مثَّل رحيله خبراً صادماً للوسط الفنى والثقافى عامة، فهو الفنان الذى جمع بين البراءة والعمق، وانعكس ذلك على خطوط لوحاته وألوانها، فكانت مثلاً لبهجة ذات معنى، وفرحة ذات صدى، اشتهر بتصميماته لأشهر الأغلفة، جاء على رأسها أعمال نجيب محفوظ، حيث كان من بين إبداعاته المتنوعة والغزيرة، غلاف العدد الأول من «دورية نجيب محفوظ».

. وكان محور العدد «الخطوة الأولى».

إنه الفنان التشكيلى حلمى التونى، الذى رحل عن دنيانا أمس الأول السبت، عن عمر يناهز التسعين.

ولد حلمى عبدالحميد التونى، فى 30 أبريل 1934، وهو فنان تشكيلى مصرى متخصص فى التصوير الزيتى والتصميم، حصل على البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة تخصص ديكور مسرحى عام 1958 ودرس فنون الزخرفة والديكور، تولى العديد من المناصب، وأقام العديد من المعارض سواء محلية أو دولية، عاش بالقاهرة وبيروت التى كانت زيارته الفنية لها لمدة 3 سنوات، يقتنى العديد من الناس فى مختلف دول العالم الكثير من لوحاته، كما أن متحف الفن المصرى الحديث بالقاهرة يقتنى أيضاً العديد من لوحاته القيمة.

الجوائز:

الجوائز المحلية

حصل على عدة جوائز من لوحاته فى صالون القاهرة– معرض القطن، وحصل على جائزة سوزان مبارك الأولى والتميز للرسم لكتب الأطفال 3 مرات.

الجوائز الدولية

ورغم تقدمه فى العمر على مدى السنوات الأخيرة، لم يتوقف إبداع حلمى التونى ولوحاته المبهجة والجذابة، وفى احتفالات عيد الأم مارس الماضى، كشف عن إحدى لوحاته المميزة، وكتب عبر حسابه الرسمي: تذكرت أمى التى ترملت وهى فى الأربعين من عمرها فكرست حياتها لتربيتنا نحن أولادها الثلاثة، وهذا أمر معتاد يتكرر كثيراًـ هذه هى أمى البيولوجية التى لم تختارنى ولم أخترها، لكن أمى التى اخترتها واختارها كل أبنائها المصريين هى «بهية» التى نغنى لها «مصر يمه يا بهية» التى أرسمها فى كل لوحاتى ومع كلامى هذا أقدم أحدث لوحاتها.. «بهية» التى تقدم قلبها وكل حبها لأولادها المصريين.

ولأنه اعتاد إشاعة البهجة، خاصة من خلال فنه، فقد أقام معرض لوحات تحكى قصة أشهر الأغنيات، وعن ذلك المعرض، قال الراحل: «عملت معرض لوحات عن الأغانى.. كل أغنية عملت لها لوحة.. مبعملش لوحة مطابقة للنص، لكن بعمل لوحة فى جو الأغنية... أنا بحب الغناء جداً، لذلك أقول دايماً إن اللى مبيغنيش لازم نخاف منه شوية، زمان كان صوتى حلو.. دلوقتى ودنى بس اللى حلوة».

رحم الله الفنان حلمى التونى، فمن خلف إبداعاً وأشاع بهجة حتماً لا يموت.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الخطوة الأولى صالون القاهرة العدید من

إقرأ أيضاً:

هكذا لبنان.. مثل لوحة إيفان الرهيب

"إيفان الرهيب" هذه اللوحة التي رسمها الفنان الروسي إيليا ريبين، وهي تُجسد إيفان الرهيب، أمير موسكو، مُمسكا ابنه المقتول باكيا، بلوعة وحزن، بعد أن قام بقتله.. هكذا لبنان، يبكي على من قتله.

تاريخيا، كان لبنان ومعه مصر والعراق، دولا تُعرف أنها معاقل أساسية في الثقل الثقافي العربي، إذ مقولة "القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ"، لم تكن من محض فراغ أو سرديات خيالية ليس لها محل من الواقع، فقد شهدت هذه المدن، مع غيرها من المدن العربية، تأسيس وازدهار الصحف والمجلات ودور النشر ومراكز الأبحاث ونوادي السينما والمسرح والموسيقى، فضلا عن التنظيمات والأحزاب التي ملأت المنطقة بالفكر والعمل السياسي.

الآن، تبخر كل هذا. لكن، التبخر الذي حدث في لبنان يختلف عن العراق الذي شهد حصارا ومن ثم حربا لم يتعاف منهما إلى الآن. أما مصر، فهي كما كانت رائدة في مجالات كثيرة، إلَّا أن سُلطوية السيسي الممتدة منذ 11 عاما قد قضت على كثير من العمل الفكري والسياسي والإبداعي، عبر القمع المباشر لتلك الفضاءات وتمثلاتها.

أما لبنان، فبدون التعرض لحصار أو قمع سُلطوي مباشر، تلاشى منه الفضاء الثقافي والسياسي والفكري، بعدما كان مليئا بكل تمثلاته، إذ شهد لبنان منذ أوائل القرن العشرين، ولا سيما بعد عام 48، تصاعدا كبيرا في الساحة الفكرية والثقافية، ما أدى إلى تأسيس التنظيمات والأحزاب، ونشاطية العمل السياسي والعسكري، فضلا عن عشرات الصحف العريقة ودور النشر. كل هذه الفضاءات، وغيرها، كانت ترعاها نخبة عربية، وليست لبنانية فقط، بل كانت نخبة من أفضل الشخصيات في التاريخ العربي الحديث.

كان لبنان عبر تاريخ حكمه اللامركزي مسرحا لاستقطاب واستقرار كثير من مفكري وصحفيين وأدباء العرب، بل وحتى شخصيات عالمية أممية جاءت لتشارك في الكفاح المسلح من أجل تحرّر فلسطين، وغير ذلك من تمثلات ثقافية وسياسية وفكرية. لكن، من بعد اتفاق الطائف عام 1989 تغيّرت الحالة. فماذا حدث؟ ولماذا أفلس لبنان من المفكرين والمناضلين، والآن يكتفي بالرثاء والبكاء على ضحاياه؟

إن المجتمع اللبناني، كما شخصَّه المفكر اللبناني سمير خلف، انتقل من ساحة الحرب إلى ساحة اللعب، وهنا الحرب ليس بمعناها العسكري فحسب، فمنذ اتفاق الطائف، وارتماء الحكومة اللبنانية وطوائفها، بلا أي استثناء، في أحضان النيوليبرالية بقيادة رفيق الحريري، دخلت عصرا استهلاكيا، حاصرَ المُجتمع وتاريخه، وسلَّع كل شيء فيه. وكانت أهم هذه السلع هو التاريخ الثقافي والسياسي اللبناني. إذ يعيش لبنان ضمن حفلة استهلاكية للتاريخ والعمل الفكري السياسي والعسكري، وأصبحت شخصيات كثيرة هي محل تقديس، مع بكاء ورثاء، لا محل نقاش ونقد وإعادة صناعة شخصيات مثلها.

أتذكر، مع أصدقائي المصريين مازحا، حين وصلت إلى بيروت (المدينة الذي أحبّها، والتي أمّنت خوفي من سجون السيسي) من القاهرة، متصوّرا أني بعدما سكنتُ في شارع الحمرا أني سأنزل على المقاهي، فأجدُ من هم أمثال محمد الماغوط ومحمود درويش، حيث كانوا يجلسون على المقاهي لكتابة الشعر والمقالات، أو حتى حين أتمشى في شارع بلِس، بجوار الجامعة الأمريكية، سأعُيد ذات النقاشات التي دارت بين جورج حبش ووديع حداد. لكني وجدت صورا، وإكسسوارات، وحفلات تُدفع لها التذاكر. كل شيء قابل للبيع، بل الشيء المُغلَّف ثقافيا هو الأكثر جاذبية ورواجا للبيع.

فيما بعد، اعتدنا المزاح حين كنَّا نرى مفكرا مثل فواز طرابلسي، فنبتسم ونقول: إنه آخر رجال اليسار العربي، آخر الرجال المُحترمين، حيث له تاريخ سياسي وفكري، بل ومواقف مُشرفة، يتخذها أي إنسان مُتحرر، أو يدَّعي التحرر، فلا يؤيد أنظمة الدكتاتورية العربية، وأبرزهم سفاح العصر-ومعه نتنياهو- الرئيس السوري الهارب بشار الأسد، وأيضا حين نذكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أو الحزب الشيوعي، نقول عن صديق لنا إنه آخر عضو فيها. نقارن، ونضحك على ما وصلت إليه الحالة الفكرية والتنظيمية من إفلاس.

كثير من اللبنانيين حوّلوا التاريخ الثقافي والفني والسياسي إلى سلعة تُباع، في المكتبات والبارات والمسارح وغير ذلك. مؤخرا، مع الاحتفاء والرثاء الكبير، والحزين، الذي ناله زياد رحباني بعد وفاته، وهو فنان قدير ومبدع، تجد "تيشرتات" مطبوعة بصورته للبيع، وبوسترات وكؤوسا عليها مقولاته. هذه الأقوال، والتي هي بمثابة مبادئ مُختصرة، لم تتحول إلى شعارات فحسب، بل شعارات للبيع. وهذه ظاهرة ليست مُقتصرة على لبنان فقط، لكن، برأيي ومن خلال المعايشة، بارزة هناك مقارنة بأي مكان آخر..

أيضا، من آفات استعادة التاريخ اللبناني وشخصياته، أنها استعادة من أجل التباهي، وانتماء من أجل التمايز، لا من أجل طرح فعّال ونقديّ حقيقي للتاريخ ورموزه وتنظيماته، أو من أجل العمل على تطوير ما تركوه من فكر وعمل وفن، بل ما يحدث هو التعاطي بـ"الاستسهال"، أي تبني السرديات "السهلة" بلا أي نقاش، بل تبنٍ من أجل الارتماء سريعا في أحضان أي خندق، والانتماء، دون اختلاف أو نقد أو دعوة للمراجعة، بل انتماء بلا أدنى تفكير، انتماء للراحة، فما أسهل أن نتحدث عن شعارات التحرر والمقاومة والنصر دون أي تكلفة سندفعها، حتى لو كانت هذه التكلفة هي تكلفة من الوقت، أي قراءة كتاب ومن ثم إعادة التفكير في التاريخ والحاضر.

بعدما توفى الفنان اللبناني القدير زياد رحباني، انتشرت له مقاطع فيديو كثيرة، فلا خلاف على فنّه العظيم، ومُوسيقاه وكلماته، وأغنياته ومسرحياته. لكن كان ضمن هذه المقاطع حديثه عن السياسة، وهي رؤى عفوية بلا سياق منهجي أو حديث يتبنى دلائل. ولن أذكر هنا حديثه السياسي عن النظام السوري المجرم والبائد، لكن، مثلا، ضمن أحاديثه، كان حبّه وتأييده لزعيم الاتحاد السوفييتي السابق ستالين.

بتفكير بديهي، هذا يتناقض تماما مع قضية فلسطين، التي يؤمن زياد وجمهوره من ذات الطابع السياسي بتحرّرها، فهناك حقيقة تاريخية تقول: إن الاتحاد السوفييتي بقيادة ستالين هو أول من اعترف بدولة إسرائيل، بعد ثلاثة أيام فقط من تأسيسها، هذا فضلا عن إمداده عصابات بن غوريون بالسلاح الذي ساعدها في تأسيس الدولة، بعد قتل وتهجير الفلسطينيين في نكبة 48.

هناك أمثلة لا تُعد، لكن ما هو مثير أن الجماعة، أي الجمهور، تقتل الثقافة والفنون والسياسة حين لا تأخذها بعين الاعتبار، أي بعين تقرأها جيدا وتناقش وتقارنها وتُفككها وتنتقدها، بل، والأهم، تبني عليها عملا فكريا وتنظيما سياسيا. إن ترديد المقولات والشعارات، حتى وإن كان ترديدا رثائيا وبكائيا، يقتل الثقافة، فأنت تبكي على الشيء الذي تغتاله دون وعي، فما يهمُّ مهدي عامل أو حسين مروة أو فواز طرابلسي وزياد رحباني وغيرهم من تاريخ لبنان الفكري والسياسي والفني، والتاريخ العربي أيضا، هو أن تفهم تجربتهم، وتناقشها وتطورها، بل وتكمل ما تركوه، وتنجح فيما فشلوا هم في تحقيقه، لا أن تُحول كلماتهم إلى مطبوعات تُلبَس وشعارات تُرفع، في فضاء نيوليبرالي، يشجع الرقص على حبّات الكلمنتينا، والإبادة أيضا.

إعادة ترديد الشعارات والمقولات، وتقديس الناس في غير مَحلهم، مرض فكري كبير، فَالفنان هو فنان، وفيلسوف في الفن لا في التحليل السياسي وقراءة التاريخ. وهذه هي إشكالية الثقافة في عمومها، وعلاقتها بالسياسة والأخلاق. فمن بعد 7 أكتوبر، وجدنا فلاسفة ذوي شأن عالمي مثل جيجك وهابرماس وإيفا إيلوز، يؤيدون إسرائيل في قتل أطفال غزة، ويبررون لها. فهل نسامح مُحبيهم وجمهورهم في تبنّي نفس خطابهم، بما أنهم فلاسفة، أو ننتقد ما يقولونه ونسمّي ما تبنّوه بشكل واضح تأييدا للقتل، حتى يتراجعوا ويعتذروا حيال ازدواجيتهِم الأخلاقية؟

مقالات مشابهة

  • دفاع المتهم بقتل مالك قهوة أسوان: سأكشف العديد من المفاجآت فى القضية ستغير مسارها
  • تمرد إيزاك.. مهاجم نيوكاسل يرفض البقاء ويتمسك بـ عرض ليفربول
  • أسرار المحترفين.. إليك طريقة عمل الكنافة بالقشطة بطعم مميز
  • محمد الباز: مصر تقود معركة مع تنظيم دولي بقيادة العديد من الدول
  • مكرونة بالدجاج والمشروم بصوص كريمي خفيف .. وجبة سريعة بطعم فاخر
  • هكذا لبنان.. مثل لوحة إيفان الرهيب
  • شوبير يكشف حقيقة طلب وسام أبو علي البقاء في الأهلي 6 أشهر
  • شبكة سي إن إن: خطة نتنياهو إعادة احتلال غزة جولة في معركته من أجل البقاء السياسي
  • بهية الحريري: كل التضامن مع المؤسسة العسكرية وأسر الشهداء
  • العراق، هايتي، أفغانستان.. جون ريندون عراب حروب أميركا