البرلمان في مواجهة الفساد: هل هو شريك أم ضحية؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
2 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة: منذ سنوات طويلة، يعاني العراق من فساد مستشرٍ في مؤسسات الدولة، الأمر الذي أثر سلباً على تقدم البلاد وتطورها.
ورغم الجهود المبذولة من بعض الجهات للكشف عن الفساد ومحاسبة المسؤولين، إلا أن هذه الجهود غالباً ما تكون غير فعالة في الحد من هذه الظاهرة.
و يلاحظ أن الفساد ليس فقط مشكلة إدارية، بل هو مرض مستفحل يمتد إلى جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد.
الفساد في مؤسسات الدولة
و تشير تقارير عديدة إلى أن الفساد في مؤسسات الدولة العراقية لا يزال له اليد الطولى، مما يعطل بشكل كبير تقدم البلد ويعوق تنفيذ المشاريع التنموية. ورغم محاولات الكشف عن الفساد، إلا أن معظم هذه المحاولات تفتقر إلى الفعالية، حيث أن الفساد متجذر بعمق في النظام السياسي والإداري.
و يعد مجلس النواب العراقي أحد المؤسسات الرئيسية التي ينبغي أن تلعب دوراً فعالاً في مكافحة الفساد من خلال استجواب المسؤولين ومحاسبتهم.
ومع ذلك، فإن المجلس يُظهر ضعفا واضحا في هذا الدور. فمثلاً، فشل المجلس في استجواب العديد من الشخصيات البارزة التابعة للأحزاب والكتل السياسية، بالرغم من تورطهم في قضايا فساد.
واحدة من أبرز الأمثلة على ذلك هي حالة رئيس مجلس النواب المقال محمد الحلبوسي، الذي أدين بجريمة مخلة بالشرف وهي تهمة التزوير.
ورغم هذه الإدانة، لم يتم استجوابه أو محاكمته بشكل جدي. بالإضافة إلى ذلك، تعاني العديد من ملفات الاستجواب المتعلقة بشخصيات كبيرة على مستوى وزراء من الإهمال والتعطيل بسبب غياب رئيس أصيل لمجلس النواب.
و تشير العديد من المصادر إلى أن المجاملات السياسية تلعب دوراً كبيراً في منع استجواب المسؤولين في الدولة العراقية، فعلى سبيل المثال، لم يتم استجواب وزير الكهرباء رغم الخلل الكبير في شبكات الطاقة والفساد المرتبط بإدارته. وهذا يعكس تأثير العلاقات الشخصية والسياسية في عرقلة جهود محاربة الفساد.
و خلال مقابلات مع عدد من المواطنين العراقيين، أعرب العديد منهم عن استيائهم من الوضع الحالي. أحد المواطنين قال: “نحن نرى الفساد في كل مكان، ولكن لا أحد يتحدث عنه أو يتخذ إجراءات جدية. نشعر بأن صوتنا غير مسموع وأن مستقبلنا يُسرق أمام أعيننا.”
مواطنة أخرى أشارت إلى أن “الحكومة تبدو غير مهتمة بمشاكل الناس. نسمع عن الفساد كل يوم، ولكن لا أحد يُحاسب. نشعر بالإحباط وعدم الثقة في أي تغيير قادم.”
ووفقاً لتقارير منظمة الشفافية الدولية، يحتل العراق مراتب متأخرة في مؤشر مدركات الفساد، حيث يصنف كواحد من أكثر الدول فساداً في العالم. وتقدر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفساد في العراق بمليارات الدولارات سنوياً، مما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني ومستوى معيشة المواطنين.
و تقديرات المبالغ المهدورة جراء الفساد في العراق تختلف حسب المصادر والتقارير، لكن الأرقام تشير إلى خسائر هائلة على مدار السنوات الماضية. وفقًا لبعض التقارير الصادرة عن هيئات رقابية دولية ومحلية، تقدر قيمة المبالغ المهدورة بسبب الفساد في العراق بمليارات الدولارات سنويًا.
و يشير تقرير منظمة الشفافية الدولية إلى أن العراق يقع ضمن أسوأ الدول في مؤشر مدركات الفساد، مما يعني أن الفساد في العراق لا يزال مشكلة خطيرة ومستمرة. التقديرات تتحدث عن أن العراق يفقد ما يقارب من 10 إلى 15 مليار دولار سنويًا بسبب الفساد.
وبحسب التقارير السنوية لديوان الرقابة المالية في العراق، يتم هدر مليارات الدولارات من المال العام نتيجة الفساد في العقود الحكومية، والرشاوى، وسوء الإدارة.
وأشارت بعض التصريحات الحكومية والبرلمانية إلى أن إجمالي المبالغ المهدورة أو المسروقة منذ عام 2003 حتى الآن قد يصل إلى حوالي 300 مليار دولار.
وهذا الرقم يشمل الأموال التي تم هدرها أو سرقتها في مختلف القطاعات، بما في ذلك النفط والكهرباء والبنية التحتية.
و تؤثر هذه الخسائر المالية بشكل مباشر على الاقتصاد العراقي وعلى نوعية حياة المواطنين. فالمبالغ الكبيرة التي تُهدر بسبب الفساد يمكن أن تُستخدم في تحسين الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، وتعزيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الفساد فی العراق عن الفساد أن الفساد العدید من إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد 11 عاماً على السقوط: الموصل بين جراح الماضي ورهانات المستقبل
10 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: تمر إحدى عشرة سنة على سقوط مدينة الموصل العراقية، بقبضة تنظيم داعش الإرهابي في العاشر من يونيو/ حزيران 2014.
وخلّف هذا السقوط كوارث إنسانية واجتماعية وأمنية وسياسية عميقة، طالت أهالي ثاني كبرى مدن العراق الذين شهدوا أحداثاً مروّعة.
و لم ينس الناجون من هذه الكوارث الانسحاب للقوات العراقية حينها، والذي بقي من دون تفسير واضح طيلة السنوات الماضية، ومن دون محاسبة أي من المسؤولين المتهمين بالتورط في سقوط الموصل والأزمة الأمنية التي حاصرت المدنيين مدة زادت عن ثلاث سنوات تحت احتلال جماعة إرهابية سيطرت في ما بعد على نحو ثلث مساحة البلاد.
و بعد سقوط الموصل بيد داعش، توالى سقوط أكثر من 20 مدينة عراقية في أقل من أسبوع، شمالي البلاد وغربها، أبرزها البعاج وتلعفر وسنجار والقيارة والحظر وربيعة والجزيرة، ثم تلتها تكريت وبلد والدور والإسحاقي، وصولاً إلى الرمادي وهيت والرطبة والقائم والكرمة وراوة وعانة وآلوس وبلدات أخرى.
و استعادت القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، السيطرة على مدينة الموصل وطردت مسلحي تنظيم داعش، في يوليو/ تموز 2017، بعد معارك استمرت نحو عشرة أشهر، خلفت عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين، قدّرهم نواب ومسؤولون بعشرات آلاف القتلى والجرحى، أغلبهم من النساء والأطفال.
و أدت المعارك إلى دمار واسع قدرت وزارة التخطيط العراقية أنه طاول أكثر من 56 ألف منزل، وسط الحديث عن أن نحو ألف منزل منها ما زالت جثث أصحابها تحت أنقاضها، إضافة إلى تسجيل أسماء 11 ألف مفقود.
و سقط في مجمل مناطق العراق أكثر من ربع مليون قتيل وجريح، إلى جانب عشرات آلاف المختطفين والمغيبين خلال معارك التحرير.
و لم يسلم أهالي الموصل كما غيرهم في مدن شمالي وغربي العراق، من العرب السنة، طيلة السنوات التي أعقبت تحرير مدنهم، من مواصلة وصمهم بالإرهاب أو التضامن واحتضان الإرهاب على أقل تقدير.
و أثار تصريح رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض حول نسبة انخراط أهالي نينوى في تنظيم داعش (4%) موجة رفض، حيث يرى نشطاء وصحافيون أن نسبة 4% تمثل رقماً كبيراً قد يصل لـ160 ألف شخص من نينوى.
و رد محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي على تعليق الفياض، مشيراً إلى أن التصريح جاء متأخراً وله أهداف انتخابية.
و تشابه هذه الأحداث ما شهده العراق من أحداث أمنية كبرى بعد عام 2003، فغزو العراق في مارس 2003 أطاح بنظام صدام حسين، وتبع ذلك فترة من عدم الاستقرار الأمني وصعود حركات التمرد.
و شهد التمرد العراقي (2003-2011) صعود جماعات مسلحة مختلفة واشتباكات عنيفة مع القوات الأمريكية والحكومة العراقية، مما أدى إلى زعزعة الاستقرار في مناطق واسعة من البلاد.
و تصاعدت وتيرة الأحداث في عام 2014 مع ظهور تنظيم داعش وسيطرته على مساحات واسعة من العراق، بما في ذلك الموصل، مما أدى إلى حرب عسكرية طويلة الأمد.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts