لجريدة عمان:
2025-08-03@03:55:07 GMT

الأمراض تفتك بالنازحين في مخيمات غزة

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

يشكو المواطنون والنازحون في قطاع غزة انتشار برك الصرف الصحي بالقرب من منازلهم وخيامهم، الأمر الذي تسبّب في انتشار الأمراض المعدية مثل شلل الأطفال والتهاب الكبد الوبائي والنزلات المعوية بينهم.

يخشى فوزي أصليح على حياة ابنته إسراء المحجوزة في مستشفى ناصر الطبي لإصابتها بمرض شلل الأطفال بعد سقوطها في بركة صرف صحي قرب منزلهم في مخيم خان يونس.

يقول لـ«عُمان»: «ابنتي ترقد في المستشفى غير قادرة على الحركة؛ تعاني الإعياء والحمى والصداع والتقيؤ المستمر وآلامًا في الأطراف بعدما انتقلت إليها العدوى من المياه العادمة وأصاب شلل الأطفال جهازها العصبي».

يوضح «أصليح» أن أطباء مستشفى ناصر أخبروه أن ابنته تلزمها الراحة السريرية في المستشفى إلى حين تماثلها للشفاء التام؛ خشية أن يتفاقم فيروس شلل الأطفال لديها ويصيبها بشلل عضال في الساقين أو أن يتسبب المرض في مرحلته المتأخرة في توقف عضلاتها التنفسية عن أداء وظائفها، وما قد يؤدي -لا قدّر الله- إلى موتها.

برك الصرف الصحي

وبنبرة غاضبة، يضيف المواطن الثلاثيني: «إذا لم نمُت من الحرب والقصف سنموت من المجاري. والذي لم يمُت من المجاري سيموت من شلل الأطفال والأمراض المعدية. شلل الأطفال هذا يصيب الصغار والكبار، نحن نذهب يوميا إلى المستشفيات»، ويشير إلى برك الصرف الصحي المنتشرة قرب منزله: «هذه البرك يوميا نرفع منها طفلا أو رجلا مسنا. يقعون في مياه المجاري».

وتوجّه المواطنون والنازحون إلى مبنى بلدية خان يونس، وسألوا الموظفين عن الأسباب التي تعرقل شفط مياه المجاري من الشوارع، فأخبروهم أنهم يواجهون نقصًا في السولار اللازم لتشغيل "مواتير" الديزل، التي تقوم بسحب المياه.

يبيِّن «أصليح»: «البلدية تقول لنا صرفنا 50 لترًا من السولار لسيارات كسح المياه العادمة. ماذا تفعل 50 لترًا أو حتى 200 مع هذه المستنقعات؟ الموتور يشتغل ساعة أو ساعتين وبعدين يتوقف».

ويؤكد علاء صالح، النازح إلى خيمة بمنطقة مواصي خان يونس، أن طواقم البلدية تفشل في سحب مياه المجاري المتراكمة بغزارة في الشوارع؛ لأنهم يواجهون نقصًا شديدًا في الإمكانيات اللازمة للتعامل مع كارثة بيئية بهذا الحجم، بسبب إغلاق المعابر، وعدم السماح بدخول الوقود والمعدات وأدوات الصيانة، بعد دخول العدوان الإسرائيلي على غزة شهره الحادي عشر.

وخرجت حوالي 90% من آبار المياه والصرف الصحي في مدينة خان يونس عن الخدمة؛ بسبب استهدافها من قبل آليات الاحتلال، فيما تتبقى نحو 5 آبار فقط، لكنها مدمرة جزئيا، وتعجز سلطات البلدية عن تشغيلها؛ لعدم توافر المولدات وشُح الوقود، وفقًا لحسين العامري، أحد العاملين في طواقم البلدية.

ويعتبر «صالح» غياب منظومة المياه والصرف الصحي عن خان يونس «كارثة تهدد حياة المواطنين والنازحين إذا استمر هذا الوضع دون تدخل جهات خارجية أو الحصول على تمويل يوفر إمكانات لإجراء صيانة عاجلة للمولدات والمعدات، ما يمكّن طواقم البلدية من استعادة تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي».

شلل الأطفال

وكُشف في الأسبوع قبل الأخير من شهر يوليو الماضي عن انتشار فيروس شلل الأطفال في عيّنات أُخذت من مياه الصرف الصحّي في قطاع غزّة، وهو تطور اعتبره المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، مثيرًا للذعر، لكنه غير مفاجئ في ضوء الوضع المفكّك للنظم الصحّية في القطاع بعد مضي عشرة أشهر على رحى الحرب الدائرة فيه بلا هوادة.

ويتحدث شكري الأغا عن انتشار أمراض «شلل الأطفال، والتهاب الكبد الوبائي، والنزلات المعوية الحادة -تشمل إسهالا وقيئا» بين النازحين والمواطنين في خان يونس؛ بسبب تهالك البنى التحتية لشبكات الصرف الصحي: «كل حاجة انتشرت؛ التهاب الكبد الوبائي، وشلل الأطفال. وكل الأمراض انتشرت».

ويشير النازح من شمال قطاع غزة إلى عدم توافر العلاج اللازم لتلك الأمراض، في ظل الضغط الكبير على مستشفى ناصر الطبي في خان يونس، وهو المستشفى الوحيد العامل لخدمة 1.5 مليون نازح في جنوب قطاع غزة، بعد اجتياح جيش الاحتلال مدينة رفح وتوقف المستشفيات فيها عن العمل.

ويوضح لـ«عُمان»: الأسرّة في مستشفى ناصر ممتلئة عن آخرها بالمرضى، الذين يرقد بعضهم في طرقات قسم الاستقبال وبين الأقسام المختلفة بعد سفر غالبية الطواقم الطبية الأجنبية التي كانت موجودة في المستشفى.

ويقول: «أغلب الأطباء الأجانب عادوا إلى بلادهم، بسبب ظروف الحرب القاسية والاستهدافات المتكررة من جيش الاحتلال للمستشفيات، ناهيك عن النقص والحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية».

خان يونس الأكثر تضررًا

ويسترعي عبدالله البيوك، الانتباه إلى أن مركز خان يونس هو الأكثر تضررًا من أزمة الصرف الصحي؛ كونه يضم المحطة الرئيسية للصرف، التي تصب فيها جميع الشبكات الصرف من كل أحياء ومدن المحافظة.

ويصيف لـ«عُمان»: «كل مجاري خان يونس ترمي صرفها في هذه الشبكة الرئيسية. وبعد الحرب تهالكت وانفجرت، وما زال ضخ المياه العادمة عليها مستمرًا».

ويرفع النازح الخمسيني إصبعه إلى بركة مجاري بطول 30 مترًا وعمق 1 متر بالقرب من محطة الصرف الرئيسية في خان يونس قائلا: «لم نلق حلولًا عملية حتى الآن، لتصريف مياه تلك البركة، التي تسبب الأمراض لأطفالنا وشيوخنا ومنها شلل الأطفال».

ويوضح لـ«عُمان» خلال حديثه: «بالأمس القريب انتشلنا نازحين سقطوا في هذه البركة. هنا على هذا الطريق الرئيسي ليلًا في الظلام الدامس. هؤلاء كلهم معرّضون للأمراض».

وترفض سلطات الاحتلال دخول 1.3 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال إلى قطاع غزة رغم الاحتياج الشديد لها، بحسب مدير الرعاية الصحية في وزارة الصحة الفلسطينية، موسى عابد، الذي يؤكد اختفاء التطعيمات من شلل الأطفال في كل قطاع غزة.

ويشير عبدالله البيوك إلى قيام جيش الاحتلال بتطعيم جنوده ضد شلل الأطفال، حتى لا يلقوا نفس مصير المواطنين والنازحين في غزة: «طعموا جنودهم ونحن لا نجد من يطعمنا ولا يوجهنا».

ويناشد «البيوك» الأمم المتحدة والصليب الأحمر وكافة المنظمات الإغاثية التدخّل لحل مشكلة انتشار مستنقعات الصرف الصحي بالقرب من مناطق تكدس المواطنين والنازحين في قطاع غزة.

ويكمل حديثه لـ«عُمان»: «على كل من يملك ضميرًا حيًّا التدخّل لحل هذه الإشكالية، التي باتت مكرهة صحية وحربًا بيئية أشد قسوة من حرب السلاح القائمة الآن على قطاع غزة».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصرف الصحی شلل الأطفال مستشفى ناصر قطاع غزة خان یونس لـ ع مان

إقرأ أيضاً:

ماذا يعني دخول قطاع غزة المرحلة الثالثة من التجويع؟

غزة- أكد مدير عام مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية للجزيرة نت دخول مستوى التجويع في قطاع غزة المرحلة الثالثة، وذلك بعد أن قال في تصريح سابق له في 29 يوليو/تموز الماضي إن الجوع ما زال يزهق الأرواح في غزة على مرأى ومسمع من العالم، وهي جريمة يندى لها جبين الإنسانية.

وحذر أبو سلمية من خطورة الأرقام الصادمة التي تؤكد مقتل المزيد يوميا بفعل سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل ضد الأبرياء والمدنيين في غزة، من الأطفال والنساء والرجال، في جريمة مكتملة الأركان.

وتوصف المرحلة الثالثة من التجويع بـ"الأزمة"، وتعني "الوصول إلى مستوى انعدام الأمن الغذائي الحاد"، وتشير إلى أن السكان يعانون من فجوات كبيرة في استهلاك الغذاء وسوء تغذية متفاقم، خاصة لدى الأطفال والنساء، واعتماد الناس على وسائل شديدة للتكيف، مثل تقليل الوجبات أو استهلاك أطعمة غير مناسبة، بالإضافة إلى تعرّض وسائل كسب العيش للانهيار أو التلف الشديد.

انعدام الأمن الغذائي

ويعني دخول المرحلة الثالثة من التجويع في غزة أن جزءا كبيرا من السكان يعيشون على حافة الجوع الشديد، وأن كثيرا منهم يعانون من فجوات حادة في الغذاء، ويضطرون إلى استخدام وسائل ضارة للبقاء، وهم معرضون لمجاعة إن لم يتم التدخل فورا، كما سيصبح الوضع مرشحا للانحدار السريع إلى المرحلة الرابعة (الطارئة) ثم إلى الخامسة (المجاعة) ما لم تُنفذ تدخلات عاجلة.

وتترافق المرحلة الحالية مع انهيار الخدمات الصحية، والنقص الحاد في مياه الشرب والدواء، وعجز السكان عن شراء أو حتى الوصول إلى الطعام، وانتشار وفيات كثيرة بسبب الجوع، خصوصا بين الأطفال، الأمر الذي يتطلب استجابة إنسانية فورية واسعة النطاق.

وشدد أبو سلمية في حديثه للجزيرة نت على أن قطاع غزة قد "دخل مرحلة غاية في الصعوبة من التجويع المتعمد من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بعد أكثر من 4 أشهر من عدم دخول أي نوع من المواد الغذائية التي تحتوي على الفيتامينات والبروتينات والأملاح المعدنية والأدوية والمستلزمات الطبية".

إعلان

كما أصبح سوء التغذية هو المفهوم السائد في قطاع غزة بعد أن كان يشمل فئة الأطفال، لكن اليوم باتت جميع المراحل العمرية ضمن هذا المفهوم، حسب وصفه.

وبحسب إحصائية وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن عدد الذين يعانون من سوء التغذية من الأطفال قبل فبراير/شباط الماضي بلغ 1600 طفل، في حين زاد العدد إلى 6500 طفل في يوليو/تموز الماضي، أي بزيادة بلغت 2.5%.

40 ألف طفل رضيع لا تتجاوز أعمارهم عاما واحدا على حافة الموت جوعا بسبب انعدام حليب الأطفال (الأمم المتحدة)مراحل التجويع

يصنف مقياس التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (آي بي سي) مستويات المجاعة وانعدام الأمن الغذائي إلى 5 مراحل:

الأولى: الحد الأدنى، وتكون فيها نسبة سوء التغذية الحاد أقل من 5%، ولا تشكل خطرا على الحياة العامة. الثانية: الضغط، وتكون فيها نسبة سوء التغذية الحاد من 5-10%، وتعني صعوبات اقتصادية يمكن تداركها مع إدخال المواد الغذائية، ولكن لا يوجد تهديد مباشر بالمجاعة. الثالثة: الأزمة، وتكون فيها نسبة سوء التغذية الحاد من 10-15%، وهي تتطلب تدخلا إنسانيا عاجلا بسبب النقص الحاد في الغذاء، ويحتاج السكان فيها إلى مساعدات عاجلة حتى لا تتفاقم المشكلة. الرابعة: الطارئة، وهي مرحلة خطيرة تكون فيها نسبة سوء التغذية من 15-29%، وتشكل تهديدا مباشرا لحياة الناس، خاصة الأطفال. الخامسة: المجاعة، وهي أخطر المراحل، وتكون فيها نسبة سوء التغذية 30% فما فوق، وتسبب وفيات جماعية بسبب الجوع وسوء التغذية.

وأشار أبو سلمية الى أن المرحلة الثالثة تشمل الأغلبية العظمى من السكان في غزة، كما أن بعض المناطق وصلت فعليا إلى المرحلة الرابعة، وتنذر بخطر كبير يهدد حياة الناس والأطفال الذين سيعانون نتيجتها من انعدام حاد في الأمن الغذائي، وسيحتاجون إلى مساعدات فورية.

ووفقا لمنهجية برنامج الأغذية العالمي الخاصة بالسكان الذين يواجهون المرحلة الثالثة من المجاعة، فإن سكان قطاع غزة يصنفون عالميا الأعلى خطرا في معدلات الجوع وانعدام الأمن الغذائي الحاد والشديد بنسبة 100%.

أرقام صادمة

يعتبر سوء التغذية -خصوصا لدى الأطفال- مرضا أو عرضا لا يمكن علاجه بشكل سريع، ويحتاج الى أشهر طويلة من أجل إعادة التأهيل، خاصة الذين يحتاجون للطعام في مراحل وأيام نموهم العمرية الأولى.

وفي هذا السياق، يؤكد أبو سلمية أن 40 ألف طفل رضيع لا تتجاوز أعمارهم عاما واحدا على حافة الموت جوعا بسبب انعدام حليب الأطفال.

وأضاف أنهم إذا فقدوا الغذاء فستكون هناك تداعيات خطيرة على حياتهم، مثل أمراض القلب والتنفس وأمراض الجهاز الهضمي، وسيتعرضون لمشاكل في النواحي الإدراكية كالانطوائية والتبول اللاإرادي، والنواحي البنيوية في الجسم كالشلل والتقزم.

كما أنه يعرّض النساء الحوامل إلى مشاكل كبيرة، كفقر الدم وانخفاض الأملاح في الجسم، والولادة قبل موعدها، وإنجاب أطفال مشوهين ومعرضين للموت.

وألمح أبو سلمية إلى وجود 60 ألف سيدة حامل معرضة لخطر انعدام الرعاية الصحية، بالإضافة إلى حالات كثيرة من مرضى الكلى والسكري الذين يحتاجون إلى غذاء معين، وهم معرضون لخطر الموت بسبب نقص البوتاسيوم.

إعلان

ووفقا لتقارير وبيانات حكومية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد سجلت مستشفيات قطاع غزة وفاة 154 فلسطينيا جراء الجوع وسوء التغذية، بينهم 89 طفلا استشهدوا بفعل النقص الحاد في الغذاء والحليب العلاجي.

الثوابتة: سلطات الاحتلال الإسرائيلي تدير مجاعة جماعية بوعي وإصرار (الجزيرة)

وأشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن ثلثي السكان في غزة يحصلون فقط على وجبة واحدة يوميا بالكاد تسد رمقهم، في حين يعيش الثلث الآخر على شبه وجبة كل 48 ساعة، كما أن هناك شريحة واسعة لا تستطيع الحصول على أي وجبة طعام لأيام متتالية، مما يعرّضهم لخطر المجاعة الحادة والموت البطيء.

واعتبر المدير العام للمكتب إسماعيل الثوابتة أن قطاع غزة يمر بمرحلة إنسانية بالغة الخطورة وغير مسبوقة في التاريخ الفلسطيني، بل والعالمي.

وقال الثوابتة للجزيرة نت إن "دخول قطاع غزة المرحلة الثالثة من الجوع يعني عمليا أن سكانه باتوا في قلب مجاعة جماعية تديرها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوعي وإصرار كأداة من أدوات الإبادة الجماعية، وكل المؤشرات تنذر بانهيار شامل، إن لم يتوقف الحصار فورا وتُفتح المعابر أمام الغذاء والدواء".

مقالات مشابهة

  • المقاومة تستهدف مقر قيادة للعدو الصهيوني في خان يونس
  • ماذا يعني دخول قطاع غزة المرحلة الثالثة من التجويع؟
  • سرايا القدس تعلن استهداف مقر قيادة للاحتلال بخان يونس
  • الوداع الأخير.. طفل يلوح لجثامين في جنازة بخان يونس وسط مأساة إنسانية متصاعدة
  • إيطاليا تقدم 3 ملايين يورو لتعزيز القطاع الصحي في سوريا
  • الاحتلال ينسف عددًا من المباني في حي الأمل شمالي خان يونس
  • حظر شامل لاستخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة.. وغرامات تصل لـ 600 ألف ريال-عاجل
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في قطاع غزة
  • الجزائر تفتك عضوية أول مكتب تنفيذي للمنظمة العالمية لشباب حركة عدم الانحياز
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في غزة