استمعت هذا الصباح إلى الشيخ الدكتور عبد الله المطلق وهو يجيب عن أسئلة المستمعين في إذاعة القرآن الكريم، وقد سئل عن عدم التمكن من أداء صلاة الفجر في وقتها، فقال فضيلته في معرض إجابته: السهر حرام حين يؤدي إلى فوت صلاة الفجر.
هذه فتوى مهمة لا بد من الطرق عليها في هذا الزمن الذي صرنا فيه لا نأوي إلى فراشنا إلا في الهزيع الأخير.
كنت قد كتبت قبل سنوات مقالة بعنوان (بوم الليل) شبهت فيه من يسهر ليله في التصفح والمشاهدة بطائر البوم.
ومما قلته في تلك المقالة (البومية) إن الحرمان من النوم الطبيعي له نتائج سيئة منها حوادث السير وقلة الإنتاج في العمل وعدم التركيز والصداع والحاجة إلى ساعات نوم زائدة في النهار لتعويض ما فات من النوم الطبيعي في الليل، فضياع ثماني ساعات بالليل معناه عشر ساعات بالنهار أو أكثر.
كان إيقاع الحياة طبيعياً في مدننا وقرانا في الماضي… اعتاد أسلافنا على تناول طعام العشاء مع مغيب الشمس، وبعد صلاة العصر في بعض البوادي. وكان الناس يجدون صعوبة في انتظار صلاة العشاء. ومن عادات المحاربين قديما أنهم كانوا لا يحاربون ليلاً مثل جنود حميدتي في هذه الأيام، إنما تقع الإغارة صباحاً، فقالوا: صبّحهم العدو، فالليل للسكن والاستجمام، والنهار للسعي والعمل.
حتى بعد أن وصلت إلينا الوسائل العصرية من الإذاعة والتلفزيون روعيت مواعيد النشاط ومواقيت النوم، كانت الإذاعة توقف البث في وقت معلوم. واعتاد التلفزيون تقديم النشرة الرئيسية في التاسعة بعدها السهرة التلفزيونية، لينتهي الإرسال قبل منتصف الليل.
قبل أعوام مديدة وكنت أقيم في مدينة الرياض بالسعودية، اشتكيت ألماً في منتصف الليل، فخرجت بالسيارة ألتمس صيدلية مناوبة كما كانت تسمى على ذلك العهد. كانت الشوارع فارغة تماماً، فسارت خلفي دورية أمنية وقد اشتبهت بهذا الخارج من بيته في (أنصاص الليالي) واقتفت الدورية أثري ريثما أخذت الدواء وقفلت راجعاً.
في ذلك الزمان لم يعرف الناس أقنعة العيون و(الأصوات البيضاء) والحبوب المنومة، كما لم يعرفوا ساعات التنبيه، لأنهم كانوا ينتبهون من تلقاء أنفسهم.
لقد تبدل الحال، فالناس صار حالهم مثل حال طائر البوم الذي يقضي النهار في جحره أو فوق جذوع الأشجار جاثماً، ويكون نشاطه بالليل دائماً، لأن هذا الطائر رؤيته ليلية. يذكر الجاحظ في كتاب الحيوان سبباً آخر لاختفاء البومة بالنهار، وهو خوفها من أن تصاب بالعين لحسنها ولجمالها، فهي تعتقد أنها أجمل (أنواع الحيوان)!
ويُعرف هذا الطائر بالكسل، فهو لا يحفر جحره بنفسه، إنما يحتل جحراً مهجوراً. أما طعام البوم فهو حقير مرذول من الفئران والحشرات، فالدجاج مثلاً لا يقع فريسة للبوم لأن البوم ينشط في الليل فقط حين يأوي الدجاج إلى النوم.
لقد غيّرنا خلق الله حين جعلنا النهار لباساً وجعلنا الليل معاشاً، والله تعالى يقول: “وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً”، ويقول سبحانه: “ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله”.
عثمان أبوزيد
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
هل عدم صيام يوم عاشوراء حرام؟ الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية، سؤالًا يقول صاحبه: ما حكم صيام النفل؟ وهل في تركه إثم؟ حيث أعمل بالزراعة، وعملي شاقٌّ، وأصوم رمضان، ولكن لا أستطيع أن أصوم بعض النفل؛ مثل: يوم عرفة وعاشوراء وغير ذلك.
وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن الأيام التي ذكرها السائل هي أيام صيام النفل، وحكمها الاستحباب لا الوجوب، أي: أنَّ صيام هذه الأيام يزيد من ثواب العبد، لكنَّ تركه ليس فيه إثم، خاصة والحال كما ذكر السائل.
فضل يوم عاشوراء
وأوضحت الإفتاء إن التوسعة على الأهل والعيال يوم عاشوراء سنَّةٌ نبوية جليلة؛ قوَّاها كبار الحُفَّاظ، وأخذ بها فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم الفقهية، وجرت عليها عادة جماهير الأمة عبر الأمصار والأعصار، وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث جماعة من الصحابة؛ منهم: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم.
حكم صيام عاشوراء فقط إذا صادف يوم السبت
قالت دار الإفتاء، إن يوم عاشوراء: هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم؛ ويوافق هذا العام السبت 5 يوليو، وقد ورد فى فضل صيامه أنه يكفر ذنوب السنة التى قبله؛ فعن أبى قتادة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِى بعده.
وحول حكم صيام يوم السبت منفردا، أكد عدد من كبار الفقهاء المعاصرين أن صيام يوم عاشوراء منفردًا، إذا وافق يوم السبت، جائز شرعًا ولا حرج فيه، لأنه صيام مشروع وله سبب واضح، وهو إحياء لسنة نبوية عظيمة ثبت فضلها في الأحاديث الصحيحة.
وأشار العلماء إلى أن صيام يوم عاشوراء، وهو العاشر من شهر الله المحرم، يُعد من أعظم أيام السنة في الأجر والثواب، لما ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ: "صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية"، وهو حديث رواه النسائي في "السنن الكبرى"، وأكد عليه جمهور العلماء.
وأوضح الفقهاء أن الأكمل والأفضل أن يصوم المسلم يوم عاشوراء ومعه يومًا قبله أو بعده، سواء التاسع أو الحادي عشر من محرم، اتباعًا لهدي النبي ﷺ واحتياطًا لاحتمال الخطأ في تحديد بداية الشهر القمري، كما أشار إلى ذلك الإمام النووي، والخطيب الشربيني، والإمام الشافعي في كتبه