الجزيرة:
2025-07-12@03:31:47 GMT

ما بعد التعاون التركي المصري في الصومال

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

ما بعد التعاون التركي المصري في الصومال

عشرة آلاف جندي مصري يصلون الأراضي الصومالية، نصفهم سيكون تحت تصرف بعثة الاتحاد الأفريقي المعنية بحفظ الأمن والاستقرار "أميصوم"، فيما سيتمركز النصف الآخر قريبًا من الحدود الإثيوبية.
الانخراط المصري العسكري في المسألة الصومالية، يعدّ تطورًا بارزًا في السياسة الخارجية المصرية، حيث نأت القاهرة بنفسها عسكريًا منذ عقود، عن مناطق الصراع المشتعلة، إلا ما كان منه ضمن مشاركة أممية أو إقليمية.

فقد شهد هذا العام (2024) زيارتين للرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، للقاهرة، قادتا إلى توثيق العلاقات الثنائية بين البلدين، اللذين تربطهما علاقات تاريخية قديمة، وتوقيع بروتوكول للتعاون العسكري.
الخطوة المصرية تزامنت مع تحركات تركية جيوستراتيجية في الصومال وفي المنطقة كلها بما في ذلك إثيوبيا، كما سيأتي ذكره.

إرسال القوات المصرية جاء في أعقاب بدء إثيوبيا الملء الخامس لسد النهضة في يوليو/تموز الماضي، والذي من المقرر أن ينتهي في سبتمبر/أيلول الجاري.

الملء الجديد الذي أضاف 23 مليار متر مكعب من الماء، إلى حوالي 41 مليار متر مكعب، تم احتجازها في المراحل السابقة، عمّق الخلافات بين أديس أبابا والقاهرة، ما دفع الأخيرة إلى إرسال رسالة احتجاج إلى مجلس الأمن الدولي، أكدت فيها "رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي".

تثير هذه التطورات في القرن الأفريقي التساؤلات بشأن التعاون المصري التركي في الصومال، وإمكانية أن يكون نواة لتعاون بين البلدين في ملفات حساسة أخرى كالعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، والأزمة السودانية، والأوضاع في ليبيا.

التموضع التركي

قبل الحديث عن التعاون المصري التركي في الصومال، لا بدّ من التطرق إلى الوضع التركي المتميز في كل من الصومال وإثيوبيا.
فقد أولت تركيا منذ وقت مبكر تلك المنطقة الإستراتيجية مزيدًا من العناية والاهتمام، فاستخدمت إمكاناتها العسكرية والاقتصادية، إضافة إلى قوتها الناعمة لبسط نفوذها، وتعظيم وجودها الحيوي والإستراتيجي.
أعادت تركيا العلاقات الدبلوماسية مع الصومال في وقت مبكر من الألفية الحالية، وافتتحت أكبر سفارة لها في الخارج في مقديشو، كما أنشأت هناك أكبر قاعدة عسكرية تركية خارج البلاد، وهي تستخدمها للتدريب وإعادة تأهيل الجيش الصومالي، وقوات الأمن، ومساعدة الصوماليين في مواجهة التنظيمات الإرهابية.

وتوجت تلك العلاقات بأكبر اتفاق دفاعي وأمني بين البلدين تم توقيعه العام الجاري، وهو يمكن القوات التركية من مدّ مظلة الحماية على الأراضي والمياه الصومالية، ومنح الشركات التركية تراخيص التنقيب عن الثروة المعدنية في المياه الاقتصادية للصومال.
قال الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، عن هذه الاتفاقية إنها "تهدف إلى إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين البلدين. هذه القوة ستحمي سواحل الصومال ومياهه الإقليمية، وستستثمر في موارده البحرية لمدة عشر سنوات. هذه القوات المشتركة ستعمل فقط لمدة عشر سنوات، وبعد ذلك سيكون لدى الصومال قواته البحرية الخاصة التي ستتولى هذه المهمة".

على الجانب الآخر من الحدود، تحتفظ تركيا بعلاقات إستراتيجية مع إثيوبيا تضرب بجذورها إلى نحو 130 عامًا، وتربط بين البلدين في إطارها عدة اتفاقيات أمنية وعسكرية ومالية متنوعة.
قدمت أنقرة الدعم لأديس أبابا في صراعها ضد المتمردين في إقليم تيغراي، ما دفع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد حينها للقول إن "إثيوبيا لن تنسى أبدًا التعاون الذي قدّمه شعب وحكومة تركيا في الأوقات الحرجة".

هذه العلاقات المتميزة لتركيا مع الغريمَين الصومال وإثيوبيا، مكّنت أنقرة من لعب دور الوسيط بينهما، حيث نجحت في لمّ شمل وزيري خارجية البلدين في جولتين للمفاوضات بشأن إنهاء التوتر، وحلّ الخلافات بين البلدين.

وإلى جانب هاتَين الدولتَين المهمتَين ترتبط تركيا أيضًا مع جيبوتي باتفاقيات عسكرية ومالية.

التعاون التركي المصري

وفي ضوء هذا النشاط المكثف لتركيا في منطقة القرن الأفريقي، فإنّ التحركات العسكرية المصرية هناك، لا بدّ أن تكون تمّت بتنسيق بين الدولتين؛ منعًا لتضارب المصالح بينهما، ولا سيما في وقت تشهد فيه علاقتهما صعودًا مطردًا، مع إعادة تفعيل مجلس التعاون الإستراتيجي المشترك، وزيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أنقرة للمرّة الأولى منذ توليه الرئاسة.

في ملفّ تعاون البلدين، يأتي ملف سد النهضة في مقدمة الأولويات، فمنذ وصول القوات المصرية، لم تتوقف التكهنات بشأن إمكانية تحول النزاع المصري الإثيوبي إلى صراع مسلح.
ساعد في ذلك التصريحات الإثيوبية، إذ حذّر بيان رسمي عن خارجيتها "قوى (لم يسمّها) تحاول تأجيج التوتر لتحقيق أهداف قصيرة الأجل، بأنها ستتحمل عواقب وخيمة".

لكن يبقى احتمال نشوب حرب مصرية إثيوبية انطلاقًا من الأراضي الصومالية أمرًا صعبًا، وذلك لأسباب سياسية ولوجيستية. والأهم أن سد النهضة صار واقعًا، يصعب تخيل سهولة تدميره في ظل مساهمة العديد من الدول في تمويله.

من هنا فإن التفاوض بشأن ضمان مصر حصتَها من المياه دون نقصان، يبقى الخيار الأكثر قبولًا ومعقولية، ويبدو أنّ القاهرة أرادت أن يتم ذلك تحت ضغط وجود بعض من قواتها قرب الحدود الإثيوبية.
وهنا تبرز أهمية الدور التركي في تقريب وجهات النظر بين البلدين، بما تملكه من علاقات مميزة معهما.

تتفق كلمة الدولتين، تركيا ومصر، أيضًا، فيما يتعلق بضرورة المحافظة على وحدة وسلامة أراضي الصومال، وعدم الاعتراف بأي محاولات انفصالية من جانب ما يعرف بـ "أرض الصومال" أو "صوماليلاند" التي أعلنت انفصالها في مايو/أيار 1991، ولم تحظَ باعتراف دولي، إلا أنها حظيت باعتراف إثيوبيا التي عينت فيها سفيرًا في أغسطس/آب الماضي.

لذا فإن الصومال ينتظر من الحليفين الكبيرين أن يقوما بدور فعال في التصدي للدعم الإثيوبي للانفصاليين، مقابل تأجير أديس أبابا لميناء بربرة من "أرض الصومال" لأغراض تجارية وعسكرية، وهي الخطوة التي  رفضتها القاهرة وأنقرة.

مستقبل التعاون المشترك

يعدّ نجاح التعاون التركي المصري في الصومال، نموذجًا أوليًا لما يمكن أن يكون عليه تعاون الدولتَين في العديد من ملفات المنطقة ذات الحساسية العالية.
في مقدمة هذه الملفات، العدوان الإسرائيلي المتواصل والمتصاعد ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، الذي وصل إلى درجات غير مسبوقة من التوحّش. فالتنسيق بين الدولتين يجب أن يتجاوز الجانب الإنساني من إيصال مساعدات وغيره، إلى اتخاذ خطوات فعالة في اتجاه إيقاف الحرب، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة.

كما أنّ تفاقم الأوضاع في السودان جراء الصراع المسلح بين القوات الحكومية، وقوات الدعم السريع، يجب أن يحمل الدولتَين على العمل على إيقاف الحرب وإحلال السلام، سواء كان ذلك بجهود ثنائية، أو داخل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

وفي الملف الليبي حيث تتمتع الدولتان بنفوذ واضح، من الضروري التحرك صوب إنهاء الانقسام بين الشرق والغرب، وتوحيد الدولة تحت مظلة حكومة منتخبة.

وأخيرًا، فإن نجاح ذلك التعاون بين البلدين وتناميه سيسهم في إحلال الاستقرار في منطقة تعاني من الفوضى منذ أكثر من عقد من الزمان.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات بین البلدین فی الصومال

إقرأ أيضاً:

رجال الأعمال تتعاون مع غرف دبي لفتح 100 سوق عالمي أمام الاستثمار المصري

عقدت لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي بجمعية رجال الأعمال المصريين، برئاسة المهندس أحمد صبور، مائدة مستديرة مع أحمد الشافعي، المسئول عن مكتب غرف دبي في مصر، وذلك بهدف التعرف على كيفية الوصول إلى الأسواق العالمية من خلال شبكة مكاتب غرف دبي.

أكد المهندس أحمد صبور أهمية إيجاد آلية لتعزيز التعاون مع شبكة غرف دبي في مساندة دور الجمعية في جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، مشيرًا إلى أن التعاون المشترك يمثل إضافة كبيرة للاقتصاد المصري ولمجتمع الأعمال من حيث نمو الصادرات وزيادة الاستثمار وتحسين مستوى الخدمات، وذلك من خلال الانفتاح على أكثر من 100 سوق على مستوى العالم.

وأوضح صبور أن جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر وملف التعاون الاقتصادي الدولي يُمثلان "أولوية" في عمل الجمعية، باعتبارها ممثلًا للقطاع الخاص المصري، وذلك بالتكامل مع جهود الدولة والحكومة المصرية، التي تولي اهتمامًا كبيرًا بالعلاقات الدولية. وأشار إلى أن الجمعية ترتبط بعلاقات شراكة وبروتوكولات تعاون مع منظمات أعمال مناظرة في أكثر من 75 دولة، بالإضافة إلى العديد من مجالس الأعمال المشتركة واللجان القطاعية والجغرافية، ومنها لجنة مجلس دول التعاون الخليجي المنفتحة على الأسواق العربية والخليجية، خاصة سلطنة عُمان، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية.

من جانبه، أوضح أحمد الشافعي، المسئول عن مكتب غرف دبي في مصر، أن خدمات مكاتب غرف دبي تغطي خمس قارات، وهي مبادرة من حكومة دبي يتم توفيرها بكفاءة عالية ودون أية تكاليف. وأشار إلى أن شبكة غرف دبي تشمل غرفة تجارة دبي (التي تضم أكبر فاميلي بيزنس على مستوى العالم)، وغرفة دبي الدولية (المخصصة لفتح العمل في أي مكان في العالم)، وغرفة دبي للاقتصاد الرقمي (التي تُعد أكبر داعم ومحفز للشركات الناشئة). وأضاف أن الخطة تستهدف توسعة الشبكة لتضم 50 مكتبًا يغطي 100 سوق، مقارنة بـ 38 مكتبًا حاليًا.

وأكد الشافعي أن دبي تُعد بوابة للدخول إلى أسواق العالم، مشيرًا إلى أن الخطة الاقتصادية لدبي 2033 تستهدف تحقيق ناتج اقتصادي بقيمة 32 تريليون درهم إماراتي، ومضاعفة التجارة الخارجية لتصل إلى 25.6 تريليون درهم، وإضافة 400 مدينة كشركاء تجاريين، بالإضافة إلى جذب 60 مليار درهم سنويًا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ليصل إجماليها إلى 650 مليار درهم بحلول 2033.

وأوضح أن دبي تعتمد بشكل أساسي في تنمية مواردها على التجارة وإدارة الأعمال، مما يجعلها من أسرع الاقتصاديات نموًا، وتحظى بدعم حكومي كبير ينعكس في تطوير بيئة الأعمال وتقديم خدمات مبتكرة على المدى البعيد، فضلًا عن وجود نظام قضائي متطور ومحاكم ذات كفاءة عالية.

وأشار الشافعي إلى أن استقرار العملة يُعد من أبرز عوامل الجذب، حيث حافظ الدرهم الإماراتي على سعر ثابت مقابل الدولار لمدة 15 عامًا تقريبًا عند مستوى 3.7 درهم. كما تتمتع دبي ببيئة ضريبية جاذبة، حيث تُفرض ضريبة بنسبة 9% فقط على الأرباح التي تتجاوز 375 ألف درهم (ما يعادل نحو 101 – 102 ألف دولار)، ولا توجد ضريبة دخل، كما تبلغ ضريبة القيمة المضافة 5% فقط، مع نفس حد الإعفاء على الأرباح.

وأضاف أن الرسوم الجمركية ثابتة تقريبًا عند 5% على معظم السلع، مع إعفاء الشركات العاملة في المناطق الحرة، مؤكدًا أن دبي تهدف للحفاظ على معدل نمو سنوي لا يقل عن 3% في الناتج المحلي الإجمالي.

ولفت إلى وجود بنوك مصرية تعمل في دبي، منها البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، والبنك العربي الأفريقي الدولي، كما أشار إلى التعاون بين غرف دبي وموانئ دبي العالمية، والتي توفر نظامًا بيئيًا حديثًا وصديقًا للأعمال من خلال أكثر من 100 ميناء حول العالم، فضلًا عن حلول متقدمة للتجارة والتدفقات النقدية في المنطقة الحرة لجبل علي.

وأكد الشافعي أن الحصول على خدمات غرف دبي لا يشترط وجود مقر للشركة في دبي، وإنما يكفي السجل التجاري فقط، للحصول على دراسات الأسواق ومتطلبات التصدير لكل دولة، مشيرًا إلى أن شبكة غرف دبي منفتحة على التصدير لأسواق أفريقيا، خاصة من خلال مكتب مصر ومكتب غانا لاستهداف أسواق غرب القارة.

وأضاف أن قطاع الخدمات يستفيد أيضًا من هذه الشبكة، بما في ذلك السياحة، والاستشارات الهندسية، والتكنولوجيا، مشيرًا إلى وجود فرص كبيرة لنقل تجربة مصر في قطاع التكنولوجيا إلى المغرب والأسواق الأفريقية.

وفيما يتعلق بالاستثمارات الإماراتية في مصر، أوضح الشافعي أن نحو 95% منها تتم من خلال الصندوق السيادي لأبو ظبي، مؤكدًا استعداد مكتب غرف دبي في مصر للتعاون مع جمعية رجال الأعمال المصريين في بحث الفرص الاستثمارية الواعدة للقطاع الخاص المصري بالتعاون مع المستثمرين من الإمارات والدول الأخرى.

طباعة شارك القاهرة 7 يوليو 2025 الأعمال المصريين المسئول عن مكتب غرف دبي وأوضح صبور أن جذب

مقالات مشابهة

  • شينخوا: زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لمصر تبرز متانة العلاقات بين البلدين
  • مدبولي ورئيس مجلس الدولة الصيني يشهدان توقيع مجموعة وثائق لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين
  • هل تمهد رسالة ترامب للجزائر لشراكة اقتصادية بين البلدين؟
  • رئيس الدولة ورئيس وزراء أرمينيا يبحثان علاقات التعاون بين البلدين
  • محمد بن زايد ورئيس وزراء أرمينيا يبحثان علاقات التعاون بين البلدين
  • رئيس الدولة ورئيس أذربيجان يبحثان علاقات التعاون بين البلدين
  • رجال الأعمال تتعاون مع غرف دبي لفتح 100 سوق عالمي أمام الاستثمار المصري
  • وزير الخارجية يبحث مع السفير الكوري سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين
  • مصادر تركية:مسؤولي العراق لم يطالبوا تركيا بإخراج قواتها من العراق بل تعزيز التعاون بين البلدين
  • العراق وتركيا يؤكدان على تعزيز التعاون الأمني بين البلدين وقوات الأخيرة محتلة شمال البلاد