القرار الذي اتخذه الجيش السوداني بإرسال وفد إلى القاهرة للتشاور مع المبعوث الأميركي توم بيرييلو يأتي في سياق شديد التعقيد ويعكس عدة نقاط مهمة في الديناميات السياسية والعسكرية الحالية في السودان. دعونا نحلل هذا القرار من عدة زوايا

الضغوط الدولية والاستجابة لها
من الواضح أن هناك ضغوطًا دولية قوية على الجيش السوداني للمشاركة في الحوار والمفاوضات من أجل إنهاء النزاع المسلح في السودان.

هذه الضغوط تأتي من الولايات المتحدة ودول أخرى، وتشمل تهديدات بعقوبات دولية وحظر الطيران، مما يزيد من عزلة النظام الحاكم إذا لم يلتزم بالمشاركة في المفاوضات.
قرار الجيش بالذهاب إلى القاهرة بعد رفضه المشاركة في مفاوضات جنيف يشير إلى نوع من الخضوع لهذه الضغوط، وإن كان بطريقة تحفظ ماء الوجه، حيث يختار الجيش القاهرة كمنبر بديل للتشاور مع الولايات المتحدة.

تجنب العزلة الدولية
يدرك الجيش السوداني أن عدم المشاركة في المفاوضات سيؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية وربما فرض عقوبات صارمة، وهو ما قد يضعف موقف الجيش أكثر. لذلك، فإن الذهاب إلى القاهرة يمكن اعتباره محاولة لتجنب هذه العزلة، مع الحفاظ على بعض السيطرة على شروط المفاوضات.
المخاوف من الدعم الشعبي لقوات الدعم السريع:
من القضايا المحورية التي تؤرق الجيش هو الدعم الشعبي الذي قد تحظى به قوات الدعم السريع، رغم الانتهاكات التي ارتكبتها. المشاركة في المفاوضات من خلال منبر مختلف قد يكون وسيلة لمحاولة تقليل تأثير هذا الدعم والتفاوض على شروط أكثر ملائمة للجيش.

التكتيك العسكري والسياسي
رفض الجيش الجلوس مع قوات الدعم السريع في جنيف دون تنفيذ مخرجات اتفاق جدة يعكس رغبة الجيش في فرض شروطه قبل الدخول في مفاوضات شاملة. هذا التكتيك يظهر أن الجيش يحاول الحفاظ على موقفه التفاوضي القوي، مع السعي إلى كسب الوقت لتعزيز موقفه على الأرض.
القاهرة تعتبر حليفًا استراتيجيًا للجيش السوداني، وقد تكون المحادثات في القاهرة بمثابة تحرك تكتيكي لتعزيز الدعم المصري لمواقف الجيش، وهو ما قد ينعكس إيجابًا في مفاوضات جنيف المستقبلية.

رؤية دولية وإقليمية مشتركة
يبدو أن هناك تقاربًا في الرؤية بين الولايات المتحدة ومصر فيما يتعلق بالحل في السودان، مما قد يعزز من فرص الوصول إلى اتفاق يحظى بدعم إقليمي ودولي واسع. هذا التقارب قد يفسر أيضًا اختيار القاهرة كموقع لهذه المشاورات.

تحليل لمفاوضات القاهرة
المفاوضات المرتقبة في القاهرة قد تركز على تنفيذ مخرجات اتفاق جدة، بما في ذلك وقف إطلاق النار، وتسهيل المساعدات الإنسانية، وتحديد الدور السياسي لقوات الدعم السريع.
من المحتمل أن تستغل الحكومة السودانية هذه المفاوضات لمحاولة بناء توافق دولي حول موقفها، وفي الوقت نفسه تعمل على تقليل الضغوط من الداخل والخارج.
الدور المصري سيكون حاسمًا في هذه المفاوضات، حيث ستحاول القاهرة توجيه النقاشات بطريقة تدعم استقرار السودان بشكل يتماشى مع مصالحها الإقليمية.
القرار بالذهاب إلى القاهرة يعكس تكيف الجيش السوداني مع الضغوط الدولية والخوف من العزلة، ولكنه أيضًا جزء من استراتيجية معقدة لتحسين موقفه التفاوضي وكسب الوقت. المفاوضات في القاهرة ستشكل خطوة مهمة في تحديد مسار الأزمة السودانية، وستكون اختبارًا لقدرة الجيش على الحفاظ على مواقفه وسط الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الجیش السودانی الضغوط الدولیة الدعم السریع إلى القاهرة

إقرأ أيضاً:

التلفزيون العبري: الجيش الإسرائيلي يقع في فخ “الواتساب” ويكشف أسراره بيده

إسرائيل – أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية إن تطبيق “واتساب”، تحول داخل الجيش الإسرائيلي إلى قناة رئيسية لتبادل معلومات حساسة وسرية، دون وجود ضوابط أو رقابة فعّالة.

وأضافت القناة العبرية أن هذا الواقع يمثّل ثغرة أمنية خطيرة يستغلها العدو بكل سهولة.

وأشارت القناة الـ 12 إلى أنه في الوقت الذي يفرض فيه جيش الاحتلال قيوداً مشددة على استخدام الهواتف الذكية التي تعمل بنظام “أندرويد”، ويصادر من كبار الضباط هواتف صينية خشية التجسس، فإنه في المقابل يسمح باستخدام “واتساب” لتبادل تفاصيل حيوية تشمل جداول الحراسة، أوقات الاجتماعات السرية، تواريخ التجنيد، تحركات الوحدات، بل وحتى تسجيلات مصورة من قلب مسرح العمليات.

ولفتت القناة الإسرائيلية إلى أن خبراء في مجال السيبراني والمخابرات يحذرون منذ سنوات من أن “الأسرار الكبرى ليست ما يهم العدو بقدر ما يهمه المعلومات التكتيكية الحية”، مشيرة إلى أن هذا النوع من البيانات ينسكب يومياً عبر مجموعات “واتساب” ضخمة يشارك فيها مئات الأشخاص، من بينهم من أنهوا خدمتهم العسكرية منذ وقت طويل.

وأكدت القناة العبرية أن هذا الوضع ليس جديداً، إذ سبق أن كشفت صحيفة “غلوبس” في تقرير سابق، بتاريخ قريب من بداية الحرب على غزة، كيف أن إدارة العمليات العسكرية برمتها كانت تتم في كثير من الوحدات عبر “واتساب”، بدءاً من ترتيبات التجنيد ووصولاً إلى إرسال صور وفيديوهات من الميدان. ورغم مرور عامين على اندلاع الحرب، فإن شيئاً لم يتغير، بل إن الاعتماد على التطبيق زاد سوءاً، ما يعكس غياباً تاماً للتعلّم من التحذيرات المتكررة.

وختمت القناة العبرية بالقول إن إسرائيل في عام 2025 لم تعد بحاجة إلى تقنيات متطورة لجمع المعلومات، بل يكفي أن يكون المرء عضواً في مجموعة “واتساب” عسكرية خاطئة ليحصل على كل ما تريده حماس وأعداء آخرون.

المصدر : القناة 12 الإسرائيلية

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء السوداني: قصف محطة كهرباء الروصيرص بولاية النيل الأزرق خرق واضح للأعراف والقوانين الدولية
  • الشرع: سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة في جنوب سوريا “يدخلنا في مكان خطر”
  • العفو الدولية: المجتمع الدولي ابتعد عن مساءلة “إسرائيل” ولم يعد يركز على غزة
  • الدعم السريع تتهم الجيش بقصف معبر أدري مع تشاد بطائرات مسيّرة وسلاح الجو السوداني يعلن إستهداف وتدمير شاحنات عتاد عسكري وأسلحة لقوات حميدتي
  • عاجل .. رئيس الوزراء السوداني يلغي قرار إيقاف “لينا يعقوب ” مديرة مكتب قناتي العربية والحدث .. في اتصال هاتفي
  • الدعم السريع: استهداف الجيش السوداني لـ «معبر أدري» يعيق تدفق المساعدات الإنسانية
  • بعد تعثر جهود وقف إطلاق النار .. أمريكا تدرس فرض عقوبات أوسع على الجيش السوداني و الدعم السريع
  • بعد عثر جهود وقف إطلاق النار .. أمريكا تدرس فرض عقوبات أوسع على الجيش السوداني و الدعم السريع
  • التلفزيون العبري: الجيش الإسرائيلي يقع في فخ “الواتساب” ويكشف أسراره بيده
  • من الضغوط العسكرية الى المفاوضات... والأمور بخواتيمها!