الحرس الثوري الإيراني يتوعد واشنطن: عليهم أن ينتظروا ردوداً تجعلهم يندمون
تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT
الثورة نت/
قال الحرس الثوري الإيراني، إن العدوان الذي شنه، اليوم الأحد، النظام الإرهابي الأمريكي، سيدفع إيران إلى استخدام خيارات تتجاوز التصورات والحسابات الواهية للجبهة المعتدية، وعلى المعتدين أن ينتظروا ردودًا تجعلهم يندمون.
وذكر الحرس الثوري، في بيان، أنه ومن خلال الرصد الاستخباري الشامل للقوات المسلحة الإيرانية، تم تحديد مواقع إقلاع الطائرات المشاركة في العدوان الأمريكي، وهي الآن تحت المراقبة والرصد.
وأضاف : “لقد ارتكب النظام الإجرامي الأمريكي، فجر اليوم، بالتنسيق الكامل مع الكيان الصهيوني، عدوانًا عسكريًا غير قانوني استهدف المنشآت النووية السلمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، في جريمة سافرة وغير مسبوقة تمثل انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) والمبادئ الأساسية لاحترام السيادة الوطنية ووحدة أراضي الدول”.
وتابع: “منذ اللحظات الأولى للعملية الصهيونية، كان من الواضح للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية أن الدعم والمرافقة الشاملة من الجانب الأمريكي كان لهما دور مؤثر في التخطيط والتنفيذ لهذا العدوان. وقد أثبت هذا التصرف، مرة أخرى، عجز الجبهة المعتدية عن تغيير المعادلات الميدانية، فهي لا تملك المبادرة ولا القدرة على الهروب من الردود القاسية”.
واعتبر الحرس الثوري الإيراني، أن تكرار أمريكا لحماقاتها الفاشلة السابقة، يعكس عجزها الاستراتيجي وتجاهلها لحقائق الميدان في المنطقة، وبدلاً من أن تستخلص الدروس من إخفاقاتها المتكررة، أقدمت واشنطن على تنفيذ هجوم مباشر على منشآت سلمية، واضعة نفسها عمليًا في خط المواجهة الأول لهذا العدوان.
وأردف : “كما أعلنا مرارًا، فإن تعدد وانتشار القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة ليس مصدر قوة لها، بل يمثل نقطة ضعف تُضاعف من هشاشتها”.
وأكد أن “التكنولوجيا النووية السلمية والمحلّية للجمهورية الإسلامية لن تُقضى عليها بأي هجوم، بل إن هذا العدوان سيزيد من عزيمة شبابنا العلماء الملتزمين على مواصلة طريق التقدّم والازدهار”.
وأشار إلى إن “شعب إيران، وكذلك شعوب العالم، يدركون جيدًا أن الحرس الثوري يعرف ميدان هذه الحرب المركّبة والمفروضة جيدًا، ولن يرهب من ضجيج ترامب والعصابة المجرمة الحاكمة في البيت الأبيض و يافا (تل أبيب)”.
كما أكد أن عملية “الوعد الصادق 3” مستمرة بقوة، حيث شهد الصهاينة حتى الآن 20 موجة منها، وما تزال تستهدف بدقة وبشكل مركز البُنى التحتية والمراكز الاستراتيجية والمصالح الحيوية للكيان الصهيوني، وذلك رداً على العدوان الصهيوني والأمريكي وجرائمه.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
عامان من العدوان على غزة.. صدمة اقتصادية غير مسبوقة تضرب الكيان الصهيوني
الثورة / يحيى الربيعي
يشكل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023م، وما تبعه من توسع لنطاق المواجهة إلى الجبهة الشمالية، محطة فارقة في المشهدين السياسي والاقتصادي، مخلفاً آثاراً عميقة تتجاوز الجانب الإنساني إلى إحداث تغييرات ملموسة في المؤشرات الاقتصادية في سلطات الاحتلال. فعلى الرغم من حالة الاستقرار الظاهري التي كان يتمتع بها الاقتصاد «الإسرائيلي» قبل اندلاع المواجهات، إلا أن طول أمد المواجهة واتساع نطاق العمليات العسكرية أثرا بشكل بالغ على قطاعات حيوية، مما يفرض تحديات وجودية على قدرة هذا الاقتصاد على الصمود والتكيف.
ويهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل دقيق للتداعيات الاقتصادية قصيرة وطويلة الأمد لهذا العدوان، معتمداً على البيانات الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي للكيان الإسرائيلي (CBS)، وبنك الكيان، بالإضافة إلى تقارير المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الائتماني العالمية.
تضاعف التكلفة الاقتصادية
يتسم العدوان على غزة الراهنة بجملة من الخصائص الاستثنائية التي رفعت سقف التوقعات للتكاليف الاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة، لا سيما وأن قرار العدوان اتخذ في وقت كان فيه الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من حالة عدم استقرار بسبب الانقسامات السياسية الحادة داخلياً خلال العام السابق، بالإضافة إلى تأثيرات التدهور الاقتصادي العالمي وارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة.
وتسببت التطورات الميدانية منذ أكتوبر 2023م في صدمة مباشرة لمؤشرات الأداء الاقتصادي الكلي، عكستها الأرقام الرسمية في زيادة غير اعتيادية في الإنفاق العسكري وعجز الموازنة، حيث شهدت ميزانية وزارة حرب الاحتلال قفزة غير مسبوقة. فبعد أن بلغت حوالي 60 مليار شيكل في عام 2023م، ارتفعت في عام 2024م إلى حوالي 99 مليار شيكل، مع توقع أن تصل إلى 109.8 مليار شيكل (نحو 30 مليار دولار) في موازنة 2025م، وهي الأعلى تاريخياً. هذا التضاعف شبه الكامل في الإنفاق الدفاعي، وتخصيص 9 مليارات شيكل لجنود الاحتياط، يؤشر إلى تحول جذري في العقيدة العسكرية نحو الجاهزية المستمرة، مما يضع ضغطاً هائلاً على القطاعات المدنية.
وأسهم هذا الإنفاق المتسارع في تفاقم عجز الموازنة، الذي سجل 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023م بعد فائض في العام السابق، وارتفع إلى 6.9% في عام 2024م. وقد اضطرت حكومة الاحتلال إلى رفع الميزانية الإجمالية لعام 2024م بمقدار 69 مليار شيكل لتصل إلى 585 مليار شيكل، ما دفعها لتبني إجراءات تقشفية قاسية تشمل خفض ميزانيات جميع الوزارات ورفع ضريبة القيمة المضافة من 17% إلى 18% في عام 2025م، مما يعكس ترسيخاً لـ «اقتصاد الحرب» على حساب التنمية والاستقرار الاجتماعي.
تضخم الدين العام
ارتفع الدين العام الإسرائيلي خلال عام 2024م بنسبة 17.9% (أي ما يعادل 202 مليار شيكل)، ليبلغ إجماليه 1.33 تريليون شيكل (380.64 مليار دولار) وفقاً لصحيفة «غلوبس» الإسرائيلية. وصعدت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 6.4 نقاط مئوية، لتصل إلى 67.9% بنهاية عام 2024م، بعد أن كانت 61.5% في نهاية 2023م.
هذا التدهور دفع وكالات التصنيف الائتماني العالمية، مثل موديز، إلى خفض التصنيف الائتماني للكيان الإسرائيلي عدة مرات، محذرةً من ضعف مؤسساته وعدم الانضباط المالي في أعقاب الحرب، مما أثار مخاوف من أن تجد سلطات الاحتلال صعوبة في سداد جزء من ديونها مستقبلاً.
وخلافاً للتوقعات الكلاسيكية لانهيار العملة في زمن الحروب، أظهر الشيكل الإسرائيلي استقراراً لافتاً، مسجلاً متوسط سعر صرف 3.70 شيكل للدولار في عام 2024، مع توقعات بالتراجع إلى 3.40 شيكل للدولار في عام 2025م. ويُفسر هذا الأداء الاستثنائي بـ الدعم الخارجي الواسع، خصوصاً من الولايات المتحدة، الذي يتجسد في معظمها مساعدات عسكرية تُصرف بالدولار، مما يعزز ميزان المدفوعات ويزيد احتياطيات النقد الأجنبي لدى «بنك إسرائيل». و»سندات إسرائيل» (Israel Bonds)، التي جمعت عبرها سلطات الاحتلال أكثر من 48 مليار دولار من مستثمرين عالميين منذ عام 1951م، ما يربط أسواق رأس المال الغربية هيكلياً بالاقتصاد الإسرائيلي.
القطاعات الحيوية في مهب الصراع
تعرضت قطاعات اقتصادية رئيسية كانت تشكل محركات النمو لأضرار بالغة ومباشرة، جاء في المرتبة الأولى انحسار «قاطرة» التكنولوجيا (الهاي-تك)، إذ يُعد قطاع التكنولوجيا العالية المحرك الرئيسي للنمو، حيث يشكل 20% من الناتج المحلي الإجمالي ويساهم بحوالي 53% من إجمالي الصادرات في عام 2023م.
إلا أن التعبئة المكثفة لجنود الاحتياط الذين يشكلون أكثر من 20% من العاملين في هذا القطاع، أدت إلى انخفاض تعبئة رأس المال للشركات الناشئة بنسبة 55%. بالإضافة إلى انخفاض حاد في حجم الاستثمار، حيث تراجع رأس المال الاستثماري من حوالي 28 مليار دولار في عام 2022م إلى 8 مليارات دولار في عام 2023م.
ناهيك عن تراجع السمعة وثقة المستثمرين الأجانب في الشركات الإسرائيلية بسبب الحرب، مما دفع بعض الشركات الناشئة إلى تسريح موظفين إسرائيليين واستبدالهم بعمالة أجنبية للحفاظ على وتيرة العمل.
وسجل قطاع السياحة، الذي يساهم بحوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي، انهياراً مريعاً، ففي تراجع غير مسبوق في أعداد السياح، انخفض عدد السياح الوافدين بنسبة تزيد عن 90% منذ بداية الحرب. ففي أكتوبر 2023م، سجل العدد انخفاضاً بنسبة 76% سنوياً، وتفاقم التراجع ليصل إلى نحو 80% في ديسمبر من العام نفسه، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022م. وتجاوزت الخسائر المباشرة وغير المباشرة في القطاع 12 مليار شيكل (3.4 مليار دولار).
خلاصة القول:
يشكل الدعم المستمر من الولايات المتحدة، وقوة قطاع التكنولوجيا التاريخية، عوامل منع قديمة تحول دون انهيار اقتصادي كامل في المدى القصير. فالكيان الإسرائيلي لا يزال أحد أكبر متلقي المساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، والتي قُدّرت بنحو 154.8 مليار دولار حتى عام 2022م.
ومع ذلك، أدت التداعيات المباشرة وغير المباشرة للحرب، وفي مقدمتها آثار الحصار البحري الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على السفن الإسرائيلية وتلك المتعاملة معها في البحر الأحمر على التجارة الخارجية، إلى تحميل الاقتصاد الإسرائيلي عبئاً مالياً أثقل مما واجهه في المراحل الأولى للصراع.
لقد كشفت الحرب عن هشاشة البنية الاقتصادية التي كانت تبدو مستقرة ظاهرياً، ودفعها إلى منطقة مجهولة. فمؤشرات الخطر واضحة: عجز موازنة متصاعد، وديون عامة آخذة في التضخم، وتراجع حاد في قطاعي السياحة والتكنولوجيا، وهروب للاستثمارات الأجنبية، وتآكل في السمعة الدولية والتصنيف الائتماني. هذه العوامل مجتمعة تهدد بتراجع مستدام لمستوى المعيشة وقدرة الاقتصاد على النمو على المدى الطويل، وهو ما أكده صندوق النقد الدولي بتخفيض توقعاته لنمو الاقتصاد الإسرائيلي لعامي 2024 و2025م.