مبادرات المصالحة مع السيسي ما بين الساذج والمتوهم
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
تظهر من حين لآخر دعوات تطالب جماعة الإخوان المسلمين المصرية بالتقدم بمبادرة للمصالحة مع النظام في القاهرة عسى أن يمهد ذلك سبيلاً لإطلاق سراح عشرات الآلاف من المعتقلين، ولطي صفحة مؤلمة في تاريخ مصر المعاصر. قد تصدر هذه الدعوات عن أعضاء في جماعة الإخوان أو عن أفراد مقربين من الحركة أو عن آخرين ممن يشفقون على مصر وأهلها استمرار هذا الحال.
تبلغ السذاجة ببعض المبادرين أن يقترح على جماعة الإخوان المسلمين اعتزال العمل السياسي وعدم المنافسة على السلطة بأي شكل من الأشكال
إن من السذاجة ألا يرى المرء أن النظام في مصر لا يعير أياً من هذه المبادرات أي اهتمام، سواء جاءت من قبل الإخوان أو من قبل غيرهم. فهو لا يشعر بحاجته إلى تقديم أي تنازلات لخصومه أو منتقديه مهما كانت تنازلاتهم له كبيرة. فالنظام الذي تمكن من الانقلاب على الديمقراطية بتمويل خليجي ورعاية أوروبية أمريكية، ومضى ليبطش بكل من اعتبرهم خصوماً له وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين، والذي مازال رغم كل جرائمه ضد الإنسانية يتمتع بدعم إقليمي ودولي حاسم، ويحظى بغطاء سياسي ودبلوماسي عالمي (وصهيوني بالدرجة الأولى)، لا يجد نفسه محتاجاً لمصالحة أحد من المصريين، ناهيك عن أن يشركهم معه في إدارة شؤون البلاد، سواء كانوا من الإخوان أو من غيرهم.
لا ريب أن كل من غُيّب له وراء القضبان أو شُرّد له في الأرض قريب يعز عليه، يتمنى لو أنه يتمكن من إيجاد وسيلة تفضي إلى تحرير أسيره أو لم شمله على عزيزه، لكن التمني شيء والتوهم شيء آخر. ومن التوهم الظن بأن الأنظمة الطاغوتية تنظر بعين العطف أو الشفقة إلى المكلومين والمحرومين والمستضعفين، وأنها يمكن أن تعيد النظر في أسلوب تعاملها معهم ما لم تتغير موازين القوة بما يكفي لأن تصبح مضطرة إلى التغيير.
تبلغ السذاجة ببعض المبادرين أن يقترح على جماعة الإخوان المسلمين اعتزال العمل السياسي وعدم المنافسة على السلطة بأي شكل من الأشكال، وكأنما هو ضامن لها بذلك حتمية تجاوب النظام مع هذا التنازل، وكأنما المشكلة منحصرة في الخصومة بين الجماعة والنظام. والحقيقة هي أن المشكلة في أصلها ليست بين النظام وفئة بعينها، بل بين نظام مستبد جائر وجل أبناء الشعب المصري، الذين سلبوا حقوقهم، ومنها حقهم في اختيار من يحكمهم، وصودرت حرياتهم، ومنها حريات التعبير والحركة والتجمع، وباتوا جميعاً رهائن لدى عصابة استولت على الحكم دون وجه حق، عصابة لا ترقب في مصري، مسلم أو قبطي، إسلامي أو علماني، إلّا ولا ذمة.
إن الطاغية المتمكن لا يقبل من أحد من الناس في بلده أقل من الخنوع والخضوع. ولطالما حاول أشخاص وحاولت أطراف حسنة النوايا مع نظام حافظ الأسد في سوريا، الذي جاء بانقلاب عسكري وجثم على صدور السوريين إلى أن مات، ومن بعده مع نظام ابنه الذي وُرّث السلطة ظلماً وعدواناً، فخاب رجاؤهم وعادوا بخفي حنين، لأن النظام كان دوماً يصر على وجوب أن يقر ضحاياه بأنهم المذنبون، وعلى أن يأتوا إليه تائبين طائعين مبايعين، وعلى أن يعلنوا براءتهم من الجماعة التي كانوا يوماً إليها ينتسبون.
وإخوان مصر كما إخوان سوريا لم يكونوا هم من بادر بالإساءة أو العدوان، بل كانوا دوماً يناضلون من أجل الحرية والكرامة لهم ولكل واحد من أبناء الوطن المغتصب، فسامهم الطاغية العذاب، فاعتقل وقتل وشرد منهم الآلاف المؤلفة، ثم يأتي من بعد ذلك ويطلب منهم التوبة والاعتذار والولاء.
اقرأوا التاريخ، ولسوف تجدون أنه لم يحدث في تاريخ البشر أن انتصرت أمة على من قهرها وأذلها، أو استعبدها، إلا بالتضحيات الجسام
يتوهم من يظن أن نظام السيسي في مصر يمكن أن يقبل بأقل من ذلك، وقد رأينا كيف تعامل مع من قرروا العودة من المهاجر إلى الوطن، فإما أنهم زُجّ بهم في السجون، أو رضخوا لما طُلب منهم فتحولوا إلى أبواق للنظام، ينشرون الكذب والافتراءات ضد ضحاياه، ويبررون جرمه وإفساده، ويطعنون في الظهر كل من أحسن إليهم في منافيهم.
ليس مستغرباً من فرد فترت عزيمته، ونال منه الإرهاق، أن يساوم كما يشاء، رجاء أن يُسمح له بحياة ما، حتى لو كانت مهينة غير كريمة. ولكن لا يجوز بحال أن تفكر بشيء من ذلك قيادة حركة اجتماعية سياسية نذرت نفسها ابتداءً لغاية سامية ولخدمة قضية نبيلة، ألا وهي النضال من أجل حرية الأمة وكرامتها وسيادتها.
إن الذين يظنون أن الحرية والكرامة يمكن أن تُهدى إليهم على طبق من فضة أو طبق من ذهب يتوهمون. اقرأوا التاريخ، ولسوف تجدون أنه لم يحدث في تاريخ البشر أن انتصرت أمة على من قهرها وأذلها، أو استعبدها، إلا بالتضحيات الجسام.
من لا يقدر على تحمل تبعات الانتصار للحق والعدل فهذا شأنه، أما الفكرة، أما القضية، فسوف يبعث الله لها من يحمل رايتها، وينتصر لها، ويعتز بها. "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم."
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصرية الانقلاب السيسي مصر السيسي انقلاب الاخوان المسلمين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الإخوان المسلمین
إقرأ أيضاً:
من هو رضا بهلوي؟.. الإسم القادم لحكم إيران اذا سقط نظام الملالي
عاد اسم رضا بهلوي، نجل شاه إيران الراحل، ليتصدر المشهد السياسي من جديد، مثيراً تساؤلات واسعة حول إمكانية أن يكون "رجل المرحلة القادمة" في إيران وفرضه بالقوة في حال إنهار النظام.
ومنذ سنوات عديدة يسعى بهلوي إلى تقديم نفسه كزعيم معارض قادر على مقارعة النظام الإيراني الحالي، مستنداً إلى إرث عائلته ومكانته لدى بعض أطياف الجالية الإيرانية في الخارج.
لكن هذا الطموح القديم يصطدم بعدة عوائق معقدة، تجعل من تحقيقه أمراً بالغ الصعوبة. فمن جهة، يُنظر إلى رضا بهلوي باعتباره مدعوماً من أطراف غربية وإسرائيلية، وهو ما يضعف مصداقيته لدى شريحة واسعة من الإيرانيين الذين يرفضون أي تدخل أجنبي في شؤون بلادهم.
ومن جهة أخرى، يعاني المشهد المعارض الإيراني من انقسامات حادة، سواء في الداخل أو في المهجر، مما يجعل توحيد الصفوف خلف شخصية واحدة مهمة شبه مستحيلة في الظروف الراهنة.
إضافة إلى ذلك، لا يزال إرث العائلة المالكة يُثقل كاهل رضا بهلوي. فقد حكمت أسرته إيران لنحو ثلاثة عقود، وكان نظام والده، الشاه محمد رضا بهلوي، يوصف على نطاق واسع بأنه استبدادي وقمعي، وهو ما دفع الشعب إلى الإطاحة به خلال الثورة الإيرانية عام 1979.
ويبدو أن هذا الماضي لا يزال حاضراً بقوة في الذاكرة السياسية الإيرانية، ما يطرح تساؤلات حول مدى قبول الشارع بعودة ممثل عن تلك الحقبة إلى واجهة الحكم مجدداً.
وفي أحدث رسالة له وجهها إلى "الشعب الإيراني" خلال الساعات الماضية، قال ولي عهد إيران السابق، رضا بهلوي، إن النظام الإيراني الحاكم قد بلغ نهايته، وإن سقوطه بات وشيكاً، مشيراً إلى أن المرشد الإيراني علي خامنئي "اختبأ تحت الأرض مثل الفأر الخائف وفقد السيطرة على الوضع".
وبشر بمرحلة جديدة وشدد على أن ما بدأه الإيرانيون من حراك لا يمكن إيقافه، قائلاً: "المستقبل مشرق، وسنتجاوز معاً هذا المنعطف التاريخي الحاسم".
وأعرب عن تضامنه مع كافة المواطنين العزل الذين أصبحوا ضحايا لـ"حروب خامنئي وأوهامه"، في إشارة إلى التصعيدات العسكرية الأخيرة الذي تشهده المنطقة.
وأوضح رضا بهلوي أن سقوط النظام سيضع حداً لحرب دامت 46 عاماً ضد الشعب الإيراني، مؤكداً أن الجهاز القمعي للسلطة ينهار بالفعل. وقال: "يكفي انتفاضة شعبية واحدة لإنهاء هذا الكابوس إلى الأبد".
وطمأن الإيرانيين بشأن مستقبل البلاد، وقال "لن تعاني إيران من حرب أهلية أو حالة من الفوضى. لدينا خطة واضحة للمئة يوم الأولى بعد السقوط، تتضمن تشكيل حكومة وطنية وديمقراطية، من الشعب ولأجل الشعب".
وقال إن العديد من أفراد القوات العسكرية والأمنية والحكومية باتوا يراسلونه، مضيفاً أن حالة من التصدّع تسود أركان النظام. وفي نداء مباشر، قال لهم: "لا تقفوا أمام الأمة الإيرانية للحفاظ على نظام بدأ انهياره وأصبح مؤكداً".
ووجّه رضا بهلوي نداءً للعسكريين والأمنيين، قائلاً: "لا تضحوا بأنفسكم من أجل نظام فاسد. أنقذوا أرواحكم بالوقوف إلى جانب الأمة. اضطلعوا بدور تاريخي في مرحلة الانتقال إلى المستقبل، وشاركوا في بناء إيران الجديدة".
وفي تصريحات له قبل يومين دعا بهلوي قوات الأمن الإيرانية إلى الانشقاق عن النظام الحاكم، الذي وصفه بأنه "نظام ديني قمعي"، معرباً عن أمله في أن تؤدي الضربات الإسرائيلية إلى تسريع سقوط الجمهورية الإسلامية.
وشدد على أنه لا يسعى إلى إعادة نظام الشاه أو الملكية، بل يرغب في استخدام اسمه التاريخي لدعم إقامة نظام ديمقراطي علماني يقطع مع السياسات التوسعية والخطابات القومية المتشددة التي أضرت بمصالح إيران، حسب تعبيره.
ووصف ولي العهد السابق النظام الحالي بأنه "فاسد وعاجز"، وأكد أن الحرب الجارية ليست حرب الشعب الإيراني بل حرب "علي خامنئي ونظامه". كما اعتبر أن سقوط النظام لن يتحقق إلا بأيدي الإيرانيين أنفسهم.
وفي حوار مع قناة المشهد حلّل الدكتور حسن هاشميان، الأكاديمي المختص بالشأن الإيراني، شخصية بهلوي، معتبراً أنه يمثل تطلعات شريحة واسعة من الإيرانيين داخل البلاد الذين يسعون لتغيير جذري للنظام.
وأضاف أن رضا بهلوي قد لا يكون "منصَّباً رسمياً"، لكنه يشكل رمزاً أملاً لمرحلة انتقالية محتملة، خاصة في ظل انهيار قدرة النظام على القمع بفعل التحولات الإقليمية.
وأشار هاشميان إلى أن الدعم الذي يحظى به بهلوي من دوائر سياسية في الولايات المتحدة وحتى من إسرائيل، يعكس تصورات عن مستقبل محتمل لإيران، لكنه أكد أن الشعب الإيراني هو من يحدد مصيره في نهاية المطاف.
وفي ظل مشهد داخلي مضطرب وتحولات إقليمية متسارعة، يبقى رضا بهلوي أحد الأسماء التي تثير الجدل والطموحات في آنٍ واحد، فيما تترقب إيران مساراً قد يكون مفصلياً في تاريخها الحديث.
من هو رضا بهلوي؟
رضا كوريش علي بهلوي، المولود في طهران عام 1960، هو الابن الأكبر للشاه الإيراني الراحل محمد رضا بهلوي، آخر ملوك إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979 التي جاءت بآية الله الخميني إلى الحكم.
ومنذ أن أطاحت الثورة بعرش والده، عاش بهلوي في المنفى، متنقلاً بين دول الغرب، ويقيم اليوم في الولايات المتحدة.
عرف منذ سنوات كأحد أبرز رموز المعارضة الإيرانية في الخارج، لكنه في السنوات الأخيرة خصوصا منذ عام 2019 لم يكتفِ بهذا الدور الرمزي، بل بدا عازماً على لعب دور سياسي فاعل في مرحلة ما بعد النظام الحالي.
كيف حكمت أسرته إيران؟
لم تكن بداية نظام أسرة بهلوي، الذي أطاحت به الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، مجرد امتداد طبيعي لحكم تقليدي، بل جاءت على أنقاض تجربة ديمقراطية وبدعم خارجي صريح.
في 19 أغسطس 1953، شهدت إيران انقلاباً دبرته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) بالتعاون مع المخابرات البريطانية (MI6)، ضد حكومة رئيس الوزراء المنتخب محمد مصدق، في ما بات يُعرف بـ"عملية أجاكس – TPAJAX"، حسب وكالة الأناضول.
الوثائق الأميركية التي كُشف عنها بعد عقود (2013)، أقرّت بمسؤولية الولايات المتحدة عن التخطيط والتنفيذ، مستخدمة أدوات من الداخل الإيراني، شملت نشر الشائعات، الرشاوى السياسية، تحريض المتظاهرين، وتجنيد ضباط، وصولاً إلى إعادة الشاه محمد رضا بهلوي إلى الحكم المطلق، وتنصيب الجنرال فضل الله زاهدي رئيسًا للوزراء بموجب مرسوم ملكي دُبّر خلف الكواليس.
إيران علمانية
يرفع السياسي الإيراني المعارض رضا بهلوي شعار إقامة "إيران علمانية ديمقراطية"، تخرج من عباءة الحكم الديني، وتعيد تأسيس الدولة على أسس مدنية حديثة. لا يخفي توجهاته القومية، ولا تردده في إعلان عزمه على طي صفحة العداء المزمن مع إسرائيل، وتوافقه في ذلك زوجته ياسمين بهلوي.
محاولة الظهور
خلال السنوات الأخيرة، كثّف رضا بهلوي من تحركاته السياسية والدبلوماسية في الغرب، في محاولة منه لتعزيز صورته كـ"قائد بديل" و"ممثل سياسي للإيرانيين في المنفى"، إن لم يكن بشكل رسمي، فعبر الحضور والتأثير والرمزية.
,من خلال لقاءات متعددة جمعته بزعماء وقادة غربيين، ومسؤولين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا، إضافة إلى مشاركاته في مؤتمرات دولية ومنتديات حقوقية، حرص بهلوي على أن يقدّم نفسه للعالم الغربي لا كـ"نجل الشاه" فقط، بل كـصوت للإيرانيين الذين يقاومون من الداخل ويُقصَون في الداخل. ووصل الحد إلى أن انتقد المرشد علي خامنئي لقاءات رموز المعارضة الإيرانية في الخارج بينهم بهلوي بمسؤولين غربيين.
زيارة "إسرائيل"
في سابقة هي الأولى من نوعها، زار بهلوي "إسرائيل" واستقبلته في حينه وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غامليل وكان ذلك في منصف أبريل 2023، في مطار ديفيد "بن غوريون في تل أبيب".
الزيارة، التي تزامنت مع إحياء ذكرى "الهولوكوست في إسرائيل"، جاءت محمّلة بالرمزية السياسية، وحرص الطرفان على إضفاء طابع احتفالي واستراتيجي عليها.
وفي تغريدة رسمية نشرتها الوزيرة على "إكس" (تويتر سابقاً) قالت: "ولي العهد الإيراني رضا بهلوي، أهلاً بك في إسرائيل. معاً – سنجدد الروابط بين الشعبين، من أجل الأجيال القادمة".
وقال بهلوي من القدس: "عندما يكون هناك نظام في إيران ينكر الهولوكوست، فمن واجبي أن أكون هنا، وأمثل شعبي، وأعبر عن احترامي للناجين". والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو.
ومن الواضح أن هذه العبارة تختصر الهدف الرئيسي من الزيارة وهي تقديم رضا بهلوي كوجه جديد لإيران، نقيضاً تاماً للجمهورية الإسلامية، ليس فقط في الموقف من "إسرائيل"، بل في القيم الإنسانية التي يُفترض أن تمثّلها الدولة المقبلة، كما يتصورها.
ومن منظور سياسي، تمثل هذه الزيارة رسالة تطبيع رمزي مبكر بين "إسرائيل" وأحد الوجوه البارزه للنظام الإيراني، وقد قُرأت في حينها على أن "إسرائيل" تعرض دعماً علنياً لبديل محتمل للنظام الحاكم في طهران، وتبعث برسالة مفادها أن هناك "إيرانيين جيدين" تتقبلهم، على النقيض من النظام القائم.
ومن هذه الزيارة التي قوبلت بانتقادات واسعة في الأوساط الشعبية العربية والإيرانية يُرسل رضا بهلوي إشارات واضحة للغرب بأنه شريك موثوق ومستعد للتقارب مع "تل أبيب"، ويطمئن القوى الغربية من أن إيران المستقبل لن تكون تهديداً.
تطمين للاحتلال
وفي تصريح سابق لعام 2019، قال: "في مستقبل إيران سنكون أصدقاء مرة أخرى مع إسرائيل... الشعب الإيراني يتطلع لحكومة تحترم تراثه، وتستعيد العلاقات السلمية مع الجيران"، مؤكداً أن "ملايين الإيرانيين ما زالوا يتذكرون كيف عاشوا جنباً إلى جنب مع جيرانهم اليهود"، حسب ما ذكره موقع عربي 21 عن إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت".
تطمين للخليج
وفي حوار أجرته شبكة CNN أواخر 2024، كشف رضا بهلوي، ولي عهد إيران السابق، عن رؤية استراتيجية لمستقبل العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، ترتكز على إعادة بناء الثقة، واستثمار المصالح المشتركة في مواجهة التحديات الإقليمية.
وقال إن التغيير السياسي المرتقب في إيران ليس مجرد شأن داخلي، بل فرصة تاريخية لانطلاقة جديدة في العلاقات الإقليمية، داعيًا إلى تجاوز ميراث التوتر والصراع الذي طبع المرحلة التي تلت الثورة الإسلامية عام 1979.
وفي حديثه، شدد بهلوي على أن العلاقات الإيرانية الخليجية قبل الثورة كانت قائمة على التفاهم والتعاون المثمر، واستشهد تحديدًا بالعلاقات التي جمعت والده محمد رضا بهلوي بقادة الخليج آنذاك.
شريكة الظلّ
,بينما يزداد الحديث عن رضا بهلوي يروج نفسه كوجه محتمل لقيادة إيران في مرحلة ما بعد النظام الحالي، لا يمكن إغفال الدور المتصاعد لزوجته، ياسمين بهلوي، التي سبق وأن قالت في أحد الحوارات الصحفية إن النظام حطم كثيراً من الإنجازات وأن نسوة بلادها لن ينلن حقوقهن إلا بـ "طهران علمانية"
ولدت ياسمين في طهران عام 1968، وترعرعت لاحقاً في كاليفورنيا بعد أن اضطرت عائلتها إلى مغادرة البلاد في أعقاب الثورة. جمعت بين دراسة العلوم السياسية والقانون، وكرّست مسيرتها لقضايا اللاجئين وحقوق المرأة والطفل، لتتحول إلى واحدة من الشخصيات الإيرانية النسوية المؤثرة في الخارج.