".
ولفت الكاتب إلى أنه "على الرغم من أن إسرائيل وإيران تبدوان غالبا عالقتين في صراع وجودي، فإن مسؤولي إدارة بايدن يعتقدون أن كلا البلدين يحاولان تجنب الحرب الشاملة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
"مع تقييم مسؤولي الإدارة للموقف، فإنهم يأملون أن تسعى إيران وإسرائيل إلى رد مدروس"، بحسب الكاتب الذي اعتبر أنه "يجب على إيران أن تتحرك لاستعادة كرامتها - ولكن ليس بقوة شديدة لدرجة أن تدعو إلى الانتقام الذي من شأنه أن يهدد الاقتصاد الإيراني والنظام نفسه".
في المقابل، "تريد إسرائيل أيضا أن تظهر عزمها على الصمود دون أن تدعو إلى شن هجوم يسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا، والذي من شأنه أن يؤدي إلى انفجار العنف في مختلف أنحاء المنطقة"، وفقا للمقال.
واختتم الكاتب مقاله، بالقول إن الاستراتيجيين يحبون الحديث عن سلالم التصعيد وكأنهم قادرون على رؤية كل درجة وقياس كل خطوة. ولكن كما يحذر رول، فإنه "ينبغي لنا جميعا أن نشعر بالقلق إزاء تحرك المنطقة نحو منطقة مجهولة حقا". ومع أن الولايات المتحدة تحاول وقف هذه الحرب، إلا أنها قد تتورط فيها أيضا، على حد قول الكاتب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الولايات المتحدة الاحتلال إيران غزة إيران الولايات المتحدة غزة الاحتلال المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
رسائل إيران لواشنطن.. هل تبدد خلافاتهما أم تفاقمها؟
تجدد إيران موقفها الرافض للتفاوض على ما تسميه حقها في تخصيب اليورانيوم أو قدرتها الصاروخية خلال أي مفاوضات مقبلة مع الأميركيين، وهوما أكدت عليه تصريحات مسؤولين إيرانيين بمختلف المستويات. ويأتي ذلك بينما ترى واشنطن أن إيران تم إضعافها بشدة في الهجوم الأميركي الأخير على منشآتها النووية وأنها مضطرة للتنازل عن طموحاتها النووية.
وعبّر عن الموقف الإيراني مكتب الرئاسة الذي قال إن طهران لن تفاوض حول قدرتها الصاروخية والمعرفة النووية والتخصيب، وأنها إذا عادت للتفاوض، فإنها لن تسمح باستخدام طاولته للخداع مرة أخرى، ونفس الموقف أعلن عنه رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، بقوله إن "تخصيب اليورانيوم بات إرثا وطنيا إيرانيا لا يمكن القضاء عليه بالقنابل أو باغتيال الأفراد".
كما قال قاليباف -في حديث مع التلفزيون الإيراني- إنّ القدرة الصاروخية تمثل ما سماه خطا أحمر بالنسبة لطهران و لن تتراجع عنه في كل الظروف.
وتأتي هذه التصريحات في سياق رد إيران على رسائل وصلتها من الإدارة الأميركية، كما تقول الدكتورة فاطمة الصمادي، الباحثة الأولى في مركز الجزيرة للدراسات والخبيرة في الشأن الإيراني في حديثها لبرنامج "ما وراء الخبر".
ونفت طهران الثلاثاء الماضي أن تكون قد تقدمت بأي طلب للتفاوض مع واشنطن، خلافا لما صرّح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد الهجمات الإسرائيلية والأميركية على المنشآت النووية في إيران.
ويثار داخل إيران جدل واسع حول موضوع العودة للمفاوضات مع واشنطن بعد الهجوم الأخير، فهناك من يرى في التفاوض خيارًا إستراتيجيًا، وهناك من يعارض هذا الموضوع من الأساس، باعتبار أن الهجوم الإسرائيلي والأميركي حدثَ في خضم مباحثات بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي الإيراني، تحفظ عليها المرشد الإيراني علي خامنئي، كما تؤكد الصمادي.
إعلان
وقد تعرض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في وقت سابق لانتقادات حادة من عدة صحف محافظة في البلاد، وذلك بعد تأييده استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة خلال مقابلة مع الصحفي الأميركي تاكر كارسون.
ويذكر أنه في 13 يونيو/حزيران شنّت إسرائيل حربا على إيران بهدف "منعها من حيازة السلاح النووي". وجاء ذلك في حين كانت الولايات المتحدة وإيران تخوضان مفاوضات بشأن برنامج طهران النووي.
ولاحقا تدخلت الولايات في الحرب، وقصفت في 22 يونيو/حزيران موقع تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في فوردو جنوب طهران، ومنشأتين نوويتين في أصفهان ونطنز (وسط).
تغيير النهجوإذا قبلت إيران بالعودة إلى المفاوضات مع الأميركيين، فستطرح على طاولة التفاوض -تضيف الصمادي- فكرة التخصيب خارج أراضيها، وستبدي استعدادها للعودة للتخصيب بنسبة منخفضة كما حدث في اتفاق 2015.
أما بالنسبة للقوة الصاروخية فستكون نقطة خلاف جوهرية في أي مفاوضات قادمة، لأن الحرس الثوري الإيراني -تواصل الصمادي- لن يسمح بطرحها على التفاوض لأنه يعتبرها إنجازه الكبير، وإن حصل الأمر فسيطيح برؤوس كثيرة.
وفي حسابات الإدارة الأميركية التي يقودها ترامب، فإن إيران قد ضعفت جراء الضربات الأخيرة، وبالتالي لن يكون هناك تخصيب لليورانيوم ولن يكون لديها برنامج صاروخي، وعليها -كما يوضح الكاتب الصحفي المختص بالشأن الأميركي، محمد المنشاوي- أن تغير النهج الذي تعتمده منذ سنوات وتكون أكثر واقعية، كما أنها (أي الإدارة الأميركية) ترفض إحياء اتفاق 2015.
ورغم أن النطاق الفعلي للأضرار التي ألحقها القصف الأميركي بالمواقع النووية الإيرانية لم يعرف بعد، إلّا أن إسرائيل تشارك حليفها الأميركي في أن إيران قد ضعفت، لكنها تتصور أنه يجب تغيير المشهد السياسي في هذا البلد ولو بأدوات غير عسكرية، وحول هذه النقطة يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل، الدكتور بلال الشوبكي لبرنامج " ما وراء الخبر" إن إسرائيل لديها قناعة بأن إيران هي الأخطبوط الذي ينفذ عمليات ضدها.