"في الوقت الذي تستمتع فيه كامالا هاريس -نائبة الرئيس الأميركي ومرشحة الحزب الديمقراطي– بصيفها الحار وتتنفس أميركا الليبرالية الصعداء، يتعين على الولايات المتحدة أن تنظر إلى بريطانيا ومثيري الشغب في الشوارع والسيارات المحترقة والعنصرية المعدية التي لا يمكن احتواؤها والتي تنتشر كالنار في الهشيم عبر منصات متعددة، وإلى الأكاذيب التي تضخّمها وتنشرها الخوارزميات ويقوم بغسلها وتبييضها السياسيون والمحتالون المحترفون في وسائل الإعلام".

بهذه الفقرة ربطت صحيفة "الغارديان" بين اقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن وتهديد حشد المتمردين لنائب الرئيس بحبل المشنقة عام 2020، وبين الأحداث العنصرية التي اجتاحت المملكة المتحدة في الأسابيع الماضية، قبل 3 أشهر من الانتخابات الأميركية مع احتمال طعن الملياردير والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في النتائج واعتراضه على مستوى الديمقراطية المبالغ فيه، حسب اعتقاده.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: بهذه الطريقة يمكن لهاريس تغيير سياسة بايدن تجاه إسرائيلlist 2 of 2الخدمة السرية: أعباء أمن ترامب أعلى من أي رئيس سابقend of list

وقالت الكاتبة كارول كادوالادر -في تقريرها للصحيفة- إن منصات التكنولوجيا في عام 2020 اهتمت بالأحداث، فوظف موقع تويتر أكثر من 4 آلاف شخص في "الثقة والأمان" مكلفين بإزالة المحتوى الخطير من المنصة واكتشاف عمليات النفوذ الأجنبي، كما حاول موقع فيسبوك تجاهل الضغوط العامة ولكنه حظر في نهاية المطاف الإعلانات السياسية التي تسعى إلى "نزع الشرعية عن التصويت".

مكان مختلف وأسوأ بكثير

ومن جهة أخرى، عمل عشرات الأكاديميين والباحثين في وحدات "نزاهة الانتخابات" على تحديد المعلومات المضللة الخطيرة والإبلاغ عنها. ورغم ذلك ظلت شرائح واسعة من السكان الأميركيين مقتنعة بأن التصويت قد سُرِق، وأن حشدا عنيفا كاد أن ينجح في تنفيذ انقلاب، وها نحن اليوم في مكان مختلف تماما وأسوأ بكثير، كما تقول الكاتبة.

وكما كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تنبأ بانتخاب دونالد ترامب عام 2016، فهناك علامات تشير إلى أننا مرة أخرى أمام الأنماط نفسها والأدلة نفسها والأرقام نفسها، ولكن مع مجموعة كاملة جديدة من نقاط الضعف التكنولوجية الخطيرة وغير الخاضعة للرقابة والتي يمكن استغلالها.

صحيح أن الشوارع الآن هادئة وأن العنف تم سحقه، ولكن هذا في بريطانيا حيث العنف السياسي يعني شخصا يحمل حجرا أو يلقي بكرسي، أما في الولايات المتحدة فأسلحة أوتوماتيكية ومليشيات فعلية. وبغض النظر عن مدى نجاح هاريس في استطلاعات الرأي، تواجه أميركا لحظة خطيرة فريدة، أيا كان الفائز في الانتخابات.

ففي بريطانيا، شهدنا هذا الصيف شيئا جديدا وغير مسبوق، كما تقول الكاتبة. رأينا مليارديرا مالك منصة تقنية يواجه زعيما منتخبا علنا ويستخدم منصته لتقويض سلطته والتحريض على العنف، ومن ثم كانت أعمال الشغب في صيف 2024 في بريطانيا بمنزلة بالون اختبار نفذه إيلون ماسك.

وتساءلت كارول كادوالادر: كيف سيبدو الأمر إذا اختار ماسك "التنبؤ" بحرب أهلية في الولايات المتحدة، واختار الطعن في نتيجة الانتخابات وقرر أن الديمقراطية مبالغ في تقديرها؟

وعلقت الكاتبة بأنه بعد عام 2016، كانت هناك محاولة لفهم استخدام المنصات التقنية لنشر الأكاذيب والمعلومات المضللة، ولكن الجهود التي استمرت سنوات من قبل عملاء الحزب الجمهوري لتسييس موضوع "المعلومات المضللة" فازت بالكامل.

الفوضى قادمة

والآن انطلقت لجنة في الكونغرس برئاسة الجمهوري جيم جوردان، مقتنعة بأن شركات التكنولوجيا الكبرى تعمل على إسكات الأصوات المحافظة، واستدعت تاريخ البريد الإلكتروني لعشرات الأكاديميين وأوقفت مجالا كاملا من الأبحاث، وبالفعل انهارت أقسام جامعية بأكملها، ومنها مرصد الإنترنت في جامعة ستانفورد الذي قدمت "وحدة نزاهة الانتخابات" فيه الكشف السريع والتحليل في عام 2020.

وحتى مكتب التحقيقات الفدرالي مُنع من التواصل مع شركات التكنولوجيا بشأن ما حذر المسؤولون من أنه هجوم قادم من التضليل الأجنبي وعمليات التأثير. وكل هذا -حسب الصحيفة- وفر الغطاء المثالي لتراجع المنصات، فقد طردت شركة تويتر التي أصبحت الآن "إكس" نصف فريق الثقة والسلامة على الأقل، كما تم تسريح آلاف من العمال الذين وظفتهم سابقا شركات ميتا وتيك توك وسناب وديسكورد للتعرف على المعلومات المضللة.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أوقفت شركة فيسبوك إحدى أدوات الشفافية المتبقية الأخيرة، وهي أداة كانت حاسمة في فهم ما كان يحدث عبر الإنترنت خلال الأيام المظلمة قبل تنصيب عام 2020 وبعده، وذلك رغم توسلات الباحثين والأكاديميين.

ومع أن هذه الجهود بدت في عام 2020 بائسة وتافهة وغير كافية بسبب حجم التهديد، فإنها الآن اختفت مع أن الأدوات أصبحت أكثر خطورة، لكن ما فعله "اللورد الجديد" إيلون ماسك هو تمزيق القناع بحيث أظهر أنه ليس عليك حتى التظاهر بالاهتمام، فالثقة في عالمه هي عدم الثقة والسلامة هي الرقابة، وهدفه هو الفوضى، وهي قادمة، حسب الكاتبة كارول كادوالادر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات فی بریطانیا عام 2020

إقرأ أيضاً:

WSJ: اعتراف بريطانيا وفرنسا بدولة فلسطين يفتح الباب أمام تحولات غربية أوسع

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير مشترك أعدّه مدير مكتبها في لندن ديفيد لوهنو، ومراسلوها في برلين و"تل أبيب"، أن خطوات بريطانيا وفرنسا المتسارعة نحو الاعتراف بدولة فلسطينية قد تدفع مزيداً من الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة إلى سلوك المسار ذاته، في مؤشر على تصدعات متزايدة في جبهة الدعم التقليدي للاحتلال الإسرائيلي داخل الغرب.

وأكد التقرير أن الاعتراف الرمزي بدولة فلسطين لن يُحدث تحولاً عملياً مباشراً على الأرض في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه يعكس انحرافاً استراتيجياً كبيراً في الموقف الغربي، الذي كان يعتبر دعم "إسرائيل" مسألة ثابتة غير قابلة للتفاوض.

ويأتي هذا التحول في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلّف عشرات آلاف الضحايا المدنيين، وتسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة، ما دفع الرأي العام في عدد من الدول الغربية إلى الضغط على حكوماته لاتخاذ مواقف أكثر توازناً.


فرنسا وبريطانيا.. وكندا على الطريق
وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعلن، الثلاثاء الماضي، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين بحلول أيلول/ سبتمبر المقبل، ما لم يقدِم الاحتلال الإسرائيلي على خطوات "جوهرية" لإنهاء الحرب في غزة، وذلك بعد أيام فقط من إعلان فرنسي مشابه. وأوضحت الصحيفة أن باريس تعمل بفعالية على حشد دول أخرى للاعتراف بفلسطين، وقد بدأت جهودها تؤتي ثمارها.

وفي هذا السياق، قالت الحكومة الكندية إنها تنوي الاعتراف بفلسطين بشرط إجراء السلطة الفلسطينية إصلاحات حكومية وتنظيم انتخابات عامة في عام 2026، يُستبعد فيها أي دور لحركة حماس.

كما وقعت 15 دولة، بينها كندا، على رسالة مشتركة في الأمم المتحدة أعربت فيها عن "الاستعداد" أو "النظر بإيجابية" نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في محاولة لإحياء حل الدولتين كخيار سياسي واقعي.
وفي خطوة غير مسبوقة، دعت دول عربية وإسلامية، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي ودول كاليابان والمكسيك، حركة حماس إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، والتخلي عن السيطرة على غزة، ونزع سلاحها، ضمن مساعٍ لمعالجة الهواجس الأمنية الإسرائيلية.

تحول في مواقف الحلفاء التاريخيين
اعتبرت الصحيفة أن انضمام فرنسا وبريطانيا وهما قوتان نوويتان وعضوان دائمين في مجلس الأمن إلى قائمة المعترفين بفلسطين، يمثل لحظة فارقة في تآكل الدعم الغربي لإسرائيل. وقال محللون إن مثل هذا القرار قد يطلق "تأثير الدومينو"، مع احتمالية تحرك مزيد من الدول الأوروبية والغربية في الاتجاه ذاته.

وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن هذا التحول يعكس أيضاً أزمة ثقة متزايدة داخل النخب السياسية الأوروبية تجاه الحكومة الإسرائيلية اليمينية، خاصة مع تصاعد الدعوات لضم أجزاء من غزة، واستمرار الاستيطان في الضفة الغربية، وتزايد الانتهاكات ضد المدنيين الفلسطينيين.


تل أبيب: الدولة الفلسطينية "منصة لإبادة إسرائيل"
في المقابل، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطوة الفرنسية البريطانية، قائلاً إن "إقامة دولة فلسطينية في هذه الظروف ستشكل منصة لإبادة إسرائيل، وليس للعيش إلى جانبها بسلام". وشاركت شخصيات من المعارضة الإسرائيلية الغضب ذاته، محذّرة من تداعيات الاعتراف على مكانة إسرائيل الدولية.

وبينما تتمسك الولايات المتحدة حتى الآن بموقفها الرافض للاعتراف بدولة فلسطينية خارج إطار اتفاق شامل، حذرت إدارة الرئيس دونالد ترامب من أن مثل هذا الاعتراف سيُعد "مكافأة لحماس"، حسب تعبير ترامب.

وفي السياق ذاته، أعربت كل من ألمانيا والنمسا عن تحفظهما إزاء أي خطوة يمكن أن تُفسر على أنها تقويض لأمن إسرائيل، فيما تسعى بروكسل إلى تجميد استفادة الشركات الإسرائيلية من برنامج "هورايزون" للأبحاث، البالغة قيمته 100 مليار يورو، لكن ألمانيا تعرقل حتى الآن هذا التوجه.

الضغوط تتصاعد.. ودعم الاحتلال لم يعد مضموناً
قال محللون إن هذا التحول لا يزال رمزياً، لكنه يرسم معالم تغير جوهري في خارطة الدعم الدولي للاحتلال الإسرائيلي. فالعقوبات المفروضة على وزراء إسرائيليين متطرفين، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، تُظهر جدية الغضب الأوروبي من سياسات الاحتلال والتمييز، خاصة في ملف الاستيطان وضم الأراضي.

ويرى خبراء أن هذه الخطوات قد تدفع باتجاه مزيد من الاعترافات الدولية بفلسطين، ما من شأنه أن يسهّل انضمامها إلى منظمات دولية أوسع، على غرار ما جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012، والتي منحت فلسطين صفة "دولة غير عضو"، ثم رفعتها إلى "دولة مراقبة دائمة" عام 2024، لولا اعتراض الولايات المتحدة على العضوية الكاملة في مجلس الأمن باستخدام الفيتو.


تغير في الموقف الأوروبي بعد عقد من الجمود
لفت التقرير إلى أن التغيرات المتسارعة في الموقف الغربي جاءت نتيجة تراجع الثقة في نوايا "إسرائيل" السياسية، إذ تنامى الاعتقاد في الأوساط الأوروبية بأن حكومة نتنياهو ترفض فعلياً حل الدولتين، بل تدفع نحو ضم أراضٍ إضافية، وتستخدم العنف المفرط ضد الفلسطينيين.

وفي كلمته خلال مؤتمر أممي في نيويورك، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي: "رفض حكومة نتنياهو لحل الدولتين هو خطأ أخلاقي واستراتيجي، يضر بمصالح الشعب الإسرائيلي، ويغلق الطريق أمام سلام عادل ودائم".

ويخضع ستارمر لضغوط متزايدة داخل حزب العمال، حيث دعا أكثر من 130 نائباً، بينهم وزراء، إلى الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، وهو ما تؤيده غالبية الرأي العام البريطاني، بحسب استطلاع حديث أظهر تأييد 45% من البريطانيين للاعتراف، مقابل معارضة 14%.

يخشى دبلوماسيون إسرائيليون من أن يؤدي الاعتراف الأوروبي بفلسطين إلى تقويض قدرة الغرب على فرض شروط على الدولة الفلسطينية المستقبلية، مثل نزع السلاح، وضبط الحدود، وحل قضية اللاجئين.

وقال دبلوماسي إسرائيلي كبير للصحيفة: "هذا يعطي الفلسطينيين – وحماس – شعوراً بأنهم غير مطالبين بفعل شيء مقابل هذا الاعتراف، وأن كل ما يفعلونه يصب في مصلحتهم".

وتتجه أوروبا نحو تغيير في التوازن الدبلوماسي التاريخي بشأن القضية الفلسطينية، مدفوعة بانهيار الوضع الإنساني في غزة وتآكل الثقة في سلوك الحكومة الإسرائيلية. وقد يكون هذا الاعتراف خطوة رمزية، لكنه يحمل في طياته تحولات استراتيجية، قد تقود إسرائيل إلى عزلة متزايدة حتى وسط أقرب حلفائها الغربيين. 

مقالات مشابهة

  • إعلام أمريكي: إيلون ماسك ينفق 15 مليون دولار لاستعادة علاقته مع ترمب
  • مميزات تطبيق XChat من إيلون ماسك.. هل يمكنه منافسة واتساب وتيليجرام؟
  • إيلون ماسك يدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى تفكيك التكتل
  • ما علاقة إيلون ماسك بصعود شخصيات اليمين المتشدد في أوروبا؟
  • بريطانيا تجدد دعمها للحكومة اليمنية وجهود الإصلاح الاقتصادي
  • نيورالينك التابعة لإيلون ماسك تُجري أولى تجاربها السريرية لزرع رقائق دماغية في بريطانيا
  • ما هي الدول التي تغيرت رسومها الجمركية منذ إعلان ترامب في يوم التحرير؟
  • WSJ: اعتراف بريطانيا وفرنسا بدولة فلسطين يفتح الباب أمام تحولات غربية أوسع
  • الرئيس السيسي يشيد بتوجه بريطانيا لـ الاعتراف بـ دولة فلسطين
  • الغارديان: الآن الوقت المناسب للتحرك الغربي بشكل حاسم بشأن مجاعة غزة