اتهامات الاعتداء الجنسي تهز سينما موليوود
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
لا يغيب عن ذاكرة الممثلة الهندية، سريليخا ميترا، أيّ من تفاصيل ذلك اليوم الذي تحصنت فيه داخل غرفتها في فندق للاحتماء، كما تروي، من تحرش مخرج مرموق.
هذه الحادثة تندرج ضمن سلسلة طويلة من الاتهامات التي هزت صناعة السينما في ولاية كيرالا الهندية المعروفة باسم "موليوود"، منذ نشر تقرير رسمي قبل 3 أسابيع عن انتشار العنف الجنسي.
تتذكر سريليخا ميترا حدثا أقيم عام 2009 في منزل رئيس أكاديمية السينما المحلية رانجيث بالاكريشنان عندما كان عمرها 36 عاما. وتقول لوكالة فرانس برس إن مضيفها دعاها إلى عزل نفسها للتحدث هاتفيا مع أحد المخرجين بشأن دور في فيلمه المقبل.
وتصف الممثلة ما حصل حينها قائلة "لقد بدأ يلعب بشعري ورقبتي (...) كنت أعلم أنني إذا لم أتصرف، كان سيقحم يديه في أجزاء أخرى من جسمي". وتضيف "كانت نواياه واضحة تماما، لقد شعرتُ بالرعب".
وطوال هذه السنوات، لم تخبر سريليخا ميترا سوى صديق مقرب بالحادثة. وقد أقنعها نشر تقرير لجنة هيما، على اسم القاضي السابق ك. هيما الذي أشرف عليه، بالتحدث علنا وتقديم شكوى.
وفي 19 أغسطس، حرّكت نتائج التحقيق المياه الراكدة في هذا المجال، إذ كشفت عن ممارسات واسعة النطاق مرتبطة بالعنف الجنسي والتحرش ترتكبها مجموعة صغيرة من الرجال، من منتجين أو مخرجين أو ممثلين يتولون مناصب رئيسية في قطاع السينما المحلية.
وبعيدا عن الأفلام الزاخرة بالموسيقى والاستعراضات الملونة باللغة الهندية بتوقيع عمالقة "بوليوود" في بومباي (غرب)، صنعت استوديوهات كيرالا سمعتها بأفلام تتسم بطابع أقل فلكلورية، تتناول مواضيع أكثر جدلية، باللغة المالايالامية.
وباتت "موليوود" تنتج ما يصل إلى 200 فيلم سنويا، وهي تحظى بشعبية لدى 37 مليون هندي يتحدثون هذه اللغة، وأيضا على نحو متزايد لدى بقية الفئات في الدولة الأكثر تعدادا بالسكان على هذا الكوكب.
وفي عام 1999، منح الفيلم الساخر "مارانا سيمهاسانام" ("عرش الموت"، للمخرج مورالي ناير) لهذه السينما مكانا على الساحة الدولية بفوزه بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي. وهذا العام، حقق فيلم الإثارة "مانجوميل بويز" Manjummel Boys نجاحا تجاريا كبيرا لسينما كيرالا، مع إيرادات بلغت 29 مليون دولار.
لكن عمل لجنة هيما شوّه سمعة صناعة الفن السابع المحلية.
وقد أُطلقت هذه اللجنة في عام 2017 بعد القبض على ممثل بتهمة بالاعتداء الجنسي على ممثلة شهيرة. وبعد أن سُجن لثلاثة أشهر، لا يزال غوبالاكريشنان بادمانابهان تحت الإشراف القضائي حتى يومنا هذا في انتظار المحاكمة.
وقد أتت استنتاجات اللجنة واضحة ومباشرة. فبالإضافة إلى حالات عنف عدة، يوصّف تقرير اللجنة نظاما يفرضه نافذون في القطاع يصلون إلى حد "تهديد" الضحايا وعائلاتهم بـ"القتل" في حال بلّغوا عن الانتهاكات.
وسارعت الممثلة بارفاثي ثيروفوثو إلى وصف التقرير بأنه "ثورة".
وتوضح الممثلة، البالغة 36 عاما، الحائزة جوائز كثيرة، الناشطة حاليا في مجموعة تحمل اسم "جمعية نساء السينما"، لوكالة فرانس برس "منذ زمن بعيد، تسود فكرة بأنّ النساء العاملات في هذه الصناعة يجب أن يشعرن بالامتنان للرجال الذين منحوهن الفرصة".
وليست اتهامات العنف الجنسي بجديدة على السينما الهندية. ففي أعقاب حركة "مي تو" التي انطلقت عام 2017 في الولايات المتحدة مع انكشاف فضائح المنتج الهوليوودي السابق هارفي واينستين، تكشفت بعض الحالات المشابهة في بوليوود.
وبالنسبة لبارفاثي ثيروفوثو، فإن الموجة التي أحدثها تقرير هيما لها أثر مغاير. وتقول "هذا يغيّر كل شيء، إذ إنه يتجاوز بعض الحالات الفردية، ليستهدف منظومة أضرت بالنساء".
ومنذ 19 أغسطس، واجه الكثير من الممثلين اتهامات في هذا الإطار. وقد حُلت جمعية فناني السينما المالايالامية بعد استقالة رئيسها الذي طالته اتهامات أيضا.
كما ترك المعتدي المفترض على سريليخا ميترا، رانجيث بالاكريشنان (59 عاما) رئاسة أكاديمية السينما المحلية. وفتحت الشرطة تحقيقا ضده بتهمة هتك العرض، وهي اتهامات نفاها علنا.
لكن بارفاثي ثيروفوثو ترى أن عصر الصمت انتهى. وتقول "لا تستمع إلى أولئك الذين يطلبون منك تغيير وظيفتك إذا كان الأمر صعبا عليك"، فـ"لديك مكانك في هذه الصناعة. تجرأ على رفع الصوت".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
حضارة مصر القديمة.. كيف ألهمت السينما العالمية والمصرية؟
تعتبر الأساطير الفرعونية مصدر إلهام لصنّاع السينما حول العالم، حيث اجتمع في حضارة مصر القديمة ما يمزج بين الغموض، والرمزية، والعظمة التاريخية، لتصبح مادّة خصبة لأفلام تناولت الملوك والمعبودات، وأعادت صياغة التاريخ في قالب من الخيال والمغامر، وبينما حرصت بعض الأعمال على تصوير الواقع بدقة، أخذت أخرى منحى دراميًا خياليًا بهدف الإثارة، وفيما يلي نستعرض أبرز هذه النماذج، كما أشار إليها الدكتور حسين عبد البصير، الروائي وعالم المصريات في تصريحات صحفية.
يُعد هذا الفيلم من أشهر الأعمال التي تناولت الأساطير الفرعونية، حيث عُرضت النسخة الأولى منه عام 1932، من إخراج كارل فريند، وجسّد قصة مومياء فرعونية أُعيدت إلى الحياة بعد آلاف السنين، مستلهمًا بذلك أسطورة "لعنة الفراعنة".
"المومياء" النسخة الثانيةوفي عام 1999، أعيد إنتاج الفيلم ببطولة برندان فريزر وراشيل وايز، مضيفًا طابعًا من الإثارة والمغامرة، واستند إلى عناصر من كتاب الموتى وأسطورة إحياء الموتى، رغم أن العمل ظل خياليًا بالأساس.
"أرض الفراعنة" (Land of the Pharaohs) – 1955من إخراج هاورد هوكس، تناول الفيلم بناء الهرم الأكبر في الجيزة، وسلّط الضوء على الحياة السياسية والاجتماعية في مصر القديمة، بما في ذلك صراع الفرعون مع كهنة المعابد، ورغم طغيان الخيال على بعض المشاهد، فقد استند العمل إلى خلفية تاريخية تركز على الجانب الرمزي للأسطورة.
"المصري" (The Egyptian) – 1954هذا الفيلم مقتبس عن رواية ميكا والتاري، ويعرض قصة طبيب مصري قديم يتورط في صراعات دينية وسياسية، يُبرز الفيلم عددًا من الطقوس والأساطير المصرية، ويظهر فيه عدد من الآلهة المصرية مثل رع وأنوبيس، كما يصوّر الصراع بين الكهنة والفراعنة في سياق الحياة اليومية بمصر القديمة.
السينما المصرية وتوظيف الأسطورة الفرعونية"المومياء" (1969) – شادي عبد السلاميُعتبر هذا الفيلم من أهم الأفلام المصرية التي عالجت الأسطورة الفرعونية بواقعية وجدية، أخرجه المخرج الكبير شادي عبد السلام، وركّز على قضية سرقة مقابر الملوك في الأقصر، حيث تناول الصراع بين الحفاظ على التراث المصري وبين الجشع المادة، ويُعد العمل من أبرز النماذج التي قدّمت الحضارة المصرية بوعي تاريخي عميق.
"الفرعون" (Pharaoh) – 1966رغم كونه فيلمًا بولنديًا، إلا أنه يُعد من أبرز الأعمال السينمائية التي تناولت مصر القديمة بشكل جاد، يعرض الفيلم الحياة في عهد رمسيس الثالث عشر، مسلطًا الضوء على الصراع بين السلطة السياسية والدينية، ومقدمًا رؤية تاريخية دقيقة نسبيًا عن مصر الفرعونية.
أثر السينما في نشر التراث الفرعونيرغم أن العديد من هذه الأفلام اعتمد على الخيال وأحيانًا الابتعاد عن الدقة التاريخية، فإن تأثيرها الثقافي لا يمكن إنكاره، فقد ساهمت هذه الأعمال في نشر الوعي بالحضارة المصرية القديمة وجذب اهتمام العالم إلى أساطيرها ومعابدها وآثارها.
وكان لفيلم "المومياء" (1969) تحديدًا دور بارز في إعادة تقديم التراث المصري بمنظور مصري أصيل، في مقابل الصورة الهوليودية المثيرة التي قدمتها السينما الغربية.